الجمعة, 29-مارس-2024 الساعة: 04:17 م - آخر تحديث: 05:05 ص (05: 02) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
قراءة متآنية لمقال بن حبتور (مشاعر حزينة في وداع السفير خالد اليافعي)
محمد "جمال" الجوهري
السِياسِيُون الحِزبِيُون الألمَان يَخدعون ويَكِذِبُون ويخُونُون شعبهم
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
أخبار
المؤتمر نت - الرئيس الفلسطيني عرفات(رويترز)

متابعة مستمرة من القيادة اليمنية لتطورات وضعه

المؤتمرنت - اعداد : نزار العبادي -
(المؤتمرنت) ينشر (تقريراً خـاصاً) عن حياة الرئيس (ياسر عرفات)
ذكرت مصادر مطلعة بان القيادة اليمنية تتابع باهتمام وأولاً بأول تطورات الوضع الخاص بالرئيس الفلسطيني المناضل ياسر عرفات والترتيبات الخاصة في حالة وفاته بمراسيم التشييع لجثمانه ومواراته إلى مثواه الأخير.
وقالت المصادر إن القيادة اليمنية تهتم بان تكون مراسم التشييع للمناضل أبو عمار في حالة وفاته لائقة به كقائد عربي كبير ورمز لنضال الشعب الفلسطيني.
ولم تستبعد تلك المصادر بان أي تطورات جديدة تتصل بحالة الرئيس الفلسطيني سوف تعلن عبر المصادر اليمنية التي تتابع التفاصيل الخاصة بوضع الرئيس أبو عمار والترتيبات المتصلة بجنازته في حالة وفاته لا سمح الله.
ياتي هذا في الوقت الذي اتخذت السلطة الفلسطينية ترتيبات استعدادا لمرحلة ما بعد الرئيس ياسر عرفات الذي بات في وضع صحي حرج للغاية.
وبدأت جرافات وشاحنات تزيل كتل الأسمنت والحديد التي وضعت لإعاقة تقدم قوات الاحتلال الإسرائيلي من المقاطعة تمهيدا لدفن جثمان الرئيس عرفات بصورة مؤقتة حيث ترفض إسرائيل السماح بدفنه وفق رغبته في القدس.
وقرر اجتماع مشترك للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واللجنة المركزية لحركة فتح أن يتولى رئيس المجلس التشريعي روحي فتوح رئاسة السلطة الفلسطينية لمدة 60 يوما في حالة وفاة عرفات، وذلك طبقا للقانون الأساسي للسلطة الفلسطينية إلى حين إجراء انتخابات.
وقال الأمين العام للرئاسة الفلسطينية الطيب عبد الرحيم إن المجتمعين وافقوا على أن تكون جنازة عرفات في حال وفاته في القاهرة على أن يدفن بعد ذلك في مقر المقاطعة برام الله بالضفة الغربية.
ولوقف التضارب في التصريحات والأنباء المتعلقة بالوضع الصحي لعرفات, قررت القيادة الفلسطينية كذلك أنها لن تعلن عن وفاة الرئيس الفلسطيني في حال حدوثها, قبل أن يتم الإعلان عنها من قبل السلطات الفرنسية في باريس.
وقالت قناة الجزيرة : إن محمود عباس يعتزم التوجه إلى القاهرة مع قادة فلسطينيين للمشاركة في مراسم تشييع الرئيس عرفات في حال وفاته بعد أن قرر القادة الفلسطينيون قبول العرض المصري بهذا الشأن.
وتم الاتفاق بين السلطات المصرية والقيادة الفلسطينية على تنظيم جنازة رسمية محدودة للرئيس عرفات في القاهرة في حال وفاته قبل نقله إلى رام الله حتى يتسنى للقادة العرب توديعه.
وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة المصرية السفير ماجد عبد الفتاح إن القاهرة بدأت بوضع الاستعدادات لذلك.
من جانبه قال مندوب فلسطين لدى الجامعة العربية محمد صبيح إن الجامعة وافقت على أن تتقبل السفارة الفلسطينية العزاء بالرئيس الفلسطيني في أروقة الجامعة ولمدة ثلاثة أيام في حال وفاته.
وفي هذا الوقت أعلن المتحدث باسم الحكومة الفرنسية جان فرانسوا كوبي أن فرنسا تعمل على وضع الترتيبات الضرورية مع عائلة الرئيس عرفات والمسؤولين الفلسطينيين لنقل جثمانه.
