يدعو المؤتمر نت زواره ومتصفحيه الكرام وكافة المهتمين للمشاركة في إثراء مشروع التعديلات الدستورية بالمقالات والتحليلات النقدية البناءة وإرسالها عبر تعبئة النموذج
الاسم: *
البريد الكتروني:
موضوع الرسالة: *
نص الرسالة: *
ملف مرفق:
كود التأكيد: *

 
 

 

مونديال ألمانيا
الأربعاء, 12-يوليو-2006
- لربما حق للجزائريين وحدهم من دون سائر جماهير العالم الكروية، أن يزايدوا على الفرنسيين في شدة حزنهم على تضييع حلم التتويج بكأس العالم الثانية في ألمانيا، فملامح الحزن وأجواء ما قبل المباراة وبعدها لم تختلف كثيراً في شوارع الجزائر عنها في باريس. وطبعاً، لا حاجة للاعتقاد ثانية واحدة أن الجزائر عادت مستعمرة فرنسية، أو أن الجزائريين تراجعوا عن مطالبة فرنسا بالاعتذار عن جرائمها الاستعمارية! غاية ما في الأمر أن لاعباً من أصل جزائري صنع مجد فرنسا، وملك قلوب الملايين من الجزائريين ممن «ضغطوا» على جراحهم التاريخية، وتحولوا مناصرين لمنتخب «الديكة» من أجل عيون زين الدين زيدان لا غير.

وبخلاف المباريات الكروية الحاسمة للمنتخب الجزائري، ونهائي الدوري بين مولودية العاصمة واتحاد الجزائر، لم يسبق لشوارع العاصمة الجزائر أن خلت من الحركة، كما حدث قبل ساعات من انطلاق المباراة النهائية بين فرنسا وإيطاليا، بينما اكتظت المقاهي الشعبية عن آخرها بشباب وشيوخ، وتسمرت آلاف العائلات الجزائرية في بيوتها، تترقب مشاهدة الظاهرة زين الدين زيدان، الأمر الذي تسبب في اكتظاظ حركة المرور، وحدوث بعض المناوشات الكلامية بين سائقي السيارات والمواطنين، بسبب شجارات سببها الحرص على الوصول باكراً، لمشاهدة نهائي «المونديال»، حتى أن شاباً فشل في الظفر بمقعد في سيارة التاكسي نجح في إقناع فتاة بالتنازل له عن مقعدها، حينما خاطبها متودداً «اختي، ألا أثير شفقتك حينما تفوتني فرصة مشاهدة زيدان...»!

وحتى الرئيس بوتفليقة الذي أثنى على زيدان، قرر في سابقة أولى تقديم موعد اجتماع مجلس الوزراء ساعات، حتى يسمح لنفسه ولوزراء الحكومة بمشاهدة « زيزو». وسبق لبوتفليقة أن تدخل شخصياً قبل بداية «المونديال»، وطلب من رئيس حكومته تقديم 10 ملايين دولار من أجل اقتناء حقوق مشاهدة مباريات «المونديال» من مسؤولي قناة « آرتي»، وعدم حرمان الجزائريين من متعة مشاهدة «المونديال».

وعلى خلاف سائر جماهير الكرة في العالم، فإن مناصرة زيدان ليست مجرد متعة مشاهدة فنيات في كرة القدم، بل تشجيع زيدان ومشاهدته يتحولان إلى «قضية وطنية» في نظر الكثير من الجزائريين، مادام الأمر يتعلق بنصرة أفضل لاعب أنجبته الجزائر، وإن لم يلعب لها، لكنه عرف كيف يكسب قلوب الجزائريين، بتصريحاته الكثيرة التي أثنى فيها على جمهوره في مسقط رأسه.

ولشدة تعلق الجزائريين بزيدان، يتداول الكثيرون قصة لا يعرف مدى صحتها من عدمه، تقول إن زيدان حضر إلى الجزائر للعب لمصلحة المنتخب الوطني قبل تقمصه ألوان منتخب الديكة، لكن المسؤولين في المنتخب الجزائري آنذاك رفضوه بحجة أنه لاعب ثقيل الحركة. والمثير أن هذه القصة راجت كثيراً في أوساط الجزائريين، ولا يزال الكثيرون يصدقونها، ولا أحد يعرف إن كانت صحيحة أم لا؟ .

