السبت, 04-مايو-2024 الساعة: 10:02 م - آخر تحديث: 09:52 م (52: 06) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
ضبابية المشهد.. إلى أين؟
إياد فاضل*
شوقي هائل.. الشخصية القيادية الملهمة
راسل القرشي
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
أخبار

في كتاب علي عبدالله صالح 25عاما من القيادة والسياسة

المؤتمر نت "متابعات" -
يوم السابع عشر من يوليو عنوان الأمن و الاستقرار في اليمن الموحد
علي عبد الله صالح 25 عاما من القيادة والسياسة يحلق هذا الكتاب في جوانب مهمة وجديدة من شخصية الرئيس علي عبد الله صالح, الرجل الذي ولد لأسرة ريفية بسيطة في 21 مارس 1946م , وأحب وطنه حبا نادرا, وقدم دفاعا مجيدا عن وحدته وعن حرية التعبير وعن الديمقراطية في سياق يلائم اليمن كما يلائم مجتمعه.
ويتيح الكتاب وهو إصدار نوعي لمركز البحوث والمعلومات بوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) الاقتراب من شخصية الرئيس, والتعرف على صفاته الشخصية , تلك الصفات والملامح, التي شكلت جانبا أساسيا من شخصيته كقائد سياسي, ففي واقع اجتماعي واقتصادي صعب, نشأ علي عبد الله صالح وفي كتاتيب قرية بيت الأحمر تلقى تعليمه الأولي، وتعلم شيئا من القرآن، حتى صار يتيماً وهو لم يتجاوز التاسعة, بوفاة والده الذي كان يتفرس فيه القدرة والرجولة, إلى أن التحق بالجيش وهو في الثانية عشرة من عمره.
وقد كانت التكوين الأساسي للرئيس هو مزيج من النشأة الريفية المحتفظة بنقاء الفطرة ورد الاعتبار للجذور الأصلية، ولذلك لم تذبذبه أية ولاءات سياسية أو إيديولوجية أجنبية.
ويسجل الكتاب جانبا هاما من مآثر وملاحم علي عبد الله صالح والنضالية منذ الأيام الأولى الممهدة لاندلاع الثورة، فقبل الثورة بثمانية اشهر تقريبا كان علي عبد الله صالح برتبة رقيب في السرية السادسة, والتي كانت مكلفة بالحفاظ على الأمن في جزء من مدينته صنعاء وحين اندلعت الثورة كان علي عبد الله صالح من ضمن صف الضباط والجنود الذين كلفوا باقتحام قصر البدر للسيطرة على الوضع فيه وحماية ممتلكاته والحفاظ عليها من بعض العامة الذين جاءوا لينهبوا القصر وغيره بصنعاء".
ويمضي الكتاب قائلا، "ومع اندلاع الثورة وإعلان النظام الجمهوري، اخذ الصراع يحتدم بين الجمهوريين والملكيين, وأخذت جبهات القتال تتسع في طول البلاد وعرضها, ولا بد من الدفاع عن الثورة والجمهورية, وهنا كان علي عبد الله صالح من أوائل البارزين في هذه المهمة, فتوجه بتكليف من قيادة الثورة نحو خولان على رأس سريته, حيث دارت معارك ضارية قاتل فيها علي عبد الله صالح بشجاعة واقتدار عكس ما لديه من مهارة قتالية وخبرة عسكرية, فضلا عن إيمانه العميق بوطنه وثورته ومبادئها وأهدافها الخالدة... وفي حصار السبعين يوما كان ضمن القوات الجمهورية التي حوصرت, وهي تدافع عن العاصمة, وكان من أبطال النصر في تلك الحرب".
وتقديرا لجهود الرقيب علي عبد الله صالح، ولما أظهره من بسالة في الدفاع عن الثورة والجمهورية في مختلف مناطق اليمن, رقي إلى رتبة مساعد, وفي عام 1963م، رقي إلى رتبة ملازم ثاني, وفي عام 1964م التحق بمدرسة المدرعات لأخذ فرقة تخصص، دروع، ثم تنقل في مناصب قيادية عسكرية, إلى أن أصبح قائداً للواء تعز، وقائدا لمعسكر خالد بن الوليد منذ 1975 وحتى عام 1978م.
