قراءات في مسيرة الوحدة
الطريق إلى الوحدة اليمنية
بقلم : نزار خضير العبادي
ظلت مسألة التشطير اليمني أسوأ المواريث التاريخية على الإطلاق التي قصمت ظهر الدولة اليمنية في القرن العشرين ، وألقت على كاهل أبنائه مسئولية عظيمة ومضنية كانت تثخنهم بالجراحات والمعاناة من الإفرازات الخبيثة التي ما برحت تقترن بالحالة المنفصلة حتى شاء الله لها يوماً على يدي الرئيس/ علي عبد الله صالح الذي أعاد اللحمة اليمنية إلى أبهى حالاتها أو صورها التي كانت عليها قبل أن تتلوث أيادي البريطانيين والأتراك بدنس مؤامرة تجزئة الوطن اليمني من خلال اتفاقية عام 1914م.
إن استمرارية التشطير منذ ذلك العام وحتى عام 1990م لا بد وأن تفرض واقعاً معقداً، ودرباً وعراً محفوفاً بالخوف والموت ؛ قليل هم الذين يجازفون في السير عليه، وينجون بأنفسهم.. وفي العهد - موضوع هذه الدراسة- كان لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية قصة طويلة لا أحد يحمل أسرارها الكاملة ودقائق فصولها غير الرجل الذي كتبت أنامله مفرداتها- الرئيس علي عبد الله صالح.. وبلا شك، أن من يصنع الموقف يعيش أدق هواجسه من قلق وحذر وخوف وفرح أيضاً، بينما من يرويه أو يقرأ عنه فإن مشاعره لا تتعدى حدود الانفعال الصامت والتعاطف مع شخص البطل من بعيد.. وهو ما يجعلنا عاجزين عن رد الجميل مهما انتابنا الإحساس بأننا كنا أوفياء حد الثمالة.
الحديث عن الوحدة اليمنية تستوقفه بعض المحطات التاريخية، وتتداخل بين فصوله عناصر ديناميكية عديدة لا تتوقف عن العبث بمقدرات مساراته وآفاته وتداعياته، مما رأينا فيها ضرورة للترف على منطلقات الجهد الوحدوي عن نقطة البدء.
أولاً: إشكالية الوحدة:
تأرجحت قضية الوحدة على حبال المتغير السياسي الوطني لفترة غير قصيرة لتتذبذب مفاهيمها الفكرية في عهود ثلاثة من الرؤساء اليمنيين (الإرياني، الحمدي، الغشمي) بين مد وجزر ومناورة تصطبغ الوحدة خلالها بعدت صفات مختلفة يمكن تحديها في:
1- الوحدة كشعار سياسي تعبوي- يلجأ إليه النظام كلما ضاقت به السبل بهدف استقطاب الساحة الجماهيرية وكسب تعاطفها مع السلطة، باعتبار الوحدة حلم كل أبناء الشعب وعقيدته الإيمانية الراسخة.
2- الوحدة كمخرج سياسي من مأزق عسكري أو توتر حدودي يقلق مستقبل النظام، وهو المفهوم الذي تجلى بوضوح في حرب عام 1972م وأحداث عام 1973م أيضاً.
3- الوحدة كفلسفة سياسية حزبية تحدد أدبيات فكر السلطة التي لا ترى فيها أكثر من بناء مرحلي للقاعدة الشعبية الموالية للسلطة أولاً، وإضفاء المزيد من الشرعية على وجودها ثانياً، والمناورة الداخلية والخارجية بها ثلاثاً. وهو المفهوم الذي اقترب منه عهد الرئيس الحمدي.
4- الوحدة كمشروع سياسي وطني لا يتعدى رغبة العودة إلى حالة تاريخية سابقة ومن غير الإقدام عليه بمنهج واضح، أو أدوات مناسبة، أو تخطيط سليم وفق معطيات برامجية متيسرة. وهذه الحالة كانت تمر بها القوى الوطنية المختلفة دون أن تجد ما يعززها مادياً في أجهزة النظام.
إن تنوع صفات الوحدة على النحو الذي ذكرناه لا ينفي عن أنظمة الحكم التي بلورتها إيمانها الحقيقي بالوحدة، بل إنها تؤكد ذلك الإيمان. لكنها في الوقت نفسه تبرهن حقيقة أخرى مفادها هو أن اضطراب السلطة وعدم استقرارها، ووقوعها تحت ضغط التدخلات الخارجية من جهة ومراكز النفوذ الداخلية من جهة أخرى، ونظراً لضيق أفق تصوراتها السياسية لمسألة الوحدة.. فشلت في بلورة استراتيجيات سياسية واثقة على المسار الوحدوي، وبالتالي اصطفت كل جهودها بهذا الخصوص على الوصف الذي رسمناه لها.
