الأحد, 12-مارس-2006
احمد الربعي/ نقلاً عن الشرق الاوسط -
العراق.. التفكير بصوت مسموع
عشية سقوط النظام العراقي قلنا ما أغضب كثيرا من أصدقائنا العراقيين، كان ملخص ذلك الكلام هو ان الدولة المركزية قد انهارت مع مؤسساتها العسكرية والأمنية، وأنه ليس هناك بدائل بسبب الصراعات المدمرة بين الأطراف السياسية، وطالبنا بمعاملة الدولة العراقية باعتبارها «دولة عاجزة» يجب أن توضع تحت وصاية مجلس الأمن الدولي كمرحلة انتقالية وأن تشكل حكومة من التكنوقراط وليس من السياسيين وأن توضع مداخيل النفط في صندوق يشرف عليه المجتمع الدولي ويتم صرف مداخيله لإعادة بناء الدولة.
هذا الكلام الذي كان تفكيرا بصوت عال، والذي أغضب العديد من أصدقائنا العراقيين عادت قوى سياسية عراقية نافذة بطرحه من جديد بعد هذه السنوات من التجربة المريرة، فلقد دعت أطراف عراقية عديدة كوفي عنان للتدخل لاقامة حكومة وطنية عراقية تشرف عليها الأمم المتحدة.
أتذكر تجربة كمبوديا عام 1991، ولسنا هنا بصدد المطالبة بإعادة التجربة بتفاصيلها، لكن ما حدث هناك يستحق التفكير. فقد عقد مؤتمر باريس واتخذ قرار دولي بتولي الأمم المتحدة مسؤولية إدارة الدولة في مرحلة انتقالية، وتم تعيين متخصصين دوليين أربعة لإدارة وزارات الخارجية والمالية والداخلية والدفاع، واستمرت الحالة الانتقالية لثلاث سنوات حتى تم الانتهاء من ترتيبات البث الداخلي.
مشكلة كمبوديا كان سببها أن القوى المدعومة من فيتنام والقوى المؤيدة لسيهانوك ظلت تتقاتل معيقة أي إمكانية إصلاح أو مصالحة، ومع الأسف فالحالة العراقية اليوم لا تختلف كثيراً. فهناك قوى سياسية تتصرف بروح المصالح الحزبية والشخصية والطائفية، ولقد عجزت القوى السياسية عن حل مشاكلها بنفسها، وعجز المحيط العربي في أن يفعل شيئاً سوى التفرج، ولا يبدو في الأفق القريب إمكانية مصالحة عراقية.
نعيد القول، إننا نفكر بصوت عال، ونجتهد، ونتمنى أن يحل العراقيون مشاكلهم بأنفسهم، لكن واقع الحال هو أن هناك عجزا عن اتخاذ قرار وإن هناك من يعامل البلد كلها كقطعة من الحلوى يريد الجميع أخذ أكبر حصة منها، والوضع صعب، وربما يحتاج إلى أكثر من تفكير بصوت مسموع
تمت طباعة الخبر في: السبت, 27-يوليو-2024 الساعة: 03:59 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/2014x/28700.htm