"المؤتمرنت"ينشر ملفاً عن سيرة الرئيس الفلسطيني عرفات:



ياسر عرفات .. مسيرة حافلة بالنضال والتضحية ( تقرير خـاص )


لا يعرف على وجه اليقين مكان ولادة محمد عبد الرؤوف القدوة الحسيني الذي اشتهر فيما بعد باسم ياسر عرفات أو أبو عمار، والأغلب وفقا لبعض المصادر أنه ولد في القاهرة في 24 أغسطس 1929، وهو الابن السادس لأب كان يعمل في التجارة، وهاجر من فلسطين إلى القاهرة عام 1927 وعاش في حي السكاكيني.
وعندما توفيت والدته وهو في الرابعة من عمره أرسله والده إلى القدس، وهناك بدأ وعيه يتفتح على أحداث ثورة 1936.
في عام 1937 عاد مرة أخرى إلى القاهرة ليعيش مع عائلته، ثم التحق بكلية الهندسة في جامعة الملك فؤاد (القاهرة حاليا) حيث تخصص في دراسة الهندسة المدنية، وتخرج فيها عام 1951، وعمل بعدها في إحدى الشركات المصرية.
وأثناء فترة دراسته أسس رابطة الخريجين الفلسطينيين التي كانت محط اهتمام كبير من جانب وسائل الإعلام المصرية آنذاك، واشترك إلى جانب الجيش المصري في صد العدوان الثلاثي عام 1956. ثم تزوج في سن متأخرة من السيدة سهى الطويل، وأنجب منها بنتا واحدة.
سافر أبو عمار إلى الكويت عام 1958 للعمل مهندساً، وهناك كون هو وصديقه خليل الوزير (أبو جهاد) خلية ثورية أطلق عليها اسم "فتح" وهي اختصار لحركة تحرير فلسطين، وأصدر مجلة تعبر عن هموم القضية الفلسطينية أطلق عليها اسم "فلسطيننا".
وحاول أبو عمار منذ ذلك الوقت إكساب هذه الحركة صفة شرعية فاتصل بالقيادات العربية للاعتراف بها ودعمها، ونجح بالفعل في ذلك؛ فأسس أول مكتب للحركة في الجزائر عام 1965 مارس عبره نشاطا دبلوماسيا.

أبرز المحطات التاريخية في مسيرة الرئيس ياسر عرفات

· . ولد في القدس- فلسطين في 4 أغسطس 1929م.
· الاسم: " محمد ياسر" عبد الرؤوف القدوة الحسيني
· تلقى تعليمه في القاهرة- مصر
· التحق بالضباط الاحتياط للجيش المصري وقاتل في صفوفه منذ العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 .
· تخرج مهندساً من جامعة فؤاد الأول - القاهرة .
· انخرط في شبابه في الحركة الوطنية الفلسطينية من خلال الانضمام إلى اتحاد طلاب فلسطين في 1944 وتولى رئاسته لاحقا.ً
· في الخمسينات أسس مع إخوانه من المناضلين الفلسطينيين حركة التحرير الوطني الفلسطيني " فتح" وأعلن الناطق الرسمي لها في 1968 .
· في فبراير 1969: انتخب رئيساً للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية .
· 1973:عُيّن قائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية.
· 1974: ألقى كلمة باسم الشعب الفلسطيني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك .
· حصل علي عده أوسمة وجوائز للسلام .
· 1979: حصل على وسام " جوليت كوري " الذهبي- مجلس السلم العالمي .
· 1981: مُنح دكتوراه فخرية من الجامعة الإسلامية في حيدر أباد "الهند" .
· مُنح دكتوراه من جامعة جوبا في السودان .
· دكتوراه فخرية من كلية " ماسترخت " للأعمال والإدارة في هولندا 1999 .
· 1982: قاد المعركة البطولية ضد العدوان الإسرائيلي على لبنان ومعركة الصمود خلال حصار بيروت من قبل القوات الإسرائيلية .
· نوفمبر 1984 ونيسان 1987: أعيد انتخابه رئيساً للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية من قبل الدورات 17 و 18 و 19 للمجلس الوطني الفلسطيني.
· 15/11/1988: تلا إعلان الاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وانتخب رئيسا لدولة فلسطين .
