الجمعة, 09-سبتمبر-2011
المؤتمر نت - يحيى علي نوري يحيى علي نوري -
عبدالغني.. وديمقراطية الإدارة
ترك فقيد الوطن الكبير الشهيد عبدالعزيز عبدالغني رئيس مجلس الشورى مآثر ومناقب عدة استرجعتها ذاكرة الآلاف من محبيه من النخبة اليمنية ووقفت بمشاعر وأحاسيس فياضة أمام مدلولات ومعاني هذه المآثر التي مثلت جميعها القاعدة القوية والصلبة للحالة الجماهيرية العارمة التي كان ولايزال يتمتع بها شهيد الوطن الكبير عبدالعزيز عبدالغني.

مآثر ومناقب كونتها وشكلتها ممارساته اليومية في حياته العملية والعلمية عبر العديد من المحطات التي حفلت بها مسيرته في خدمة الوطن والانتصار لآماله وتطلعاته في التنمية والبناء.. سخر جل وقته واهتمامه من أجل بلورتها الى الواقع بدرجة عالية من الصمت وبعيداً عن الضجيج الإعلامي والتخلي عن روح الأنا.

مآثر ومناقب يجمع عليها كل من عرف الفقيد عن قرب وعاصره وعمل معه ورصدتها باهتمام بالغ الجماهير العريضة التي اتفقت حول عظمة مآثره ومناقبه بالرغم من حالة التنوع في الأفكار والتوجهات.

ولعل سر النجاحات الباهرة التي أمكن لشهيد الوطن الكبير تحقيقها يعود الى إيمانه العميق بمثل وقيم الإدارة العلمية الحديثة التي حرص في حياته العملية على الالتزام والتقيد بها كأداة مهمة وأساسية لتحقيق كل طموحاته الوطنية المنتصرة دوماً لمتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

حيث جعل من هذه القيم الإدارية تأخذ طريقها الى التكون كسلوك في ظل بيئة كان الفقيد يدرك فظاعة موروث التخلف الذي اكتسبته من العهود السابقة الامر الذي جعله يبدأ من نقطة الصفر لبناء تنمية إدارية تعتمد على عاملي التخطيط والتنظيم السليمين وتملأ الفراغات الناتجة عن فقدان الإدارة الذي وصل الى حدود مفجة في مرحلة كانت تتطلب السير باتجاه المستقبل وتعويض الوطن سنين الحرمان والتخلف التي عانى منها كثيراً.

وقد استطاع شهيد الوطن في هذا المضمار أن يكون الرائد الأول في بناء التنمية الإدارية وبناء مؤسسات الدولة والحكومة على أسس وقواعد إدارية تتفق مع روح العصر وكان له أن أنجز العديد من التشريعات والأنظمة التي تم على ضوئها إدارة عملية التنمية وبصورة مكن هذه العملية من تجاوز حالات الارتجالية والعشوائية، التي كانت تعاني منها البلاد كنتيجة لهذا الموروث، الأمر الذي أضحت بلادنا في ظل الجهود الدؤوبة للشهيد عبدالغني تتفاعل بمعايير علمية في البحث عن متطلباتها العاجلة والآنية والمستقبلية وتضع لذلك تساؤلات عدة أمكن للرجل - رحمه الله - أن يجيب عليها عبر قرارات متفحصة لمعطيات الواقع اليمني ومن خلال الفهم والإدراك الكامل لطبيعة معوقات التنمية في اليمن.. وهي معوقات يقول المراقبون والمهتمون إن تجاوزها يتطلب إدارة أكثر تفهماً لهذا الواقع وأكثر حيوية وفاعلية في تحريك عجلة التنمية بالصورة التي تحد من هذه العوائق رويداً رويداً.

