الأربعاء, 24-أبريل-2024 الساعة: 10:25 م - آخر تحديث: 01:26 م (26: 10) بتوقيت غرينتش
Almotamar English Site
موقع المؤتمر نت
شبكة الانترنت تدخل أمزجة الشم واللمس في القرن الـ 21 !



خدمات الخبر

طباعة
إرسال
تعليق
حفظ

المزيد من علوم وتقنية


عناوين أخرى متفرقة


شبكة الانترنت تدخل أمزجة الشم واللمس في القرن الـ 21 !

الإثنين, 29-نوفمبر-2004
المؤتمر نت - يصعب القول ان اللحظة الراهنة ليست زمن تسيد البصر. تمتلئ منازلنا بأجهزة الصور. فعلى جهاز التلفزيون, هنالك عشرات الشاشات التي تأتي من الفضائيات والاطباق اللاقطة والفيديو, وأخيراً جهاز الاسطوانات الرقمية من نوع DVD. وحَلّ الكومبيوتر في منازل العرب ضيفاً "بصرياً" جديداً, اي انه مصدر آخر للصور, بل لسيول منها. هل يشبه ذلك زمناً آخر؟ في اولى روايات ثلاثيته الشهيرة. "بين القصرين", وصف الكاتب المصري نجيب محفوظ "صراعاً" لا يخلو من اللذة. وتفتتح الرواية على مشهد طرد عازف الربابة, الذي يأتي يومياً ليسلي الزبائن. وسبب الطرد "تكنولوجي". فلقد اشترى صاحب المقهى جهاز الراديو, ذاك الذي يقدر على امور يعجز عنها عازف الربابة في مجال الترفيه عن الزبائن. تبَدّل الزمن في اكثر من معنى. ويجعل محفوظ هذا التبدل مدخلاً للحديث عن تبدلات جارفة هزت المجتمع المصري هزاً.


تكنولوجيا الحواس!

ويتشارك عازف الربابة, الذي يوازيه في بلدان عربية القَوّال والزجّال وغيرهما, في الانتماء الى حاسة واحدة هي السمع. ويمكن وصف الراديو بانه تكنولوجيا الأذن بامتياز. والحال ان هنالك علاقات طريفة بين التكنولوجيا والحواس.

فبعد نحو نصف قرن من اختراع مطبعة غوتنبرغ (1455), ابتكر شاعر انكليزي اسمه جون هانغتون الحمام المزود بسيفون (1594). كان ذلك مفتتحاً لتخلص الانسان من روائح فضلاته. وبقيت رائحة وخم الجلد وعرقه, على رغم حيلة العطر القديمة, في القصور الملكية الاوروبية. اما في الشرق, فقد حررت "الحمامات" الجسد من تلك الرائحة. لاحقاً, ستتبع اوروبا المثال المسلم, لكن التخلص من الرائحة الخاصة ترافق مع بدايات الثورة الصناعية, بالأحرى عصر المانيفاكتورة والربا, اللذين مهَّدا للثورة الصناعية. ومرة اخرى, أُهمِلَ الانف والشم.

وكُرِّس القرنان الثامن عشر والتاسع عشر للاذن. وذاعت فيهما السمفونيات والاوبرا وموسيقى الغرف وما اليها. كانت الطرق المرصوفة حصى تردد قعقعة سنابك الخيل وصرير العجلات, فيما يرسم روث الاحصنة اول حرف في موسوعة التلوث.

وشهد القرن 19 الكهرباء. وسرعان ما صارت جزءاً من حياة الناس في القرن العشرين. يصعب اغفال العلاقة القوية بين الكهرباء, واول ابتكاراتها المصباح الكهرباء, وحاسة البصر. انارت المصابيح الشوارع والبيوت والمؤسسات. ولدت حياة كاملة: حياة الليل. وشرعت الحواضر الكبرى في الظهور. وتراكمت الكتابات التي رصدت ما سمي "المدينة", وكانت الكهرباء واضواؤها في القلب منها. وكل ذلك لان العين تحررت من "عمى" الظلام لها. الكهرباء تكنولوجيا العين. وبالاحرى, دخلت العين عصر تفوقها على الحواس كلها مع الكهرباء. وسرعان ما وجدت التكنولوجيا طرقها الى الحياة اليومية في السينما ولافتات النيون وواجهات المحلات والملهى وعلب الليل والكازينو...الخ. وصارعت الاذن العين طويلاً, خصوصاً عبر الراديو. وفي زمن يسير, نشر التلفزيون ثقافة الصورة في كل ركن في الارض. ولم تستسلم ثقافة الأذن بسهولة. وفي محلات كثيرة, هزم الصوت نمط حياة حديثة تميل الى اخفاته. فالى جانب التلفزيون, صمد الراديو وجهاز التسجيل. وبقي الصوت يرن من جرس الباب الى ضجيج الشارع. يقتحم الصوت صمتاً مفترضاً. يحمله منبه السيارة, الذي يتنوع وصولاً الى تقليد الاصوات البيولوجية. تحمله ايضاً صفارات الانذار المثبته في سيارات الاسعاف وآليات الشرطة وبعض المحال المتحوطة. وسواء في البيت أم في المكتب, هناك الضجيج الذي لا يهدأ لاجهزة الهواتف. ومع الخلوي, صار الصوت مرافقاً للعيش الحديث, مرة اخرى. وتنوعت رنات الخلوي, ولم تكن استعانتها بالموسيقى والغناء, وهي من ادوات ثقافة الاذن, عبثاً!


