الثلاثاء, 16-مايو-2006
. -
الريكي: فن حياة
أصبح الطب النقلي الآسيوي القديم يحظى باهتمام واسع على مستوى العالم، ولاسيما في الدول الغربية، بعدما ظلَّ الأطباءُ الغربيون يعتبرونه، حتى سنوات قليلة مضت، مجرد شعوذة وخُرافات، حيث أصبحت تُعقَد الآن في الولايات المتحدة والدول الغربية مئات المؤتمرات والندوات والمعارض، وتصدر الآلاف من الكتب والدراسات والمقالات، حول الطبِّ النقلي الآسيوي القديم، باعتباره لا يعالج الجسم وحده، وإنما يركز على النظرة الكلِّية إلى الجسم، حيث يعالج الفكر والجسم والروح، فيما يعتمد الطب الغربي على المعطيات المختبرية الجزئية.

ويُعتبَر الوخز بالإبر acupuncture الصيني والعلاج بالريكي Reiki، أو الطاقة الداخلية للبدن، والعلاج بالمغناطيسية والإرجاع الحيوي biofeedback أبرز وسائل العلاج النقلي الآسيوي.

وفي أعقاب مؤتمر عُقِدَ مؤخرًا في جامعة مونتانا الأمريكية حول أهمية الطب النقلي traditional medicine، ذكرت خدمة World News Link الإخبارية الأمريكية أن العلاج بالطاقة الداخلية للإنسان أصبح من أكثر العلاجات شعبية في الغرب، وأن 50% من الأمريكيين يتَّبعون الآن رعاية صحية بديلة، لا تعتمد على الأطباء والأدوية. وقد بلغ مجموع ما أنفقوه على الطبِّ البديل alternative medicine وحده في العام 1997، بحسب تقرير مجلة الجمعية الطبية الأمريكية، 27 مليار دولار! ويُعتبَر الريكي، أو العلاج بالطاقة الداخلية للبدن، واحدًا من أقدم وسائل العلاج الطبي اليابانية. وكلمة ريكي هي كلمة يابانية تتكون من مقطعين، وتعني الطاقة الكونية الشاملة، حيث كي تعني القوة، وطاقة الحياة الأساسية، والنبض والذبذبات في الأشياء الحية كلِّها (شكل 1).

ويُعتبَر الريكي، أو العلاج بالطاقة، الذي أعيد اكتشافه قبل أكثر من مائة عام، وعُرِضَتْ منه أشكال متعددة للعلاج، أبرزها ريكي جين كيدو الذي يُنسَب إلى معيدة اكتشافه، من أقدم وسائل تحقيق التوازن بين الجسم والعقل والروح. وقد ظل هذا العلم، طوال أكثر من ألفي عام، ينتقل مُشافهةً بالتلقين من معلِّم إلى آخر.

ونظرًا لأهمية الموضوع فسوف نتناوله في حلقتين متتابعتين، سنحاول إبانهما فهم العلاج بالطاقة من خلال واحدة من أبرز المتخصِّصات فيه، وهي السيدة مها نمور، أستاذة واختصاصية العلاج بالطاقة.

مها نمور

ولدت مها نمور في لبنان، وهاجرت إلى فرنسا في العام 1975. درست التجميل والصحة في معهد "باريف" الدولي في باريس، وتخرجت منه في العام 1978. شاركت بعد ذلك في دورات في معاهد فرنسية عدة في علاج البشرة والجسم، ومساحيق التجميل ومكوناتها، والأعشاب وتفاعلها مع الجسم والبشرة. وفي العام 1983، حصلت على الشهادة في مكونات البدن الداخلية من مدرسة "بوتشيللي"، وتخصصت في علم شياتسو Shiatsu وتنشيط الغدد اللمفاوية وإزالة السموم من البدن. ثم درست، بعد ذلك، في دورات في تحريك الطاقة داخل البدن والعظام.

أسَّستْ في باريس في العام 1987 معهد "أكوابل" لعلاج الغدد اللمفاوية وتحريك الطاقة في البدن والعظام، وبرزت كمتخصِّصة في علاج حالات التشنج وإرخاء البدن عن طريق الطاقة وعلاجات البشرة. وفي العام 1994 تخصَّصت في العلاج بالطاقة أو الريكي، حيث درست على أيدي كبار أساتذة الريكي في لندن وباريس وأستراليا. وهي تُعتبَر أولى المتخصِّصات في منطقة الشرق الأوسط في ريكي جين كيدو؛ وتعمل، الآن، أستاذة واختصاصية للعلاج بالطاقة. كما أنها عضو في جمعية التجميل الفرنسية الدولية. نُشِرَتْ لها مقالات ودراسات عدة، كما قدَّمتْ برامج إذاعية حول تخصصها في إذاعات "مونتي كارلو" و"الشرق" و"سولاي" الفرنسية.

سيدة مها، مرحبًا بكِ.

مها نمور: مساء الخير.

أ.م.: بداية، ما هو الريكي، أو علم العلاج بالطاقة الداخلية للبدن؟



شكل 1: ريكي باللغة اليابانية

م.ن.: ريكي يعني "الطاقة الكونية". وكي qi تعني الطاقة، ويمكن لنا أن نسميها تشي chi. أما الهنود فيدعونها برانا prāna؛ وهي الطاقة الداخلية في الجسم، طاقة الإنسان، الطاقة التي يحيا بها الإنسان. هي هبة من الله يمنحها للإنسان منذ الولادة، وتجعل الجسم يعمل عملاً متوازنًا. وبالتالي، فإن أيَّ خلل يعتور الجسم يكون ناتجًا عن خلل في الطاقة.

أ.م. [مقاطعًا]: أين توجد هذه الطاقة؟

م.ن.: توجد الطاقة في العالم كلِّه. كلُّ الأشياء التي تتنفس فيها طاقة، الأرض...

أ.م. [مقاطعًا]: كلُّ شيء حي فيه طاقة؟

م.ن. [مستأنفة]: الأرض، مثلاً، فيها طاقة، ولذلك يسمونها "الأرض الأم". هي التي تعطينا الطاقة التي تنبع من الأرض، وتصعد إلى الجسم عبر القدمين. الطاقة موجودة في الكون. نحن نعيش في بحر من الطاقة. فكما يعيش السمك في البحر، نحن، كذلك، نعيش في بحر من الطاقة. هذا الفضاء الذي يحيط بنا لا يحتوي على الأوكسجين والهواء فقط، بل يحتوي على برانا كذلك، على الطاقة التي يسري الأوكسجين في الجسم بفضلها، وكذلك في الدورة الدموية والعظام. لا يوجد ما هو مغلق في الجسم؛ فحتى العظام لها أنسجة. كلُّ ما يتنفس في الجسم يمتلك طاقة. وكذلك الحيوانات، والأعشاب، والأرض – كل شيء.

أ.م.: هل هذه الطاقة كلُّها ممتزجة بعضها في بعض، وما يوجد منها في الكون وما يوجد داخل الإنسان كفيل بأن ينشِّط بدنه تنشيطًا يجعل الحيوية تملؤه بشكل دائم، فلا يصاب بأيِّ مرض؟ سؤالي هو عن حجم الطاقة الكامنة في الكون وفي داخل الإنسان – هل يمتزج بعضها في بعض؟ وهل هي كفيلة بتنشيط بدن الإنسان بحيث تجعله في حيوية دائمة؟

م.ن.: أول شيء هو ما سنتكلَّم عليه طوال هذه الحلقة: امتزاج الطاقة هو الذي يمنح الحياة. إن انعدام هذه الطاقة يؤدي إلى الموت. الطاقة الكونية موجودة؛ لكن المهم أن يعيها الإنسان، وأن يستخدمها في كثير من المواضع، كما سبق أن ذكرنا. إنه يستخدمها في الإنارة، في تشغيل المحركات، في التسلح. الطاقة موجودة في العقل البشري؛ فكيف يستخدمها الإنسان؟ الآن، كيف ينظر الطب الشرقي – الريكي مثلاً – إلى هذه الطاقة؟ في طرائق العلاج التي تتم عن طريق الطاقة كافة يُرى الجسم ككل من خلال "مسارات" meridians ونقاط معينة للـenergy.

أ.م.: أي للطاقة.

م.ن.: نعم، للطاقة – وهذه الطاقة تتركز في مراكز للطاقة، تُدعى بالسنسكريتية تشاكرا chakra؛ وهي تستهلك الكثير من الطاقة لتغذي منطقة معينة، وتمدُّ الغدد الموجودة في المنطقة المعنية بالقوة.

أ.م.: كيف ينظر الطب الشرقي إلى جسم الإنسان؟

م.ن.: ينظر إليه من خلال اتحاده مع الكون. كلُّ انفصال عن الكون يسبب الألم. وأول ما ينجم عن الانفصال هو خلل في توازن الطاقة. بعد ذلك يبدأ الإحساس بعدم الراحة والانزعاج. وهنا تكون الطاقة قد بدأت تعطي إشارات عن الخلل في التوازن؛ ثم تبدأ الآلام التي، إن أهملناها – لأن أغلب الناس يعتقدون أن تحمُّل المرض حسنة! – في الحقيقة، تصبح الحال أسوأ شيئًا فشيئًا – إلى أن تغدو الطاقة غير قادرة على الوصول إلى هذا الموضع أو ذاك، فتنشأ الأمراض، التي تغدو غير قابلة للعلاج أحيانًا.

أ.م.: تحدثتِ عن التشاكرا كأجزاء أساسية في جسم الإنسان. ما هو مفهوم التشاكرا، وما هي علاقاتها بالطاقة؟

م.ن.: التشاكرا باللغة السنسكريتية تعني "دولاب".

أ.م.: نعم، عجلة دائرية.

م.ن.: أجل، وهي تعمل مثل الدولاب، لأن الطاقة تنتقل كذلك مثل موج البحر، مثل الكواكب.

أ.م.: أين موقعها في جسم الإنسان؟

م.ن.: توجد سبع نقاط تشاكرا أو مراكز للطاقة موزَّعة على الجسم بكامله؛ وكلُّ تشاكرا يغذي منطقة معينة بالطاقة. الشكل 2 يبيِّن لنا توزُّع التشاكرا على طول الجسم.



شكل 2: مَركَبات الوعي في الإنسان، أو "أجسامه"،

والتشاكرا، أو مراكز الطاقة، الموزَّعة على الجسم

أ.م.: الآن، بخصوص مفهوم التشاكرا، هناك نقطة أساسية أشرتِ إليها، وهي أن الإنسان جزء من هذا الكون، وأن انفصال الإنسان عن أيِّ شيء في هذا الكون يمكن له أن يسبِّب له الآلام. وهذا يعني أن الأرض، التي خُلِقَ الإنسانُ منها، هي جرم لا بدَّ أن يتواصل معه، وكذلك الشمس، وكذلك النجوم، وكذلك كل ما في الكون من أشياء، مادام الإنسان جزءًا من هذا الكون. فهل هذا الكون مسخَّر أيضًا، بما فيه من طاقة، لكي يمتزج بالإنسان؟

م.ن.: إذا أردنا أن نصف الإنسان، وفقًا للعلوم الشرقية، يمكننا القول بأنه بؤرة طاقة كونية. وتوجد أنواع عدة من الطاقة؛ والإنسان أحد هذه الأنواع. فكلمة malady مثلاً، التي هي اسم "المرض" باللغة اللاتينية، أو malabde، إذا قسَّمناها إلى مقاطعها – ma-la-dy – نجد أنها تعني "الانفصال عن الإله"، عن الكون. لقد أهدانا ربُّنا هذا الكون؛ وبمجرد الانفصال عنه يموت الإنسان. ولكي يعاد إحياءُ عضو معين، أو لكي تعود دورة ما للعمل كما ينبغي لها، يجب إعادة إحياء التوازن الداخلي. نحن نجهل مَن نحن. وهذا يعني أن الإنسان لا يتساءل عن ماهيته وكينونته، عن دوره في الحياة.

أ.م.: يعني جهل الإنسان ببدنه؟

م.ن.: هذه أولى المصائب، أول المرض.

أ.م.: هو جزء أساسي من سوء تعامله مع نفسه.

م.ن.: هذا أول المرض. الأمراض الأخرى ناتجة عن هذه المشكلة، أي الجهل.

أ.م.: طيب. هذا فيما يخص النقطة الأولى التي أشرتِ إليها، فيما يتعلق بالكون، وعزل الإنسان نفسه عن الكون. هل معنى ذلك أن أسلوب الحياة الحديث الذي يعيشه الناس أيضًا يلعب دورًا في فصلهم عن الكون والحياة الطبيعية، وبالتالي يسبِّب لهم الأمراض؟

م.ن.: النظام الذي نعيش وفقًا له من صنعنا – ذكاء الإنسان وطريقة تفكيره في الأشياء، الحروب، الظلمة التي يعيش فيها – لأنه أصبح كلُّه لخدمة المجتمع. لقد نسي أن كلَّ ما يفعله إنما هو لمتعته الداخلية. فالنقطة الأساسية في حديثنا تكمن في كيفية إعطاء نظام حياة جديد للإنسان، من أجل رؤية جديدة. لأنه عندما نغيِّر الرؤية تتغير طريقة حياتنا، تتغير الطاقة في جسمنا. إن مجرد تغيير...

أ.م. [مقاطعًا]: فهل يمكن لنا أن نقول إن هذه ليست رؤية جديدة، وإنما رؤية لحياة الإنسان الفطرية القديمة التي تخلَّى عنها وصنع لنفسه حياة جديدة بعيدة عن العلاقة الأساسية التي يجب أن تصله بالكون؟

م.ن.: هي موجودة في الأساس، وما تقوله صحيح. لكن ذهول الإنسان عن ذاته، وجريه وراء الأشياء الخارجية، هو الذي يجعله ينسى نفسه كليًّا، لأنه يعتقد بأن كلَّ شيء على ما يرام مادام جسمُه خاليًا من الأمراض. أما في العلوم الشرقية فالمزاج السيئ هو بداية للمرض.