· 13/12/1988: ألقى خطابا في الجمعية العامة للأمم المتحدة في جنيف التي انتقلت لعقد جلستها في جنيف بسبب رفض الحكومة الأمريكية منح الرئيس ياسر عرفات تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة الأمريكية للذهاب إلى نيويورك من أجل إلقاء كلمته في الجمعية العامة في مقر الأمم المتحدة في نيويورك. وخاطبها في جنيف كما خاطب مجلس الأمن في جنيف في شباط وأيار 1995 لنفس السبب .
· 13-14/12/1988: أطلق مبادرة السلام الفلسطينية لتحقيق السلام العادل في الشرق الأوسط، والتي فتحت بناءا عليها الحكومة الأمريكية برئاسة الرئيس "رونالد ريغان"، حوارها مع منظمه التحرير الفلسطينية في تونس .
· 30/3/1989: اختاره المجلس المركزي الفلسطيني رئيساً لدولة فلسطين، وقد تم اختياره لهذا المنصب من قبل المجلس الوطني الفلسطيني مباشرة.
· أطلق ووجه سياسة "سلام الشجعان " التي تتوجت بتوقيع اتفاقية إعلان المبادئ بين منظمه التحرير الفلسطينية وحكومة إسرائيل في البيت الأبيض يوم 13/9/1993 .
· اتفاق أوسلو: وبعد حرب الخليج ودخول العرب في مؤتمر مدريد للسلام وقع الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين عام 1993 اتفاق أوسلو، وخلّف نتائج هامة على مسيرة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، إذ تمخض هذا الاتفاق عن وجود حيز سلطوي على الأراضي الفلسطينية سمي بالسلطة الوطنية الفلسطينية.
· اختاره المجلس المركزي الفلسطيني يوم 12/10/1993 رئيساً للسلطة الوطنية الفلسطينية .
· 31 أكتوبر 1993: اختير رئيسا للمجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والأعمار.
· الرئيس عرفات هو نائب رئيس حركة عدم الانحياز، ونائب رئيس دائم لمنظمة المؤتمر الإسلامي .
· عودته إلى غزة: وبعد 27 عاما قضاها عرفات في المنفى متنقلاً بين الدول العربية عاد إلى غزة رئيسا للسلطة الوطنية الفلسطينية في يوليو 1994.
· في يوليو 1994: منح جائزة " فليكس هونيت بوانيه" للسلام .
· في أكتوبر 1994: منح جائزة نوبل للسلام.
· في نوفمبر 1994: منح جائزة الأمير استورياس في أسبانيا.
· 20/1/1996 انتخابه رئيسا للسلطة الوطنية الفلسطينية- الانتخابات العامة.
· حاصرته قوات الاحتلال الإسرائيلي في مقره الرئاسي في أواخر شهر مارس 2002 عقب الاجتياح الإسرائيلي لمدن الضفة الغربية، ثم سمحت له لاحقاً بالتحرك في نطاق ضيق داخل الضفة الغربية، ثم عادت مؤخراً وفرضت عليه الحصار مجدداً.


عرفات سيرة مراوحة بين البندقية وغصن الزيتون
ابتداء تقتضي الإشارة إلى أن القضية الفلسطينية المعاصرة، قد انجرفت بحدة إلى الخط الوطني المستقل بقيادة عرفات، إثر تسلمه لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية. فهو على هذا الأساس باعث الهوية الفلسطينية. ومن هنا فإن الفلسطينيين لا ينظرون له باعتباره رئيسا للسلطة الوطنية أو رمزا من رموز المقاومة ضد الاحتلال فحسب، أو مجرد زعيم لمنظمة التحرير الفلسطينية، ولكن بصفته الشخص الذي منحهم هويتهم الوطنية المعاصرة.
فقبل بروز عرفات توقفت المقاومة الفلسطينية المسلحة، بعد سكوت المدافع في حرب عام 1948، بين الجيوش العربية والكيان الصهيوني. وجاءت حركة فتح التي أسسها وقاد مسيرتها منذ يومها الأول، لتذكر العالم أن الصهاينة لم يحتلوا أرضا خالية من البشر، كما جاء في مزاعم، غولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل بأن فلسطين "أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض"، ولكنهم استوطنوا أرضا تمتد جذور حضارتها في أعماق التاريخ وشردوا شعبها، وأن هذا الشعب قد امتشق، تحت عرفات السلاح، وقرر أن يدفع الثمن مهما يكون غاليا، ليعيد أرضه وحريته واستقلاله.