الشم واللمس في انترنت القرن 21

على تخمة في العين والاذن, اختتم القرن العشرون. فالى اي تكنولوجيا في الحواس يتجه القرن الحالي؟ تصعب الاجابة عن هذا السؤال. ويمكن الاكتفاء باجوبة جزئية. ويحتل الكومبيوتر, وما يرافقه من شبكات واتصالات متطورة, مركزاً مهماً في التطور التكنولوجي. ويبدو الكومبيوتر راهناً وكأنه النصير القوي لتكنولوجيا العين. حتى انتشار ظاهرة "الرسائل الخلوية القصيرة" SMS وما نشهده راهناً من خلويات مع كاميرا للصور ورسائل فيديو الخلوي MMS هي في سياق ثقافة البصر.

وثمة حواس اخرى مهملة او "مضطهدة". ومثلاً, تعتمد الاجساد على اللمس في الجنس, وكذلك على غواية الرائحة التي تحرك الشهوات. ولم يترك المجتمع الحديث للجنس كله سوى فسحة قليلة, في آخر الليل, وآخر الأسبوع, اذا امكن. بقية الجنس هي "العين", وخصوصاً في الفضائيات. وههنا, لا تمثل قنوات "البورنوغرافي" سوى مثال متطرف. وهي ايضاً مثال على مدى استهلاك الجنس بصرياً.

هل تتجه التكنولوجيا نحو ما اهمل طويلاً, اي الحس واللمس والشم وربما الذوق؟

يعرف متتبعو التكنولوجيا الرقمية اننا نتجه بقوة نحو هيمنة الحقيقة الافتراضية Virtual Reality وتقنياتها على الكومبيوتر. ومنذ مطلع القرن 21 تدأب مجموعة من الشركات على تطوير تقنيات تمكن الانترنت من نقل مؤثرات الكترونية تحرك مناطق الشم واللمس عند الإنسان. وتحاول تقليد حاستي اللمس والشم بالوسائل اللالكترونية. نجد بداية هذا الامر في عالم الالعاب, حيث القفازات الالكترونية تنقل الاحساس بـ"الصدم". انها بداية مخاطبة اللمس. ويتحدث البعض عن انترنت تنقل صورة ثلاثية الابعاد لسيارة معروضة في "ديترويت" على سبيل المثال. واضافة الى ذلك, تمكن قفازات الكترونية من نقل الاحساس بهيكل السيارة ومدى انسيابيته وصلابته وسهولة تحريك المقود وغيرها. وربما تضمنت تقنيات الكومبيوتر في القرن الحالي ان تتمكن من ملامسة جسدها, والعبث بشعرها عبر الانترنت, بل وربما تشم العبق الحميم للجلد. انه مزاج الشم واللمس تستخدمه التكنولوجيا الافتراضية لتصنع منه محل قوتها. وذلك مزاج له من القوة ما يجعل الفارق بين الحقيقة والوهم اقل كثافة من قوام خيط واحد من ضوء واهن.
< الحياة >
comments powered by Disqus

اقرأ في المؤتمر نت

بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام المتوكل.. المناضل الإنسان

07

أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتورالمؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني

01

راسل القرشيبنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!

21

عبدالعزيز محمد الشعيبي 7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد

14

د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي* المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس

14

توفيق عثمان الشرعبي«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود

14

علي القحوم‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل

12

أحمد الزبيري ست سنوات من التحديات والنجاحات

12

د. سعيد الغليسي أبو راس منقذ سفينة المؤتمر

12

إياد فاضلتطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م

03

يحيى علي نوريعن هدف القضاء على حماس

20

فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬

15

بقلم/ غازي أحمد علي*‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني

15








جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024