أ.م.: أي النفسية؟

م.ن.: نعم، يجب أن يكون الإنسان مرتاحًا من الناحية النفسية. أما نظام الحياة الذي نعيش وفقًا له فيترك الإنسان رهينة لأفكاره وتعلقها بالأشياء الخارجية. هو يستعمل جسمه، ولكنه لا يهتم به – مثل السيارة التي لا يعتني بها صاحبُها ولا يقوم بصيانتها، ويريدها، مع ذلك، في أحسن حال! هذا أمر غير معقول!

أ.م.: طيب، أود منك الآن أن تشرحي هذه النقطة – مع أنه من الضروري أن يفهم الإنسان موضوع التشاكرا.

م.ن.: توجد التشاكرا في الجسم. عددها سبعة، وهي تعبِّر عن طبقات الجسد، كما يبيِّن الشكل 3. كما ترون، فإن جسم الإنسان مقسَّم، بحسب الفلسفة الشرقية، إلى سبعة تشاكرا، الأول هو الجَذْر.


أ.م.: مفهوم. فماذا يعني ألا ينسى الإنسان نفسه؟

م.ن.: أي عندما يعمل المرء طوال النهار، ألا يستعبده عملُه. كثير من الناس يعرفون الكمبيوتر 100%؛ لكن عندما تسألهم عن موضع الكبد في الجسم لا يعرفون! – على الأقل، هذا الجسم الذي يقوم بأودنا طوال عمرنا – مسكننا الأصلي، المساحة التي نتحرك فيها، التي نعيش فيها، عالمنا. لقد صارت المساحة أضيق بسبب التسابُق فيمن يصل أولاً، مَن يجمع من المال أكثر من الآخرين، مَن يكون الأجمل – كل هذه الأشياء تولِّد لدى الإنسان مشاعر سلبية، وتعيق تطوره، وتعطِّل جسمَه. لنأخذ، مثلاً، التشاكرا الذي في الأعلى، الذي يشير إلى الانفتاح على العالم الروحاني، على...

أ.م. [مقاطعًا]: على الكون الخارجي؟

م.ن. [مستأنفة]: على العالم الروحاني. التشاكرا الذي بين العينين – "العين الثالثة" التي تمثل الوعي – والذي، إذا أصابه المرض، أو إذا ألمَّ مرضٌ ما بالعينين، تقل درجة وعي الإنسان؛ ولذلك يكون غير قادر على الانتباه إلى محيطه، مهما بذل من جهد. أما التشاكرا الموجود عند الحنجرة، فإنه يتكفل بالتواصل والتعاطي والكلام أو الحديث مع الخارج، مع الناس أو مع الكون.

أ.م.: إذن يتناسب إدراك الإنسان لكلامه مع نشاط هذا التشاكرا.

م.ن.: بقدر ما يعمل هذا التشاكرا، تزداد قدرةُ التعامل مع الخارج بسهولة. لكن ينبغي إدراك أن الداخل هو الأهم؛ أي أن ما في الداخل يفيض إلى الخارج. تفوح الرائحة من الداخل؛ فإذا كان المرءُ غاضبًا فسيخرج هذا الغضب. الإناء ينضح بما فيه! وليس سرًّا أن العقل السليم يمنح السعادة لصاحبه.

أ.م.: إذًا، نستطيع أن نقول إن ضغوط الحياة، وانشغال الناس بها، وركض الناس وراء الأموال وزينة الحياة، وغفلتهم عن أنفسهم، هي أسباب رئيسية لإصابتهم بالمرض، أو لانطوائهم على أنفسهم. كيف يستطيع الإنسان أن يكون صافي النفس من الداخل، ويتعامل مع الكون وينشِّط طاقته تنشيطًا جيدًا؟ كنتِ تتحدثين عن التشاكرا ودورها، وعن علاقتها بدوران الطاقة داخل جسم الإنسان، ومع الكون الخارجي.

م.ن.: سأعيد باختصار: التشاكرا في أعلى الرأس يشير إلى انفتاح الإنسان على العالم الروحي، على العالم كلِّه، وعلى الكون. أما الثاني فيمثل الوعي – وعي الإنسان، انتباهه؛ والثالث في موضع الحنجرة، ينظِّم علاقته مع الخارج، وكيف يتعامل معه؛ أما الرابع فيتموضع في القلب، وهو منبع العواطف والمشاعر كلِّها: فما أن يتعب المرء حتى يشعر بالألم في قلبه؛ والخامس، حيث السُّرة، ينظِّم علاقة الإنسان مع الأشياء المادية في الحياة، مع المادة؛ أما التشاكرا السادس فإنه يختص بالجهاز التناسلي؛ والتشاكرا الأخير هو بوابة الحياة والموت، حياة الإنسان ووجوده على الأرض.

أ.م.: نعم، كل تشاكرا من هذه يتناول علاقات الإنسان مع هذه الأشياء؛ وأيُّ خلل في أيِّ تشاكرا يسبب خللاً في علاقة الإنسان مع الجزئية المعنية.

م.ن.: ويسبب خللاً في تلك المنطقة.

أ.م.: هل يمكن أن نقول إن أيَّ خلل في هذا التشاكرا يكون سببًا للإصابة بالألم أو المرض؟

م.ن.: نعم. فإن كان أحدهم يعاني من مشكلة في الكلام فعادة ما تكون الغدة الدرقية لديه متعبة، خاملة، أو يجب استئصالها؛ أو قد تكون لدى أحدهم مشكلة في ملَكة الإدراك.

أ.م.: مشكلة؟!

م.ن.: مشكلة في الوعي: كأن تؤلمه عيناه، والأعصاب البصرية (وكذلك هناك جهاز داخلي في الرأس، سوف نتحدث عنه فيما بعد). وتوجد هنا غدد أربعة يدعونها "أصل الكريستال"، وهي تنظم توازن الجسم ووعي الإنسان، وهي على التوالي: الغدة النخامية pituitary، الغدة الصنوبرية pineal، السرير البصري thalamus، ما تحت السرير البصري hypothalamus. فإذا أصيب "أصل الكريستال" بخلل، يصير وضع الإنسان غير سوي: تنخفض درجة وعيه، تقل قدرته على الاستيعاب، ويشعر بعدم القدرة على الانتباه أو على ضبط أموره ومحيطه كما يجب.

أ.م.: ما الذي يؤدي إلى حدوث هذا الخلل في هذه التشاكرا، أو في هذه الغدد، لدى الإنسان؟

م.ن.: كما سبق أن قلنا، إنه انصراف الإنسان التام عن حالته الداخلية، وعدم شعوره بالمسئولية حيال جسمه، وبضرورة الاعتناء به. إنه يستخدم جسمه لإشباع رغباته وشهواته، يستخدمه للركض والعمل. كل ما نريد أن نعرفه اليوم هو: ما الذي يحتاج إليه الجسم، الذي نستخدمه كخادم فحسب، في هذا العالم الفظيع الذي نسكنه؟ إنه في صميمه يشبه الكون، نشعر فيه بالحرية، ويعطينا السعادة كلَّها، يعطينا النجاح كلَّه في الحياة، إذا علمنا كيفية عمله، ومما يتكون.

أ.م.: كيف يعمل الجسم؟

م.ن.: السؤال الجوهري هو: مَن نحن؟

أ.م.: وماذا في داخل الجسم؟ مَن أنا؟ كإنسان، أحمل بين جنبي جسمًا لا أعرف ما هو!

م.ن.: يتعامل الطب الغربي مع الجسم على أنه مجموعة أعضاء؛ فإذا ما شعر المرء بألم في كبده، يقومون بتصوير الكبد ومعالجته، ويصير الكبد محور عملهم.

أ.م.: أي الجانب العضوي من الإنسان.

م.ن.: لكن الطب الشرقي ينظر إلى الإنسان في كلِّيته: على أنه يتكون من مسارات وتشاكرا، فيما يتعدى المنظور الفيزيائي. يعرف الإنسان جسمه الفيزيائي فقط، ويخشى من لمسه؛ إنه يخافه، ويخاف أن يلمسه لأنه يجهله. توجد فوق الجسم أربعة "مركَبات" vehicles أخرى للوعي أو أجسام. لنعد إلى الصورة 2. هذا هو الجسم الفيزيائي.

أ.م.: يعني المحسوس؟

م.ن.: أجل، المحسوس، هذا الذي نراه الآن. وهناك الجسم الأثيري etheric double الذي يأتي فوقه مباشرة. يليه الجسم العقلي mental body، الذي سنتكلم عليه كثيرًا، لأنه يتمتع بالقدرة energy: إنه يعزل الجسم عن الخارج. فكيف نفكر، إذن؟ كيف نرى الأشياء؟ كيف هي أحاسيسنا، طموحنا؟ كيف نحزن على...؟ كيف يعيش الماضي فينا؟ – كل هذه الأشياء يقوم بها الجسم العقلي. إنه عازل، وكأنك ترتدي كيسًا من البلاستيك يعزلك عن العالم. وسوف نتحدث عن هذا الجسم فيما بعد. وهناك الجسم النفسي، وهو الجسم الرابع. أما الخامس فهو الجسم الكوني، وهو هدفنا كلُّه في الريكي.

أ.م. [مقاطعًا]: أو العلاج بالطاقة.

م.ن.: أو العلاجات بكلِّ أشكال الطاقة إجمالاً. يخترق الإنسان كلَّ هذه الأجسام ليصل إلى الجسم الكوني، ليتواصل...

أ.م.: أي أن هذه الأجسام المحيطة ببدنه الملموس لا تشكل عائقًا في تواصله مع الكون.

م.ن.: أو إذا استطاع أن يتعامل مع... بإمكانه تنظيمها، لأن هناك من يقول بأني أعطي دورة تعليمية، وأنني أريدهم أن يعيشوا...

أ.م. [مقاطعًا]: يعني دورة course، أو تعليم.

م.ن. [مستأنفة]: نعم، أن يعيشوا دون تفكير. لا، لا أريد أن يمنعني التفكيرُ في الماضي أن أعيش حياتي. فمن الأهمية بمكان أن نعرف أن الحياة فيها ذبذبات، وهي شكل من أشكال الطاقة، كما قلنا من قبل، وأنها تتجدد باستمرار؛ فلا توجد لحظة مشابهة لسابقتها. يعيش الإنسان في "القَبْلية": قبل...، قبل...، إلخ. وهذا يعني أنه يشعر بنفسه إما متأخرًا، وإما ضحية، أو يكابد كلَّ المشاعر السلبية: الخوف، القلق، إلخ. فلكي يستعيد شعوره بأنه واحد مع الطبيعة، يجب عليه أن يفعِّل كلَّ هذه الأجسام، وأن يعيش هذه اللحظة، هنا–الآن.

أ.م.: يعني يمكن لنا أن نقول – أيضًا لتقريب الفهم – إن هذه الأجسام تعشِّش داخل الإنسان وتمنعه، أو تكون حواجز بينه وبين اللحظة التي يعيشها، لأنه يعيش في الماضي، يعيش بمؤثرات سلبية.

م.ن.: أو يحلم بالغد... فقليلاً ما نرى مَن يعيش هذه اللحظة، أو يتكلَّم عن مشروع، عن نفسه الآن، أو يلاحظ تغييرات جسمه الآن، أو يلاحظ تبدل عقله وفكره في هذه اللحظة. هذا هو هدف الريكي، أو العنوان الكبير للريكي – العلاج بالطاقة: "كيف تعيش هنا–الآن".

أ.م.: يعني أن لا يأسى الإنسان على ما فاته، وأيضًا يعني ألا يفكر فيما هو آتٍ، ألا يضيع فيه، أو ألا يستثمر فيه كثيرًا، بل أن يحاول أن يعيش لحظته، كما هي، ويعطيها حقَّها من الحياة.

م.ن.: لقد سمعنا هذه المقولة عندما كنَّا صغارًا، واعتبرناها مجرد شعر؛ لكنها في الواقع علاج!

أ.م.: نعم، وهناك آية قرآنية تقول: "لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم." إني أحاول تقريب المعنى، لا أكثر.

م.ن.: هي علاج، لأنك عندما تعاني من الماضي، فالحل الأمثل هو أن تعيش في الحاضر، وتعيش بشكل جيد. وعندئذٍ فالغد سيصنع أمسَه – الذي هو اليوم – بشكل أفضل وأحسن.

أ.م.: طيب، هنا أسألكِ، مادمنا عند هذه النقطة: كيف يستطيع الإنسان أن يتخلص من المشاعر السلبية، من الماضي المؤلم بنظره، ويعيش اللحظة بشكل سوي وسليم؟

م.ن.: توجد ثلاثة مستويات في الريكي ينبغي أن ينظِّم الإنسانُ حياتَه فيها: أول مستوى هو الاسترخاء التام؛ والثاني هو وحدة التنفس؛ أما الثالث فتحقيق الاتحاد عبر التأمل meditation.

أ.م.: الرياضة والتأمل، نعم.

م.ن.: أجل. وهناك رياضات تنشط كلَّ هذه المسارات. في الحياة التي نعيشها نجد أن الناس يقسمون حياتهم على النحو التالي: الإنسان يعمل ويتحدث ويتنزه ويتعشى مع أصحابه – ونسمي هذا كلَّه بالحياة الخارجية؛ ثم ينتقل منها مباشرة إلى النوم. نحن، بهذا العلاج، نخلق حالة ثالثة هي الصفاء الذاتي: كيف يمكن للإنسان، بعد أن يعيش هذه الحياة، التي فيها صخب وفيها خير – يعني الحياة التي يوجَّه وعيه فيها إلى الخارج؛ فهو مضطر أن يتوجَّه بوعيه إلى الخارج في أثناء العمل – يذهب إلى النوم؛ والنوم موت صغير، أي نوع من الموت.

