الجمعة, 29-مارس-2024 الساعة: 12:54 م - آخر تحديث: 05:05 ص (05: 02) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
قراءة متآنية لمقال بن حبتور (مشاعر حزينة في وداع السفير خالد اليافعي)
محمد "جمال" الجوهري
السِياسِيُون الحِزبِيُون الألمَان يَخدعون ويَكِذِبُون ويخُونُون شعبهم
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
ثقافة

بمناسبة صنعاء عاصمة الثقافة2004م بن زيمة يكتب عن أخر الأمثلة اليمنية

المؤتمر نت-بقلم /فاروق بن زيمة -
الغفوري مبدع نجا من سوء الاختيار
لست متيقنا من وجود، من بين الزملاء القراء المتذوقين لشعر مروان الغفوري، من يخالفني تصورا أكنه لشاعريته الفذة، التي طالما، ابهرنا عبرها، بقصائد مفعمة بالقوة والتكامل والإمتاع، مقارنة بمن عداه، من شعراء الملتقى، وغير الملتقى، حيث المشهد الشعري حافل بمراجل للإبداع، تلطف الأفق بسحب من طيف وبخار.
ليس الغفوري، بالشاعر الذي تحجم الذائقة الإبداعية عن تحريض المشاعر على تسيير مظاهرة صاخبة إلى عتباته، تعبيرا عن الإعجاب الذي يختزنه أصحابها لروائعه، ومن ثم لاتقف حيالها مشلولة بالتبلد، لاتمارس حراكا يجسد امتنانا لموهبته الشعرية غير الخافية على فطرة المتلقي العادي، فكيف بالقارئ المتمرس في سبر أغوار القول الجميل، بذوق رفيع ونافذ.
يساورني اعتقاد بإجماع متابعيه حول إبداعية الغفوري، برغم إن الإجماع ليس بالذي يقرر جودة، أو يرجح تفوقا، ولكنه يدل على انحيازية بالوقوف بشفافية إلى جانب شاعر، تؤكد كل التجارب، إن إحساسا لذيذا ينتاب المتلقي، بان الغفوري، يطوف محلقا في فضاء شعري رحب، محاطا بمعجم مفردات عصية، ليس على الاستخدام، على مختلف مستوياته، وحسب، وإنما أيضا، عصية على الفهم، في أكثر مستوياته حضورا. فكيف بالتوظيف الشعري الأمثل، المقترن بحشد ضاج بالصور المعبرة بإبهار، وتضمينات نابهة، تخدم الترميز، ومقوم السياق الشعري، وقوامه الرشيق الرافد، بحسب موقع الشاعر من التميز الفطري، بأهمية المقاربة، فيما بين إغراض، يجد المبدع نفسه، مكلف عن وعي بتمثلها، عن التزام صارم، وغير متزمت.
كما، ربما إن شاعرنا، قد حيرمعجبيه وارقهم، وهذا الأمر لست متيقنا منه آلافي نطاق ضيق، حينما تخير، تخصصا علميا هو الطب، ليضيف إلى تعقيدات الحالة، كما من المنظور العادي، هالة من تعقيدات إضافية. وهو خيار طبيعي ويتم اللجوء إليه، من قبل المتفوقين، كبديل أفضل، عن لو اختار، أكاديميا، الالتحاق بكلية الآداب، غير المتاح لعبقرية القائمين عليها، تقديم شاعر مؤهل، كامل الأوصاف، ومكتمل الأدوات والشروط والنفاذية.كما ليس في مقدورها، إعطاء إضافة لطالب، هو في الأصل، قد توفر على مقومات الأديب بواسطة التلقي الذاتي، مدعما بالموهبة، وقدر من التمثيل المعرفي الخارق للعادة.
