هذه نعم مستحقة.. لتوني بلير..! الأميركيون، وأخصائيو البيئة العالميون، والمدافعون عن حقوق الانسان، وأولئك الذين يؤمنون باستخدام القوة لانهاء الطغيان الأجنبي، بل وقراء «الغارديان». كل هؤلاء وكثيرون غيرهم يتعين عليهم أن يناصروا توني بلير في انتخابات أمس الخميس في بريطانيا. فلبلير قصة مثيرة للاهتمام بشأن طبيعة السلطة والأفكار السياسية التي يسعى الى تحقيقها في ولاية ثالثة كرئيس وزراء. واذا ما ابتدأنا بالأميركيين يمكننا القول ان بلير اثبت أنه حليف موثوق بالنسبة لكل من كلينتون وبوش، ولكن زعماء بريطانيين آخرين أنجزوا ذلك. ما هو أكثر اهمية يتمثل في ثبات بلير وتعبيره الواضح عن هدفه الرامي الى جعل القوة الأميركية أكثر فائدة ـ وأكثر مقبولية ـ بالنسبة لأوروبا وبقية العالم أيا كان الرئيس. وقد قال لي في فبراير الماضي، في تعليق مميز حول التسخين العالمي ومعاهدة كيوتو: «سواء شئتم أم أبيتم فانه اذا لم تكن أميركا في هذه الاتفاقية فاننا لن نحقق أي تقدم، وسيكون رئيس الوزراء البريطاني المقبل أيضا رئيسا لمجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى وللاتحاد الأوروبي ابتداء من يونيو المقبل، وسيكون له صوت هام في قضايا الطاقة والبيئة، والمساعدة المقدمة الى أفريقيا، والديمقراطية في الشرق الأوسط، وقضايا عالمية أخرى، ويمكن الاعتماد على بلير المعاد انتخابه لتذكير بوش وآخرين بأن «أفضل مثالية تعتمد على الواقعية» كما قال لي». وعلى الرغم من مظهره الذي يشبه فردا في جوقة المرتلين في كنيسة، وجاذبيته الحادة لأفضل غرائزنا، فان بلير سياسي عنيد الارادة. وقد أبلغني دبلوماسي بريطاني مراقب لبلير على نحو دقيق قبل ما يزيد على عقد من الزمان قائلا «انه لا يستيقظ كل صباح متسائلا عما فعله من صواب أو خطأ في اليوم السابق»، فرجاحة الرأي قائمة، فيما وتساعد الصرامة الجوهرية، التي تصور في الصحافة البريطانية المناوئة الى حد كبير باعتبارها طموحا لا أخلاقيا خاليا من الرحمة، على جعل بلير الزعيم الأكثر نجاحا في اجراء التحولات على صعيد القضايا السياسية الدولية في الوقت الحالي. قائمة الاشياء التي لم تشهد تحولات او تغيرات او كان مصيرها الفشل عقب فوز حزب العمال بالانتخابات العامة لفترتين متتاليتين ينبغي ان تثير قلق الحكومة العمالية، إلا ان الحملة الباهتة لحزب المحافظين، الذي لا يزال منقسما حول موقف بريطانيا من الوحدة الاوروبية، فضلا عن الاقتصاد النشط لبريطانيا والاغلبية الكبيرة التي يتمتع بها حزب العمال في مجلس العموم ستساعده في الغالب على تحقيق نصر انتخابي للمرة الثالثة على التوالي. خلال حديث معه قبل اسابيع قال لي واحد من مستشاري بلير، ان اكبر مشكلة تواجهه هي ما اذا سيقاطع قراء صحيفة الغارديان صناديق الاقتراع احتجاجا على الحرب ضد العراق ، وتخلي بلير عن الخط السابق لحزب العمال والملل الناجم من طول فترة وجود حزب العمال في الحكم. وسيتذكر الكثير من الاميركيين الحملة التي نظمتها صحيفة الغارديان البريطانية خريف العام الماضي لإقناع ناخبي اوهايو لمساندة المرشح الديمقراطي جون كيري. وجاء تفسير هذه الخطوة في الخارج على اعتبار ان غير الاميركيين يجب ان تكون لهم كلمتهم في انتخاب رئيس اميركي في يده هذا القدر الكبير من القوة على المستوى العالمي. وقد نجحت حملة الغارديان في التأثير على الناخبين، إلا ان بعضا من سكان ولاية اوهايو أعرب عن استياء واضح ازاء ما اعتبروه «تدخلا» من صحيفة الغارديان وأصروا على التصويت للرئيس بوش كرد فعل على ذلك. ثمة إجماع على رؤية بريطانيا وهي تعمل بنشاط في الساحة السياسية اوروبيا وعالميا، فانتصار آخر لتوني بلير سيكون بمثابة افضل أمل لاستمرار علاقة راسخة ومستقرة بين جانبي الاطلنطي، وهذا هو الخيار الافضل على الإطلاق |