ونتيجة لذلك الاستخدام السيئ لآليات البناء الوحدوي، تشكلت ظاهرة التكريس التراكمي للتجزئة والتشتت ليس بين الشطرين وحسب، بل وفي الشطر الواحد نفسه بحيث انقسمت القوى الوطنية إلى فرق وفصائل، وتداخلت المفاهيم والرؤى السياسية، واستحال الوضع برمته ضرباً من الفوضى المشاعة، التي من الطبيعي لها أن تنتهي إلى فكي القوى اليسارية المنظمة وذات الإمكانيات المادية التي لا تنضب أبداً.
وقد يخطئ البعض حين يقف بأزمة الوحدة اليمنية عند مستوى الفوضى الثورية، أو الانقسامات الداخلية أو محاور ارتكاز الاستراتيجيات السياسية لنظام الحكم في اليمن، لأن مسألة الوحدة اليمنية في تلك الفترة لم تعد قضية اليمنيين وحدهم لأنها أصبحت جزءاً من لعبة سياسية دولية كبيرة. كانت المملكة العربية السعودية رأس الحربة في ساح المناورة. ووقف التيار السعودي المتشدد بالمرصاد لأية تجربة وحدوية يمنية، ليسعى إلى وأدها في المهد قبل أن تفرض عليه يوماً على حين غرة. لأن الوحدة بالنسبة للمملكة تعني انبعاث قوة دولة يمنية تملك كل المواصفات التي ترشحها لتصبح القطب الأقوى في الجزيرة العربية، في الوقت الذي تحرص فيه المملكة منذ القدم على أن يكون لها دوراً مؤثراً ومهيمناً على سياسة دول المنطقة من خلال هامش عريض من التدخل بشئون دولها.. وقد تبنت المملكة هذا المفهوم بكل صراحة ووضوح بعد اتفاقية الكويت في عام 1979م.
وبعد استشراء العقيدة الماركسية في جنوب اليمن، وتعاظم قوتها، أضافها السعوديون إلى قائمة المحظورات التي تمنع قيام وحدة يمنية شاملة، ووجد التيار المتشدد في السعودية ذلك فرصته الكبرى لممارسة الضغط الأكبر على نظام صنعاء لمنعه من التقارب الوحدوي مع الشطر الجنوبي، وعمد إلى تغذية الصراعات والتحالفات القبلية بوجه الدولة، إلى جانب إشهار ورقة المساعدات الاقتصادية الممنوحة لليمن لمزيد من الضغط والإذلال. وكان من الطبيعي لدولة تحصل على 80% من ميزانيتها الحكومية من المملكة والخليج أن تصبح ضحية مؤامرات على أعلى المستويات.
ثم ما لبث أن تطور أمر الوحدة اليمنية ليصبح رهان قوى دولية عظمى بعد انهيار نظام شاه إيران (محمد رضا بهلوي) الذي كان يلعب دور الشرطي الأمريكي في المنطقة. فازدادت مخاوف الولايات المتحدة على مصالحها النفطية فدخلت ساحة اللعب مع السوفيت عبر بوابة اليمن والسعودية، وبحسب ذلك الأثر تبدلت الكثير من الأرقام السابقة لمسألة الوحدة، وظهرت قراءات جديدة لمحاور الصراع الدائر.
ثانياً: الرئيس وأولوية الحوار مع الجبهة:
رغم أننا نتعقب أثر البيانات الحكومية الرسمية في اعتبار يوم 20 فبراير 1979م تاريخاً للحرب بين الشطرين، لكن الحقيقة تتقدم على ذلك بكثير، وأن الحرب على مناطق الأطراف والعاصمة صنعاء كانت قد شنها نظام عبد الفتاح إسماعيل منذ أن دبر عملية اغتيال الرئيس الغشمي، ثم أخذت المليشيات الماركسية تصعد من نشاطها التخريبي في مطلع عهد الرئيس صالح، حتى إذا ما وصلنا يوم 20 فبراير تكون المواجهات قد بلغت ذروتها، ونشرت القتل والدمار على امتداد الحدود الفاصلة بين الشطرين.
هكذا وجد الرئيس علي عبد الله صالح نفسه في مأزق خطير أمام مؤسسة الحرب الحديثة المدربة، ولم يستطع دفع ذلك البلاء إلا بعد جهود دبلوماسية قادها بنفسه داخل أروقة الجامعة العربية والقصور الرئاسية لعدد من الدول العربية انتهت بوقف إطلاق النار ابتداءً من يوم 3 مارس 1979م، ومن ثم التوقيع على اتفاقية الكويت الصادرة عن القمة العربية الطارئة 4-6 مارس 1979م وأخيراً صدور بيان لقاء قمة الكويت بين رئيسي الشطرين بتاريخ 28-30 مارس 1979م.