أ.م.: صحيح!

م.ن.: قبل أن يأوي إلى سريره عليه أن يهدأ، يرجع إلى الكون، يركز وعيه على جسمه. فأينما يكون الوعي تكون الطاقة. أي، في كلِّ يوم – انتبه – يعمل الإنسان ويتكلم ويأكل ويفرح أو يحزن. هنا، الوعي كان كلُّه مركزًا على الخارج.

أ.م. [مقاطعًا]: كله خارجي، نعم.

م.ن. [مستأنفة]: ويموت بعد ذلك، أي ينام. أين "أنا" من هذه السيرورة؟ ألهث طوال النهار وراء هذه الأشياء، ولا أعطي لنفسي لحظة صفاء واحدة. قد أفوز بمنصب ما، ولكنني أخسر نفسي؛ أقيم علاقة جديدة وأخسر نفسي؛ أربح هدية وأخسر نفسي. هذا هو ما نفعله لكي "نرتقي" بأنفسنا! حال الإنسان تتبع حياته الداخلية. كلُّ ما نفعله هو ضد المبدأ الأساسي في الحياة. ولكنني أعيش لكي أرتقي بنفسي أكثر فأكثر.

أ.م.: طيب. هذه النقطة نقطة أساسية. يعني، الآن، لا بدَّ للإنسان من أن يفعل شيئًا بين نهاره وليله...

م.ن. [مقاطعة]: أعتقد أن هذا صحيح.

أ.م. ‏[مستأنفًا]: يفعل شيئًا، بمعنى أن يعطي لنفسه بعض الوقت، ليرى ما الذي أعطاه لنفسه. ربما يكون قد كسب بعض المال، أو أن يكون قد حقق نجاحات ما...
م.ن. [مقاطعة]: لكنه بائس.

أ.م. [مستأنفًا]: أو حدثت له إخفاقات، أو... لكنه، في النهاية، لم يلتفت إلى هذا البدن، وإلى هذه النفس. فهنا لا بدَّ له، قبل نومه، من أن يفرِّغ وقتًا ليرى ما الذي أعطاه لنفسه. وهنا السؤال...

م.ن. [مقاطعة]: وصباحًا كذلك!

أ.م. [مستأنفًا]: وهنا السؤال: في الليل، كيف يستطيع الإنسان، قبل نومه، أن يعطي نفسَه حقَّها، أو بدنَه حقَّه؟ ما هي الطريقة أو الوسيلة التي يفعل بها ذلك؟ كان سؤالنا: كيف يستطيع الإنسان قبل نومه أن يعطي وقتًا لنفسه ولبدنه؟

م.ن.: بدايةً، ما أن يبدأ الإنسان بالتفكير في نفسه، فإن أول ما ينبغي عليه عمله هو أن يعطي نفسَه قليلاً من الوقت قبل النوم؛ وكذلك قبل أن يبدأ نهاره، عندما يستيقظ من النوم. قبل النوم، يتمدد. وإذا كان متعبًا كثيرًا، فأول ما يفعل الإنسان هو أن يقرِّر الانتباه إلى حاله؛ يجب أن يكرس مساحة من المكان ومن الوقت لجسمه ولراحة تفكيره؛ عليه أن يتمدد. فإن كان متعبًا جدًّا... سوف نعطي تمارين لهذه الحالة، درسًا كاملاً...

أ.م. [مستأنفًا]: درسًا أساسيًّا حول يوم الإنسان، من صباحه إلى نومه: كيف يستطيع أن يحافظ على بدنه بشكل جيد. لكننا الآن في إطار التعريف، لأن هذا العلم جديد على الناس؛ وفي نفس الوقت، كلُّ إنسان يحمل بين جنبيه ما يستطيع أن يعالج به نفسه، ولا يدري شيئًا عن النعمة التي أعطاها الله – سبحانه وتعالى – فيما يتعلق بالطاقة.

م.ن.: قبل النوم، عليه أن يتمدد باسترخاء كامل. عليه أن ينتبه إلى جسمه، من عقبي رجليه إلى قمة رأسه، ليكتشف العضلة المتوترة، أو التي لا تتوضع في مكانها كما يجب، وغير المسترخية. عليه أن يسترخي استرخاءً تامًّا. أما الشيء الثاني الذي يجب أن يفعله، فهو أن يتنفس تنفسًا عميقًا، بحيث يعيد وعيه إلى الداخل...

أ.م.: أي ألا يفكر في مشاكل اليوم، ولا في أشياء من هموم اليوم.

م.ن.: لن يستطيع ألا يفكر؛ لكن عليه أن يحاول. فهو معتاد أن يعمل كمحرك طوال الوقت.

أ.م.: تقصدين الفكر.

م.ن.: إنه لا يستطيع أن يوقفه لحظة. ولكن عليه أن يبدأ بترك فراغات بين الأفكار أثناء التنفس، لأن الفكر لا يقوم بعملين في الآن نفسه. فإذا ما ثابر المرء، وكان يتمتع بإرادة كافية، فعندئذٍ عليه أن يبدأ بممارسة التنفس العميق؛ وكلما راودتْه فكرة، فليدعها تمر، ولينتبه إلى نفسه وإلى الأفكار العابرة مع متابعة التنفس العميق، ويجعل اهتمامه الأساسي في عملية التنفس، إلى أن يكمل تنفسًا عميقًا كاملاً، وأن يشعر بأن الأفكار بدأت تتلاشى شيئًا فشيئًا.

أ.م.: وما هي فائدة التنفس العميق؟

م.ن.: التنفس العميق يعني أن يصل النَّفَس إلى نهاية البطن. وكما سبق أن قلنا، فالهواء لا يحتوي على الأوكسجين فقط، بل على الطاقة كذلك. وهذه الطاقة توسِّع المساحة الداخلية في جسم الإنسان، ليتحرك فيها. نحن نوسِّع بيوتنا، ونسكن القصور، أو نتنزه في الغابات والبراري الواسعة، لكننا لا نشعر بالراحة. ما أن تمارس التنفس العميق لمدة خمس دقائق حتى تشعر باتحادك مع الكون، فتكون منشرح الصدر، وتشعر باتساع المدى في جسمك.

أ.م.: هل الريكي، أو العلاج بالطاقة، يعالج المرض، أم يعالج أسباب المرض؟

م.ن.: يحافظ الريكي على توازن الطاقة في الجسم لكي لا يمرض الإنسان. وعندما نمارس تمارين الريكي، يشعر الإنسان بأنه يحمي نفسه وجسمه من اختلال التوازن الطاقي. ولكن إذا بدأ المرء بممارسة تمارين الريكي وهو مريض، فلن يحصل على نتائج سريعة قطعًا. فالريكي ليس سحرًا؛ إنه طريقة حياة جديدة، وطريقة تفكير مختلفة: في نفسه، في الكون كلِّه، وفي الحياة. مَن نكون، وما هو موقعنا في الكون؟ يعمل الريكي على إعادة النظام إلى الجسم ليعمل كما يجب.

أ.م.: توجد نقطة مهمة حول المرض نفسه: مَن هو الإنسان السليم ومَن هو الإنسان العليل في مفهوم العلاج بالطاقة؟

م.ن.: كما قلت في البداية، المرض هو انعزال الإنسان عن الكون، انعزاله عن الطاقة، مثل النبتة، التي إذا اقتُلِعَتْ من مكانها في الطبيعة تموت. ما هي الحياة الطبيعية للنبات؟ شمس وماء وتربة جيدة. بالنسبة للإنسان، الأمر نفسه: إذا عزلتَه عن الكون، عن الأرض، عن الكواكب، عن الهواء، عن الماء، ووضعتَه في مكان معزول – أو هو وَضَعَ نفسه فيه، من خلال طريقته الخاطئة في التفكير – تقلُّ كمية الطاقة لديه شيئًا فشيئًا مع الوقت. لأنه هكذا هو نظام الحياة: ففي كلِّ يوم يتم استهلاك طاقة الجسم؛ وبعد ذلك يحدث خلل في مكان معين، لا يلبث أن يتحول إلى مرض.

أ.م.: كيف يحدث الألم أو المرض؟

م.ن.: يبدأ بتشنج مثلاً، أو بالشعور بحرقة، أو بالانزعاج في المكان، أو يشعر المرء بأنه يجلس بطريقة خاطئة، أو يشعر بالقرف. وقد يستيقظ من النوم يغالبُه شعور بالاختناق، أو يشعر بنفسه خاملاً أو مضطربًا، ولا يعرف السبب. تشير الفحوص الطبية كلُّها بأنه صحيح الجسم لأنه لم يمرض بعد؛ ولكن الطاقة تكون قد بدأت تتناقص في عضو معين في الجسم.

أ.م.: كثير من الناس يشعرون بذلك؛ وقد يستيقظ المرء فيجد بأنه ليس على ما يرام...

م.ن. [مقاطعة]: غير مرتاح.

أ.م. [مستأنفًا]: ويذهب للطبيب، فيقول له: ما بك شيء!

م.ن.: أجل، ولكن تكون الطاقة قد بدأت تتناقص.

أ.م.: يعني بدأت الطاقة تقل في جسمه، أو في مكان ما من...

م.ن.: وكذلك، عندما يمارس أحدهم الريكي، بمساعدة آخر، فإنه يأخذ منه الطاقة. فإذا كان المعاوِد يعاني من ألم في الظهر، ووضعتُ يدي على هذا الموضع، أشعر بأنه يسحب الطاقة من يدي؛ وعندئذٍ أركِّز على ذلك الموضع أكثر.

أ.م.: لكن هل من الممكن أن يعالج الإنسانُ نفسَه بنفسه، أي يعالج قلة الطاقة في مكان ما في بدنه عندما يشعر بها؟

م.ن.: بالطبع، إذا كان يعرف الريكي.

أ.م. [مقاطعًا]: التعلُّم مهم هنا.

م.ن. [مستأنفةً]: أن تقول للشخص كيف يجب أن يعامل جسمه، مما يتكون. وبدلاً من أن تعطيه سمكًا، علِّمه الصيد.

أ.م. [مقاطعًا]: وهذا ما سنفعله في الجزء الثاني من اللقاء. ولكن، ما الذي يمكن للريكي، أو العلاج، بالطاقة أن يعالجه في الإنسان؟

م.ن.: أولاً، ضيق النَّفَس، الإحساس بالكآبة والضيق، التشنجات. هذه الأمور هي التي تسبب الأمراض كلَّها. بعد ذلك، هناك الصداع طبعًا، وأنواع التشنجات، لأن الأمراض كلَّها تبدأ بتشنجات، خصوصًا في منطقة القلب، أو منطقة الحنجرة، أو الـ... يعني مناطق التشاكرا السبعة. وأقل ما يمكن عمله هو معالجة هذه المناطق بالريكي لضمان التغذية والحماية من الأمراض. إذا كان الإنسان يعاني من مرض فعليه العيش وفق نظام يؤمن المناعة الكافية للجسم ليتمكَّن من الدفاع عن نفسه.

أ.م. [مقاطعًا]: هل يجعل الريكي الجسم قويًّا؟ وهل يكمن دوره الأساسي في إطار تقوية جهاز المناعة في البدن؟

م.ن.: دوره الأساسي، أكثر من أيِّ شيء آخر، هو أن يقوِّي نظام المناعة الذي يحمي الجسم. لكلِّ عضو نظامه الدفاعي؛ وتكفي تقوية هذا النظام، لأنه حينئذٍ، وإنْ داهمه المرض، فسيدافع عن نفسه.

أ.م.: لكن هنا تكمن النقطة الأساسية والهامة في هذا الموضوع: أنت تتحدثين عن ضيق النَّفَس. هل معنى ذلك أن ضغوط الحياة تلعب دورًا أساسيًّا في إصابة الإنسان بهذا الضيق، ومن بعدُ إصابته بالأمراض؟ ما مدى تأثير الضغوط الحياتية على إصابة الإنسان بالضيق، ومن بعدُ إغلاق التشاكرا، أو مسارات الطاقة في بدنه، ومن بعدُ إصابته بالأمراض؟

م.ن.: مشكلة الإنسان الأساسية تكمن دائمًا في أنه يلقي بالمسئولية على كاهل الآخرين. إنْ شعرتُ بالتعب، فالخارج مسئول، وإنْ مرضتُ ففلان من الناس مسئول، وهكذا. يتنصل الإنسان من المسئولية عن طريقة حياته. في الريكي، أو العلاج بالريكي، يصبح الإنسان مستعدًا للاعتناء بنفسه، لأنها مسئوليته؛ فيعتني بنفسه، ويعبِّر عن ذلك لنفسه ولمن يعالجه أو يعلِّمه. ضغوط الحياة، طيب، أوافق. فازدحام الطرق يخلق حالة عصبية، مثلاً، أو طوابير الدور الطويلة، أو حالة الانتظار...

أ.م. [مقاطعًا]: إثارة الحياة كلُّها، يا سيدتي، منذ خروج الإنسان من بيته إلى حين عودته.

م.ن.: إني إنما أورد بعض الأمثلة. وهناك العمل والتنافس، وأشياء أخرى كثيرة...

أ.م.: إيقاع الحياة كلُّه.

م.ن.: أجل. ولكن، ما هو دوري؟ هل أترك نفسي على حالها؟ يشغلنا العمل، وهناك الكثير من الضغط. ينبغي على المرء أن يعرف كيف يهدئ أعصابه. لنفترض أني على عجلة من أمري، مثلاً، وعلقت في الزحام، وبدأت أعصابي تغلي، وأدركت بأني سأتأخر عن عملي، وغير ذلك – فماذا أفعل في هذه الحال؟

أ.م. [مقاطعًا]: أنفِّس عن غضبي.

