( الأسوشيتيد برس) ترجمة: نزار العبادي - بمقتطف مقتبس من التوراة أصبحت ملكة سبأ شخصية أسطورية تظهر صورها في كل شيء، ابتداءً من كاتدرائيات العصور الوسطى، وحتى اللوحات الفنية لعصر النهضة، وأفلام "هوليوود".. فيا ترى هل كانت ملكة سبأ حقيقة؟ وكيف كان شكلها إن هي فعلاً شخصية حقيقية؟
يحاول عرض لمتحف ( باورز Bowers) يمونه متحف لندن الإجابة عن تلك الأسئلة، أو على أقل تقدير تزويدنا ببعض الشواهد التي عثر عليها علماء آثار مجهولين، عسى أن يكون من شأنها يوماً فك طلاسم هذا اللغز.
فمتحف باورز يعرض مزيجاً غير اعتيادي من التحف التي يتم كشفها لأول مرة في الولايات المتحدة، ومقتنيات قديمة من تنقيبات في الجزيرة العربية، ونقوش أوروبية، وفلم لـ"جينا لولوجبرجيدا" مكشوفة الجسم كما ملكة سبأ، إلى جانب "يول براينر" في "سليمان وملكة سبأ" الذي يعود إلى عام 1959م.
فالنماذج المذكورة تمثل شاهداً يؤكد فتنة جمال الملكة التي حكمت مملكة سبأ الثرية " والتي يطلق عليها اليوم اسم اليمن"، وتزوجت من سليمان خلال زيارة قامت بها إلى "اورشليم" حوالي 950 قبل الميلاد.
يقول "جون سمبسون John Simpson" خبير المتحف البريطاني الذي يرعى عرض متحف باورز: " أنها قضية قديمة.. حيث أن الجميع سمع بملكة سبأ، لكنهم لا يعرفون عنها إلاَّ شيئاً أكثر بقليل مما هو كائن لدينا".
فزيارة ملكة سبأ لسليمان تظهر أولاً في كتاب الملوك، وكذلك تحظى بعدة إشارات إليها في الإنجيل، بالإضافة إلى وجودها في النصوص الإسلامية واليهودية. لكن الكثير من علماء الآثار ذهبوا إلى الاعتقاد أنها أقرب ما تكون إلى الشخصية الأسطورية، لعدم وجود دليل مادي قوي على وجودها. إلاَّ أن " نيكولاس كلاب Nicholas Clapp" أحد مستشاري متحف باورز يؤمن بوجود ملكة سبأ، ويقول أن منطقة جنوب شبة الجزيرة العربية "اليمن" غنية بالآثار التي ربما تثبت أمرها في يوم ما.
ويقول "كلاب": أن الإشارة الأكثر تشجيعاً إلى حد بعيد في الذهاب إلى ذلك الاعتقاد هي أن الفحص الكربوني للعمر التاريخي للآثار قدمت دليلاً على وجود مجمع متقدم في تلك المنطقة يعود حتى إلى ما قبل 950 قبل الميلاد.. وذلك هو عصر ملكة سبأ.
ويذكر: "بلا شك أن المزيد من الآثار التي نعثر عليها لا تخالف أي شيء مما هو موجود في الإنجيل. إذ أن في كثير من الأوقات يقوم علم الآثار بتناول قصة قديمة بشكل منفصل تماماً. وهو أمر على النقيض تماماً مع موضوع ملكة سبأ".
ويضع "كلاب" في كتاب يؤلفه حول البحث عن دليل بوجود ملكة سبأ، نظرية يرى فيها أن من المحتمل ان ملكة سبأ كانت بمقام الوصية على الحكم فيما لو مات الملك وما زال أبناؤه الذكور صغاراً جداً على تولي العرش. وهو الأمر الذي قد يفسر تولي امرأة حكم مجتمع ذكوري.
ومهما كان الأمر، فإنها تركت فينا انطباعاً. إذ يقول : " إن ملكة سبأ وصفت في الإنجيل بوضوح كامرأة قوية، وهو أمر يجلي الغموض عن أسباب استجابة الرجال لها. فهم خائفون قليلاً".
إن معظم المعروضات في المتحف التي يجري عرضها حتى الثالث عشر من شهر مارس وربما أبعد من ذلك، والتي تم نقلها إلى متحف في تكساس، تبرز الجانب المتطور جداً للأعمال المعدنية، والكتابة، وفن النحت، والصياغة التي تميزت بها منطقة جنوبي شبة الجزيرة العربية.
ويعتبر من أكثر العروض إثارة من بين ما اشتمل عليه المعرض هو رأس برونزي يعود إلى القرن الثاني قبل الميلاد، وكان مقدماً من قبل الملكة الكيزابيث الثانية للمتحف، إذ أنه هدية من ملك اليمن الشمالية مطلع القرن العشرين قدمها للملك جورج السادس. أما بقية القطع فتشمل على مباخر مزخرفة، وهيكل مذبح يعود للقرن السادس، وحلي ذهبية، وقطع تذكارية مختلفة تظهر رموزاً دينية لفترة ما قبل الإسلام مما اتخذتها المنطقة. فيما بقية المعروضات تبين تصاوير متنوعة لملكة سبا في الفن ومجال التجارة.
وبدت بعض النماذج غريبة جداً، من بينها قهوة من أثيوبيا – التي تعتبر ملكة سبأ أم سلالة الأسرة الحاكمة وهناك- رواية خيالية حول "الملكة التي مزّق هواها إمبراطورية".
أن مزيج الثقافة الرفيعة والواسعة يعكس الجهد الذي بذله المتحف من أجل جذب إعجاب جموع المحاضرين.. هذا ما قاله " ميتر كيلر Peter Keller) مدير متحف باورز الذي يود أن يسحب جزءً فقط من السياح الذين يتوافدون بجموعهم على "ديزني لاند" التي لا تبعد سوى ثلاثة أميال عن المتحف.
* المصدر:
The Associated Press/ November 2و2004.