وكانت المفاجأة الكبيرة للمتخصصين في شؤون الإدارة وخبرائها هي تلك الطفرة التي حققها الفكر الثاقب لشهيد الوطن والتي تمثلت في تحقق تحول جعل من الدولة اليمنية تجد نفسها امام واقع جديد ومتطلبات جديدة من الأفكار والآليات والوسائل التي تحتاج لها لمواكبة التطورات المتلاحقة في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية سواء أكان ذلك على صعيد البرنامج الثلاثي أم على صعيد برامج وخطط الخطة الخمسية التي كان التعاطي معها بمثابة تحدٍ حضاري كان تحققه على يد الشهيد عبدالغني محل اعجاب وتقدير وثناء المنظمات الدولية المعنية وكذا الاكاديميات والجامعات وهي نجاحات دفعت بالجامعة التي تخرج منها الفقيد بالولايات المتحدة الامريكية الى منحه درجة الدكتوراة الفخرية وهي خطوة ايجابية لجامعة تمتلك رصيداً هائلاً من الإنجازات العلمية، وقد دفعتها الى خطوتها هذه حثيثات علمية ومعطيات وتحولات شهدتها التنمية في اليمن في ظل إدارة عبدالغني التي اتسمت دوماً بالمنطقية والموضوعية والعلمية في الإعداد والتهيئة لكافة أنظمتها والآليات والاستراتيجيات، وهو مايعني أن هناك سراً لنجاحات فقيد الوطن الكبير عبدالغني وله صلة ايضاً بالإدارة الحديثة وهو إيمانه المطلق بديمقراطية الإدارة، فكان - رحمه الله- قيادياً لا يحبذ اتخاذ قراراته وتوجهاته بصورة انفرادية بالرغم من غزارة فكره ومعلوماته الاكاديمية والمهنية والعملية بل كان يحرص -دوماً- على اشراك من حوله في كل ما يتم وضعه من برامج على جدول أعمال مكتبه وعلى مستوى مختلف المواقع القيادية التي تقلدها خلال مسيرته العملية.

وقد عرف عنه بأنه الشخصية التي تحبذ الاستماع للآخر وبإنصاف شديد بل وحرصها على إجراء تفاعل على ما تسمع له من آراء وتصورات ومقترحات بل والتفاعل مع الآراء العادية والسطحية بنفس الاهتمام والحرص في العمل على تطوير هذه المقترحات دون أن يشعر أصحابها بسطحيتها، فقد كان يسعد دوماً بروح المبادرة والابتكار من قبل أي شخص أياً كان موقعه.

وإزاء تجربته الحافلة في مجال الإدارة التنفيذية فإن خروجه من الحكومة والعمل التنفيذي المباشر على المستويين المركزي واللامركزي لم يكن نهاية لعطاءاته المتواصلة، حيث أدى تعيينه كرئيس لمجلس الشورى وهو المرحلة الاخيرة في حياته ومسيرته الزاخرة بالعطاءات الى بدء مرحلة جديدة من عطاءاته.. حيث مثل مجلس الشورى تحت إدارته غرفة علمية حقيقية في بحث ودراسة القضايا الوطنية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية.. الخ، من القضايا المتصلة بهموم وآمال وتطلعات المواطنين، وأمكن للمجلس في ظل ادارته هذه أن يقدم تشخيصات علمية دقيقة للكثير من المشكلات والى حدود ان جلسات مجلس الشورى ووفقاً لكافة المهتمين كانت تمثل ندوات علمية حقيقية ينهل منها كل مهتم وباحث وقيادي في الدولة أو الحكومة من عظمة الرؤى والتصورات والاستنتاجات التي توصلت اليها جلسات المجلس في معالجتها للعديد من القضايا، وقد ساعد فقيد الوطن الكبير على تحقق هذا الزخم لمجلس الشورى وجود العديد من القيادات التي عملت معه من أعضاء مجلس الشورى وكان على دراية ثاقبة بهم وقدرة على تحقيق الاستغلال الامثل لما يحملونه من قدرات وكفاءات استطاع استغلالها في تحقيق إنجازات فاعلة تخدم الوطن والمواطن وهي إنجازات يتفق كل المهتمين على أنها قد تجاوزت باقتدار إنجازات مجلس النواب.

خلاصة إن مسيرة الانجازات الخالدة التي أمكن لفقيد الوطن عبدالغني -رحمه الله - ان يحققها تعتبر مدرسة تنهل منها الاجيال.. روح الإدارة الحديثة وقيمها وروح الاصرار والمثابرة وروح التطلعات العظيمة المنتصرة للوطن وإنجازاته.

وهذا أمر يتطلب اطلاق اسمه على أبرز المنشآت العلمية في البلاد ليظل حاضراً في ذهن الاجيال المتعاقبة ويظل فكره واحداً من المنارات التي تنير لنا آفاق المستقبل..

رحم الله فقيد الوطن الكبير عبدالعزيز عبدالغني رئيس مجلس الشورى وأسكنه فسيح جناته .. إنا لله وإنا إليه راجعون..
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 04-أكتوبر-2024 الساعة: 02:16 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/2014x/93420.htm