وبتقدير الرئيس علي عبد الله صالح إن ذلك على الرغم من أهميته القصوى لا يمكن أن يصبح ذي أي قيمة تذكر ما لم يتم إيقاف حرب العصابات الماركسية التي تشنها الجبهة الوطنية على مناطق مختلفة من شطر اليمن الشمالي وبإسناد ودعم مفتوح من نظام عدن. فقد بدأت الجبهة الوطنية عدم موافقتها على وقف العمليات العسكرية وعدم الاعتراف بالاتفاق الذي أبرمه الرئيس صالح مع الرئيس عبد الفتاح إسماعيل في الكويت.
كان التجاهل لموقف الجبهة لا يبدو رأيا سديدا من وجهة نظر الرئيس صالح في ظرف كان يفرض على صنعاء حرق مراكب العودة للوراء، واتخاذ القرار بناء على خيارات واقعية محدودة جدا لم تترك مساحة كافية للمناورة، مثّل الحوار فيها أفضل ما هو متاح للقيادة اليمنية لكسب الوقت وإعادة تدعيم المواقف الداخلية وتنظيم الصفوف وفقا لقراءات مغايرة للميدان وجعل الرئيس صالح هدفه الأول في هذه الفترة هو تحقيق الاستقرار الداخلي، ولعل فتح أبواب الحوار السياسي الموضوعي مع الجبهة الوطنية من شانه تهدئه الساحة وتحقيق قدر معقول من الاستقرار.
وكما ذكرنا من قبل إن قادة الجبهة الوطنية تقدموا للرئيس ببرنامج سياسي يتضمن عدد من المطالب التي تعامل معها الرئيس بشفافية ومرونة ودعا الجبهة لنبذ النهج العدائي من النظام والعودة إلى الصف الوطني والمشاركة في الانتخابات البرلمانية وفي نشاط الحكومة أيضاً وبهذه الروح الوطنية المسؤولة نجح في تخطي عقبة كأداء وفي بداية شهر إبريل 1979م أصدرت سكرتارية الجبهة الوطنية الديمقراطية بيانا أعلنت فيه تأييدها لبيان 28-30 مارس ووعدت بإيقاف عملياتها المسلحة، وعلى أثر ذلك شهدت المرحلة التي أعقبت ذلك استقرارا نسبيا إلى حد ما، أتاحت للرئيس صالح فرصا كبيرة للالتفات إلى شئون البلاد الأخرى.
وفي شهر يناير 1980 عقد الرئيس صالح عدة لقاءات مع ممثلي الجبهة الوطنية، وكانت هناك حوارات إيجابية وبناءة مع امينها العام سلطان أحمد عمر، أسفرت في أواخر شهر يناير من العام نفسه عن التوصل إلى اتفاق حول تشكيل حكومة تحالف وطنية تضم مختلف القوى السياسية وإلى إعداد دستور جديد وميثاق وطني وإجراء انتخابات وتوسيع قاعدة الحريات السياسية، وإلى ضرورة التنمية الشاملة للبلاد وترسيخ سيادتها واستقلاها. وهو ما وصفه سلطان أحمد عمر لحواراته مع رئيس الجمهورية كنقطة تحول هامة في النضال السياسي للحركة الوطنية اليمنية.
لقد حرص الرئيس علي عبد الله صالح على مواصلة جهوده الرامية لتوحيد الصف الوطني وبناء واقع جديد من العلاقات بين السلطة والقوى السياسية، وهو ما تمخض عن استمرارية اللقاءات بين الجبهة ورئيس الجمهورية طوال فترة الثمانينات، ولما كانت الجبهة تطالب بإطلاق سراح جميع المعتقلين من أعضائها، فقد اشترط عليهم الرئيس إعادة ما أسموه" المناطق المحررة" فرفضت الجبهة ذلك رفضا قاطعا وبدأت العمليات العسكرية بين الدولة والجبهة فور الإعلان عن الرفض.
ذلك كله لم يثن الرئيس صالح عن بذل المزيد من الجهد مع الجبهة لإعادتها إلى الخط الوطني الوحدوي. وفي أغسطس 1980م تمت تسوية الخلافات، وأطلقت السلطات سراح بعض أعضاء الجبهة، وكذلك سمحت للجبهة باستئناف صحيفتهم الأسبوعية (الأمل).