م.ن.: الناس جميعًا يتصرفون على هذا النحو – وبذلك تتفاقم المشكلة! لأنه عندما يلقي المرء قذاراته على الآخرين، فسوف يعيدونها إليه، فيكون الصراع، الذي أسميه "الحرب اليومية". الإنسان يعيش في حرب دائمة، حتى في أحلامه، حيث يجد نفسه في موقع الضحية دائمًا.

أ.م.: أهكذا هم البشر في الحياة؟

م.ن.: هكذا نقول في أثناء العلاج بالطاقة.

أ.م.: فهل يمكن للعلاج بالطاقة أن يوصل الإنسان إلى مرحلة هدوء وسلام نفسي في داخله، حتى في أجواء الصراع الموجودة في الحياة؟

م.ن.: أجل، لأن فكره ينشِّط مشاعره السلبية. الفكر هو الذي ينشِّط هذه الأحاسيس، التي تقول: لماذا أكون الضحية دائمًا؟ لماذا أشعر بالتعب؟ لماذا لا يتحسَّن وضعي؟ لماذا لا أمتلك أشياء أكثر؟

أ.م.: جميع الناس يعانون من صراع كهذا، وينظرون إلى ملابس الآخرين ومأكلهم ومركبهم إلخ.

م.ن.: هذه هي الأنية ego التي ينبغي عليه أن يتخلَّص منها.

أ.م.: الـego تعني التمركز على الذات أو الأنانية.

م.ن.: الذات الأنانية، وليست الذات الروحية. يوجد نوعان من الأنية. وإني إنما أتحدث عن المشاعر السلبية، مثل الغم، الخوف، الغيرة، الشهوة، إلخ.

أ.م.: المرء يحسد، يحقد – كل هذه الأشياء.

م.ن.: مثلاً، هناك خمسة عراقيل تعيق تطور الإنسان.

أ.م.: ما هي؟

م.ن. [مستأنفةً]: يعيشها الناس... وأولها الشهوة – جميع أنواع الشهوات: الشهوات الجسمية، شهوة اللباس، شهوة الـ...

أ.م.: "زُيِّن للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة" – أي الأموال وكل شيء.

م.ن.: وحوش الشهوة كلُّها: حيث يتمنى الإنسان أن يقيم في دولة أخرى، أن يمارس عملاً مختلفًا – أي الأماني والأحلام – وكلُّها يمنع الإنسان من أن يعيش يومه، ويستمتع بمآله. يسمونه "حاجزًا". والحاجز الثاني هو الرفض، لأن الإنسان، بحسب عقيدة الصراع لديه، لا يتمكَّن من قبول أيِّ شيء بحبٍّ واحترام.

أ.م. [مقاطعًا]: هو يرفض الآخرين دائمًا.

م.ن. [مستأنفة]: ليس الآخرين، بل نفسه قبل أيِّ أحد آخر. هو غير راضٍ عن نفسه. فأول "آخر" للإنسان هو نفسه: فهو يرفض وضعه، يرفض حياته كلَّها، يرفض تاريخه، يرفض أهله، يرفض كلَّ شيء...

أ.م.: يفتقر إلى الرضا.

م.ن.: أجل، لا يوجد قبول... فما أن يتعرف إلى شخص ما – بمجرد أن يتعرف إلى الشخص – ينتقده، دون أن ينتظر ما قد يتبيَّن منه. كما أنه يتصف بصفة أخرى، وهي أنه لا ينصت أبدًا؛ فملَكة السمع معطَّلة لدى معظم الناس. هو لا ينصت إلى جسمه، ولا ينصت إلى العالم، ولا يتلقى الرسائل التي يرسلها له الكون، لكي يعيش بشكل أفضل، ولا يستمع إلى ما يقوله البشر. فأنت لا تسمع صوت مَن يحبك، لأنك لا تنصت، أو لا تريد أن تسمع.

أ.م.: أي أن كلَّ شخص يعيش في عزلة وأنانية.

م.ن.: يعيش معزولاً، ويرفض الإنصات إلى الآخرين.

أ.م.: الشهوة، الرفض...

م.ن.: ثم إن هناك هذا التوتر، توالي الأفكار: لماذا أنا بالذات؟ ولماذا أتصرف على هذا النحو، ولا أتصرف على نحو مختلف؟ لماذا لا أكون مثل فلان؟ لماذا؟

أ.م.: الصراع مع النفس...

م.ن.: هذه الأفكار تقتل الإنسان، مثل الآلة التي تصدر أصواتًا مزعجة، لأنها تعمل بقوة واستمرار. قد تتعطَّل بعض الأجزاء، ولكنها تستمر في الحركة دون جدوى. وهذه الأفكار والمشاعر السلبية قد تتسبب بانهيار عصبي للإنسان. لذا فنحن نشبِّه عملية التفكير ببيت ممتلئ بقردة تتقافز هنا وهناك دائمًا؛ وفي كلِّ لحظة تمرُّ فكرة ما. فإذا ما استطاع أحدنا الوصول إلى حالة الصفاء، فسيرى كيف تجري الخواطر في رأسه، وسوف يُفاجأ بما يرى! كيف يمكن له استيعاب كلِّ هذه الأفكار التي تأتيه باستمرار؟ كثير من الناس يخبرونني كيف أن حياتهم تمرُّ أمامهم كشريط سينمائي أمامهم قبل النوم – وهذه مشكلة أخرى.

أ.م.: لكي ينام مرتاحًا.

م.ن.: لكي ينام؟ إنه لا ينام!

أ.م.: والشيء الرابع؟

م.ن.: إنه الكسل. فلا أحد مستعد لبذل أيِّ مجهود.

أ.م. [مستأنفًا]: الكسل بشكل عام.

م.ن.: ليس لديه مزاج للعمل!

أ.م. [مستأنفًا]: هو غير مستعد لبذل أيِّ جهد يعود عليه بالفائدة.

م.ن.: وخاصة في بلادنا... فحتى كأس الماء ينبغي على الخادمة أن تجلبه! أي أن الناس لدينا لا يريدون القيام بأيِّ عمل؛ إنهم يستخدمون الآخرين...

أ.م.: أي أن حياة الترف لها تأثير على هذا.

م.ن.: إلى حدٍّ كبير. أريد أن يخدمني الناس، بينما أجلس طوال النهار لا أفعل شيئًا، أصير شيئًا لا يتحرك – في حين أن الحياة حركة، والطاقة حركة. وعندما أستنكف عن الحركة، فإن ذلك ينعكس عليَّ سلبًا. أما الأمر الخامس، فهو الشك: لا توجد ثقة، لأن الناس لا يعيشون بمحبة وعطاء. الجميع يريدون أن يأخذوا، ويعتقدون بأن الآخرين يمنعون عنهم الأشياء التي يرغبون فيها. إنهم لا يفكرون بشكل سليم، فيتهمون الآخرين. وبهذا نشك في أنفسنا، ولا نثق بقدرتنا على القيام بالأعمال، وينتابنا الخوف باستمرار. فالشك يقود إلى التصرف بطريقة خاطئة، مما يؤدي إلى بقية النتائج. لأنك عندما تشك في نفسك، يشك فيك الآخرون؛ وعندما تحب نفسك، يحبك الآخرون؛ وعندما تثق بنفسك يثقون بك؛ وبهذا تحترم نفسك. أي أن طاقتك الإيجابية تجذب ما يقابلها لدى الآخرين.

أ.م.: أي حينما يقال إن فلانًا "ذو هيبة"، أو فلانًا "عنده حضور"، أو فلانًا له كذا، هل معنى ذلك أن الطاقة في داخل هذا الإنسان عالية لدرجة يكون لها تأثير على الآخرين؟

م.ن.: صحيح. وهذا يعني أنه يشتغل على نفسه.

أ.م.: أي قضية الحضور؟

م.ن.: أجل، فهو يتصرف بفطنة. وهذا يعني أن لديه طاقة. ولكن "الهيبة" التي تتحدث عنها تنشأ، عادةً، عبر استخدام السلطة المادية أو الاجتماعية.

أ.م.: أي المنصب!

م.ن.: نعم. وعلى الرغم من أنه يشعر بالتعب والقرف، فإن الناس تهابه، لأنهم يخافون من سلطته وثروته وغير ذلك...

أ.م.: لكن أشكال الحضور الأخرى التي ليست لها علاقة بالسلطة أو بالمال، هل هي تنتج عن الطاقة الداخلية للإنسان؟

م.ن.: سوف تشعر بذلك. فعندما يشتغل أحدهم على نفسه، سوف تشعر بهالته aura، بغضِّ النظر عن ثرائه أو وضعه الاجتماعي.

أ.م.: طيب. نستطيع الآن أن نلخِّص الأسباب السلبية الخمسة التي تمنع الإنسان دائمًا من الارتقاء بنفسه، وتسبِّب الأمراض...

م.ن.: أول نقطة هي الشهوات؛ والثانية هي الرفض – كل أنواع الرفض؛ أما الثالثة فتكمن في انشغال الدماغ طوال الوقت؛ ثم الكسل؛ فالشك. ولكن، قبل أن نتحدث عن هذه النقاط الخمس، دعنا نفكر: كيف يمكن للشخص الموتور أن يهدِّئ من روعه؟ عندما يشعر الإنسان بالضغط وبوميض الضوء الأحمر، ينبغي عليه قبول الوضع، وعدم التفكير بأنه قادر على الطيران باستخدام سيارة!

أ.م.: أي القبول...

م.ن.: القبول... صحيح.

أ.م.: أي أنني في وضع معين: الطريق مزدحم ومغلق؛ وعندما أجد نفسي غير قادر على فعل شيء، فعليَّ قبول الوضع.

م.ن.: ليس القبول فحسب، بل وكيفية هذا القبول. عليك أن تسترخي، وتتنفس بعمق. سوف أكرر هذا الكلام طوال هذا اللقاء: أي كيف أن على المرء الاسترخاء، وترك الطاقة تدخل إليه.

أ.م. [مقاطعًا]: التنفس يجعل الطاقة تتحرك في داخل البدن؟

م.ن.: إنه يخلق مساحة في الجسم، يمكنك الإقامة فيها، بدلاً من زحمة السير!

أ.م.: أي أن يذهل الإنسان عما يحيط به، ويعود إلى ذاته.

م.ن.: ذاته – فيها الأمان، وفيها الحب الداخلي الذي وهبنا إياه ربُّنا، الأمان من المشاكل.

أ.م.: قلت إن السبب الرئيس لإصابة الإنسان بالأمراض هو جهل الإنسان ببدنه وبنفسه. فكيف يتعرف الإنسان إلى بدنه، إلى نفسه، إلى ذاته، إلى روحه، إلى بنيانه المتكامل؟

م.ن.: كما قلنا في البداية، يتكون الإنسان من جسم ونفس وروح. وأول ما ينبغي عليه عمله هو معرفة الجسم وأعضائه، مادته. وفي العلوم الشرقية، عليه معرفة مسارات الطاقة – أين تبدأ، وأين تنتهي – بحيث يتعرف إلى المسارات الخاصة بالأعضاء، ويتعرف إلى التشاكرا. عليه أن ينشِّط جسمه يوميًّا، لأن الجسم عندما ينام...

أ.م. [مقاطعًا]: ما هي وسائل تنشيط الجسم يوميًّا؟

م.ن.: يمكن لنا أن نقول إن العينين تعملان طوال النهار. فعلى الإنسان أن يغسلهما جيدًا قبل النوم، ويحركهما دائريًّا 36 مرة، لكي ينشِّط الدورة الدموية فيهما. ينبغي عدم الشعور بالخوف، لأن هذه الحركات لا تؤذي العين، بل تساعد أعصابها، وتفيد لمعالجة الروماتيزم. وكذلك، هناك حركات معينة لتنشيط الأذنين والتنفس، لأن النفس هي المادة الأساسية في هذا العمل. وكذلك عليه تنشيط الرأس، لأنه يحتوي الحواس، بأن يحرِّك جلدة الرأس...

أ.م. [مقاطعًا]: أي بالتدليك الخفيف.

م.ن.: بالتدليك، نعم. ولكن يمكن له أن يكون أكثر من خفيف من أجل تنشيط جلدة الرأس، والوصول إلى الأجهزة الداخلية. فحركة الدم تغذي الأعضاء والغدد؛ وعندما يتحرك الدم، فإنه يستهلك المزيد من الأوكسجين والطاقة. ولذلك أقول إن عملية التدليك هذه مهمة جدًّا، لأن هذا المكان يُعتبَر جسرًا بين الدماغ والجسم، ولأن التدليك يساعد على استرخاء الأعصاب. المطلوب هو أن تسترخي الأعصاب، وتُشَدَّ العضلات، لأن العضلات هي التي تمسك الجسم، مما يحافظ على طاقته. وبالتالي، فهناك تكنيك لكلِّ عضو: كيف يمكن تنشيطه. فالرياضة من دون معرفة لا تكون مفيدة غالبًا.

أ.م.: هي رغبة...

م.ن.: إنه لا...

أ.م.: يعطي لنفسه حقَّها.

م.ن.: نعم، فمَن يمارس الرياضة على هذا النحو يعتقد بأنه يغذِّي نفسه...

أ.م. [مقاطعًا]: لا، إنما يريد التخلص من المسئولية.

م.ن.: وكأن جسمه مشكلة ينبغي حلُّها! فهو يمارس الرياضة كيلا يشعر بالذنب حيال نفسه؛ أي أنه لا يستمتع بما يفعل، لأنه يمارسه من دون حب.