وتتمحور إحدى الأبواب الهامة في كتاب وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) حول الظروف الصعبة والمرعبة وحالة التشتت التي كانت سائدة في اليمن, عند تولي الرئيس علي عبد الله صالح مقاليد الحكم في البلاد, فقد جاء إلى الحكم بعد بضعة أسابيع من الصدمة الكبيرة التي تلقتها اليمن، باغتيال الرئيس احمد حسين الغشمي في 24 يونيو 1978م، وهي العملية التي أفضت إلى مزيد من الانهيار وعدم الاستقرار، ولهذا فقد شفق الكثير من المراقبين السياسيين على الشأن اليمني, مما قد يؤول إليه الوضع في اليمن من انزلاقه إلى وضع لا يحمد عقباه".
ويصف الكتاب حالة تدهور الأوضاع آنذاك, والتي زاد في تدهورها اتهام الشطر الشمالي فيما كان يسمى بالجمهورية العربية اليمنية, للشطر الجنوبي، جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، بالتورط في عملية اغتيال الرئيس الغشمي بواسطة حقيبة متفجرة أرسلت عن طريق شخص تم استبداله بلا عن المبعوث الخاص للرئيس سالم ربيع علي.. علي خلفية الصراع السياسي الذي كان سائدا في الجنوب بين الجناح الرئاسي والمعتدل والجناح التنظيمي اليساري المتشدد, حتى انتقل هذا الصراع من الجنوب إلى الشمال لمواجهة ما سمي، التخطيط الغشمي الربيعي, نسبة إلى الرئيس احمد الغشمي والرئيس سالم ربيع علي، اللذين فسرت علاقتيهما الوثيقة على إنها اتفاق لمواجهة أقطاب التطرف في الجنوب.
ويمضي الكتاب في وصفه الدقيق لعملية اغتيال الرئيس الغشمي قائلا: في مساء 23 يونيو 1978م، اتصل الرئيس سالم ربيع علي بالرئيس احمد الغشمي هاتفياً يخبره بإرسال مبعوثه الشخصي إلى صنعاء صباح يوم 24 يونيو، حاملا رسالة بالغة الأهمية، إلا انه تم استبدال المبعوث الشخصي لسالم ربيع علي بشخص آخر محسوب على الطرف المناهض لسالم ربيع علي ويدعى، مهدي احمد محمد، احد صقور الجناح المتطرف وأشدهم معارضة للرئيس، وقد حمل مهدي معه إلى صنعاء حقيبة دبلوماسية مزودة بمادة شديدة الانفجار ليتخلص الجناح المتطرف في الجنوب من الحليف القوي لرئيس مجلس الرئاسة سالم ربيع علي، المتمثل في الرئيس احمد الغشمي".
وبعد اغتيال الغشمي جرى اعتقال الرئيس سالمين في 26 يونيو من نفس العام, وفور ذلك تم إعدامه رميا بالرصاص, وبدت نذر حرب قادمة لا محالة بين الشمال والجنوب.
ويبين الكتاب في هذا الباب الشيق الذي يحمل عنوان سنوات التحدي, ما آلت إليه صنعاء في ظل تلك الأوضاع, وحاجتها الماسة إلى سلطة إنقاذية حقيقية تضع حدا للفوضى العامة في هياكل الدولة والجيش وتشكل جامعا للقوى والتيارات الحريصة على بقاء البلاد وعدم انهيارها، وكسلطة مهيأة لتحجيم تدخل القوى الخارجية في شئون الحكم كي لا تستمر عملية تصفية الرؤساء بصورة دورية بإيعاز من أطراف خارجية، "وفي هذا الظرف بالذات بدا كما لو أن اليمنيين لا يملكون زمام الأمور في بلادهم، وان السلطة في صنعاء ليست موضع رهان وتدافع من المرشحين.. بعبارة أخرى كانت اليمن غداة مقتل الغشمي (جمهورية مرة) حقيقية".
