الإثنين, 20-مايو-2024 الساعة: 08:44 ص - آخر تحديث: 01:30 ص (30: 10) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
صديقي بن مساعد بن حسين سجل تاريخه الوطني بأحرف من نور في اليمن العظيم
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
ضبابية المشهد.. إلى أين؟
إياد فاضل*
شوقي هائل.. الشخصية القيادية الملهمة
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
عربي ودولي

السفير -اللبنانية

داود خير الله -
الأمم المتحدة كأداة لهيمنة الدول المقتدرة
السيادة في الاطار الدولي هي حرية الدول في استعمال قدرتها على حماية حقوقها ومصالحها. حتى الحرب العالمية الاولى كانت هذه السيادة مطلقة، اذ كان استعمال القوة وشن الحروب من امتيازات الدول. اليوم أصبح عدم اللجوء الى القوة كوسيلة لحل النزاعات بين الدول مبدأ قانونياً اكتسب شرعيته بالموافقة عليه من خلال الموافقة الدولية على ميثاق الامم المتحدة وأصبح ركيزة أساسية للنظام الذي يرعى العلاقات بين الدول. لكن تناقض المصالح وتفاوت القدرات بين الدول من جهة، وعجز النظام الدولي، من جهة اخرى، عن تطبيق القانون بصورة فعالة لجهة المساواة في الحقوق والواجبات جعل من الحق في ممارسة السيادة أمراً مرتبطاً بقدرة الدول على ممارسته. لا بل دفع ذلك ببعض الدول المقتدرة ان تمارس سيادة مطلقة في تأمين وحماية مصالحها وان لم تكن هذه المصالح تتمتع بشرعية قانونية في الاطار الدولي لا بل حتى وان كانت هذه المصالح أو وسائل تأمينها تتعارض مع القانون الدولي. بينما نرى ان شعوبا ودولا اخرى لا تتمكن من التمتع حتى بأبسط الحقوق وأكثرها وضوحا ورسوخا في القانون الدولي.
ولو اقتصرنا على الشرق الاوسط للتأكد من صوابية هذا الطرح لوجدنا الدليل الكافي على صحته. يكفي مثلا مراقبة سلوك الولايات المتحدة لجهة مراعاة القانون الدولي في صياغة وتنفيذ قرارات ما بات يعرف بالشرعية الدولية. تجند الولايات المتحدة كل طاقاتها لصياغة واستصدار أكثر القرارات ملاءمة لبلوغ أهدافها.
قبل انهيار الاتحاد السوفياتي، كان توازن القوى يدفع بالدول الكبرى لاحترام أكبر للقواعد الناظمة للعلاقات بينها خاصة في إطار الأمم المتحدة. لكن بروز الولايات المتحدة كقطب وحيد وغير منازع السلطة على الصعيد الاممي بعد انهيار الاتحاد السوفياتي شجعها، وبخاصة الادارة الحالية، على الانعتاق من الروابط القانونية التي ترى فيها تقييداً لحريتها في متابعة مصالحها. وقد سهل النظام الذي تقوم عليه الامم المتحدة السير في هذا الاتجاه. فالأمم المتحدة التي كان الهدف الرئيسي من إنشائها هو وضع حد لاستعمال القوة كوسيلة لحل النزاع بين الدول وإنهاء الحروب، تعكس في تنظيمها الاوضاع التي كانت سائدة اثر انتهاء الحرب العالمية الثانية وخاصة التجاذب بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي ومصالح الدول التي بإمكانها ان تشكل تهديدا للسلم العالمي. ان حق النقض، الفيتو، الذي تتمتع به الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن هو انعكاس لتلك الاوضاع. ولئن كان التقيد بالقانون الدولي ضرورة منطقية للاستقرار العالمي ويفترض بكل أعضاء وأجهزة الأمم المتحدة الالتزام به، إلا ان قرارات الامم المتحدة تعكس بمجملها واقعا سياسيا وليس بالضرورة حقوقا يضمنها القانون الدولي. يكفي النظر الى التباين الهائل في القرارات وخاصة الصادرة عن مجلس الامن ان بالنسبة لاتخاذها أو عدم اتخاذها أو تنفيذها أو عدم تنفيذها للتأكد من ان قرارات الامم المتحدة لا تضمن تطبيقا للقانون الدولي على كل الدول.