بدأ عرفات أول نشاط مميز له في القاهرة، أثناء دراسته الجامعية، حيث تمكن من إعادة بناء اتحاد طلاب فلسطين في أوائل الخمسينيات. ومن خلال عمله بالإتحاد في تلك الحقبة، تقابل مع مجموعة من الطلبة الفلسطينيين الذين شاركوه الاعتقاد بأن المشكلة الفلسطينية يجب أن تنتزع من أيد الأنظمة العربية الرسمية التي فشلت في إلحاق الهزيمة بالعدو، وأن تتم معالجتها فلسطينيا، خاصة بعد أن ثبت غياب أي برنامج سياسي عملي لدى تلك الأنظمة لمواجهة المشاريع الصهيونية.
كان ذلك هو تفكير عرفات ورفاقه عندما غادروا القاهرة، باحثين عن فرص لهم للعيش في إمارات الخليج العربي. وكانت تواجد معظم في منطقة الخليج، خاصة في الكويت منذ منتصف الخمسينيات، هو المقدمة لتأسيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني، (فتح). والذي تم رسميا في تشرين الأول/ أكتوبر عام 1959.
تعتبر حركة فتح أقدم وأكبر منظمات المقاومة الفلسطينية. وقد أسسها عرفات. ولم تكن مهمة تأسيسها عملية سهلة. ولكي نفهم الصعوبات التي واجهته ورفاقه في محاولاتهم تحشيد الفلسطينيين حول فكرة تحرير فلسطين، يجب التنبه إلى أن محاولاتهم تلك اتخذت مكانها عندما كانت حركة القومية العربية في أوج قوتها واندفاعها. وكانت أحد الخصائص المميزة لتلك الحقبة هي التركيز على العمل القومي، وعلى أن تحرير فلسطين سيكون النتيجة الطبيعية لتحقيق الوحدة العربية. وكانت الرؤية القومية، التي سادت منذ بداية الخمسينيات وحتى أواخر الستينيات، قد انطلقت من نظرة كلية للصراع الدائر في الوطن العربي بين القوى الخارجية وعناصر المستقبل في الأمة، حيث الصراع في حقيقته بين قوى تصبو إلى الحرية والاستقلال والإنعتاق، وبين قوى أجنبية تحاول تكريس سيطرتها على الوطن العربي، عن طريق الاحتلال والهيمنة واستنزاف الثروة.
وكان دعاة المنهج القومي ينطلقون في نظرتهم تجاه الصراع العربي-الإسرائيلي من أن الوجود الصهيوني على أرض فلسطين يشكل تحديا مباشرا وصارخا للأمة العربية بأسرها. ولذلك ارتأوا أن تحرير فلسطين هو مسؤولية عربية بالدرجة الأولى، وأن التهديد الصهيوني للعرب لا يقل بأي شكل من الأشكال عن اغتصاب اليهود لأرض فلسطين، خاصة وأن هذا الجسم الغريب قد غرس خنجرا في القلب من الوطن العربي، ليكون عازلا بين المشرق والمغرب من أرض الأمة، حائلا دون وحدتها ونموها وتقدمها، ومهددا لوجودها وأمنها. وقد خالف مؤسسو فتح المجموعات الفلسطينية الأخرى في اعتبار تحقيق الوحدة شرطا أوليا في إستراتيجية التحرير الفلسطينية. وشكلت رؤيتهم هذه القاعدة الأيديولوجية لحركتهم، حيث ركزوا على تثبيت الهوية الإنسان الفلسطيني، والاعتماد عليه في تحرير فلسطين. ورفض عرفات ورفاقه الوثوق في الدول العربية، منطلقين في ذلك من أن الصراع في المنطقة ليس صراعا عربيا- إسرائيليا ولكنه صراع فلسطيني- إسرائيلي، وأن دور الأنظمة العربية فيه هو ثانوي.
وقد بدأت الانطلاقة المسلحة لحركة فتح في 1 كانون الثاني/ يناير عام 1965، بالاعتماد على القدرات الذاتية، باستثناء الدعم الذي تلقته من سوريا. ذلك لأن معظم الأنظمة المجاورة للكيان الصهيوني كانت عمليا غير متحمسة لمواجهة عسكرية ضد إسرائيل. ثم أن التغيرات السياسية الجارية في المنطقة لم تبق أي أمل في إمكانية تصدي الجيوش العربية للوجود الصهيوني. وكان الهدف الرئيسي الذي أعلنته فتح تلك العمليات هو استفزاز إسرائيل، مما سيدفع بالفلسطينيين إلى تنظيم أنفسهم، وإرغام الأنظمة العربية المتخاذلة على التخلي عن موقفها السلبي، والدخول في مواجهة عسكرية مباشرة مع الكيان الصهيوني.