ولكن فحين جاء علي عبد الله صالح إلى حكم البلاد الغارقة في الصراعات، والجمهورية المرة والمرعبة؟
يقول الكتاب نقلا عن الرئيس علي عبد الله صالح قوله" المحطة الأولى التي قادتني إلى السلطة كانت في 24 يونيو من العام 1978م يوم قتل الرئيس احمد الغشمي وفي هذا القسم يضع الكتاب بروز نجم علي عبد الله صالح داخل الصورة الأوسع للتاريخ اليمني, حيث كان مقداما في مواجهة الوضع وامتصاص الصدمة التي حلت بالشعب والقيادة فكان احد أعضاء مجلس الرئاسة المؤقت إلى جانب القاضي عبد الكريم العرشي رئيس التأسيسي وعبد العزيز عبد الغني رئيس الوزراء والمقدم علي صالح الشيبه رئيس هيئة الأركان العامة, وعلى اثر الإعلان عن تشكيل رقي الرائد علي عبد الله صالح إلى رتبة مقدم وعين نائبا للقائد العام رئيسا لهيئة الأركان العامة, في حين عين المقدم علي صالح الشيبه قائدا عاما للقوات المسلحة.
ويذهب الكتاب إلى اعتبار أن هذه التشكيلة لمجلس الرئاسة ملأت الفراغ في الدولة وتولت زمام القيادة والخروج من المأزق السياسي الموجود والإعداد لانتخاب رئيس جديد للبلاد.
ولا يتوقف الكتاب عند هذا الحد من الرصد للأوضاع في البلاد، والتي تركت بصماتها وأثرها في توجيه الوضع الداخلي اليمني، ما أدى إلى إحجام الجميع عن تخل مسئولية القيادة وتولي امن السلطة تهربا من المصير المحتوم، لأن من أراد ذلك عليه أن يعد كفنه ويحمله على كتفه، فانه على موعد مع الموت، وان بقى على قيد الحياة فلن يتعدى سوى ساعات بعد أدائه اليمين الدستورية.. إذاً فمن هو الذي سيسعى إلى طلب رئاسة مفخخة".
وعندما تقرأ كيف وضع علي عبد الله صالح نهاية للاحجام في هذه الظروف الغامضة التي اغتيل فيها خلال ثمانية اشهر ثلاثة رؤساء يمنيين، تدرك أي مقدام كان هذا الرجل, الذي قبل تحمل المسئولية وهو اصغر أعضاء مجلس الرئاسة سنا، فكان انتخابه رئيسا للجمهورية وقائدا عاما للقوات المسلحة من قبل أعضاء مجلس الشعب التأسيسي في 17 يوليو 1978م.
"وكان هذا الاختيار يستجيب ليس فقط لاحتمال المواجهة العسكرية، القادمة مع الجنوب، وإنما أيضا لحاجة الطبقة السياسية إلى رجل قوي يضمن الأمن في البلاد ويتمكن من حماية الجمهورية وحماية الدولة من الانهيار".
وعلى صعيد السياسة الخارجية كان الوضع شبه متأزم بين اليمن وثلث الدول العربية المحسوبة على المعسكر الاشتراكي, وكان أمام الرئيس الجديد مهمة خلق علاقات جيدة مع العالم الخارجي, ومنع تدخلاته في شئون البلاد, ولم الشمل وإصلاح ذات البين بعيدا عن منطق أولئك الذي كانوا يديرون حروبا بالوكالة.
ويعرض الكتاب ضمن " سنوات التحدي" كيف استطاع الريس علي عبد الله صالح, إعادة التوازن والاستقرار للنظام السياسي اليمني، وكيف استـطاع أن يـضع ما كان يـعـرف بـ( الجمهورية العربية اليمنية) على قدميها، بعد أن كانت تترنح في بداية حكمه.
ومنذ أول لحظة يتولى فيها الرئيس الحكم، كان نهجه الحوار والمشاركة الشعبية في صنع القرار, ويؤكد ذلك بقوله " أود أن يكون واضحا في المقام الأول إنني كشخص أؤمن بان الحوار هو الأسلوب الأمثل لحل الخلافات وحسم النزاعات، وحل المشاكل, ومن ثم يتبين أن حرصنا على ممارسة الحوار مع كل الفئات والقطاعات الوطنية، هو بدافع الاقتناع وليس بدافع الضرورة والاضطراب وحوارنا لا يقتصر على فئة أو جماعة إنما يشمل الجميع".