تعلو أصوات المناداة بالشرعية الدولية عندما يكون لبعض الدول النافذة وعلى رأسها الولايات المتحدة مصلحة أو رغبة في استصدار أو تطبيق بعض القرارات وتخفت أو تغيب هذه الاصوات اذا كانت مصلحة الدول المهيمنة على الأمم المتحدة تقضي بذلك، حتى لو كان إعلان الحق قد صدر عن أهم مصدر للشرعية الدولية، أي محكمة العدل الدولية، كما الحال مثلا بالنسبة لقرار محكمة العدل الدولية بشأن جدار التوسع الاسرائيلي في فلسطين.
هناك العشرات من قرارات المنظمة الدولية التي تعكس هذه المزاجية الاميركية أكتفي بواحد منها. لو تأملنا مثلا القرار 1559 الصادر عن مجلس الامن في 2 ايلول 2004 والذي يدعو الى انسحاب القوات الاجنبية (المقصود السورية) من لبنان، ونزع سلاح الميليشيات لتمكين الدولة من ممارسة سيادتها على كل الاراضي اللبنانية (ويعني بالدرجة الاولى سلاح المقاومة اللبنانية) ويؤيد انتخابات وفقا لقواعد الدستور اللبناني الموضوعة (يعني دون ان يكون للمشرع اللبناني حق تعديل الدستور) نرى ما يلي:
اولا: وظيفة مجلس الامن الاساسية وهدف كل قراراته هو الحفاظ على السلم العالمي. لم يكن السلم العالمي مهددا في لبنان أو من لبنان قبل صدور قرار مجلس الامن الذي خلافا للمعتاد لم تذكر حيثياته تهديد السلم العالمي. لا بل ان السلم العالمي والسلم الاهلي في لبنان قد يصبح مهددا بعد صدور هذا القرار. وهناك من يعتقد ان اغتيال الرئيس الحريري هو من نتائج أو مكملات هذا القرار.
ثانيا: الوجود السوري في لبنان الذي كان يوصف من قبل مسؤولين أميركيين لمدة سنوات بأنه عامل استقرار في لبنان أصبح فجأة وبدون سبب ظاهر احتلالا يفترض انه يشكل خطورة على السلم العالمي لدرجة انه يستدعي استصدار قرار من مجلس الامن لإنهائه. أرجو ان لا يتصور أحد بأنني أعني ان الوجود السوري في لبنان كان أمرا طبيعيا ولم ترتكب خلاله أخطاء خلقت نقمة داخلية وسهلت مهمة من يريد القضاء على ثقافة مقاومة الاحتلال وخنق الصوت العربي في لبنان. ما قصدت اليه هو إظهار المزاجية في استغلال الامم المتحدة لخدمة مصالح الدول المهيمنة على مجلس الامن.
ثالثا: سلاح المقاومة خلال السنوات العشر الاخيرة على الأقل لم يستعمل سوى للدفاع المشروع عن النفس، ومؤازرة الدولة في تحرير أراضيها واستكمال سيادتها عليها. اذا كان للحقيقة ان تقال فيجب الاعلان ان الدولة اللبنانية لم تتمكن من ممارسة سيادتها على أراضيها سوى بعد ظهور المقاومة. فبسبب تعاون الحكومة والمقاومة تمكنت الدولة اللبنانية من تحرير أراضيها وحمايتها برا وبحرا وجوا، وتحرير أسراها، والافادة من مياه ينابيعها عدا عن حماية المواطنين والمنشآت من الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة.
رابعا: فرض القواعد الدستورية التي على المشرع اللبناني اتباعها يشكل تدخلا مخالفا للبند السابع من المادة الثانية من ميثاق الامم المتحدة الذي يحظر على المنظمة الدولية التدخل في الشؤون الداخلية للدول الاعضاء. القرار 1559 هو نموذج عن قرارات المنظمة الدولية التي تستعمل لبلوغ أهداف سياسية خاصة.