وكالعادة لم يهدأ للجبهة بال من غير شم رائحة البارود والدم والاحتراب على المناهج التدريبية لمدارس (النجمة الحمراء) و (باذيب) و (البدو الرحل) وغيرها. لكن الرئيس علي عبد الله صالح وغيره من القيادات العسكرية أدركوا عدم إمكانية فهم هذه العصابات الدموية الماركسية لمنطق الحوار والتفاوض، لأنها قد تفسر شفقة الرئيس صالح ورحمته بأبناء شعبه في الشطرين على أنه ضعفاً وانهزامية من المواجهة، فتمالكها الغرور وشنت هجماتها على المدن الآمنة في المنطقة الوسطى في ربيع عام 1981م.
جاءت ردود فعل الرئيس صالح على الهجوم بإعلان التعبئة الجماهيرية والتحالف مع القوى الإسلامية لجماعة الأخوان المسلمين السرية بقيادة ياسين عبد العزيز القباطي، وانضمت الآلاف من مختلف شرائح المجتمع اليمني إلى حلف الرئيس صالح، كذلك قامت هيئة الأركان العامة بتزويد الجيش بتجهيزات عسكرية جديدة، وفي الفترة مايو- يونيو 1982م دارت أعنف وأشرس المعارك بين الطرفين، استخدمت فيها قوات الرئيس صالح مختلف أنواع الأسلحة بما فيها الدروع والمدفعية الثقيلة والطائرات، وألحقت بعناصر الجبهة الوطنية هزيمة تاريخية انسحبت خلالها من المناطق التي كانت تحتلها.
وفي منتصف شهر يوليو 1982م أجرى قادة الجبهة محاولة أخرى للاتفاق مع الحكومة، حيث طالبت الحكومة بوقف العمليات العسكرية وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين من أعضائها، مقابل الانسحاب من جميع المناطق الواقعة تحت سيطرتها.. وكما هو شأن الرئيس علي عبد الله صالح في مثل هذه المواقف، تتملكه العاطفة الإنسانية على الشعب اليمني، وتتغلب روحه السمحة على نزعة الانتقام، لذلك استجاب للمطالب. وفي يوم 15 أغسطس 1982م تم تشكيل لجنة مشتركة من ممثلي الحكومة والجبهة للإشراف على تنفيذ بنود الاتفاق، وتم حل الجبهة أيضاً بعد زمن قصير من ذلك.
وهكذا انتهت حقبة دامية ومؤلمة حملها الماركسيون إلى صفحات التاريخ اليمني الحديث على أكفٍ مضرجة بدماء الأطفال والنساء والشيوخ الأبرياء ممن كانوا يحملون بعطاء الثورة وزهو الحياة، وتألق السنابل في عيون الجياع المحرومين.. وبينما كان القدر بانتظارهم، وكانت اليمن على موعد مشئوم مع الإرهاب الوحشي على امتداد خمس سنوات عجاف (2978م – 1982م) وليس من هدف جاءوا به غير تصريف بضاعة آسنة كاسدة آتية من أقصى مشارق الأرض.
بينما وقف الرئيس علي عبد الله صالح يداوي جراحات الوطن، ويكفكف دموع اليتامى والثكالى، ومع صوت آخر الرصاصات كان يجوب محافظتي تعز، وذمار معززاً الإحساس بالسلام والطمأنينة عند أبناء المناطق المنكوبة، وبدلاً من أن يصفي خصومه ويؤجج مشاعر الانتقام وقف خلف المنصة في تعز يهيب بمن أسماهم (المغرر بهم) إلى العودة إلى قراهم، واعداً إياهم بالعفو.
لا شك أن تلك المثل الأخلاقية السامية للرئيس صالح كانت هي كلمة السر الوحيدة التي أوصلته إلى النصر، والتي شق بها طريق إعادة تحقيق الوحدة اليمنية عام 1990م.

ثالثاً: اتفاقيات الوحدة:
كان الرئيس علي عبد الله صالح الأسرع من غيره في وضع الأقدام على طريق الوحدة اليمنية، حيث أنه بعد ثمانية أشهر وأسبوعين فقط من انتخابه رئيساً، رفع قاعدة جديدة وصلبة على أرضية العمل الوحدوي مع شطر الوطن اليمني الثاني، من خلال الاتفاقية التي أبرمها مع الرئيس عبد الفتاح إسماعيل ي الكويت بتاريخ 28 مارس 1979م ولتتوالى بعدها المزيد من الخطى الواثقة، وصولاً إلى إعلان تحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م.
