الخميس, 13-يوليو-2006
  بهاء حمزة - في أغنية العندليب الأسمر الشهيرة التي صاغها قلم المبدع نزار قباني رسالة ممن تحت الماء يقول حليم " لو أني اعلم خاتمتي ما كنت بدأت" وفي فيلم غزل البنات المصري يقول نجيب الريحاني أو أستاذ حمام مبررا سبب تسميته بعد أن أبدت ليلى مراد استغرابها الشديد منه " أبويا سماني كده علشان كل واحد ستريق علي سوية".

وبين المعنيين قاسم مشترك يربطهما بزين الدين زيدان الفرنسي الجنسية الجزائري الأصل (والذي يغضب القراء عندما يصفه احد بالعربي رغم أن الجزائر حسب علمي المتواضع دولة عربية إسلامية وبالتالي كل من يحمل جواز سفرها يصبح جزائري عربي مسلم مع الاحترام للقوميات الموجودة هناك لأننا لو فتحنا باب الاعتراف بالقوميات سنجد مصريين يرفضون "عربنتهم" لأنهم فراعنة والسودانيون أفارقة وهكذا أي إننا لن نخلص).

أوقل أن المعنيين ارتبطا في ذهني بزيدان وأنا أتابع كل ما يقال عن هذا النجم المحترم خلقا ولعبا في مجال ليس فيه الكثير من أمثال زيدان وذلك لأنه ببساطه لم يلق من أصله العربي سوى الغلب ووجع القلب، فهو لا يعجب العرب الذين لا ينكرون عروبتهم لأنه يلعب باسم فرنسا ويحمل جواز سفرها وهو يعتز بأنه فرنسي وهو ما يقوله الرجل منذ أن ظهر في الملاعب أي انه لم يتنكر لأصله بعد أن ذاق طعم الشهرة وإنما هو صاحب مبدأ دائم سواء اتفقنا معه أم لا، كما انه لا يعجب أصحاب الغرض لأنه مثال على ما يمكن لعربي مسلم أن يحققه من نجاح إذا ما اتيحت له الفرصة للتعبير عن موهبته مثله في ذلك مثل كثيرين في مجالات مختلفة ومنهم على سبيل الحصر زويل ومجدي يعقوب.

وأخيرا هو لا يعجب العالم الغربي نظرا لأنه مهما بلغ من موهبة ومهما قدم للبلد الذي نشا فيه ويحمل جاوز سفره وهو فرنسا من خدمات ومهما ساعد منتخبها على تحقيق بطولات فهو في نظر البعض من أمثال جين ماري لوبان مهاجر لا ينتمي ولا يستحق الانتماء إلى الجنس الفرنسي الراقي.

ويبدو أن مشاكل زيدان بسبب عروبته لا تتوقف عند أي حد حيث قرانا اليوم أن السيد بلاتر زعيم الفيفا والذي تورط في واحدة من اكبر فضائح المرة العالمية وتحديدا شراء أصوات انتخابية وهي الفضيحة التي انكشفت بعض خيوطها خلال انتخابات الرئاسة التي أقيمت قبل أيام من مونديال كوريا واليابان، هذا الرجل الذي هو بالتأكيد ليس فوق مستوى الشبهات يؤكد أن جائزة أفضل لاعب التي نالها زيدان في المونديال الحالي ربما (أو في الأغلب) ستسحب منه بسبب سلوكه وهو تصرف ما كان يمكن أن يحدث مع زيدان لو لم يكن أصله عربي.

كذلك فانه لولا ذلك العرق العربي الذي حير الشاب منذ أن كان صغيرا تفتحت عينه ليجد نفسه يعيش في فرنسا ويرطن بلغتها ويتعلم نشيدها الوطني والمؤكد انه عندما وعى ما يحدث وسال عن أسبابه قوبل بإجابة أن ظروف أسرته في الجزائر وفقرها هو الذي دفع رب الأسرة لعبور المتوسط بحثا عن حياة أفضل لأولاده وهو ما يحدث لعشرات الآلاف بيننا يتركون بلادهم وحياتهم ليبحثوا عن عيشة كريمة في إحدى دول الغرب، لولا ذلك العرق العربي ربما لما نال بطاقته الحمراء الشهيرة التي رأينا كثير من العرب يشمتون فيه بسببها ويؤكدون انه نالها بسبب عرقه العربي الذي جعله يتصرف بهمجية أجداده ويتخلى عن الذوق والرقي الفرنسيين!! ليس فقط لأنه لو لم يكن عربيا لتصرف برقي غربي (وكأنما نشاهده من قتلى ومصابين في ملاعب الغرب يسئل عنه العرب أيضا) وإنما لان المدافع الإيطالي ماتيراتزي لم يكن ليجد سبابا من عينة "يا ابن العاهرة الإرهابية" يستفز به هذا النجم في وقت حرج من المباراة بحيث يجعله يخرج عن حالته الطبيعية وينطحه تلك النطحة العربية التي لا يعرفها الأوروبيون المهذبون.

وبعد كل هذا ترى هل يغني زيدان في نفسه الآن جملة حليم الشهيرة أو انه يردد قول الأستاذ حمام بأنه ولد جزائريا ليعيره الجميع بأصله والعربي قبل الأوروبي؟! شخصيا اعترف إنني مشفق عليه من جزائريته وعروبته اللتين لم تجلبان له سوى كل مرارة.
إيلاف
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 09-يونيو-2025 الساعة: 01:45 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/dostor/32766.htm