أ.م.: أي لا بدَّ من أن يشعر الإنسان بالمسئولية حيال جسمه، وأن يعطيه حقَّه، بل أن يستمتع بذلك، وبأنه ليس واجبًا عليه التخلص منه، مثل بقية الأعمال؟

م.ن.: صحيح. فالجسم ليس مادة ميتة، وإنما مادة واعية، لها روح؛ وإذا ما تُرِكَ منفتحًا، فسوف يجعلنا نشعر بما هو أبعد من الحدود التي نقيم فيها.

أ.م.: لديَّ للأسف، على التليفون وعلى الإنترنت، مداخلات كثيرة – مع أن هناك محاور كثيرة ينبغي أن نكملها. لكن اسمحي لي أن أكمل، بعد أخذ بعض المداخلات. صفوح الوفائي من بولندا.

صفوح الوفائي: أنا طبيب بشري، وأعمل في مجال الطاقة الكهرطيسية، وأحب أن أقول للأستاذة وللسادة المشاهدين إن طريقة الريكي هي واحدة من طرق مختلفة جدًّا في العلاج بالطاقة؛ وهي ليست علمًا جديدًا. فلقد عرف المسلمون العلاج باستخدام الرقى؛ وهو يُعتبَر من طرق العلاج بالطاقة، كما أنه يُعَدُّ من الوسائل المكمِّلة للمجال الكهرطيسي. أحب أن أقول، كما أشارت الدكتورة، إن العلاج بالطاقة ليس علاجًا للأمراض، وإنما هو عبارة عن علاج متمِّم للعلاج الكيميائي، المستخدَم في أوروبا حاليًّا. ولا يتم العلاج الكيميائي في بعض الحالات، على الأخص في حالات السرطان مثلاً، أو الصرع، وما شابه ذلك، كأمراض العمود الفقري، أو الأمراض المستعصية، من دون العلاج في مجال الطاقة.

أ.م.: أشكرك شكرًا جزيلاً. ولو رجعت إلى مقدمة اللقاء لوجدت أننا قد ذكرنا أن هذا العلم قديم. وكذلك نشكرك على ما أضفته بخصوص العلاج بالرقى؛ وأعتقد أن الدكتورة متفقة معك على أن الرقية أيضًا هي شكل من أشكال العلاج بالطاقة. هل لديكِ تعليق على ما ذُكِر؟

م.ن.: أنا لم أقل بأن الريكي عبارة عن "طب بديل" – ومعه حق في ذلك؛ فمن يعاني من مرض مثل السرطان...

أ.م. [مقاطعًا]: هل تعتبرين أن ما تقومين به هو جزء متمِّم؟

م.ن.: بل موازٍ parallel. فعندما يمرض أحدهم، لا يمكن لنا أن ننصح له بإيقاف العلاج، بل نعمل على مساعدته لكي يرتاح نفسيًّا. فالريكي يجعله منفتحًا على العلاج، وعلى الحياة، ويقوِّي نظام المناعة لديه، ليتمكن من العودة إلى الداخل، والشفاء ذاتيًّا...

أ.م. [مقاطعًا]: لأن النفس تكمن في أساس هذا الأمر.

م.ن. [مستأنفة]: يمكن للريكي أن يكون مكملاً لأنواع العلاج الأخرى كافة.

أ.م.: من الملاحظ، دائمًا، أن الأطباء في الطبِّ التقليدي أصبحت لديهم حساسيةٌ مفرطة من الذين يمارسون الأنواع الأخرى من الطب أو من العلاجات التي يزداد إقبال الناس عليها. فلقد انعقد مؤتمر في كانون الثاني الماضي في سنغافورة – وسنغافورة من أكبر البلاد رفاهية. لقد بدأ سكانها يتجهون إلى مدارس الطبِّ البديل – ومنها العلاج بالطاقة. وفي الولايات المتحدة الأمريكية، أكثر من 50% من الأمريكان يتجهون، الآن، إلى العلاج بالطاقة. وفي ألمانيا أكثر من 40% من الألمان بدءوا يلجأون إلى العلاجات البديلة – ومنها العلاج بالطاقة. وهذا يقلق الأطباء التقليديين كثيرًا!

م.ن.: يقلقهم، ولكنهم غير محقين! فهم لا يعطون الوقت الكافي للعلاج النفسي، حيث إنهم في المستشفيات يتعاملون مع الإنسان كأعضاء. طيب، عالِجْ أنت جسمَه، ودعِ الآخرين يعالجون نفسه المريضة، لأن أمراض الجسم إنما تنشأ بسبب أمراض النفس. تنشأ الأمراض بسبب انقطاع الإنسان عن الطاقة الكونية. ولقد ثبتت صحة هذه المقولة بنسبة 100%.

أ.م.: عادل عطية من بلجيكا.

عادل عطية: في الحقيقة، لست طبيبًا أو اختصاصيًّا، ولكني أحب أن ألفت النظر إلى أن هناك مشاكل يعاني منها الناس، وتكون مرتبطة بأسباب موضوعية. ولقد ذكرت الدكتورة حالة شخص مريض بالكبد بسبب الخمول والكسل. وسؤالي هو: هل هناك أسباب خاصة، إلى جانب هذه الأسباب الموضوعية؟ أي: ما هي أهم العوامل التي تؤثر على الحالة النفسية للإنسان، كالبيئة المحيطة وغيرها؟

أ.م. [مقاطعًا]: لقد ذكرت الدكتورة خمسة أسباب، يا أخ عادل، وقالت بأنها تؤثر بشكل مباشر...

م.ن.: طريقة تفكير الإنسان في نفسه، نعم.

ع.ع.: ولكنني أريد معرفة ما إذا كانت البيئة المحيطة محتواة ضمن تلك الأسباب الخمس، مثل الطقس أو عوامل ثقافية، التي قد تفاقُم من تأثير تلك الأسباب. هذا هو السؤال.

م.ن.: وإن يكن... لقد كنت أقول إننا كثيرًا ما نتعرض لصدمة، أو لأمور مزعجة، قد تكون من الماضي، من الطفولة أو المراهقة. ولكن ما أن يعي الإنسان أن في مقدوره أن يحلَّ مشاكل طفولته أو مراهقته، اليوم، لأنه يشعر بمسئولية حيال نفسه، وأنه يجب أن يعيش صحيحًا، فإنه يشعر براحة أكبر. عندما يدرك بأن لا أحد تخلو حياته من المشاكل... نحن نقول بأن هناك طريقة... عندما يشعر الإنسان بمسئوليته حيال نفسه، حيال حياته، فإنه يبدأ بمعالجة آثار الماضي، لكي يعيش حياةً أفضل، ويصنع مستقبلاً أفضل من الماضي، الذي هو اليوم.

أ.م.: دكتور عبد العظيم فاروق من ألمانيا. تفضل، يا دكتور.

عبد العظيم فاروق: بإيجاز شديد، نحمد ربَّنا – سبحانه وتعالى – لأنه نظَّم شهواتنا، ونظَّم لنا –والحمد لله رب العالمين – أن نؤمن بقدرة الله – سبحانه وتعالى – بحيث ينشغل الدماغ بعبادته، ورفض لنا الشكَّ والكسل. وأشكر الدكتورة على هذا اللقاء، وأؤيِّدها في هذا اللقاء الجميل. ولكن، كما ذكر الدكتور صفوح، توجد علاقة بين هذا النمط من العلاج والعلاج الحديث. فلو قمنا بربط العلاج الحديث بالوضع الحالي، نجد أن هناك مئات من الجينات التي تتأثر بالسلوك. هناك أمراض كثيرة، وتتوقف على عوامل عدة، منها: العامل السلوكي أو العامل البيئي، كما ذكرت الدكتورة بالضبط. ولأجل علاج هذه الأمراض، كما ذكرت يا أستاذ أحمد، يربط الأطباء الآن، في أوروبا وفي أمريكا، هذا العلاج بالعلاج الذي ذكره الدكتور، وذلك للسبب التالي: توجد في جسم الكائن الحي – وخاصة الإنسان – مئات أو آلاف الجينات، ويعمل الجسم وفقًا لحاجات الإنسان. فأي ضغط نفسي ينشِّط هذه المورثة أو تلك أو يحبِطها. ولنأخذ مرض الكبد مثلاً – وهو من الأمراض المنتشرة في بلادنا – حيث ينصح لنا الطبيب بعدم شرب الخمر، والامتناع عن التدخين، أو عن أعمال أخرى، لأن فيروس الخلية الكبدية hepatic cell يدخل في تفاعل مع الجسم، ويتسبَّب في خلل في الإنزيمات، التي تساهم في تنشيط هذا الفيروس وتكاثره...

أ.م.: حسنًا يا دكتور، لكيلا أغرق... لقد أوردت مثالاً، واسمح لي أن أسمع تعليق السيدة مها نمور عليه. ما هو دور السلوكيات بشكل أساسي وتأثيرها أيضًا على الإصابة بالمرض؟

م.ن.: لقد قلت، منذ البداية، بأننا سنتحدث عن أمرين: الجسم ومكوِّناته، وعمل الفكر – كيف نرى حياتنا، وأنفسنا – لأن هذا ما يحدِّد حالتنا اليوم. أي أنني إذا لم يعجبني شيء ما في جسمي، فعليَّ تغييره؛ ويجب تغيير طريقة حياتي، وكيفية محاكمتي أسلوب حياتي وماضيَّ، وكلَّ تلك الأشياء التي يدعونها "الإدراك" perception، أي وجهة النظر: كيف سأرى الأشياء إذا ما غيرتُ طريقة تعاملي ومنظوري إليها. أي أنني، بدلاً من الحديث عن الكآبة والحزن، سأستفيد منها على أنها تجربة.

أ.م.: ماده سؤالي هي: كيف نتعامل مع الحزن، مع الأحزان؟

م.ن.: ينبغي قبول التجربة، في المقام الأول، على ما هي عليه: أن نرضى بوضعنا في أثناء خوض التجربة. نحن ممتلئون بالحزن، طيب؛ ولكن الحزن أو المعاناة ضروريان لتحول الإنسان من حالة إلى أخرى، شريطة ألا يكون الحزن هو الهدف، بحيث لا يصبح المرء عاشقًا للحزن، ومرتبطًا بالمعاناة، فلا يقدر على العيش من دونهما. لاحظ أن الناس يتسابقون لإثبات مَن لديه مشاكل أكثر من الآخرين! يحب الناس أن يعيشوا عبر العواطف والأحاسيس، في الانفعالات emotions. الأفلام التي تُعرَض كلُّها تجعل المرء متوترًا ومتشنجًا، لأنها توقظ لديه مشاعر وأحاسيس داخلية سلبية. وعلى الرغم من أنه يعلم بأن هذه الأفلام، أو الناس الذين يعاشرهم، يخلقون لديه هذه المشاعر السلبية، فلماذا يستمرئ ذلك؟ مادمتَ لا تريد أن يغالبك الحزن...

أ.م. [مقاطعًا]: أي لا بدَّ أن يبتعد الإنسان عن الأشياء التي تسبِّب له الأحزان أو الآلام.

م.ن.: فليراقب نفسه، ليرى تأثير هذه الأمور على جسمه من الداخل، على فكره، بل على نظام حياته. أنا إذا...

أ.م. [مقاطعًا]: في ظلِّ ضغوط الحياة هذه، هل يستطيع الإنسان أن يقيم لنفسه نظام حياة يكون فيه معزولاً عن هذه المؤثرات؟

م.ن.: كما قلنا من قبل، هناك حالة ثالثة بين العيش في الخارج والنوم، نحن الذين نخلقها، ألا وهو نظام التفكير، الانتباه إلى الذات، وكأن جسمك هو طفلك، وينبغي الاهتمام به كطفل. ينبغي أن تضع نفسك مكان القلب، لترى كيف يعمل، ولتحترم، بالتالي، وظيفته؛ لأنك إن احترمته، فسوف يحترمك، ولن يتألم أو يرسل لك إشارات سلبية بعد ذلك. إذا احترمت عمل خادمك، بأن تضع نفسك في محلِّه، وترى ما تأكل، أو تتنفس – كلَّ الأحاسيس التي تعيشها، ومدى تأثيرها – فستدرك بأنه يحميك، في حين أنك تؤذيه! عندئذٍ سيعيش بشكل أجمل. وأول ما يلزم هو التفرُّغ لذلك.

أ.م.: يتناول الناس الأطعمة التي تسبب لهم المرض – في القولون مثلاً – ويثابرون على ذلك.

م.ن.: بسبب الشهوة... وها نحن نعود إلى العائق الذي يمنع الإنسان من العيش بصفاء ومحبة وحرية. تقتضي الحكمة، وكذلك الوعي، أن يعي الإنسان ذاته، وأن يمنح لنفسه وقتًا كافيًا، خصوصًا فيما بين العمل والنوم. ولا يتطلب ذلك أكثر من نصف ساعة. وكذلك في أثناء عمل الإنسان، وقبل أن يبدأ بالقفز كالمجنون، ولا يلبث أن يصبح في الخارج، عليه أن ينبِّه أعضاء جسمه بأنه سيذهب ليعمل، وأن يُعْلِمها بذلك...

أ.م. [مقاطعًا]: كيف؟

م.ن. [مستأنفة]: أي أن ينشِّطها.

أ.م.: أي أن يدرك الإنسان بأنه يجب أن يتصادق مع داخله، في النوم واليقظة.

م.ن.: أن يستمع إلى ما بداخله، أن يفتح أذنه وعينه الداخليتين.

أ.م.: يستمع لبدنه نفسه...

م.ن.: بحيث يصبح قلبُه بصيرًا سميعًا، أن ينظر إلى نفسه وحياته بمحبة، أن ينظر إلى العالم الخارجي بمحبة؛ لأنه إذا امتلأ بالمحبة، فسوف تشعُّ هذه المحبة إلى الخارج.

أ.م.: هل هناك علاقة مباشرة للطاقة بتوازن الهرمونات في داخل البدن؟ ما هي طبيعة العلاقة بين الطاقة والهرمونات داخل الجسم؟

م.ن.: كما سبق أن قلنا، بخصوص التشاكرا...

