المؤتمر نت - تحطم طائرة مدينة في الأجواء ليست المرة الأولى ولن تكون بالتأكيد الأخيرة في عالم الطيران المدني والنقل الجوي. وعلى مدى السنوات العشر الماضية- فقط- مني عالم الطيران والنقل الجوي بعشرات الحوادث راح ضحيتها الآلاف من البشر ومن جنسيات مختلفة غطت القارات الست طولاً وعرضاً.

الجمعة, 03-يوليو-2009
المؤتمرنت- تقرير تحليلي- أمين الوائلي -
(استثمار الكارثة )..(اليمنية) والمعارضة جواً !!
تحطم طائرة مدينة في الأجواء ليست المرة الأولى ولن تكون بالتأكيد الأخيرة في عالم الطيران المدني والنقل الجوي. وعلى مدى السنوات العشر الماضية- فقط- مني عالم الطيران والنقل الجوي بعشرات الحوادث راح ضحيتها الآلاف من البشر ومن جنسيات مختلفة غطت القارات الست طولاً وعرضاً.
ولكنها المرة الأولى التي تتعرض فيها طائرة تابعة للخطوط الجوية اليمنية لحادث أليم كهذا.، وبقى سجل " اليمنية" نظيفاً أو نموذجياً طوال أربعة عقود كاملة لم تسجل خلالها حادثة واحدة -ولله الحمد والمنة.

سجل نظيف
وطوال أربعين عاماً غطت اليمنية برحلاتها محطات وبلدان الشرق والغرب والشمال، وتوسعت خارطة رحلاتها، واتسعت جدود أعمالها وإسهاماتها في مجال الخدمات والنقل الجوي وتقريب المسافات والتقريب بين شعوب وأمم الأرض وزيادة حجم الزيارات والتبادلات من كل نوع وفي كل القطاعات والمنارة الحديثة.

علاوة على ذلك استحقت " اليمنية " إشادة وشهادة جهات ومنظمات متخصصة إقليمية ودولية ولطالما أشاد الأوروبيون بحنكة وكفاءة الطيارين اليمنيين في الجو، مثلما أشادوا بكفاءة وسرعة الطيران المدني وخدماته الخاصة على الأرض وعلى وجه الخصوص خدمات الإنقاذ والإسعاف والمساعدات الفنية وفي حالات الطوارئ. وهي شهادات موثقة لا يمكن إنكارها.
ولا نزال نتذكر أكثر من حادثة تعرضت خلالها طائرات أجنبية وأوربية لحالات طوارئ وأوضاع كارثية تهدد سلامة الطائرة والركاب على متنها ،وحال هبوطها في مطار صنعاء الدولي كانت فرقة الطوارئ والإنقاذ اليمنية على أهبة الاستعداد وعند مستوى التحدي والواجب الإنساني والمهني.. وكانت تدخلاتها حاسمة لجهة إنقاذ البشر وتدارك الكوارث ومعالجة الأخطار في الحالات الطارئة.
وفي الثمانينيات كما في التسعينيات من القرن الماضي سجلت المنظمات الدولية والإقليمية شهادات وإشادات كبيرة بحق الطيران اليمني إزاء حلول وتدخلات مبتكرة.. في الأحوال الطارئة، لمساعدة وإنقاذ طائرات أجنبية هبطت في مطار صنعاء الدولي في ظروف كارثية تعاني منها الطائرات، وأتذكر في إحدى المرات كيف أذهلنا العالم يومها بإنقاذ ركاب وطاقم طائرة كانت على وشك الانفجار حال هبوطها، وعبر تدخلات مبتكرة وناجحة.

استهداف مفضوح..
الطيران الوطني اليمني " اليمنية " صاحب سيرة ذاتية ناصعة وسجله من أنظف وأفضل السجلات في العالم دون مبالغة أو حاجة للتعصب وقد استخدمه سفراء وقناصل ومسئولون من جنسيات عالمية مختلفة ومسئولون دوليون.. وفي تلك المرة التي تعرضت فيها طائرة يمنية للاختطاف وكانت على متن الرحلة السفيرة الامريكية السابقة في اليمن بار بارا بودين وحلت المشكلة سريعاً وبسلام. كان أول ما صرحت به السفيرة البريطانية لوسائل الإعلام أنها أشادت بكفاءة وحنكة وشجاعة طاقم الملاحة اليمني ومقدرة الطيارين على التعامل مع الوضع الطارئ بطريقة ناجحة وكفؤة ضمنت سلامة الطائرة ومن فيها. والقصة عابرة ومنسية ولكنها يستشهد بها في هكذا أحوال.