لايعطي مروان، وقد نجا من سؤ الاختيار، ووفق بالانضمام لكلية تحقق له نزوعا، هو جزءا ساس في مكونه(الانقريدينتي) إلى سلوك طريق التحدي، وممارسة، مايعتقد بعض السذج انه التهور، أو المراهقة الاختيارية، معتقدين، بمحض الانطباع،انه قد أتى بدعة، وضاجع واقعة تاريخية غير مسبوقة، ملتمسا إن تمنحه امتيازا بالتفرد. في حين إن تاريخ الإبداع، قد دون اسماءالمئات من الأمثال، في مختلف مراحله، ازدهرت فيها ظواهر مماثلة عانت فيها الخيارات من جرأتهم، وحارت في نوازعهم، مجتمعاتهم في حينه. وستظل هذه الظواهر تتكرر، كلما ظهرت في أفاقنا سحبا محملة بالمزن، وبالبشرى بقرب هطول الإمطار، في شكل أفذاذ، لايقيمون وزنا لما يسمى بالصعاب، ولا ينهارون في مواجهة التحديات.
من الشواهد، على خيارات من هذا القبيل، هناك حالات كثيرة، حاكى فيها نخبة من المتفوقين شاعرنا الغفوري، حتى وهو لما يزل في كنف الغيب، واقتدوا بروح التحدي الواعي التي تتقمصه، قبل إن يرى النور، في سياق ماعرف أزليا بتوارد الخواطر، بين الشركاء، في ذات المزايا من المبدعين ممن يتوزع عليهم إعجاب الناس وهوسهم وجنونهم. وبعد إن أعلن عن ظهوره،
كانت معايير القياس قد حورت، واعتمدت في محلها معايير أخرى، بدعاوى الحق با لتقادم، وأولوية اقتداء الخلف بالسلف، بدون أن تتأثر القاعدة الأصلية التي تقرر آليا ويدهيا إن
وظيفة العبقري في الحياة، تتعدى النجاة بالنفس في الوجود من مأزق اليومي ومؤثراته السلبية، مثل قصر المحاولات على التسلق صعودا إلى السطح، للاستمتاع فيه بحمام شمسي يكرس هزالا، في الهوى الطلق، ويعفي صاحبه، من مكابدة الصعاب، بعيدا عن التحدي والمواجهة مع الوجود، ممثلا بنوعية مقتدرة من ومجوداته، ممثلة بكائنات فاعلة، استثناء، وليس القابعة منها، في ركن قصي على الهامش، سائبة بين موائد المعرفة، تقتات مما دنى من مشا فرها من فتات الموائد.
عملاق ملتقانا، مبدع مرشح لعضوية نادي عباقرة الشعر، لاحقا, وذخر اليمن شعريا، ويوسفها الثقافي، لمواسم حصاد ثقافي قادمة. هذا مايفصح عنه حاليا، جهد تكونه الذاتي حيث هو في غير عفوية، وعلى نحو كيفي رائع، يوهله لقيادة فصيل أمناء صوامع غلالنا، مجاورا لأفذاذ، في أكثر من موقع، من التاريخ والجغرافيا، اتخموا الحياة الإنسانية بألوان من التحديات أدارت إليهم الأعناق. هذا الفصيل المروع من العباقرة، ممن خاضواعبرالتاريخ ، بلا هوادة ، بحثا عن هوية الشموخ، في مواجهات نادرة، مع الذات والاخرعن وعي واقتدار، مؤكدين إن الهوية الإبداعية تنتزع ولا تهدى. وان المبدع أبدا لن يكون إلا كما يريد هو ووفق شرط النقرالدؤؤب على ذاكرة الإبداع، في إشعال ابدي لنار التحدي، بدون اعتناق لمبداء المخالفة، مؤسسين لقيم أخر، أنجزت وجوديا، ناموسا فاعلا، باتساق مع التعريف العلوي غير الغافل عن شرط النبوغ ولا يقف بالمحفزين ،عند حد التذرع بالظروف وإيكال الهزائم إليها، أو لقسوة النيل واستحالة التلقي إما لطبيعة اختلاف الإرادة والتباين مع ألا خرفي حجم الاستعداد اولعدم التماثل معه. باقتفاء الصعب لأنه المجلي المثالي للفحولة الكامنة في الأغوار العميقة من وجدان الكائن المبدع.
مروان الغفوري ، أو الدكتور البشري القادم للحياة العامة، طالب الطب الحالي بكلية طب عين شمس والشاعر،هو آخرالامثلة اليمنية، مع الاختلاف عن، وبعدالتجاوزطبعا، عمن قد تخونني الذاكرة عن رصد أسمائهم، وضمهم إلى قائمة رموز الإبداع المحلي، إضافة للمقالح وباكثير والبردوني، مثلث الإبداع الشعري والنثري في الأدب اليمني المعاصر، في القرن الميلادي المنصرم، والى ماشاء الله بالنسبة للأول.