أ.م. [مقاطعًا]: أنا عندي سؤال هنا – عفوك – في مشاركة على الإنترنت، يسأل سعيد القرني: هل هناك إثباتات علمية على وجود هذه التشاكرا داخل الجسم؟

م.ن.: إنها، كما قلت سابقًا، مراكز طاقة. فهي ليست أعضاء أو دورات، وإنما بوابات للطاقة. هناك 72 ألف نقطة، تمتد من قمة الرأس إلى أخمص القدمين. البوابات التي تدخل منها الطاقة إلى الجسم، يدعونها تشاكرا – مجرد تسمية أو تعريف، لأنها مجرَّد فتحات.

أ.م.: طيب، ما هي علاقة الطاقة بالهرمونات وتوازنها؟

م.ن.: كما قلت في البداية، عندما نُوازِن عمل التشاكرا، بحيث تأخذ الطاقة الكافية للقيام بعمل معين، فإننا نعيد تفعيل الهرمونات. فعندما تكون لدى أحدهم مشكلة كبيرة جدًّا في عمل الهرمونات، عليه أن يتعالج، وأن يعين نفسه من خلال فتح بوابات الطاقة – التشاكرا – لكي ينشِّط الغدد...

أ.م. [مقاطعًا]: الصحفية نورا فاخوري من بيروت. نورا، أعتذر على تأخيرك على التليفون، تفضلي.

نورا فاخوري: لا عليك. في الحقيقة، أحب أن أهنئكم على هذا البرنامج لسببين: الأول، هو أني تعرَّفت إلى الريكي عن طريق مها نمور. ومع مرور الوقت، أصبحت أعالج بالريكي. وكذلك، أحب أن أقول إن الريكي ليس سحرًا، وإنما نوافذ نور، تفتح الجسم والقلب والعقل. وكذلك، أودُّ الإشارة إلى أنني كنت أعاني من أمراضٍ عدة. وعندما تعارفنا مها وأنا، كنت أتعالج من الاكتئاب باستخدام دواء يدعى Prozac لمدة أربع سنوات. ولقد توقفت عن استخدام الدواء منذ الجلسة الأولى، لأني شعرت بتحسنٍ ملحوظ، وبنوع من الطمأنينة مع ذاتي. لقد تغيرت أمور كثيرة...

أ.م. [مقاطعًا]: تغير أسلوب حياتك؟

ن.ف.: تغيرتْ أشياء كثيرة في حياتي. كانت أول مرة أواجه فيها نفسي، لأني كنت أكره كلَّ ما كان موجودًا في حياتي. لقد جعلتْني الطمأنينة أواجه الماضي والحاضر، وأقبل نفسي على حالها، وأن أحبَّها، كما يحبني الآخرون. فبداية العلاج، إذًا، كانت... غيرت أشياء كثيرة في أسلوب حياتي؛ وأول شيء هو أني واجهت نفسي وأحببتها، لأنني كنت...

أ.م. [مقاطعًا]: حب النفس، هنا – عفوًا – حب النفس، أليس الأنانية؟

م.ن.: لا. المقصود هو حب الذات الداخلية، التي تحتوي روحنا.

أ.م.: أي حب الأشياء التي تمنح الحياة للإنسان. حب الذات ليس أنانية هنا.

م.ن.: حب الأنا الداخلية...

ن. ف.: أريد فقط أن أقول إن يدي مها مثل الليزر! فلقد شعرت بالطاقة التي غيَّرتْ حياتي، وكيف أني، بعد أن تعلَّمت، ساهمت في تغيير حياة آخرين.

أ.م.: أشكرك يا نورا. فهل هذا يعني أن بإمكان أيِّ شخص تعلُّم الريكي؟

م.ن.: مجرد أن يكون للإنسان قلب يجعله قادرًا على ممارسة الريكي. ولكن، قبل كلِّ شيء، ينبغي أن يكون...

أ.م. [مقاطعًا]: هل هو في حاجة إلى طاقة روحية معينة؟

م.ن.: عليه أن يقرِّر تحمل مسئولية جسمه، وحياته، وأن يتمتع بالإرادة، ويدرك أن كلَّ إنسان بمقدوره ذلك طبعًا.

أ.م.: فوزية السالم، من الكويت.

فوزية السالم: [...] طبعًا، علاج مها هو علاج روحاني، يجعلك تعيد تنظيم حياتك كلِّها، وتتصالح مع نفسك، بأن تحبَّ نفسك، بل حتى أن تواجه الضغوط برضا...

أ.م. [مقاطعًا]: هل جربتِ العلاج بالطاقة، يا أخت فوزية؟

ف.س.: أجل، طبعًا، على يد مها الرائعة. الحمد لله، فقد تمكَّنت من إعادة النشاط إلى حياتي عن طريق التنفس، وصرت أتعامل مع أمور كثيرة بهدوء أكبر وسلاسة أكثر. حتى التشنج، الذي كان يلازمني باستمرار، تعلَّمت التعامل معه...

أ.م. [مقاطعًا]: ما هي المسئولية التي شعرت بها حيال نفسك – عفوًا يا فوزية – بعد أن عولجت بالريكي، أو العلاج بالطاقة، وبدأت تمارسين هذا الأمر؟

ف.س.: كانت لديَّ ضغوط. ولقد تعلَّمت، عن طريق العلاج بالريكي، أن أكون دائمًا في حالة استرخاء ومحبة ورضا... هو كان عندي...

أ.م.: أي أنك تبنَّيتِ أسلوب حياة جديد.

ف.س.: طبعًا، طبعًا، أسلوب حياة جديد...

أ.م.: وليس مجرد أنك تحضرين جلسات، أو شيء من هذا القبيل، وإنما أن تتحملي مسئولية نفسك، وتعيشي وفقًا لهذه المسئولية.

ف.س.: الريكي، أصلاً، هو مبدأ... يعني: كيف تبتسم من الداخل!

م.ن.: صحيح!

ف.س.: أي يجعلك تبتسم من الداخل، أي كيف يبتسم قلبك من الداخل؛ أعضاؤك الداخلية كيف تبتسم. فحتى بعد انتهاء مدة التأمل meditation، تشعر أنك في حالة نشوة، في حالة ابتسام من الداخل، دون أن تعرف سبب هذا الابتسام والرضا!

أ.م.: أشكرك شكرًا جزيلاً يا فوزية. علي سلطان من السعودية.

علي سلطان: [...] عندي تساؤلان بسيطان وبسرعة: ما هو متوسط فترة الاسترخاء الواحدة؟ وبمعدل كم مرة يوميًّا؟ ثم، كم نحتاج من الزمن، تقريبًا، لننتقل من حالة التوتر إلى الحالة المثالية المطلوبة؟ ثم كيف لنا أن لا نفكر في ماضينا، حاضرنا، مستقبلنا؟ وكيف لنا أن نهتم بالمستقبل، دون أن نتفاعل بجدية، ودون أن ننقِّب في الماضي المتواضع، لنأخذ منه درسًا عمليًّا؟

م.ن.: أسئلتك هامة جدًّا. أهم شيء هو أن نقرِّر أن نبدأ، لأن خمسة دقائق كافية لكي ترى النور – نور روحك وحياتك الداخلية. وفي اليوم التالي، يمكن تمديد الفترة إلى عشر دقائق، لأننا، كما تفضلت، لا ننتقل من حالة إلى أخرى انتقالاً فوريًّا – وخصوصًا أولئك الأشخاص الذين يعانون من ضغوط وتشنجات وأوجاع. هؤلاء يحتاجون إلى البدء من جديد، مثل الأطفال؛ وينبغي أن يتعلَّموا، بحسب استعدادهم وقبولهم للتغييرات، لأن الفكر يرفض أيَّ تغيير، لكي يبقى في الماضي، لأنه معتاد على النظام القديم. فينشأ الصراع بين حاجات الإنسان الأساسية وبين الفكر، الذي يشبه آلة حاسبة. وليرأف واحدُنا بنفسه، فلا يحمِّلها فوق طاقتها! أنا أمارس التأمل لمدة ثلاث ساعات في الصباح والمساء. وعندما تنقضي المدة، أشعر بالطاقة في صدري، أولاً؛ ثم تنتقل إلى قلبي، ثم إلى بطني، وبعدئذٍ تذهب أعمق. نحن نحمل عالمًا كبيرًا في أنفسنا؛ ولا يمكن لك الذهاب إلى مدينة غريبة ما، وتتعرف إليها فورًا!

أ.م.: يعني المسارات الداخلية في الإنسان.

م.ن.: على المرء أن يتحسسها.

أ.م.: يسلك هذه المسارات؟

م.ن.: جيد أننا نستطيع ترجمة ما نريد قوله، لأنه من الصعب أن تشرح للأعمى معنى الضوء. ولكن بإمكانك أن تريه للمبصر، فيقول بعد ذلك: آه، هذا ضوء! ولكنه يجب أن يسير بالتدريج، عبر مراحل. ففي اليوم الأول، سوف يبدأ بفتح عينه الداخلية. فالطاقة تسير في الظلمة بهدوء، وعليه أن يغمض عينيه، وينظر إلى الداخل، لكي يحسَّ بالطاقة الداخلية.

أ.م.: كيف يستطيع الإنسان أن ينفلت من ماضيه، وألا يفكر في مستقبله – أن يعيش اللحظة فقط؟

م.ن.: بمجرد أن يمارس التأمل لمدة 20-25 دقيقة يوميًّا، يصير الماضي فكرة قديمة!

أ.م.: هو، إذًا، لا يهرب منه، ولا يلغيه، ولكنه يتعامل معه بأسلوب آخر.

م.ن.: هو ينظر إليه فحسب، مثل لوحة معلقة على الجدار؛ ولكنه لم يعد جرحًا يؤلمك كلَّ يوم، ليس مسمارًا في قلبك، بحيث يخزك كلما تحدث أحدهم عما يسبب الحزن. وسيكون أهم عمل نقوم به، هو تخفيف وطأة المشاعر السلبية على القلب، لأنه يعطي الحياة، ويحمي الروح. هذا هو كلُّ ما نقوم به. وهناك قضية بالغة الأهمية، ذكَّرني بها السيد الذي اتَّصل: لا تكفي جلسة واحدة أو جلستان أو ثلاثة من الريكي؛ فالريكي ليس سحرًا، ويحتاج الأمر إلى مثابرة...

أ.م.: يعني هو أسلوب جديد للحياة. فيما بعد، سنعرف كيف يبدأ الإنسان حياةً جديدة عبر العلاج بالطاقة، حيث نقدِّم لكم خلاصة الدليل الشامل لحياة جديدة في كلِّ شيء، ابتداءً من الاستيقاظ وحتى النوم، لنتيح المجال لكلِّ مَن يريد أن يبدأ أسلوب حياة صحِّي جديد لأن يعرف: من أين يبدأ؟ كيف يأكل؟ كيف يفكر؟ كيف ينظف جسمه ونفسه من السموم؟ وكيف ينام في أمانٍ وسلام؟


سيدة مها، مرحبًا بك! حتى يتَّسع لنا الوقت، سنخصِّص هذه الحلقة للجانب العملي لما طرحناه في الحلقة الماضية، مع استكمال بعض الجوانب التي تساءل الناسُ حولها. وأود أن نبدأ بالأشكال التوضيحية، التي نأمل من خلالها أن يستوعب الناس ما سوف يأتيهم بعد ذلك من معلومات.

لدينا، في البداية، الشكل الذي يبيِّن مسارات الطاقة في جسم الإنسان، وهو الشكل 4. أرجو، باختصار، أن توضِّحيها للمشاهدين.



مها نمور: الطب الغربي، مثلما قلنا في الحلقة الماضية، يقسم الإنسان إلى أعضاء؛ أما الطب الشرقي فيقسم الإنسان إلى مسارات (شكل 4-أ). هذه المسارات هي عناصر حياة الإنسان، وتشكِّل جسرًا بين الداخل والخارج، لأن الهدف الأساسي هو أن يعود الإنسان إلى التواصل مع الكون ليحصل على ما يكفيه من الطاقة. يوجد 12 مسارًا (شكل 4-ب)؛ وهذه المسارات تقسم الجسم؛ وكلُّ مسار يتكفَّل بعضو معين. فإذا اشتكى الإنسان من عضو معين، فهذا لا يعني أن هناك خللاً في العضو المعني فحسب، بل خلل في المسار كلِّه. فالخلل لم يصل إلى العضو إلا لأن المسار معطَّل. فإصابة العضو نتيجة، وليست سببًا للمرض. لذا يتم العمل على المسار، الذي يحتوي على نقاط طاقة، ما أن نفتحها، حتى يبدأ تغذية العضو وإحيائه.

أ.م.: هذا يعني أن للقلب، مثلاً، مساراتٍ في جسم الإنسان: ليس مجرَّد مكانه العضوي أو الأوردة والشرايين التي ترتبط به، وإنما له مسارات من الممكن أن توجد في أجزاء أخرى من الجسم.

م.ن.: جسم الإنسان متصل كلُّه بعضه ببعض، لأنه يمثل الكون. فللقلب مسار يمتد من القلب إلى المسارات الأخرى في الجسم. فهناك مسار يمتد من القلب إلى اليدين مثلاً: فعندما يتألم القلب، أو يحزن، قد نشعر بالألم في يدنا. وهنا لا تكون اليد هي التي تتألم، بل مسار القلب الممتد إلى تلك اليد. وأحيانًا يقوم الطبُّ التقليدي بمعالجة اليد وكأنها منفصلة عن باقي الجسم – ليست منفصلة فحسب، بل وكأنها قطعة خشب أو حديد! لا يمكن معالجة اليد وحدها، بل لا بدَّ من تتبُّع مسارات الوجع. ففي اليد ثلاثة مسارات مهمة، وقد تكون ستة.