نستعرض في هذا الفصل مجمل الاتفاقيات واللقاءات التي عقدها الرئيس صالح مع قيادات الشطر الجنوبي من أجل إعادة توحيد الوطن اليمني:
أولاً: لقاء قمة الكويت
عقد هذا اللقاء بناءً على توصيات مجلس الجامعة العربية بجلسته الطارئة في الكويت في الفترة (4-6 مارس 1979م) والتي انعقدت إثر الشكوى المرفوعة للجامعة من قبل الرئيس علي عبد الله صالح بشأن الحرب التي شنتها قوات نظام الشطر الجنوبي. وكان اللقاء الأول بين الرئيس صالح وعبد الفتاح إسماعيل أمين عام اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي ورئيس هيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (سابقاً). وحضر فضلاً عن قيادتي الشطرين كل من أمير الكويت ووزير التخطيط العراقي، وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وسفيري الأردن والإمارات.
وقد صدر في ختام القمة يوم 30 مارس 1979م بيان وقعه الطرفان، نص على أن تقوم اللجنة الدستورية بإعداد مشروع دستور دولة الوحدة خلال فترة أربعة أشهر، ثم تقر الصيغة النهائية له من قبل الرئاسة في الشطرين، فيتم الاستفتاء على الدستور وانتخاب سلطة تشريعية موحدة للدولة الجديدة. وكان هذا البيان بداية للعمل الجاد نحو إنجاز الخطوات المؤدية إلى تحقيق الوحدة التي دخلت طوراً جديداً بعد هذا اللقاء التاريخي.
ثانياً: لقاء صنعاء (2-4 أكتوبر)
التقى فيه الرئيس علي عبد الله صالح مع علي ناصر محمد- عضو المكتب السياسي رئيس هيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى بالنيابة رئيس الوزراء في الشطر الجنوبي، وكان ذلك في الفترة (2-4 أكتوبر 1979م)، وبحثت فيه القيادتان ماتم تنفيذه من خطوات بشأن اتفاقيات الوحدة المبرمة سابقاً، وكذلك تم إعطاء اللجان المشتركة الفرصة لاستكمال المهام المناطة بها لانتهاء المدة الزمنية المحددة لذلك من قبل.
ثالثاً: اتفاق عدن (6 مايو)
ويأتي هذا اللقاء في إطار جهود إعادة تطبيع العلاقات بين الشطرين وإنماء مؤسسات ومصالح مشتركة تخدم ذلك الغرض. حيث التقى كل من عبد العزيز عبد الغني وعلي ناصر محمد بتاريخ 6 مايو 1980م. وتم خلاله الاتفاق على إنشاء المشاريع المختلفة في قطاع الصناعة والمعادن، والمواصلات، والمصارف، والإحصاء وخطط التنمية والسياحة والمعارض المشتركة للمنتجات اليمنية.
رابعاً: لقاء صنعاء (13 يونيو):
وتميز هذا اللقاء عن غيره بكونه الأول بعد استقالة عبد الفتاح إسماعيل، وجاء بناء على دعوة رسمية من الرئيس علي عبد الله صالح لنظيره علي ناصر محمد، والذي حضي باستقبال كبير من المواطنين في صنعاء أملاً في بداية صفحة جديدة في علاقات الشطرين، وكان ذلك اللقاء في الفترة 9-13 يونيو 1980م. وتم الاتفاق خلال اللقاء على إعادة تحقيق الوحدة بطرق سلمية، وكذلك إقامة المشاريع الاقتصادية المشتركة والتنسيق في الخطط الاقتصادية وتبادل الخبرات والمعلومات والاتفاق بشأن تنقل المواطنين بين شطري اليمن.
كما وقع الرئيسان على عدد من الاتفاقات الاقتصادية والثقافية والتي سيتم بموجبها إنشاء شركة يمنية للنقل البحري، وشركة يمنية للنقل البري، وشركة يمنية للسياحة.. وكلها تصب في إرساء الأسس الصحيحة للتنمية المتكاملة لشطري اليمن الواحد.
خامساً: اتفاق تعز (15 سبتمبر)
التقى رئيسا الشطرين في يوم 15 سبتمبر 1981م في مدينة تعز، واتفقا على تشكيل لجنة لبحث نتائج لجان الوحدة وتقديم التصورات بشأن التنظيم السياسي الموحد للتعجيل بالوحدة اليمنية.
سادساً: اتفاق تطوير التعاون والتنسيق:
وتأتي أهميته ليس فقط مما تم الاتفاق عليه، بل ومن كونه ثمرة زيارة أول رئيس يمني (من الشطر الشمالي) إلى عدن منذ عام 1939م وحتى تلك الساعة. وكان من شأن هذه الزيارة أن تذيب الجليد الكثيف الذي كان قد تراكم بفعل التشطير، والسياسات المنحرفة، وتسبب بالقطيعة.
