الأربعاء, 07-مايو-2025 الساعة: 04:47 م - آخر تحديث: 03:46 م (46: 12) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
30 نوفمبر.. عنوان الكرامة والوحدة
صادق‮ ‬بن‮ ‬أمين‮ ‬أبوراس - رئيس‮ ‬المؤتمر‮ ‬الشعبي‮ ‬العام
الصَّارُوخُ الْيَمَانِيُّ الْعَظِيمُ الذي زَلْزَلَ الكيان
أ.د عبدالعزيز صالح بن حبتور
الذكرى العاشرة للعدوان.. والإسناد اليمني لغزة
قاسم محمد لبوزة*
اليمن قَلَبَ الموازين ويغيّر المعادلات
غازي أحمد علي محسن*
عبدالعزيز عبدالغني.. الأستاذ النبيل والإنسان البسيط
جابر عبدالله غالب الوهباني*
البروفيسور بن حبتور... الحقيقة في زمن الضباب
عبدالقادر بجاش الحيدري
في ذكرى الاستقلال
إياد فاضل*
نوفمبر.. إرادة شعبٍ لا يُقهَر
أحلام البريهي*
فرحة عيد الاستقلال.. وحزن الحاضر
د. أبو بكر القربي
ثورة الـ "14" من أكتوبر عنوان السيادة والاستقلال والوحدة
بقلم/ يحيى علي الراعي*
المؤتمر الشعبي رائد البناء والتنمية والوحدة
عبدالسلام الدباء*
شجون وطنية ومؤتمرية في ذكرى التأسيس
أحمد الكحلاني*
ميلاد وطن
نبيل سلام الحمادي*
المؤتمر.. حضور وشعبية
أحمد العشاري*
ثقافة
المؤتمرنت - بقلم/هشام سعيـد شمسـان -
عن ثقافة العُري وعُري الثقافة
لم تكن ثقافة "العري" مقتصرة، يوماً ما، على أمةٍ دون أخرى، أو على شعب دون آخر؛ فتاريخ الجسد، وثقافته تراثٌ يقع كثير منه، خارج محددات النواميس؛ إلاّ أن هذه التاريخية الثقافية ظلت في كثير من الأحيان، ولدى بعض الشعوب، تُطوى بمستور المنظومات الاجتماعية، والدين، فتصطدم سلطة هذه الثقافة بقداسة الجسد، فإذا ما انفلت العقال الحياتي، والفكري، وتحاوزات الكينونة طقوسها تحرَّر الجسد، وانتقلت ثقافة العري، من التنظيمية، إلى الحسية، والتابو، ثم إلى التطبيع اليومي، بتحويله إلى جزء من الحياة اليومية، كما هو حالنا اليوم.
وتتخذ بعض الشعوب ثقافة "العُري" –كما لدى "الجينية"-الهندوسية –مثلاً- لغاية سامية، إذْ العُري لديهم، لا يمثل لديهم سوى مرحلة متقدمة من السلوك الارتقائي.. ووفقاً لمعتقداتهم، فإنَّ الإنسان، إذا ما وصل لمرحلةٍ يستطيع فيها التخلص مما يستره، كان ذلك دليلاً على تخلصه من رغبات الدنيا، وشهواتها، ومطامعها، فإذا ما شعر بالحياء، ورفض التعري، كان ذلك دليلٌ على أنه مازال متعلقاً بالدنيا، ويجب أن يكافح إلى أن يصل إلى مرحلة التعري الكامل، للهروب من الحياة، والتخلص من كلية المولد (التناسخ).
أما اليوم، وفي ظل تزيين العُري، وتقبيح الاحتشام، والوقار، فقد صارت ثقافة الاستعراء، لا تعني سوى تجييش سلطة الغرائز، ولاتترك مجالاً للعقل، أو للنظام الفكري أنْ يوجد معادلات موضوعية يواجه بها بلاغة الصورة؛ حيث أضحت ثقافة الجسد من ضرورات العولمة، وفلسفة ما بعد الحداثة، بل وجوهرها، التي ترى في جسد الأنثى مرجعاً بذاته.
تقول "سوزان سونتاج" – في كتابها: ضد التفسير- وهو كتاب تؤرخ من خلاله الكاتبة لفلسفة ما بعد الحداثة:" إن أكبر تحدِّ للثوابت، والمعتقدات، والعقل هو "الجسد".
ولهذا- لاغرابة- إذا ما علمنا بأن سياسة الرأسمالية الجديدة- الربحّية- تلهث أكثر ما تلهث خلف ثقافة الاستعراء بالصورة، واللعب على أوتار الغرائز بالجنس.