ويدلل الكتاب على هذا النهج المبكر في شخصية الرئيس الجديد, بقرار فخامته الصادر في مايو 1980م بتشكيل لجنة الحوار الوطني كلجنة موسعة تضم 51 عضوا من المثقفين والمفكرين وأعضاء مجلس الشعب التأسيسي ومن القوى والاتجاهات الوطنية، "حيث مثلت تقريبا كل الأحزاب والقوى السياسية التي كانت موجودة بصورة غير رسمية ولكنها موجودة فعلاً".
ومن اجل ذلك, جاء الميثاق الوطني ليمثل أولى المهمات التي شغلت اهتمام الرئيس علي عبد الله صالح, ويعتبر الميثاق أن غاية نظرية العمل الوطني تحقيق الوحدة الوطنية والسير على هديها في مختلف المجالات والأصعدة، وهو نفس الهدف الذي ينقله الكتاب عن الرئيس بقوله "ما حدا بي إلى الدعوة لوضع ميثاق وطني هو رغبتي في توطيد أسس الوحدة الوطنية بين أبناء الشعب, ولكن تكون الوحدة الوطنية أكثر رسوخا وثباتا فلا بد لها من الارتكاز على اكبر قدر ممكن من الوحدة الفكرية، ومثل هذه الوحدة الفكرية لا يمكن أن تأتي، إلا من خلال الالتقاء على ميثاق وطني تشارك في وضع كل قطاعات شعبنا وفئاته الوطنية ممثلة في طلائعها المثقفة والمستنيرة حتى تتوحد مفاهيمنا ورؤيتنا لمختلف القضايا والمشاكل".
وبعد أن تم صياغة الميثاق الوطني من قبل لجنة الحوار وطرحه على المؤتمر الشعبي العام الأول الذي أقره بصيغته النهائية في أغسطس 1982م، أصبح الميثاق الوطني وثيقة سياسية وطنية تمثل إطارا نظريا ودليلا فكريا للعمل الوطني على الصعيدين الداخلي والخارجي.
ويدعم كتاب وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) أحكامه وشهاداته الواردة بشرح مستفيض لمعالم النضج السياسي المتصاعد التي تميزت به فترة حكم الرئيس علي عبد الله صالح, الذي يعد أول رئيس يمني يأتي إلى الحكم بطريقة ديمقراطية سليمة فقد أكد "أن خيار الديمقراطية لا حياد عيه لأنه خيار الشعب وحق الجماهير في حكم نفسها بنفسها"، وقد عكس هذا التوجه خطوات متعاقبة بدءا بإيجاد قنوات الممارسة الديمقراطية, كالمشروع الوطني الأول، والإعلان الدستوري الثالث، وانتخاب المجالس البلدية، والهيئات التعاونية , وإنشاء المجلس الاستشاري، وبما أن هذا الكتاب مليء بالمعلومات, ويقدم وصفاً شديد التدقيق للأبعاد والمواقف المختلفة، فانه في الوقت نفسه ممتع القراءة ويضفي الحيوية على مسيرة هذا الرجل ومهاراته.
فقد واجه الرئيس ظروف الحرب بين الشطرين عام 1979م في وسط أجواء إقليمية متفجرة, فالجامعة العربية كانت قد اتخذت قرارا بتجميد العلاقات مع الجنوب اليمني بسبب اغتيال الرئيس الغشمي في شمال اليمن، بالإضافة إلى تزايد المد اليساري, حيث قامت في إثيوبيا حكومة ماركسية مندفعة إلى الأسلوب الدامي في التعامل مع مواطنيها وجيرانها وكان الجيران في شرق الجزيرة يعيشون حالة من الغليان المتزايد نتيجة لتصاعد الثورة في إيران والجهاد في أفغانستان حيث الساحة هناك تشهد إرهاصات التدخل السوفييتي المباشر في كابول تحقيقا لمبدأ برجنيف بدعم ومناصرة الشيوعية وفي ذلك الجو المحموم تفجر الصدام الثاني بين شطري اليمن.