أ.م.: لدينا شكل لليد. لكن، لنأخذ الرأس، أولاً – الشكل 5 – حيث تظهر، أيضًا، بعض أجزاء الجسم الأخرى.

م.ن.: لقد تكلَّمنا على المسارات، ولكن هناك أمرًا آخر ينبغي معرفته هو "علم المنعكسات" Reflexology، لأن الناس يعرفون الـReflexology في كعب القدم فحسب؛ لكنه يشمل أعضاء الجسم كلِّها. ونحن نعالج العضو عن طريق نقاط متصلة به في كعب القدم.

أ.م.: طيب، ليتنا ننتقل إلى الشكل 6 – وفيه أيضًا موقع اليد – وكنت تودين أن تتحدثي عن اليد.

م.ن.: اليد شديدة الأهمية، لأن اليد تعبِّر عن علاقتنا بالحياة. اليد اليمنى تعني الرَّجُل الموجود فينا Animus، عادةً، أما اليسرى فتشير إلى المرأة الموجودة فينا Anima. وكلا اليدان تحقق العلاقة مع الخارج، لأن اليد هي التي تقيم علاقتنا مع الحياة. وهنا كلاهما – الرجل والمرأة – يبني العلاقة بين الجسم والخارج. وفي اليد، كذلك، كما في القدم، كلُّ نقطة تشير إلى عضو معيَّن: فإذا ما شعر الإنسان بألم في عضو معيَّن، عليه أن يدلِّك النقطة الخاصة به، ويركِّز عليه، وكأنه يبعث بذبذبات إليه. فمجرَّد التركيز على العضو يدلُّ على الاهتمام؛ ولهذا ينبغي تركيز الاهتمام على النقطة المعنية بالعضو بالمتألم...

أ.م. [مقاطعًا]: يعني أن الأصابع تشير إلى الأذن، العين، إلخ. وهناك مواضع في اليد تشير إلى المعدة والأمعاء. فهل يعني هذا أن الإنسان، إذا قام بتدليك هذا الموضع، فكأنه يدلِّك المعدة مثلاً؟

م.ن.: سوف نتكلَّم بعد قليل كيف أن على الإنسان، عندما يستيقظ من نومه، أن يوقظ جسمه كاملاً من خلال إجراء حركات معينة لتدليكه. الإنسان، كما سبق أن قلت، يبدو وكأنه يخاف جسمه. فهو يعرف كلَّ شيء عن الكومبيوتر، عن سيارته، ويبدع في كلِّ مجال، لكنه لا يعرف هذه الآلة التي يتنقَّل بها معرفة جيدة، لا يعرف ما الذي يوجد في الداخل – مما يجعله يشعر بالغربة: فهو لا يعرف كينونته وماهيته. يمكن له، على الأقل، أن يبدأ بتحسس يده، والتساؤل حول ماهية هذه اليد...

أ.م. [مقاطعًا]: يعني: "وفي أنفسكم أفلا تبصرون"... فعلى الإنسان أن يدرك نعمة الخَلْق، أو إبداع الخالق في الأشياء – في بدنه نفسه.

م.ن.: صحيح! نحن نقوم بإحدى الحركات باستمرار: المصافحة، التي هي إشارة حب. ولكن الإنسان يقوم بها بشكل آلي. ففي منتصف الكفِّ تقع نقطة تشير إلى القلب.



يد الريكي

أ.م.: اسمحي لي أن أسمع منك قضية السلام نفسها: مؤثراته النفسية، وَقْعَه على النفس...

م.ن.: كلمة "سلام" تتضمن الـ"سلام"؛ والمصافحة تعني السلام؛ لكننا نقوم بها بطريقة أوتوماتيكية. نحن لم نخترع المصافحة. مَن اخترعها يدرك معناها؛ أما مَن يقلِّد، فلا يدرك سوى حركتها الخارجية. لكن ما أن يصافح إنسانٌ شخصًا آخرًا فإنه إنما يعقد معه اتفاق سلام...


أ.م.: الآن، بخصوص اليد، هل يمكن للإنسان، إذا شعر بالتوتر، أن يقوم بحركات معينة لإزالة التوتر؟

م.ن.: طبعًا.

أ.م.: بيده... ليهدئ نفسه؟ فنحن نلاحظ أن المتوتِّر يضغط قبضتيه. اليد تدل على العصبية، كما تدلُّ على الاطمئنان.

م.ن.: التوتر، أساسًا، نحن الذين نصنعه، ولا يأتي من الخارج؛ والمرء على استعداد دائم للتوتر. ولكن عندما يرغب في تهدئة نفسه، فعليه تدليك يديه، وخصوصًا في منتصف الكف، حيث نقطة القلب. وهاهنا نقطة الأمعاء [شكل 6]؛ فإذا شعر بالضغط يمكن له أن يدلك نقطة البطن...

أ.م. [مقاطعًا]: هل هذا ما يجعل الشخص العصبي يشعر بالألم في منطقة القولون والأمعاء؟

م.ن.: صحيح. وسوف نتكلَّم على هذا الموضوع كذلك. وهكذا، يمكن للمرء أن يدلك يديه دائما، لأنه من السهل الوصول إليهما.

أ.م.: هل هناك أسلوب معين للتدليك؟ – لتدليك اليد، أو مواقع معينة في اليد، ليهدئ الإنسان نفسه من التوتر؟ لدينا شكل تفصيلي، الشكل 6.

م.ن.: هذا الشكل بالغ الأهمية. فالإبهام متصل بالمعدة مباشرةً، ويدلُّ على القلق. فإذا شعر الإنسان بالقلق، يمكن له أن يدلِّك هذه الإصبع. ثم الإصبع الثانية: السبَّابة، وتدلُّ على الرئتين، حيث يمكن تدليك السلاميات الصغيرة هذه؛ وهي متصلة، كذلك، بالرئتين والأمعاء الغليظة. ويقابلها الإحساس بالحزن والاكتئاب. فإذا شعر الإنسان بالكآبة أو بالحزن، عليه تدليكها في اليدين طبعًا. أما الإصبع الوسطى، فتدلُّ على القلب. وكما قلت، فإن هذه هي نقطة القلب، وبالتالي: فهذه الإصبع هي مسار القلب، لأنها تتصل، مباشرةً، بالقلب والأمعاء الدقيقة والجهاز الدموي...

أ.م. [مقاطعًا]: الأمعاء الدقيقة؟!

م.ن.: أجل. ثم ندلِّك الإصبع كلَّها. أما الرابعة: البنصر، فتتصل مع المرارة والجهاز العصبي. وتدلُّ على الغضب والكبد؛ ومَن يغضب باستمرار، لا بدَّ أن الكبد لديه ليست على ما يرام...

أ.م. [مقاطعًا]: فهل الكبد هي التي تسبِّب الغضب؛ أم أن الغضب يصيب الكبد بالمرض؟

م.ن.: عادة ما تكون الأسباب نفسية – كأن يبدأ الإنسان بالتصرف تصرفًا خاطئًا. ولكن، أحيانًا، عندما يُصاب القلب، قد يثير الغضب، فتكون الكبد سببًا ونتيجة، في الآن نفسه، فيشكِّل كلٌّ من العضو والمرض والمشاعر حلقة معيبة واحدة. أما الإصبع الخامسة، فتتصل بالكليتين، وتشير إلى الخوف؛ فإذا ما شعر الإنسان بالخوف، يدلِّكها ليزيل خوفه ويشعر بالراحة.

أ.م.: طيب، لقد استعرضنا الوجه، قبل اليد. فهل هناك مواضع في الوجه، فيما لو دلَّكها الإنسان...

م.ن.: الأمر نفسه، سواء في باطن القدم أو اليد أو الوجه. فالناس يدلكون كعب القدم – وهو أمر شائع – ولكنهم لا يعرفون أن الجسم كلٌّ متكامل...

أ.م. [مقاطعًا]: فهل تكون النتائج متماثلة في الحالات كلِّها؟

م.ن.: أجل، فأنا أعمل على الوجه، كما أعمل على الأعضاء أو الظهر. وسوف نرى أن كلَّ نقطة من نقاط العمود الفقري تتصل بعضو معين.

أ.م.: نعم، يمكن لنا أن نشاهد الشكل 7 الذي يمثل العمود الفقري، والنقاط المتوزعة فيه، والتي تتصل، كذلك، بالجسم ككل؟


م.ن.: ثلاثة أرباع البشر يعانون من آلام الظهر. سوف أخبرك بأمر اكتشفته بنفسي، بعد طول خبرة، خلال سنوات عملي الطويلة في هذا المجال: النقطة التي تقع أدنى من الرقبة قليلاً تدل على الرئتين. وهكذا فكل نقطة في الظهر تقع على التوازي مع عضو معين، وتتصل به. ولذلك فمن السهل التعرُّف على نقاط العمود الفقري.

أ.م.: بطبيعة الحال، هناك الرئتان والمعدة والكبد والكليتان والطحال...

م.ن.: هناك نقاط توازيها تمامًا في العمود الفقري.

أ.م.: أي أن المرض قد يكون في القلب، مثلاً، في حين نحن نشعر بالألم في الظهر، وهكذا دواليك؟

م.ن.: صحيح، ولكنهم يعمدون إلى معالجة الفقرة ذاتها؛ بينما ينبغي أن يكون العلاج متكاملاً.

أ.م. [مقاطعًا]: فالجسم... إذا اشتكى...

م.ن. [مقاطعة]: شبكة...

أ.م. [مستأنفًا]: ... منه عضو، فهو يرتبط مع بقية الأعضاء في الجسم. ويقوم العلاج بالطاقة على معالجة كامل الجسم، وإنْ كان الألم في مكان محدد. فلا بدَّ من معرفة الأجزاء الأخرى من الجسم المرتبطة بهذا العضو، بحيث يتم علاج الأعضاء كلِّها.

م.ن.: إذا كان المرء لا يعرف تلك النقاط كلَّها – وقد لا يعرف – فعليه أن يعالج جسمه معالجة كاملة. وأول العلاج يبدأ من النفس لأنها السبب الرئيسي للأمراض كلِّها؛ وبهذا يضمن أنه قد وصل إلى مصدر المشكلة.

م.ن.: نحن نستعمل اللسان في الأكل والكلام، ولأشياء كثيرة أخرى؛ ولكننا لا ننتبه إليه كذلك. توجد في اللسان نقاط مهمة جدًّا، وتتصل بأعضاء معينة، هي: المعدة والطحال والكلية والمثانة والكبد والمرارة والقلب والرئتين. كذلك يقوم اللسان بتدليك اللثة، مما ينشِّط الدورة الدموية. وأغلب الناس يعانون من أمراض الأسنان...

أ.م. [مقاطعًا]: كيف يقوم اللسان بالتدليك؟ هل يحرِّك الإنسان فمه؟ – يفتحه ويغلقه...

م.ن.: لا، بل يحرِّك لسانه في داخل فمه. وأفضل ما يمكن عمله هو أن يلصق لسانه بسقف فمه لتتمكن الطاقة من المرور من الظهر إلى الأمام. فهذا أحد تمارين التأمل؛ وهو بذلك يدلِّك المعدة أيضًا.

أ.م.: لقد تناولنا علاقة أجزاء البدن ببعض الأجهزة في جسم الإنسان، مثل الوجه واليد. فلنتحدث الآن عن الأذن. هناك الشكل 9.

م.ن.: كما قلنا فيما سبق، كلُّ أعضاء الجسم تتمثل في كلِّ عضو على حدة من خلال نقاط محددة. وكما هو واضح في الصورة، نعثر على ما يمثِّل الرِّجْل في منتصف الأذن، ثم القدمين، فاليدين. الـacupuncture، أو الوخز بالإبر الصينية، يعتمد على ذلك كثيرًا؛ والاختصاصيون يعالجون عن طريق الأذن لأنها تمثِّل مختصرًا للجنين.

أ.م.: تشبه الجنين، نعم.

م.ن.: للأذن شكل الجنين، وفيها نقاط تشير إلى سائر أعضاء الجسم. ولذلك يتم علاج الجسم من خلال الوخز بالإبر في الأذن. أنا استخدم الضغط بالإصبع acupressure بدلاً من العلاج الصيني العادي بالإبر acupuncture.

أ.م.: أي أن هناك تطابقًا بين الوخز بالإبر وبين ما تقومون به.

م.ن.: العملية متماثلة – النقاط هي نفسها – لأننا نعتمد على مسارات الطاقة في الجسم، أو على النقاط التي، عندما نفتحها، تبدأ باستمداد الطاقة من الوسط المحيط، وتوصلها إلى العضو المصاب داخل الجسم.

أ.م.: نعم. هناك الشكل 10. أنت تقولين بوجود أربعة غدد أساسية في الرأس تسمى "قصر الكريستال"؛ وهذه الغدد تُعَدُّ من المكوِّنات الأساسية التي على الإنسان الاهتمام بها.


م.ن.: هي التي تفرز الهرمونات، وتؤمِّن التوازن الصحي في جسم الإنسان: الغدة الصنوبرية pineal، السرير البصري thalamus، ما تحت السرير البصري hypothalamus، الغدة النخامية pituitary – وهذه هي...

أ.م. [مقاطعًا]: فما علاقة هذه الغدد تحديدًا بباقي أجزاء جسم الإنسان؟ ما هو عملها؟

م.ن.: تفرز هذه الغدد هرمونات تساعد على حفظ توازن الجسم. لكن ما يعنينا، في هذا الصدد، هو كيف أن العلاج بالطاقة يصل إلى أعضاء الجسم الداخلية كلِّها. وينبغي، خصوصًا، التركيز على الرأس، لاحتوائه على الحواس وعلى الغدد الأربع التي تتحكم في الجهاز العصبي والدماغ. ولذلك، فمن المهم أن تعمل هذه الغدد عملاً متوازنًا.