أقول ذلك، لأن المجال والظرف الراهنين يستدعيان مواجهة وفضح الحملة الإعلامية المكشوفة التي تستهدف " اليمنية " عقب حادثة وكارثة " موروني " الأخيرة، حيث انخرطت جهات وأطراف عدة في التحامل والشتوية والاستهداف المباشر وغير المبرر. وتركز الاستهداف على التشكيك في الجوانب الفنية وجوانب السلام وإجراءات الأمان والصيانة الدورية وشروط ومعايير الطيران الأمن.

وإذا كنا سنتفهم الدوافع المفضوحة وراء تحامل وتسرع جهات وأطراف فرنسية لها علاقة بالشركة المصنعة الايرباص وخصوصاً أن حادثة " اليمنية " تأتي عقب أقل من شهر على حادثة الإيرباص الفرنسية في المحيط الأطلنطي وإلحاح الفرنسيين على الدفاع عن شركتهم في مواجهة الخسائر الفادحة التي ستلحق بها في ظل تضاعف الشكوك والشكاوى حول العالم بالتركيز على كفاءة التصميم وكفاءة الطائرة الفرنسية لمواجهة الظروف الخطرة والأحوال الجوية المختلفة أو بما فيها أيضاً الشروط الفنية ومعايير السلامة والداخلية،فضلاً عن عشرات الحوادث والحالات السابقة التي وضعت دوائر حمراء وعلامات استفهام وشكوك حول طائرات الايرباص.

إذا كنا سنتفهم هواجس ومخاوف الفرنسيين واندفاعهم المتجرئ إلى التحامل ومحاولة إلصاق العيب بالشركة المشغلة " اليمنية " دون تقصي ودون انتظار لنتائج التحقيقات. حيث اندفع أكثر من طرف ومصدر ووسيلة إعلامية منذ الساعات الأولى إلى تكييف وتوظيف تفسيرات بعيدة عن العلم وبعيدة عن الموضوعية وبعيدة حتى عن مراعاة الشق الإنساني للكارثة الماثلة للعيان. بل كان كل ما يهمهم هو تبرئة الشركة المصنعة من تهمة لم يعلمها أحد حتى تلك الساعة فهل أرادوا استباق هواجسهم ونتائج التحقيقات مثلاً؟!!

المعارضة جواً
ولكن، وأياً كانت التفسيرات والقراءات، فكيف نتفهم في المقابل اندفاع فريق من الوسط السياسي والإعلامي اليمني نحو التشكيك المباشر والفج أحياناً وبطريقة عجيبة تكيل الاتهامات جزافاً وبدون وعي بحجم الورطة التي يوقعون أنفسهم فيها! وكان -كما يزال -الأمر مستغرباً جداً ومثيراً للسخرية والرثاء، أن يبادر معارض سياسي وحزبي يمني إلى اتهام الطيران الوطني والمؤسسة الوطنية " اليمنية "- قبل ان يعرف تماماً مالذي حدث ،وكيف حدث؟.
فهل المعارضة اليمنية صارت خبيرة إلى هذا الحد بشئون الطيران والجو وعلم الغيب استباقاً ؟!! أم أن المسألة مجرد تهور ونكاية كما هي العادة في قضايا محلية وداخلية؟ وفاتهم للأسف الشديد أن هذه الوقيعة سوف تعود عليهم بالخيبة والسخرية والخسران!!
مرد على ذلك أن التهديش وخبط العشواء في شئون السياسية والكيد الحزبي وفي قضايا الانتخابات وما شابه يظل وارداً ومستساغاً ( حتى وهو لا يستساغ كلية ) فلا نزال على الأرض برغم كل شيء أما التحول للفضاء فهذا مبلغ السوء والفساد.

ستر عورة " الايرباص "
أراد ويريد الفرنسيون ستر عورة " الايرباص " وعيوبها، بالتستر على الوقائع اليومية المتكررة والحالات المسجلة والحوادث المتزايدة.. باستهداف اليمنية وكان مفاجئاً أن يعلن الفرنسيون رأيهم حول أسباب كارثة تحطم الطائرة اليمنية بمحاذاة العاصمة الساحلية لجزر القمر " موروني" خلال دقائق وجيزة وفي الساعة الأولى للكارثة وهو أمر يثير الريبة ويبعث على القلق من إمكانية تضليل الرأي العام العالمي والمحلي تجاه حوادث وكوارث تحطم طائرات الايرباص خلال السنوات الخمس الماضية على أقل تقدير ؟!
إشهار كارثة " الطيران الأمن" وشروط الصيانة الدورية في مواجهة اللحظات الأولى للكارثة عنى- مباشرة- الرغبة في صناعة ضحية وتبرئة طرف أخر حتى ولو لم يكن هذا الطرف قد اتهم في الحادثة بعد.