ولعل السمسار الأكثر فاعلية في تسويق هذه الثقافة اليومية، هو التلفزيون الفضائي، وأغاني "الكليب" التي تلح بالمتعة الدائبة ليل، نهار: أجسادٌ عارية، ورقص طولي، وأفقي، أحال المرأة برمتها إلى موضوع جنسي يصعَّد السعار الغرائزي لدى الصغير والكبير، "ويفجر جنون الشبق لدى أكثر الرجال وقاراً" فما بالك، بالمراهق الشاب؟ فأمست الصورة المتحركة للجسد تُختزل في بعدٍ واحد هو الجنس. ومع الإدمان يضحى هذا الجسد هو المصدر الوحيد للهوية، وهنا تكمن النكسة؛ حيث مشهد العُري اليومي، يولدِّ – مع الوقت- انفلاتاً فكرياً يصل بالفرد إلى تكريس نسبية "العورة" وتخليصها من منظومة العقيدة، التي تحثه عل الاستتار؛كما هو الحال في عقيدتنا الإسلامية التي يرتبط فيها مشهد العُري بـ(العورة)، وبالخطيئة؛ فانكشاف العورة في الإسلام هو دليل بلاء، وفزع، بدليل أنَّ أول خطيئة في الكون ارتبطت بانكشاف العورة- كما في قصة آدم، وحواء:{ فبدت لهما سوآتهما، فطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة} (قرآن كريم)، كما أنَّ الناس يحشرون يوم القيامة عُراة. ولغاية من هذه النظرة إلى "العُري" لا نتعجب في حكاية نسج العنكبوت حجاباً على عورة زيد بن الحُسين –رضي الله عنه- عندما صُلب عُرياناً بعد مقتله. ويعد حجاب المرأة المسلمة "لغةً حضارية كاملة" لأنها بالحجاب تستبدل ثقافة كشف العورة، بثقافة العفة، وجوهر الروح.
أما عولمة الجسد التي تسعى إليها الحداثة المعاصرة، فقد فككت مفهوم "العورة" وجعلت منه معنى نسبياً، تعدُّدي الدلالة، ويتيح معاني استيلادية ترتبط كلها بالشهوة الاستهلاكية، ومنظومة المنفعة الشخصية، واضعةً ثوابت من نحو" الدين، الهوية، الوطن، الثقافة المحلية، الأخلاق، في سياق عولمي محض، هدفه تنميط البشر في متشابهات، ووحدات اقتصادية، تدور وفق قوانين المادة التي توظف العالم المعاصر، ليكون كله في خدمة الكفاءة الرغباتية، المسلَّعة، لذا كان مشهد الجسد- على الجانب الثقافي- هو أهم منجزات أباطرة العولمة، الذين استطاعوا –بكل حذق ومهارة- أن يسوقوه إلينا (نحن العرب والمسلمين): فأزياء النساء، وموضة "الكالسونات"، و"السنتيانات"، والبنطلونات التي تكشف عن خط الأرداف،والعانة، والفضاء الإباحي، والفيديو كليب، و"الفياجرا"، والإنترنت، والكباريهات، والكازينونات، وتصدير المتعة.. كل هذه العوامل حوَّلت المرأة إلى "عضو جنسي، خلفي، وأمامي" كما حولت الرجل إلى متسكع بين أرصفة الغواية، والغريزة، فتناسى قضايا أمته الكبرى، راضياً بالقليل من الأحلام، وبالقليل من الشجب والاستنكار.
ولم يكن عري الثقافة، بأحسن حال، من ثقافة العري، إذْ بانتقال حمى الاستعراء إلى الكتابات الأدبية، لم يتوان الكثير من مبدعينا توظيف هذه الثقافة، فيما يكتبون: شعراً، وسرداً.
يقول أحد الأدباء العرب: "إن المثقف في المغرب، صار يعاني من وطء الكلمات الفرنسية العارية، التي تدعوه إلى ربط كل شيء في الحياة بالجنس.. وصار الكثير منا يتبارى في إبداء العورات..".
قد يتساءل أحدنا: لماذا كانت ثقافة الجسد، والاستعراء، أحد أدوات الحداثة، والعولمة الفعالة.. دون غيرها؟
نقول: لأنَّ من فلسفة العولمة، وأهداف الحداثة، مصادرة الخصوصيات، الثقافية، والأخلاقية، وخلخلة الثوابت، والمرجعيات؛ ذلك أنَّ هذه المكونات بنظر الحداثة، والعولمة، عوامل إعاقية للانفتاح العالمي.. لذلك كان الجنس، والجسد هما السلاحان الأكثر حدة، لهدم، وخلخلة تلك المعوقات، حتى يتساوى كل شيء: الجمال، والقبح. المطلق، والنسبي. الحقيقة والخيال "فلا انتماء واضح لهوية، أو فكر، أو تاريخ، وما يظل في الصورة هو المنطق الاستهلاكي، والتسليعي.. وبلا حدوووود..".








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "ثقافة"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2025