أ.م. [مقاطعًا]: ما هي الأشياء التي تؤدي إلى توازنها؟

م.ن.: الطاقة energy: فعندما تتغذى بطاقة كافية تعيش حياةً صحية، وتعمل عملاً منتظمًا...

أ.م. [مقاطعًا]: كيف يمنحها الإنسان الطاقة؟

م.ن.: عندما يتعرَّف الإنسان إلى جسمه، يعرف أن هذه الغدد تتوضَّع بين الأذنين، خلف الأنف. وعندما يدلِّك الإنسان أذنيه، وينظفهما، ينظف عينيه، "العين الثالثة"، قبة الرأس. هذه الغدد مهمة جدًّا، ومن التشاكرا السبعة، ثلاثة منها تغذي هذه الغدد.

أ.م.: الغدد... الدرقية...

م.ن.: والحنجرة، أجل، والغدة الدرقية. عندما تكون هذه الغدد مفتوحة على العالم، فهي تشكِّل جسرًا بين العالم الداخلي والكون.

أ.م.: يشتكي الناس، دائمًا، من آلام الرقبة. ولفقرات الرقبة دور رئيسي بالنسبة لتوازن باقي الجسم. لدينا شكل 11 يتعلق بالرقبة.


م.ن.: الرقبة مهمة جدًّا، لأنها الجسر بين الجسم والرأس. فالمخ والغدد الأربع التي ذكرناها موجودة في الرأس. ويعاني معظم الناس من أوجاع في الرقبة لأنهم، أولاً، يقعدون بطريقة خاطئة. وعندما تنزاح الفقرة الثالثة من مكانها، فإن هذا يعيق حركة السائل الدماغي الشوكي، فيشعر المرء بالاختناق. ولذلك تنشأ الآلام المزمنة في الرأس، لأن تغذية تلك المناطق بالطاقة والدم تصبح ضعيفة. وسوف نتحدث عن الشقيقة migraine فيما بعد؛ وهي ما يسبب الصداع النصفي.

أ.م.: لدينا الشكل 12 الذي يبيِّن الجلسة الصحية السليمة للإنسان أيضًا.


م.ن.: أجل، فكثير من الناس لا ينتبهون فيما إذا كان التلفاز موضوعًا إلى يمينهم أو شمالهم؛ وهكذا يجلسون بضع ساعات متواصلة جلسة غير صحية. أفضل طريقة هو أن يكون ما تنظر إليه في الجهة المواجهة لك، بحيث تنظر إليه في شكل مستقيم.

أ.م.: أي أن للجلوس المائل آثارًا سلبية كذلك على الرقبة.

م.ن.: الجلوس المائل هو السبب الرئيسي لآلام الظهر. فالمعالجة وحدها لا تكفي، بل يجب على المريض أن يساعد نفسه بتحسين عاداته، وأن يعيد ترتيب فقراته. فالجسم ليس قطعة جامدة، وينبغي إعادة ترتيب كلِّ شيء. بمجرَّد أن نعرف الشكل الحقيقي للعمود الفقري، وبأننا يجب أن نحترمه، سيعود إلى حالته الطبيعية شيئًا فشيئًا. وهذا لا يحدث في مرة واحدة، بل كلَّ يوم وكلَّ لحظة...

أ.م. [مقاطعًا]: أي أن على الإنسان أن يراقب نفسه مراقبة دائمة لكي يستعيد الوضع الصحي السليم لجسمه. ولدينا هاهنا رسوم توضح كيف يمكن أن يُكسِب الإنسانُ جسمَه المرونةَ بإجراء حركات لينة وطبيعية.



م.ن.: تمارين تمديد العضلات stretching مهمة جدًّا. فلقد صارت أجسامنا مضغوطة بعضها على بعض بسبب طريقة حياتنا وتفكيرنا؛ وهذه الحركات تساعد على تمدد العضلات.

أ.م.: نعم، ولكن كيف؟

م.ن.: بأن يجلس المرء بحيث يشعر أن رأسه يريد أن يصل إلى نقطة أعلى، وأن يشعر بأن هناك ما يشده إلى أسفل في الآن نفسه. هكذا نمدِّد العمود الفقري.

أ.م.: ليس مستقيمًا فحسب، بل مشدود كذلك...

م.ن.: عندما يتخيل الإنسان، بذهنه، أن هناك ما يشده إلى أعلى، سيلاحظ الفرق، لأنه إن شدَّ جسمه ميليمترًا واحدًا، سيشعر بأن أشياء كثيرة قد تحسَّنت. ويفضَّل أن يحني ذقنه قليلاً لكي تكون فقرات الرقبة في حالتها الطبيعية، ولكي تنتقل الطاقة من العجز إلى أعلى العمود الفقري...

شكل 14: تمارين تمديد العضلات القَطَنية

أ.م. [مقاطعًا]: من دون عوائق، لأن أية انثناءات قد تؤدي إلى وجود عوائق؛ ومن ثم تؤدي إلى المشكلات التي تحدث، من صداع نصفي، وآلام رقبة، وآلام ظهر، وغيرها. حركات تليين الجسم التي أظهرناها قبل قليل...

م.ن.: إنه لأمر بالغ الأهمية أن يمارسها الإنسان قبل النوم لكي يتخلص من ضغط النهار، الضغط الذي يحدث للقلب والرأس والمعدة بسبب ما يأكله الإنسان والعمل الذي يمارسه. جسمنا ليس شيئًا نستخدمه، ونفقد اهتمامنا به من بعدُ. ينبغي إعادة الحياة إلى الأعضاء الميتة، لأننا نقضي نهارنا جالسين أو واقفين أو ممدَّدين؛ لكن هناك حركات لا نمارسها، تساعد الظهر واليدين والفخذين.

.م.: مثل الركوع باسترخاء...

م.ن.: على المرء أن يسترخي استرخاءً كاملاً، وأن يشدَّ عضلات يديه وظهره والفخذين من الخلف. وهذا يساعد المسارات التي تنقل الطاقة من الرأس إلى كعب القدمين أيضًا؛ وكذلك اليدين اللتين تعملان طوال النهار، وعضلات البطن والصدر. هذه الحركات تليِّن الجسم وتفتح مسارات الطاقة. وسيكون من المفيد أن نرخي فقرات الرقبة، بحيث تترافق هذه الحركات مع التأمل meditation...

أ.م. [مقاطعًا]: هذه الحركات كلها يقوم المرء بها في استرخاء تام، من دون شد...

م.ن. [مستأنفة]: ... في وقت طويل وبتأمل؛ أي أن ينظر الإنسان إلى جسمه في أثناء تنفيذ الحركات، التي ينبغي أن يدوم كلٌّ منها مدة 3-4 دقائق.

أ.م.: يظل في الحركة 4 دقائق لا يتحرك...

م.ن.: على الأقل، لأن قيامي بهذه الحركات لا يعني أن كلَّ شيء سيكون على ما يرام مباشرة. فالأمر يحتاج إلى وقت. فطوال النهار يجلس الشخص مقوَّس الظهر؛ ولذلك يلزم وقتٌ لإعادته إلى وضعيته الطبيعية. يتعلق الأمر بحركة الجسم: فهناك بعض الأعمال التي تجبر الإنسان على الالتزام بحركات معينة، كطبيب الأسنان مثلاً؛ ولذلك يجب أن يمارس حركة معاكسة لما يقوم به من أجل إصلاح الجسم.

أ.م.: أي أن على الإنسان ممارسة الحركات مدة محددة من الوقت، بالترافق مع التأمل، في هدوء واسترخاء تام، وليس في شكل رياضي، إنما باسترخاء تامٍّ، حتى يردَّ العضو إلى وضعه الذي كان عليه.

م.ن.: وأن يشعر بالمسارات... عليه أن يشعر بالحرارة: فالحرارة هي الطاقة التي تنتقل عندما يقرر المرءُ ذلك؛ فهي ليس عملية حسابية، بل حسِّية. ولذلك يصعب الحديث عن هذه المواضيع، كونها عملية وليست نظرية.

أ.م.: من المهم أن يبدأ الإنسان بالتعرف إلى جسمه، إلى نفسه، وكيف يتعامل معها تعاملاً سويًّا...

م.ن. [مقاطعة]: معك حق... أن يختبرها...

أ.م. [مستأنفًا]: إذا كنَّا ندرس الكومبيوتر أو السيارة شهورًا لكي نتعلم كيفية التعامل معها، فما بالك حين نتكلَّم عن أنفسنا – كيف نتعامل مع أنفسنا تعاملاً سويًّا وسليمًا.

م.ن.: لو أننا منحنا أجسامنا قيمة كبيرة فلن نواجه مشكلات بهذا الحجم، لأن المشكلة، أساسًا، تنشأ عن قلة اهتمامنا بأجسامنا: نجلس بطريقة خاطئة، ننتبه إلى كلِّ شيء، ولا ننتبه إلى طريقتنا في الجلوس. هذا يعبِّر عن قلَّة احترامنا لأجسامنا، لذواتنا. يجب أن تعرف جسمك لكي تحبَّه وتعامله باحترام؛ وإذا كنت تريد أن تحبَّه وتحترمه فينبغي أن تتعرف إليه في شكل أفضل. القضيتان مترابطتان: فإذا ما مارس أحدُنا حركات تمديد الجسم بتأمل ومحبة، فسيشعر بالحرارة التي تحدثنا عنها للتو.

أ.م.: لقد جربت هذه الأشياء على مدى 3 أشهر؛ والحقيقة أنني ألمس نتائج جيدة جدًّا حينما أقوم بها. ومَن يريد أن يجرِّبها، عليه أن يبدأ من اليوم – وخاصةً أولئك الذين يعملون ساعات طوال مثلنا – وسوف يجدون أن لها آثارًا جيدة. هناك أيضًا أشكال أخرى، يا دكتورة، أرجو أن توضِّحيها للناس حتى يستكملوا تصورهم لهذه الأمور. حركات ليس فيها رياضة، ليس فيها عنف، لا تحتاج إلى أيِّ جهد؛ فقط تحتاج إلى أن يتعامل الإنسان مع بدنه وجسمه تعاملاً جيدًا.

م.ن.: بدايةً، ينبغي على المرء أن يخصص وقتًا لذلك، بحيث لا يفكر في أشياء أخرى في أثناء ممارسة التمارين. فكل حركة من الحركات تحتاج إلى حوالى 5 دقائق؛ أي أن العملية كلها تحتاج إلى نصف ساعة صباحًا وحوالى الساعة مساءً للتخلص من كلِّ التشنجات المسبِّبة للأمراض.

أ.م.: معظم الناس يقولون بعدم توفر الوقت لهذه الأشياء.

م.ن.: هذه هي المشكلة الأساسية! لقد أمسى الناس مثل الآلات؛ ولذلك لا يتوفر لهم الوقت. إنهم يقضون جلَّ وقتهم في العمل، ومعظم تلك الأعمال تفتقر إلى الإحساس والحب. لقد صارت حياتُنا مجرد حسابات!

أ.م.: اسمحي لي: أنا أول ما بدأت أُعِدُّ للقاء قبل ثلاثة أشهر، وقلتِ لي: "ساعة كلَّ يوم"، قلت: "طبعًا مستحيل، ليس لديَّ أي وقت"، كما يقول كل الناس. فقلتِ لي: "كم ساعة تعمل؟" قلت لك: "من 12-15 ساعة"، فقلت لي: "وتستكثر ساعة على بدنك! ساعة تعطيها لنفسك؟!" فكل إنسان يسمع، سيقول نفس الكلام: "لا يوجد وقت كافٍ للقيام بهذه الأشياء." لكنه فعلاً لا يستكثر الإنسان أن "يأخذ من شبابه لهرمه"، كما جاء في الحديث. هناك شكل آخر، أيضًا، أرجو أن توضيحه للناس بخصوص حركات تليين الجسم (شكل 16).



شكل 16: تمرين لشدِّ عضلات الرقبة والوجه

م.ن.: هذا الشكل يمثل حركة شدَّ عضلات الرقبة الأمامية والوجه. فعضلات الوجه مهمة جدًّا، لأنها تحمي الحواس، والحاسة السادسة – الذهن mental – الموجودة، أيضًا، في الرأس. هذه الحركات مهمة جدًّا، مع ما يترافق معها من تمديد للرقبة والصدر والبطن والفخذين...

أ.م.: لا يزال لدينا بعض الصور والأشكال، ولا أريد أن يدهمنا الوقت، لأن لدينا 4 أو 5 محاور أساسية. فهل ترغبين في المرور سريعًا على الشكل 17، الذي يبيِّن أن القلب هو مركز التأمل في الإنسان – وهو يعني الثقل الأساسي، أي الصدر وما يعتمل فيه، وما يدور؛ فالصدر هو مركز القلب.




م.ن.: القلب هو العضو المهم في علاج الريكي. فالناس كلُّهم يتوجَّهون إلى الذهن والذكاء والفهم، ولا أعرف ماذا بعد! وبسبب ازدياد عمل الذهن، يشعر الناس بالتعب الشديد. توجد ثلاثة مراكز في الجسم تتعرض للثقل والضغط. وما أفعله هو تفريغ هذه المراكز لإزالة الضغط منها – بينما يعمد الناس إلى مفاقمة الضغط – وهي الرأس والقلب والبطن، التي تحولت إلى خزانات، لو تمَّ تفريغها لعملت بشكل أفضل. الذهن متخم بأشياء كثيرة لسنا في حاجة إليها؛ وفي القلب ملايين المشكلات – وسوف نتكلَّم على كيفية تخليص القلب من الآلام والجروح. أهم شيء هو معرفة موضع القلب
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 29-مارس-2024 الساعة: 01:57 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/2014x/30736.htm