الأربعاء, 07-يونيو-2006
عزيز أزغاي -
رصاص الموناليزا

صنعاء علي مسافة
وأنت عائد من صنعاء،
من سماء خبِرت آدميتك الهشة
بقذائف من السيكلونات،
لم يسقط قلبك في الجوارب.
حتي الشوارع والبيوت والألبومات
ظلت - علي حالها - تحت المسام..

أنت نفسُك،
بلا ريش أو نظاراتٍ،
كنت محمولا في نميمة الأصدقاء
لم تنس انخطافك
وأنت تهدهد الزوابع
في زوال القاتيين،
ثم بقيت - رغم فائض العقل -
مؤمنا بحماقات اللطف.

حدث ذلك في الليل،
في السمو ذاته
الذي سرب الغاز
إلي حجرة النوم.

بائع القمصان

تذكر..
في الفاتح من ماي،
تنزل العاملات إلي القصص.
لكل حاجتها عند بائع القمصان،
المناضل الذي يوزع الحلوي
علي التي تنتحب أعلي.

لذلك، اليابانيات لا يأكلن الحلوي،
بسبب أسنان لم تكن لهن
في الماضي،
ولا يذهبن إلي أراجيح السفسطة،
يفضلن - عوض ذلك -
تقليم العطل من ذكورة الواجب،
لينُبْنَ عن الحالمات بدعاء العذراء.

تذكر..
يحدث ذلك في ماي،
حين تحتفل بتخثر الدم
في شرايين العائلة.

رائحة الطعنة

في ماي بعيد.
ذاك الذي كان يشبه زقاقا
بجراحة في العمق،
تجلس إلي الشبح،
وهو يغني لك جاذبية المشقة
في الأقفاص.
رجل مائل وكثيف،
لمجرد أن يفتح فمه المشمول بالذهب،
ينتابك شريط من الأقدام.

في ذاك الماي،
صدقت الحاجة إلي دفن الشك
ثم نمت مع طفولة
الطعنة الثامنة؟!

أبيض.. أسود:

الراية التي وضعناها بلطف
فوق جثمان القتيل،
كانت مثقوبة في الأصل.
مجردَ توضيب فوتوغرافي
لصورة بالأبيض والأسود،
كانت أكثر حرارة
ساعة اختبار اللقطة.

كل الذين جاؤوا للضحك
كانوا مسطولين بجاذبية الكذب.
ملأ الأطفال الجدران بالضجيج
وكنت الوحيد بلا أملاح.

بعد كل هذا الأنس،
نسيت أن تصدق الرصاص
في الصور الملونة.

دم علي الأكمام

اليد المؤمنة،
التي كانت تفرز عظامك
من التهور
ومن حدة الأعصاب،
كانت مثل ملمس هش،
وهي تعيد الألق
إلي أول السطر.

هي نفسها،
كانت تعرف كيف تكلم الدمامل
في الظهر
بعناية الممرضات.
وبحركة سريعة وناعمة،
كانت تعلم التعب
معني الندم.

اليد التي كانت تفهم القصص باللمس،
ما الذي جاء بها الآن
بدم كثير علي الأكمام!؟
يد الموناليزا التي كسرت كل الصحون
في مطبخ ماي.

صفعة:
بصفعة واحدة
مثل التي كانت واضحة في " الصفاء "،
يمكنك أن تري الغثيان
بأمعاء فارغة.
بالصفعة ذاتها،
يمكنك تثبيت أقدام الراقصة
- علي نحو سليم -
فوق حبال الرجز.

ابسط خدك للخيال،
إنها بداية السهرة.

مقابر السنة:
أتعبك ماي،
حين فكرت في مقابر السنة..
مجرد تمرين
علي استسهال العطب..

أنت الآن في أول الضحك،
يؤلمك الخزف في رأس الكاسات،
يؤلمك العري الطارئ
علي خجل الميموزا.

أنت الولد الذي بهدوء في الأنفاق،
فاتك أن تكون الزوبعة..

هات النساء

صديقك الذي لعبت بقبعته الكؤوس،
يقول،
حين تصبح " شادية " علي الشاشة:
" هات النساء ".
مجرد جملة سكرانة
علي إيقاع الحلال.
أنت تفهم السهرة
في ضياع الأناقة،
وفي التذكر الذي يوسع الألم..

ذكريه يا " شادية " بالنبيذ
نحن في ماي!
صاحبة السمو:
قدمك تستريح في اللغة،
أنت الآن في بادية الأصدقاء.
لكل ليلاه في انكسار اللسان.
ولك حيلك
في تلطيف العجمة.

تذكري ذلك جيدا،
يا صاحبة السمو.

يد الجمعة

جرب الحظ مع ماي،
أيها البروليتاري في كنتونة الشفقة،
ثم لا تنس الأقراص،
لا تنس صفاء الجمعة المباغِثة.
لا أنصحك بـ تويوتا
إذا كنت تحب السيارات المستعملة،
لا أنصحك ب " تويوتا "،
اعدل عنها بأقدام
غير معطوبة في الأهداف..
ولا تكن معنيا بالماركات المسجلة..
تذكر أنك في قرن يلبس جوارب نايلون
وله سُرَرٌ تغمز للمكبوتين..
وإذا كنت تسأل عن الأسباب،
أنصحك بتذكر العجلات..
ففي أقل من ثلاث ساعات
تستطيع أن تري الموت
في انزلاق طازج ومباشر،
وأن تفقد أعز ما يطلب
في التفاتة ماكرة..
إنس تويوتا إذن،
وانتبه لأقدامك المستعملة.

إكرام الميت

البيت الذي كان يسكننا
في ديوان " لا أحد في النافذة "،
بيت " كريستينا "،
لم يكن مجرد جدران بأبواب،
ولا رائحة طبخ
وواجبات..
لم يكن خشبا
نتلمسه بأصابع معقوفة
كلما تملكنا السحر..
أو دليلنا علي انصهار العظام.
بيت " نيجيريا " العتيق،
لم يكن غير بدلنا التي نلبسها
لإخافة الإفلاس،
الأثر الذي يرمم المذاق
في لسان مشقوق،
واللغة التي لا تنكسر
حين نتباهي في الأعراس.
بيت بلا ذكاء،
مجرد تخمين يطرد سوء الفهم.
البيت الذي نتذكره الآن
في " رصاص الموناليزا "،
سنضع بين شقوقه كرات من الكافور،
ثم ندفنه - بعد قليل -
في ألبوم الخردوات،
إكراما لبرج الميزان !

جثث

أنظر إلي الخلف ،
وحدها الأسفار والعطل و القهقهات
تتقدم الأرباح
مثل جيش بلا أمجاد.
لكل لقطة تفاصيلها في أمواس الحلاقة،
مثلما لكل حديث نصيبه
في اجترار الرغوة.
مثل دفتر تمارين،
أعيد السعادة نفسَها بماكياج أخف،
حين يصبح للأخطاء القدرة
علي امتلاك الحق.

الجلوس إلي التأمل
كان افتراضا واضحا
لاكتشاف الحرائق في الليل،
كان تمرينا لحيوان الكنغر،
ليقفز من بيت في الجيب
إلي آخر في طفولة الصعلكة.
كل خطوة كانت محسوبة
باكتمال الحواس،
حين كان الأعمي ـ من فرط الطيران ـ ينظر إلي المصائد
ولا يتعثر بالجثث.

*شاعر وفنان تشكيلي من المغرب
القدس العربي
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 25-أبريل-2024 الساعة: 01:11 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/2014x/31403.htm