ففي الفترة (30/11/-2/12/1981م) التقى الرئيس علي عبد الله صالح بالرئيس علي ناصر محمد في مدينة (عدن)، وحضي باستقبال مهيب وابتهاج كبير من قبل أبناء عدن، وتمخض لقاء القمة بين الزعيمين عن الاتفاق على ما يلي:-
- إنشاء المجلس اليمني الأعلى من رئيسي الشطرين لمتابعة تنفيذ سير اتفاقيات الوحدة، وللإشراف على لجان الوحدة، وتشكيل سكرتارية للمجلس اليمني. كذلك إنشاء لجنة وزارية من قيادات الشطرين للإشراف على تنفيذ المشاريع المشتركة المتفق عليها، وضمان التنسيق بين خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتقديم الدراسات والمقترحات على أن تجتمع اللجنة الوزارية كل ثلاثة أشهر، بينما تقرر أن تكون اجتماعات المجلس اليمني الأعلى كل ستة أشهر.
- تم الاتفاق المبدئي بين وزيري داخلية الشطرين على تنقل المواطنين ين الشطرين بالبطاقة الشخصية، وإزالة المواقع العسكرية من الأطراف وإنشاء عدد من الشركات المشتركة ، ودراسة خطط تنموية.
- وعلى الصعيد التربوي والثقافي والإعلامي، ثم الاتفاق على إنشاء مدارس مشتركة في الأطراف، والسماح للطلبة بين الشطرين الالتحاق بأقرب مدرسة إلى محلات إقامتهم، كذلك تكليف لجنة مشتركة للقيام بتوحيد المناهج. إضافة إلى عمل برامج إعلامية مشتركة تذاع في وقت واحد والتعريف ببطولات الشعب اليمني ونضاله الوطني. وهناك جملة من الاتفاقيات بشأن السياسة الخارجية على الصعيدين القومي والدولي.
سابعاً: الدورة الأولى للمجلس اليمني الأعلى
عقد رئيسا الشطرين الدورة الأولى للمجلس اليمني الأعلى في الفترة (15-20/8/1983م) بعاصمة اليمن التاريخية (صنعاء) لاستعراض ما تم إنجازه ومن أجل المزيد من التشاور والتنسيق على طريق إعادة تحقيق الوحدة اليمنية.
وللسبب ذاته عقد المجلس دورته الثانية بمدينة (عدن) في الفترة (15-17/2/1984م)، بينما جاءت الثالثة في (صنعاء) في الفترة (4-6/12/1984م).
ثامناً: قمة عدن- تعز
قام الرئيس علي عبد الله صالح بزيارة مدينة (عدن) يوم (19/1/1985م) وعقد اجتماع قمة ثنائي مع نظيره الرئيس علي ناصر محمد لمتابعة تنفيذ قرارات الدورة الثالثة للمجلس اليمني الأعلى ومناقشة التطورات العربية والدولية. ثم استأنف الزعيمان اجتماعهما الثاني بعد ظهر يوم (20/1/1985م) في مدينة (تعز). وغادرها الرئيس علي ناصر محمد عائداً صباح اليوم التالي (21/1/1985م).
تاسعاً: اجتماع المجلس اليمني الأعلى بصنعاء:
عقد هذا الاجتماع بين رئيسي الشطرين في الفترة 24-26/12/1985م في عاصمة اليمن التاريخية (صنعاء) نوقش فيه عدد من المواضيع الوحدوية والجهود التنسيقية المبذولة وما تم إنجازه في المراحل الماضية.
عاشراً: الاتفاقيات واللقاءات المشتركة (مرحلة ما بعد علي ناصر)
تعرقلت الاجتماعات المشتركة لما يقارب العام والنصف بسبب أحداث 13 يناير 1986م في عدن والتوترات الداخلية التي نجمت عنها. وكان أول استئناف لجهود العمل الوحدوي بين الشطرين بتاريخ 16/4/1988م بمدينة (تعز) حيث عقد لقاء قمة بين الرئيس علي عبد الله صالح والرئيس علي سالم البيض- الذي خلف الرئيس علي ناصر في الشطر الجنوبي عقب مجزرة يناير 1986م وحضر القمة عدد من كبار المسئولين في قيادتي الشطرين، وفي يوم 17/4/1988م تم التوقيع على اتفاق مشترك لاستكمال الجهود الوحدوية والالتزام الكامل والتنفيذ لما سبق التوصل إليه، وتم تكليف سكرتارية المجلس اليمني الأعلى بإعداد البرنامج الزمني المتعلق بمشروع دستور دولة الوحدة لإحالته إلى مجلسي الشعب في الشطرين ومن ثم الاستفتاء عليه في ضوء اتفاقيات الوحدة بين الشطرين.