ولتبديد كل شك حول موقف الادارة الاميركية الحالية من الأمم المتحدة، فقد اختارت جون بولتون مساعد وزير الخارجية لشؤون الامن الدولي ومراقبة التسلح ليكون ممثلا لها لدى المنظمة الدولية، وقد عرف بولتون، بالاضافة الى فظاظته، كما يقول عنه زملاؤه في الخارجية الاميركية، بعدائه لا بل احتقاره للمنظمة الدولية. وهو الذي قال <<لا وجود لأمم متحدة، وان المنظمة الدولية تستمر وتعمل بقدر ما تشاء لها الولايات المتحدة الاستمرار والعمل وانه لو تهدمت عشرة طوابق من مبنى الامم المتحدة في نيويورك لما أحس العالم بأي تغيير>>. وهو الذي قال كذلك <<إنني منحاز لأميركا وهذا يعني ان تدافع بكل طاقاتك عن المصالح الاميركية وان تكون محاميا عن الولايات المتحدة لا ان تكون حارسا للعالم كله>>. وبولتون لعب دورا رئيسيا في خروج الولايات المتحدة من الاتفاقية المضادة للصواريخ البالستية A B M TREATY ومن اتفاقية كيوتو لحماية البيئة، وهو الذي قال لصحيفة <<وول ستريت جورنال>> عن قرار الادارة الاميركية عدم إبرام الاتفاقية المتعلقة بإنشاء محكمة الجنايات الدولية <<انها أسعد لحظة في حياتي>>.
الموقف الاميركي من الأمم المتحدة حكومة وإعلاما يتأرجح بين التأييد والتنديد. تأييد القرارات والاجراءات التي تخدم المصلحة الاميركية والتنديد بالمنظمة وحرمانها من المعونات المالية كلما لمست الولايات المتحدة تمنعا عن مسايرة الادارة الامريكية في كل رغباتها. ولكن على وجه العموم تشكل الامم المتحدة مطية مطواعة لتنفيذ المشيئة الاميركية والضغط على الدول الاعضاء للتقيد بالتزامها بتنفيذ قرارات مجلس الأمن التي لا يمكن أن ترى النور دون الموافقة الاميركية.
وأكثر القرارات ملاءمة لفرض الارادة الاميركية هي التي تتخذ بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لان لها صفة إلزامية على كل الدول. فمعظم القرارات التي صدرت عن مجلس الامن بشأن العراق قد اتخذت بموجب الفصل السابع للميثاق. وفي حربها على الارهاب تمكنت الولايات المتحدة من استصدار العديد من القرارات من مجلس الامن التي يمكن استعمالها كأدوات ضاغطة لتكييف سلوك الدول حسب المصالح الاميركية. وعلى سبيل المثال نأخذ قرار مجلس الامن رقم 1566 الذي اتخذ في 8 تشرين الثاني 2004 بموجب الفصل السابع. هذا القرار يوجب على الدول التعاون <<تعاوناً تاماً على الارهاب لا سيما مع الدول التي تُرتكب فيها أو ضد مواطنيها أعمال إرهابية، على العثور على أي شخص يقوم بدعم الاعمال الارهابية أو الاشتراك أاو محاولة الاشتراك في تمويلها أو توفير ملاذات آمنة لمرتكبيها>>. كل ذلك دون ان يتمكن المجتمع الدولي من إقناع الولايات المتحدة الموافقة على تعريف للارهاب يكون أساسا واضحا لمحاسبة كل مرتكب لهذه الجريمة.
ندر ان استعملت عبارة بهذا التكرار وكانت أساسا للعديد من القرارات الدولية ولاتخاذ إجراءات في منتهى الخطورة دون الاتفاق على ما تعنيه هذه العبارة مثل الارهاب. فهناك دول تلجأ الى استعمال العنف ضد المدنيين بصورة هي الارهاب عينه بحجة مقاومة الارهاب، وهناك ممارسة لحقوق اكتسبت شرعيتها عبر مئات السنين مثل مقاومة الاحتلال توصف بالارهاب ويحرم أصحابها من الحق في ممارستها حتى من الوجهة المعنوية.