وكان دور المقاومة الفلسطينية قد بدأ يفرض نفسه في الشارع العربي، وعلى الأنظمة العربية، بعد هزيمة الجيوش العربية في حزيران/ يونيو عام 1967. لكن النقطة الحاسمة في استقطاب فتح لتأييد جماهير الشعب الفلسطيني، والشعب العربي هي قيام الجيش الإسرائيلي عام 1968 بالعدوان على مواقع المقاومة الفلسطينية بالأردن في منطقة الكرامة. في ذلك العدوان، وبعد عبور القوات الإسرائيلية لنهر الأردن لضرب قواعد فتح، تصدت لها عناصر فتح ببسالة، وقاتلوا قتالا عنيفا موقعين في الصهاينة خسائر فادحة في المعدات والرجال. وبعد عشر ساعات متواصلة من القتال الضاري بين المقاومة الفلسطينية والقوات الإسرائيلية، أرغم الصهاينة على التراجع تاركين وراءهم معداتهم المدمرة، وجثث قتلاهم. وكانت تلك المعركة بحق أول معركة رئيسية بين حركة فتح والقوات الاسرائيلية، أدت بنتائجها إلى خلق صورة جديدة للمقاوم الفلسطيني في نفوس العرب، وأعادت الشعور بالثقة، ليس فقط في قدرته على القتال والصمود، بل وفي الحاق الهزيمة في إسرائيل التي كان الشعور سائدا لدى الجميع بأنها القوة التي يستحيل قهرها.
دخل عرفات في مواجهات مع معظم الأنظمة العربية التي ترتبط بحدود مباشرة مع الكيان الصهيوني، واضطر للرحيل من الأردن ولبنان، ومنع من سورية، وقطع علاقاته مع مصر. وكان جوهر مجمل خلافاته مع الأنظمة العربية هو تمسكه باستقلالية القرار الفلسطيني. وهزم مرات عديدة. لكنه كان بارعا جدا في تبني سياسات براجماتية، وفي اللعب على الخلافات بين الحكام العرب لنقل تحالفاته من هذا الطرف أو ذاك، إلى الآخر...
ومنذ عام 1973، اتجه عرفات نحو القبول بالمشاركة في مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط، وانتهج خطا سياسيا يميل إلى الحلول السياسية، وأخذ يبتعد رويدا رويدا عن إستراتيجية الكفاح المسلح، وتوج أول نجاحاته على هذا الطريق بالمشاركة في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1974، الذي أعلن فيه للعالم أنه جاء معه بالبندقية في يد وغصن الزيتون باليد الأخرى، مطالبا الأسرة الدولية أن لا تسقط غصن الزيتون من يده.
وفشلت دعوته للتوصل إلى سلام مقبول، لكنه رغم كل الظروف، أصر على التمسك بغصن الزيتون، وتراجع دور البندقية وانتهى به سعبه الحثيث للتوصل إلى حل سلمي إلى توقيع اتفاقية غزة أريحا- أولا عام 1993، وأقيمت السلطة الوطنية في قطاع غزة، وأراض من الضفة الغربية. وانطلقت الانتفاضة الفلسطينية الثانية، احتجاجا على العنف الإسرائيلي وحملات الإبادة التي تمارسها حكومة شارون، وسعيا وراء استكمال تحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة.
منذ تأسيس حركة فتح في نهاية الخمسينيات حتى يومنا هذا، سالت مياه كثيرة، وسقطت قيادات وأنظمة، وتبدلت سياسات، وانتهت الحرب البارة، وتغير العالم بأسره. لكن ياسر عرفات بقي لاعبا ماهرا ومحترفا، وقائدا محنكا، وبرجماتيا متفردا. واستمر يعيش حلمه، في تأسيس دولة فلسطينية مستقلة حاملا كعادته غصن الزيتون بكلتا يديه، ملوحا بخيارات أخرى، سريعا ما يجري التحول عنها. سياسة واحدة بقيت ثابتة لديه، وقد نحج فيها حتى الأخير... سياسة البقاء. ( د. يوسف مكي).








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "أخبار"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024