وتم الاتفاق أيضا على تحديد وتخفيف القوات على أطراف الشطرين، والتأكيد على أهمية المشروعات الاستثمارية المشتركة، ووقع هذه الاتفاق وزيرا الدولة لشئون الوحدة، راشد محمد ثابت( عدن) ويحيى حسين العرشي( صنعاء) ، لمتابعة الخطوات الوحدوية واستكمال ما سبق الاتفاق عليه، كذلك تم التوقيع على اتفاق إحياء لجنة التنظيم السياسي الموحد المنصوص عليها في ( بيان طرابلس) أضاف إلى استكمال جهود احتواء آثار أحداث 13 يناير 1986م واستكمال الخطوات الخاصة بالمشروع الاستثماري الموحد للموارد الطبيعية، وتم الاتفاق على بعض الخطوات التنفيذية المتعلقة بهذا الشأن.
وقد رافق ذلك الاتفاق اتفاق آخر بشأن تسهيل حركة تنقل المواطنين بين الشطرين من خلال العمل على إلغاء النقاط الحدودية القائمة بين الشطرين واستبدالها بنقاط مشتركة تسمح للمواطنين بالتنقل بالبطاقة الشخصية وفي 1/6/1988م اجتمع وزير الداخلية في الشطرين في صنعاء وباشرا تنفيذ الخطوات العملية لما سبق، على أن يبدأ العمل بذلك اعتبارا من تاريخ 1/7/1988م.
بتاريخ 19 نوفمبر 1988م وقع ممثلا الشطرين المفوضين: صالح أبو بكر بن حسينون ( عدن) وأحمد علي المحني( صنعاء) على اتفاق إقامة المشروع الاستثماري المشترك للموارد الطبيعية بين محافظتي مأرب وشبوة، وأطلق عليه تسمية ( الشركة اليمنية للاستثمارات) النفطية والمعدنية) وبتاريخ 16يناير 1986م صادق الرئيس علي عبد الله صالح على الاتفاق واصدر القانون رقم (1) لسنة 1980 الذي يقر فيه المشروع.
في الفترة 28/4-3/1989م عقدت سكرتارية المجلس اليمني الأعلى دورتها الأولى لعام 1989م.
في الفترة 21-23/3/1989م عقدت اللجنة الوزارية المشتركة دورتها الأولى لعام 1989م. برئاسة رئيسي مجلس الوزراء في الشطرين عبد العزيز عبد الغني ( صنعاء) وياسين سيعد نعمان) ( عدن) وكان ذلك في صنعاء للوقوف على تقارير سكرتارية المجلس اليمني الأعلى وما تم إنجازه فيما مضى من قبل اللجان المشتركة، وتم تشكيل لجنة التنظيم السياسي الموحد في هذه الدورة، وأقرت اللجنة الوزارية استئناف لجان الوحدة لأعمالها، وكذا أقرت عددا من التوصيات الهادفة لتطوير التعاون والتنسيق بين الشطرين.
في الفترة 31/10/2/11/1989م. عقدت لجنة التنظيم السياسي الموحد دورتها الأولى بمدينة (تعز) وتم مناقشة عدة مسائل مهمة منها، الصيغة المناسبة للتنظيم السياسي، وبرنامج التنظيم ونظامه الداخلي، وأهمية دراسة تجربتي المؤتمر والاشتراكي والتوفيق بينهما في إطار الصيغة المناسبة للتنظيم الموحد عرضت أربعة بدائل هي:
1. اندماج المؤتمر الشعبي والحزب الاشتراكي اليمني في إطار واحد.
2. احتفاظ كل من الحزبين باستقلاليتهما ومنح حق ممارسة النشاط السياسي للقوى الأخرى.
3. حل كلا الحزبين وترك الحرية لقيام التنظيمات السياسية.
4. تشكيل جبهة وطنية من ائتلاف الحزبين وبقية القوى الوطنية الأخرى مع احتفاظ كل قوة باستقلالها.
حادي عشر: اتفاق لقاء قمة عدن
بمناسبة العيد الثاني والعشرين لاستقلال جنوب الوطن اليمني عقد الرئيس/علي عبد الله صالح, والرئيس/ علي سالم البيض في الفترة (29-30 نوفمبر 1989م. قمة عدن، الذي تم خلالها المصادقة وإقرار مشروع الدستور الدائم لدولة الوحدة، الذي أنجزته اللجنة الدستورية المشتركة بتاريخ 30/12/1981م وكذلك اتفقا على:
1. إحالة مشروع الدستور إلى مجلسي الشورى والشعب بالشطرين للموافقة عليه خلال مدة أقصاها ستة أشهر.
2. إجراء الاستفتاء على مشروع الدستور وانتخاب سلطة تشريعية موحدة (للدولة الجديدة).
3. تشكيل لجنة وزارية مشتركة تضم وزيري الداخلية للإشراف على ما سبق ذكره خلال مدة أقصاها ستة أشهر.