ولعل التجربة الأخيرة التي قاساها الفرنسيون مع تحطم الايرباص الفرنسية في أجواء المحيط الأطلنطي قد ولدت خبرة نفسية سيئة ولم يعد المعنيون بالأمر يتحملون مزيداً من الإدانات وشواهد التشكيك المحتملة ضد الايرباص بما هي تمثل قلعة صناعية وتجارية بارزة ومهمة في الميزان الفرنسي عالمياً.
ولكن هذا لا يمكنه أن يمرر الإدانة البديلة. وهو غير ملزم لنا ولغيرنا من المنصفين. وإن كانت الحملة الإعلامية الموجهة والمسعورة ضد طيران اليمنية قد أتت على شيء من الحقيقة وشوهتها، إلا أنها في المقابل أتت على الكثير من المصداقية والنزاهة المهنية المزعومة للكثير من الوكالات والفضائيات والصحف ووسائل الإعلام الدولي والإقليمي وحتى العربي !

الفشل " إنسانياً "
ولنا أن نتذكر كيف تعامل الفرنسيون والإعلام المشار إليه قبل هذا السطر مع حادثة أو كارثة الايرباص الفرنسية قبل شهر من الآن ؟ ،وإلى اليوم ونحن لا نعرف إلى أين وصلت التحقيقات في تلك الحادثة ؟!
لم يكن أحد قد اتهم الايرباص أو بوارد اتهامها على خلفية كارثة " موروني " الأخيرة. ببساطة لأن التحقيقات لم تكن قد بدأت. بل ولأن الكارثة نفسها لا تزال محل غموض وليولبس وضبابية بسبب تأخر أعمال الإنقاذ والإغاثة -أكثر من ست ساعات تقريباً -وتأخر الإعلان عن الحادثة أيضاً.

إلا أن ذلك لم يمنع المصادر الفرنسية ووسائل الإعلام أن تنحاز كلية لصف الايرباص، وتتناسى أولويات الوضع الإنساني والشق الإنساني من القضية أو الكارثة الماثلة فكان الهم الأول وبصورة عجيبة ينصب في تبرئة الايرباص كمتهم لم يتهمه أحد سوى الفرنسيون المدافعون عنها بدون سبب وجيه أو ملموس ؟!!

بينما تأخر الالتفات للضحايا ومعاناة أسر المنكوبين وذويهم الأمر الذي حاول وزير خارجية فرنسا تغطيته أو التعويض الأخلاقي عنه من خلال زيارة زائدة عن الحاجة قام بها في اليوم الثالث على الحادثة إلى العاصمة " موروني " واصطناع دراما إنسانية كاشفة الأضواء باصطحابه الناجية الوحيدة من الكارثة معه إلى باريس برغم معارضة أسرتها وأقاربها !! وكان الهدف تسليط الأضواء -بعد إدانة مسبقة لليمنية- على الوجه الإنساني المصطنع للقصة المصطنعة !
وفي كل الأحوال.. هناك ما يشير إلى " استثمارية " قصديه ومباشرة للحادث وللكارثة من أوجه عدة، إحداها الجانب الإنساني. ولعل الوقت يسمح لنا لاحقاً بقراءة هذه الدرامية واستقراء العقلية الليبرالية المرادفة للاستثمار المادي والنفعي في كل شيء .. حتى في الكوارث والأزمات المؤلمة؟!!

مقاضاة..
سيكون على " اليمنية " أن تنتصر لحقها الطبيعي والأخلاقي في مقاضاة المصادر والجهات التي بادرت إلى استهدافها والتحامل عليها بصورة غير منطقية وغير محايدة.
كما سيكون على شركة الطيران اليمني أن تدافع عن تاريخها الطويل وسجلها الأنظف وسيرتها النموذجية الممتدة على مدى أربعين سنة مضت من التحليق الآمن والطيران النموذجي المتعافي من كل أنواع ودرجات ومستويات الخطر والإخلال بمعايير السلامة وشروط الصيانة وظروف الطيران والتحليق والنقل الجوي المرعية عالمياً.
لأن الحملة إنما انبنت – أصلاً -على افتراضات وخلفيات ترقى إلى حدود التمييز أو ممارسة الإقصاء بأشكال مترادفة تتراوح بين الاستضعاف الأدبي – اللاأدبي، والاستقواء الأخلاقي – اللا أخلاقي
حيث الأهم في كل ما قيل أو سيقال هو اعتماد جنسية وهوية الشركة المشغلة " اليمنية " سبباً وحجة للترويج لمقولة أتهامية واستهدافية لا يسندها منطق ولا يزكيها واقع الحال وحيثيات الكارثة الماثلة للعيان.. وللتو!


تمت طباعة الخبر في: الخميس, 28-مارس-2024 الساعة: 02:15 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/2014x/71537.htm