إلا أن الرئيس علي عبد الله صالح -والحديث للكتاب- استطاع أن يحول الأزمة بين الشطرين إلى نصر سياسي كبير باتجاه إعادة تحقيق وحدة الشطرين من خلال إجراء اتصالاته العربية والدولية بدافع الحرص على تهدئة الأجواء ووقف الحرب التي من شأنها عرقلة الجهود والمساعي الوحدوية.
وبالفعل فقد نجحت سياسة الرئيس في احتواء الأزمة وشكلت الدول العربية لجنة وساطة لإنهاء حالة الخلاف والتوتر بين الشطرين، نتج عنها الاتفاق على وقف إطلاق النار والعمل على سحب القوات المسلحة للطرفين، وتوتير المناخ الأمثل لاستكمال العمل الوحدوي الذي توقف دعت الكويت إلى لقاء قمة عاجل تستضيفه بين الرئيسين علي عبد الله صالح وعبد الفتاح إسماعيل.. وقد برزت حنكة الرئيس علي عبد الله صالح بشكل كبير في الفترة التي سبقت لقاء القمة بينه وبين عبد الفتاح إسماعيل وذلك من خلال تهيئة الأجواء بالشكل الذي يضمن نجاح القمة واستئناف الحوار الوحدوي بين الشطرين، وكانت أول خطوة قام بها الرئيس علي عبد الله صالح في سبيل ذلك إقالة عبد الله الاصنج وزير الخارجية في الشطر الشمالي, الذي كان من الصف المعادي للنظام في عدن, وذلك قبل أسبوع من انعقاد قمة الكويت.
وخلال مراحل العمل الوحدوي، كانت الكفة الراجحة لصالح الرئيس علي عبد الله صالح الذي كان يدرك أهمية الرؤية الوحدوية, والاندماج السياسي, والمسبوق باندماج اجتماعي واقتصادي, فالوحدة في فكر الرئيس كما أشار إليها مرارا هي وحدة الجماهير.. تصنعها الجماهير ولا تقيمها السلطات..
ويرصد الكتاب ملمحا آخر للنضج السياسي عند الرئيس علي عبد الله صالح, عندما سعى لحشد الدعم الدولي لمشروع الوحدة اليمنية، حيث قام الرئيس بعد توقيع اتفاقية الوحدة بين الشطرين في مدينة عدن 30 نوفمبر 1989م بزيارته الأولى للولايات المتحدة الأمريكية في يناير 1990م، لكسب التأييد الأمريكي للوحدة اليمنية، وذلك بالنظر إلى المكانة التي تحتلها الولايات المتحدة الأمريكية في النظام العالمي الجديد, وخلال الزيارة تمكن الرئيس من الحصول على تأييد الولايات المتحدة لقيام الوحدة اليمنية بعد إقناع الرئيس الأمريكي جورج بوش (الأب) أن وحدة اليمن ستكون عامل امن واستقرار في المنطقة كما ستكون البداية الناجمة للقضاء على خطر المد الشيوعي في جنوب اليمن..
وهو ما أكد اهتمام الرئيس علي عبد الله صالح بالبعد الدولي في قضية الوحدة لتحييد الاعتراضات الدولية التي تنشأ حال الإعلان عن قيام الجمهورية اليمنية، ولكن التحدي للرئيس كان ذلك الظرف الذي شهدته اليمن خلال الفترة الانتقالية وحتى الأزمة السياسية التي انتهت بالحرب وإعلان الانفصال من قبل قيادات الحزب الاشتراكي بما أفرزته من أخطار واختلالات, كان يرى انه لم يكن منها بد من
أجل الوحدة وفي هذا يقول عن الأخطاء التي نجمت أثناء إعادة ترتيب البيت اليمني الواحد ومنها سياسة التقاسم إنها "حالة استثنائية وثمن كان لا بد من دفعه من اجل إعادة تحقيق الوحدة".