4. دعوة الجامعة العربية لإيفاد ممثلين عنها للمشاركة في أعمال اللجنة.
5. سرعة استكمال المتعلقات المتفق عليها في الاجتماعات والقمم السابقة خلال مدة زمنية أقصاها شهران.
6. التأكيد على لجنة التنظيم السياسي الموحد بالإسراع في إنجاز مهامها خلال مدة زمنية أقصاها شهران.
- في الفترة 8-10 يناير 1990م عقد اجتماع لجنة التنظيم السياسي الموحد، وأقرت اللجنة أن البديل الثاني لصيغة التنظيم السياسي الموحد هو الخيار الأفضل لدولة الوحدة، والذي كان ينص على: ( احتفاظ الحزب الاشتراكي اليمني والمؤتمر الشعبي العام باستقلاليتهما وحق القوى الوطنية والشخصيات الاجتماعية والوطنية بممارسة نشاطهم السياسي).
- في الفترة (20-22/1/1990م) انعقد الاجتماع الأول لمجلس وزراء الشطرين في صنعاء لمتابعة أعمال اللجان وحثها على سرعة استكمال أعمالها.
- في الفترة (1-2/3/1990) التقى رئيسا وزراء الشطرين في القصر الجمهورية بتعز لمناقشة ما تم إنجازه من أعمال اللجان الوحدوية، وعملية دمج المؤسسات والمصالح والهيئات بين الشطرين.
- في الفترة (20-22/3/1990) عقد الاجتماع الثاني لمجلسي وزارة الشطرين بمدينة ( عدن) والذي تم فيه إقرار مشاريع القوانين لمختلف المصالح، وكذا إقرار مشروعات اللوائح التنفيذية والتنظيمية الخاصة بدمج الوزارات والأجهزة والهيئات والمصالح المؤسسات، وأكدا على ضرورة استكمال القوانين واللوائح غير المنجزة.
- ثاني عشر : اتفاق إعلان الجمهورية اليمنية وتنظيم المرحلة الانتقالية.
في الفترة 19-22 إبريل 1990م شهدت العاصمة التاريخية صنعاء أول اجتماع لكامل قيادتي الوطن اليمني، وتم خلال الاجتماع التوقيع على اتفاق إعلان الجمهورية اليمنية وتنظيم الفترة الانتقالية من قبل الرئيس علي عبد الله صالح، والرئيس علي سالم البيض، وحدد الاتفاق النقاط التالية.
1- أن تقوم بتاريخ 22 مايو 1990م الموافق 27 شوال 1410هـ بين شطري اليمن وحدة اندماجية كاملة تذوب فيها الشخصية الدولية لكل منهما في شخص دولي واحد يسمى ( الجمهورية اليمنية) ويكون لها سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية واحدة.
2- تحديد صيغة الحكم للفترة الانتقالية بمجلس رئاسي من خمسة أشخاص ينتخبون من بينهم رئيساً لمجلس الرئاسة في أول اجتماع وكذا نائباً للرئيس. ويشكل المجلس عن طريق الانتخابات، ويمارس اختصاصاته فور أدائه اليمين الدستورية.
3- تحديد الفترة الانتقالية بعامين ونصف، يكون خلالها أعضاء مجلس الشورى ومجلس الشعب مضافاً إليهم (31) عضواً يعينهم مجلس الرئاسة جميعهم بمثابة مجلس نواب.
4- تشكيل مجلس استشاري من (45) عضواً في أول اجتماع لمجلس الرئاسة.
5- يكلف مجلس الرئاسة في اجتماعه الأول لجنة فنية لتقديم تصور حول إعادة النظر بالتقسيمات الإدارية للجمهورية بما يكفل تعزيز الوحدة الوطنية وإزالة آثار التشطير.
في 21 مايو 1990م اجتمع مجلس الشورى بصنعاء، واجتمع مجلس الشعب بعدن، وأقر كل على حدة مشروع دستور الجمهورية اليمنية، في حين توجه الرئيس علي عبد الله صالح إلى عدن، ليعلن من هناك قيام الوحدة الاندماجية في يوم 22 مايو 1990م، وقام أيضا برفع علم الجمهورية اليمنية (دولة الوحدة) على مقر (قاعة فلسطين) بعدن، ومن حوله الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وعلي سالم البيض وحشد هائل من المسئولين وجماهير الشعب اليمني الذين جاءوا من كل مكان ليشهدوا هذا العرس التاريخي العظيم الخالد.


ارسل هذا الخبر اطبع الخبر
حقوق الطبع محفوظة © للمؤتمر الشعبي العام 2004
تصميم الموقع: ديزاين جروب للدعاية والإعلان