فالارهاب واقعاً هو العمل الذي تصفه كذلك الدول المقتدرة، والارهابي هو من تطلق عليه هذا اللقب والذي تعنيه ليكون موضع العقاب. فالقرار 1566 على هذه الخلفية يشكل وسيلة لكل أنواع الضغوط على الدولة التي تعينها الدول النافذة كهدف للقيام بأي تحقيق أو اتخاذ أي إجراء من شأنه أن يطمئنها بالنسبة لما تعتبره إجراءً ضرورياً لمكافحة الارهاب، خاصة ان القرار الاممي خص بواجب التعاون مع الدول التي يحصل الارهاب في أراضيها أو ضد مواطنيها.
يسهل تقديم عشرات الأدلة على ان مواقف الولايات المتحدة في المنظمة الدولية وسواها، تتناقض مع القانون الدولي وفيها الكثير من الاجحاف بحق العرب. السؤال الذي يتوجب طرحه هو: لماذا تستسهل الولايات المتحدة اتخاذ مثل هذه المواقف. الاجابة على هذا السؤال لها بعدان، الاول داخلي ويتعلق بالقوى التي تدفع بالادارة الاميركية لاتخاذ هذه المواقف، والثاني خارجي ويرتبط بدرجة المقاومة التي تلقاها لدى فرض مشيئتها على الدول الخارجية.
على الصعيد الداخلي، تتأثر صناعة القرار الى حد كبير بمصالح ونفوذ القوى الضاغطة وما يعرف ب Lobby. فسياسة الولايات المتحدة تكاد تستأثر بتوجيهها أدوات الضغط الصهيوني والى حد ما شركات النفط في ما يتعلق بالشرق الاوسط. وما نسمعه عن نفوذ مجموعات ضاغطة لبنانية أو سورية أو فلسطينية في الحقيقة لا أثر له على صانع القرار الاميركي. فالمجموعات الضاغطة ذات الفاعلية على المسرح الاميركي لها أهداف واضحة وإنتاج فكري ووجود في مراكز الابحاث وتأثير على السلطات التشريعية والتنفيذية فضلا عن وسائط الاعلام.
لو طبقنا هذه المعايير على مجموعات الضغط العربية اللبنانية أو السورية أو الفلسطينية لتأكد لنا ان لا وجود فعالاً لها في السياسية الاميركية. أما ظهور بعض الاشخاص في وسائط الاعلام الاميركية والعربية مؤخرا كجزء من الحملة التي رافقت القرار 1559 فهي لا تعدو كونها نوعاً من المؤازرة للمخطط الذي هدفه الاساسي نزع سلاح المقاومة اللبنانية وتجريدها من كل تأييد عربي على الأخص وربما خلق حالة من عدم الاستقرار في سوريا. الملاحظ ان الجماعات الضاغطة هذه لا يسمع لها صوت إلا عندما تتماهى أهدافها مع الاهداف الصهيونية في البلدان التي تستقطب نشاطها.
يقول جيم زغبي، وربما كان أقدم وأنشط الاميركيين من أصل عربي على الصعيد الاعلامي على الأقل، ان ظاهرة اللوبي اللبناني والسوري تشبه كثيراً ظاهرة الشلبي قبل الحرب الاميركية على العراق ولكنها أقل فاعلية وتأثيرا. ولعل أكثر ما يربط هؤلاء بالوطن هو جراثيم التفرقة والتصدع الداخلي من طائفية ومذهبية وقبلية تغذيها مصالح شخصية لمعظم هؤلاء الناشطين الجدد.
أما البعد الخارجي الضامن لنجاح المخططات الاميركية فهو هزالة الموقف العربي بالدرجة الاولى وحالة التشرذم على الصعيد القومي وحتى داخل معظم الدول العربية.
إن الفجوة التي تزداد اتساعاً بين الحاكم والمحكوم في معظم الدول العربية والموقف الخنوع للسلطة عندما يقتضي الامر الدفاع عن السيادة الوطنية قبالة فرض سيادة ومصالح الدول المهيمنة، هو الوضع الشاذ الذي يجب أن يحظى بالقدر الاهم من الاولوية في العلاج: ممارسة السيادة انعكاس للشخصية الوطنية.
() أستاذ قانون في جامعة جورج تاون واشنطن








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "عربي ودولي"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024