يتحلق الغفوري( 23 عاما فقط)، وأظنه قد بلغ ال24، مع نخبة من العباقرة، سبق عبر التاريخ إن تشبهوا به، وتعاطوا في الخفاء، بنسخ غير منقحة، من إرادته وغرائبيات خياراته العلمية العاكسة بشفافية مطلقة عن حجم مخزونه الجرأوي ، ليس وحسب، وإنما كذلك، الكيفية التي ينهل بها غذاوه الثقافي العام بنهم ينم عن شراهة، للتزود والتحصن لمراحل مابعد التخرج عندما يخوض في مجالات لا تتصل بحقل تخصصه العلمي الذي يشغل، على صعوبته، حيزا حيويا من وقته المشغول ، في تحد لانظير له، بما يحتل الأولوية في ذهنه.
من أولئك العباقرة، الروائي الأمريكي سومرست موم، وهو طبيب لم يتمكن قبل التحاقه بكلية الطب، من اكتشاف موهبته الروائية تاركا المهمة لاحقا لعجوز من مرضاه، كتب له موم تقريرا طبيا عن حالته. تناوله منه المريض العجوز ومضى بقراء التقرير بشغف وتذوق حتى بلغ رصيف الشارع، قبل أن يعود إدراجه مصعوقا إلى العيادة في الدور العاشر،ليسأل موم: لماذا أنت هنا؟ سكت العجوز المريض، ليأخذ نفسا، واكتفي الطبيب المداوي، بفرد ابتسامة أشرقت في وجهه مثل نهار صحو، قبل أن يضيف المريض: ستقول أعالج المرضى من أمثالك، ولكني سأقول لك، مكانك ليس هنا حيث عدد من يتلقى العلاج قليل، أنت يأبني روائي موهوب، وبالانصراف لكتابة هذا اللون الأدبي الراقي، ستجد عدد من يشفون من الإمراض اكبر. والثاني: السياسي الإنساني الإفريقي ليوبولد سينغورالذي رأس بلدا افريقيا غالبية سكانه من المسلمين، ما دعاه، بإيثار نادر إلى إعداد رئيس مسلم، من أوساط الأغلبية لخلافته. مفضلا القراءة وكتابة الشعر الذي برع فيه عالميا، على النفوذ السياسي والتسلط على مصائر العباد. والثالث: المهندس العربي المصري، الشاعرعلي محمود طه. أما الرابع: فهو الشاعر المصري العربي الخالد إبراهيم ناجي. والخامس: المناضل الاممي، الأرجنتيني الأصل، ارنستو تشي غيفارا، الطبيب الذي استبدل، بعد التخرج، المشرط بالكلاشينكوف، مستجيبا لنداء محاربة الامبريالية الامريكيية، والتصدي لنفوذها المستشري، حتى مات في نزال جري مع المارين في أدغال بوليفيا من بلدان أمريكا الجنوبية. جميع من تقدم ذكرهم، وآخرون، لم نحط بتجاربهم بما يكفي لتبرير إيراد أسماءهم، تعمدوا التجاوز، عند اختيار تخصصاتهم العلمية، عن مكامن قوتهم الفعلية، غير المتوافقة، والمتجانسة، مع البذرة الأخذة في التفتح في أغوارهم البعيدة، مستعينين بمحض إرادة التحدي لإثبات الوجود، ورغبة التأكيد على الذات فيما يشبه الإبهار في المحيط ، تاركين لنزوع التحدي فيهم ممارسة حقه في صياغة هويتهم التاريخية، وخوض حظوظا من المجاهدة بفرص في النجاح يكتنفها الغموض. لينتجوا أساسيات مؤكدة في أدائهم بإبداع، فيما هم، في الأصل، قد تقمصوه ، صغارا حينما كانوا أسرى الفصول الدراسية، دون وقوع أي جزئية من العبقرية غير المجزاءة في براثن الإخفاق، من نتيجة تهور لم يحتاطوا له، قبل إن يحيدوا بعدما زكي ما تفوقوا فيه في العلن، ويتجهون في غمرة النشوة ، بما زكته فيهم مكوناتهم الفذة، وتلك أللآلي التي دأبوا، مبكرا، إحضارها من غبب المحيطات الهائجة.
