الأحد, 30-نوفمبر-2008
المؤتمر نت - عبدالعزيز الهياجم عبدالعزيز الهياجم -
الفوضى مرفوضة
نفخر بأننا أول بلد في المنطقة ظهر فيه برلمان للأطفال في إجراء يهدف إلى ترسيخ السلوك الديمقراطي الحضاري في عقول النشء كخيار لا بديل عنه لبناء يمن الغد المشرق القائم على النظام المؤسسي والذي لا مكان فيه للاحتكام سوى للدستور والقانون ورأي الشعب وقناعاته، وإذا بنا نفاجأ نهاية الأسبوع الماضي بأن أولئك الذين فقدوا أعصابهم يدفعون بأطفال مدارس لا ناقة لهم ولاجمل في مكايدات المصالح الحزبية والشخصية إلى واجهة أعمال فوضوية وتخريبية كشفت عن وجه قبيح لأقنعة كنا نحسبها أكبر من أن تنحدر إلى أعمال تمس بالأمن العام وبالنظام وبالمصالح العامة والخاصة.
قلناها مراراً وعايشنا أحداث مماثلة اكتوت بنارها بلدان شقيقة وصديقة كانت شعوبها تصرخ بأعلى صوتها وتقول للأحزاب المتورطة في هكذا أعمال، حذار من اللعب بالنار ولا تنقلوا خلافاتكم من الغرف وطاولات الحوار ومجالس التجاذبات والتباينات والنقاشات الحادة إلى الشارع.
الناس تحبذ الممارسة الديمقراطية وتجذير وترسيخ هذه التجربة والجميع يتمنى أن تشارك كافة القوى والتنظيمات السياسية في الاستحقاقات الانتخابية ومنها الاستحقاق البرلماني القادم والمقرر دستورياً في السابع والعشرين من أبريل 2009م، لكنهم أولاً وأخيراً يقدسون مفهوم «الأمان قبل الإيمان» وليس فقط قبل الديمقراطية التي هي وسيلة لغاية أسمى تتمثل في تحقيق التنمية والرفاه والرخاء الاجتماعي وليس تحويل البلد إلى ساحة صراعات وتخريب وإقلاق للسكينة العامة.
من حق أي حزب سياسي أكان منفرداً أو في إطار تكتل كما هو الحال في أحزاب اللقاء المشترك أن يمارس حقه في المشاركة أو المقاطعة ولكن ليس من حق أحد أن يرفع شعار «عليَّ وعلى أعدائى».. وأنا كنت كتبت بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية ولازلت أؤكد على أن من حق الأمريكيين أن يفخروا ليس بأن لديهم رئيساً جديداً رفع معهم شعار التغيير ولكن الأهم من ذلك أن يفخروا بأن لديهم مرشحا خسر السباق الانتخابي ولكنه بعقلية جون ماكين ومن خلفه الحزب الجمهوري الذي حذر أنصاره ومؤيديه من الانفعالات الزائدة التي إذا ما ترك لها العنان فإنها ستقوض الديمقراطية الأمريكية وستعود بأمريكا من بلد النموذج الديمقراطي والحضاري إلى هاوية البلدان التي تمزقها النزاعات وتسودها الاضطرابات.
وأتذكر هنا ما حصل في الانتخابات الرئاسية التي شهدتها جمهورية الجزائر الديمقراطية الشقيقة في أبريل من العام 1999م عندما انسحب المرشحون الذين كانوا سينافسون الرئيس عبدالعزيز بو تفليقة وكانت مبرراتهم أن بوتفليقة هو مرشح المؤسسة العسكرية وأن قانون الانتخابات لصالحه واللجان الانتخابية غير نزيهة وبالتالي ستفرز انتخابات نتائجها مزورة، فكانت كلمة الشعب الجزائري هي الحاسمة وشهدت تلك الانتخابات حضوراً غير مسبوق في رسالة للمرشحين المنسحبين وقواهم السياسية مفادها أننا نحترم خياركم بالمقاطعة ولكننا هنا نصوت للوفاق والوئام الوطني وإنهاء فترة العشرية السوداء وكان ذلك هو المكسب الحقيقي للوطن والشعب الجزائري كما عرف وتابع الجميع.
واليوم نؤكد مرة وثلاث وألف بأننا بحاجة إلى معارضين سياسيين عقلانيين يجسدون حضارية مفهوم المعارضة والعمل السلمي لتصحيح الأوضاع وليس بهذه الروح اليائسة والأعصاب المنفلتة والشعور اللاوطني.
وعلى أحزاب المعارضة في اللقاء المشترك أو غيرها أن يدركوا أن الناس بقدر ما تكره أي مظاهر فساد أو اختلالات تمس واقعها المعيشي وتؤثر على إمكانية توفير متطلباتها التنموية والخدمية، فإنها تكره في المقابل بل ربما أكثر من ذلك أن لا نجد البديل الحقيقي والمعارضة الناضجة والرشيدة التي توفر أمامها الخيارات المثلى للتغيير وتقويم الإعوجاجات واستشراف المستقبل الأفضل.. ولن تسمح أبداً بأن ينتقل بها البعض من خانة الطموح في تحسين ظروفها المعيشية والاقتصادية إلى مستنقع الفوضى والتخريب وإقلاق الاستقرار والأمن والطمأنينة والسكينة المجتمعية.
AL [email protected]

تمت طباعة الخبر في: الثلاثاء, 21-مايو-2024 الساعة: 10:38 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/2014x/65034.htm