وحينما شاهد العالم بأسره اللقطة التي ستصنع الحدث طوال الأيام والسنوات المقبلة في نهائي «المونديال»، لما أقدم زيدان على ضرب اللاعب الإيطالي برأسية موجعة في بطنه، على طريقة «الثيران»، ربما كان الجزائريون وحدهم من لم يأسف كثيراً لتصرف زيدان، على رأي أحمد (28 عاماً) العاشق للاعب الأسطورة، الذي علق على اللقطة بقوله: «صحيح أنني حزنت كثيراً لمغادرة زيدان لـ «المونديال» وملاعب الكرة بتلك الطريقة، ولكنني متأكد من أن زيدان سمع كلاماً قبيحاً أساء لسمعته، فلم يشأ السكوت عن تلك الإهانة» مضيفاً: «أنه جزائري مئة في المئة، وصاحب نخوة وأنفة، فنحن لا نقبل الظلم والهوان حينما نمس في كرامتنا».

وعلى النقيض، يوجد جزائريون يرفضون تشجيع المنتخب الفرنسي ولو لعيون زيدان، تحكمهم في ذلك قناعات دينية وتاريخية، إذ يقول نبيه (38 عاماً): «إنها قناعة لا تقبل النقاش عندي، صحيح أنني أعشق زيدان وفنياته، لكن بمجرد أنه قرر اللعب لمصلحة المنتخب الفرنسي، لا يمكنني تشجيع هذا البلد الذي عذب آبائي وأجدادي، ويرفض اليوم الاعتذار عن جرائمه، ثم أقابله أنا برفع راياته في الملاعب، إنها خيانة لدماء الشهداء، لا أقبلها تحت أي مبرر كان».

أما عمر (22 عاما) طالب جامعي، فله رأي مناقض تماماً، وصرح يقول: «أنا أناصر زيدان لأجله هو، وليس حباً في منتخب فرنسا، فزيدان لاعب جزائري الأصل، وأنا أناصره، لأنه أثبت ولاءه لوطنه الأم، ولم يتوان عن الوقوف معنا في الأزمات، فكثيراً ما تبرع لمصلحة الجزائريين في النكبات، كما أنه لاعب مسلم، ومن أجل هذا السبب بالذات أناصره رفقة فرانك ريبيري الذي أشهر إسلامه».

أما عمي عبد القادر فيقول مبتسماً: «أنا مجاهد حاربت الاستعمار، لكنني تمنيت فوز فرنسا بكأس العالم لسبب بسيط، فقد كان لنا ابن في الفريق اسمه زيدان، واليوم لدينا صهر أيضاً اسمه فرانك ريبيري، أسلم على يد جزائرية وتزوجها، فنحن من صنعنا أفراح فرنسا وليس الفرنسيون».

وعلى خلاف الفرنسيين الذين قد تمتد جراحهم طويلاً لتضييع التاج العالمي الثاني في كرة القدم، سرعان ما تناسى الكثير من الجزائريين «صدمتهم» برؤية زيدان يعتزل بتلك الطريقة «المحزنة»، فما يهم الجزائريين الآن هو رؤية زيدان في مسقط رأسه في الأشهر المقبلة، كما وعد بذلك مباشرة بعد اعتزاله ملاعب الكرة.

قرية « آقمون» الواقعة في مرتفعات منطقة «اتيشي» في ولاية بجاية، على بعد 230 كيلومتراً من الجزائر العاصمة. في تلك القرية التي يقطنها سكان من أصول قبائلية بربرية، ولد أسطورة الكرة العالمية زين الدين زيدان.

قرية «آقمون» يرتقب أن تتحول إلى قبلة للصحافيين، من مختلف دول العالم في الأشهر القليلة المقبلة لتقتفي آثار زيدان الذي قال في حوار إعلامي له، إن أبرز مشاريعه المستقبلية هي زيارة مسقط رأس أبيه، وهناك سيلتقي زيدان شقيقه «جمال زيدان»، وملايين الجزائريين الذين يعدون باستقباله على طريقة الملوك والرؤساء، ولا يستبعد أن يحظى زيدان أيضاً باستقبال رسمي ضخم، نظير حبه لوطنه الأم ومساندته في فترات الزلازل والفيضانات التي عرفتها الجزائر خلال السنوات القليلة الأخيرة.
(الحياة)
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
تصميم وتطوير: ديزاين جروب