قريبا ستدفع التطورات المتلاحقة، بوتائر متسارعة، بموهبة الغفوري الشعرية، إلى حيز فعلها، الذي لم يحدث إن أوهم الآخرين إلى اللحظة، اواشار، مستغفلا، إلى حيث لن يكون له فيه، نفس أو بصمة اولامزاج. السؤال غير المفروض على احد، هل وضع الغفوري من قبل، ولي أمره مثلا، عنوة في مأزق الاختيار غير الموفق، دون أن يمنحه حرية المفاضلة بين الشعر والطب؟ أم إن خيار التخصص العلمي من اختياره الواعي؟، ملتمسا، وهو مغمور بكل حواسه في هواية قول الشعر؟. من مروان الطبيب، كفالة مروان الشاعر؟ المؤكدة شاعريته، بالدليل الشعري القاطع، في أكثر من قصيدة. شخصيا لا أظن إلا إن نمو الغفوري الذهني المذهل يعطي الدليل، قبل الانطباع، على انه يمسك بزمام إرادته بيد فولاذية، ويديرها بإرادة من الصلب، وانه اختار تخصص الطب يطوعه واختياره، ليس لان الشعر، لايلقن في الجامعات كبديهية يعيها الادباء وليس المتأدبين. وإنما لان ضرورات المضي في التحصيل، وليس التحول من إنسان عادي في الحياة، قد قضت بتحري تخصصا إنسانيا، مكانه الطبيعي كليات الطب؟. أعود ووأكد على استحالة عزل الغفوري كحالة، بعيدا عن حالات واعية سبقته في بتبني خيارات مماثلة، أوردنا آنفا نماذجا منها.
مايعزز خيار الغفوري، بالانحياز إلى تخصص الطب، وجود قاسما إنسانيا مشتركا، بين الأدب والطب ، ولا وجود لأي تعارض بينهما، اللهم إلا في جزئية بسيطة، فيما بين، فرص إسداء علاج للمرضى، فيما بين العلاج بالشعر والعلاج بالطبيب، كما في تجربة تحول" سومرست موم، من العلاج الإكلينيكي، إلى العلاج بالرواية، بحسب نصيحة أحد مرضاه.
السؤال الذي قد يقحم، مع قلة وجاهته. هل هناك عامل عبثي في اختيار هذه النوعية من المبدعين دراسة تخصص لن يبددوا وقتا في ممارسته بعد التخرج؟ وان المسألة برمتها لاتتعدى حالة نفسية قضت بالرغبة في إثبات الوجود؟ باعتقادي إن الخيارات الواعية، لا تكون بهدف التبديد، وإلا كيف يوظف صاحب خيار تخصص غاية في الصعوبة في التعقيد ثم تبعا للتطورات اللاحقة لا ينخرط فيه، أي يتجاوز عن جعله مدرا لدخله، خصوصا وانه قد صرف جهدا ووقت، وألحقهما بتفوق كما يفعل ألان مروان الغفوري طالب الطب في جامعة عين شمس.
الموهبة في الإنسان، هي آلية إدراك الحقائق بكرا وايلائها ماتستحق من العناية والتركيز، للوصول بها مبكرا إلى غايات قطف الثمار في التوقيت المحدد، دون الدخول في سذاجة الربط بين الاستعداد والمنافع المادية.
هذا هو ديدن المتفوقون تاريخيا، وتلك هي المصائر التي تسفر عنها جهود العبقرية ذات النزوع لعدم إقامة وزن لإحكام غير متوازنة ولا تخضع لأدراك لاستنجزه مواهب بذات المواصفات ، ولعلها لا تعول على الأماني والتطلعات الوافدة من بؤر بدائية تضج بتباينات لاتراعى فيها حقيقة:على قدر أهل العزم تأتي العزائم.
وبالمزيد من الإرهاق والسهر يامروان الغفوري.








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "ثقافة"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024