وعلى هذا الأساس اعتمد الرئيس الحوار منهجا أساسيا في التعامل مع الأزمة منذ مطلعها واعتبر "أن الحوار هو السبيل الأمثل لمعالجة كافة القضايا وحل كل الخلافات وصولا إلى الأفضل، وعلينا أن نعمل جميعا على أن نحترم الرأي والرأي الآخر، وان تتوافق شعاراتنا مع ممارساتنا".
ويقدم الكتاب وصفا دقيقا لنهج الرئيس علي عبد الله صالح، في إدارة الأزمة ثم الحرب التي أشعلها الانفصاليون, مؤكدا بذلك للجميع أن الوحدة اليمنية وجدت لتبقى وتترسخ في واقع حياة الشعب اليمني، أما العودة إلى ما قبل 22 مايو 1990م فهو المستحيل بعينه مهما كانت التضحيات.. وقد أعلن ذلك صراحة في كلمته أمام مجلس النواب بتاريخ 7 مايو 1994م بقوله " من المستحيل.. ومن المستحيل... ومن المستحيل الانفصال ومستعدون لتقديم آلاف الشهداء حفاظا على الوحدة...".
ثم يعود الكتاب ليبين صفات التسامح في شخص الرئيس, عندما أعلن فخامته العفو العام عن جميع المغرر بهم في الحرب الانفصالية, وتصدى بحزم لأي محاولات للانتقام أو الثأر ممن ارتكبوا جرائم أثناء الحرب, مؤكدا ضرورة التسامح والالتزام بالدستور والقانون, والاحتكام إلى القضاء ليقول كلمته.
ويعرض الكتاب في أبواب متلاحقة مكثفة مواقف سياسية مشرفة في حياة الرئيس علي عبد الله صالح على الصعيدين الإقليمي والدولي في إطار جهوده واتصالاته المستمرة لتوطيد جسور التواصل مع العالم الخارجي، ما اكسبه مزيدا من الاحترام في المجتمع الدولي، فضلا عن المواقف المشرفة إزاء القضايا العربية والقومية وفي مقدمتها قضايا العرب المركزية المتمثلة بالصراع العربي الإسرائيلي.
والكتاب الذي نحن فيه يقع في 385 صفحة من القطع المتوسط، وهو محصلة وثمرة جهود تتابعت على مراحل لبيان الحقائق الناصعة في حياة فخامة الرئيس، كما يمثل الكتاب أو كما يقول رئيس الوزراء عبد القادر باجمال في تصديره له بأنه " بعض من تأكيد الإقرار بالحق والصدق لصانع التاريخ، وجزء من واجب الاعتراف الوطني النزيه في ظل قيادته الجسورة, الوحدة الوطنية، والديمقراطية الحرة، والتنمية الشاملة والتسامح الاجتماعي والإنساني الحضاري الجميل".
وفي تقديمه للكتاب يقول وزير الإعلام حسين العواضي، إن هذا الكتاب حكاية أخرى عن مسيرة قائد شجاع.. حكاية يمنية تستحق أن تروى بفخر واعتزاز لكل الأجيال، تبدأ بسنوات التحدي لا يوقفها رعب السلطة ولا يثنيها جحود الناقمين على كل شيء.. تمضي رائعة.. واثقة.. حكيمة.. تنبض بالشجاعة والتسامح.. والتضحية.. زاخرة بالتفوق والنجاحات المتلاحقة.
ومحليا يمكن إن يكون الكتاب، هو كتاب الألفية الثالثة، بما فيه من دعوة ملحة من اجل تضافر الجهود للاهتمام بكتابة تاريخ الأبطال والقادة، وكسر القيود المركزية التاريخية التي شوهت وأفسدت معرفتنا بأنفسنا وتاريخنا وواقعنا.
وقد يعتبر البعض والكلام لرئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، نصر طه مصطفى أن ما قلناه فيه مبالغة لكنها الحقيقة والله.. وعلي عبد الله صالح لا يحتاج منا لقول ذلك، لأن الحقائق أوضح من أن يغطيها احد، ولذلك كان وسيظل يوم السابع عشر من يوليو هو عنوان الأمن والاستقرار في الشطر الشمالي من اليمن ابتداء وفي اليمن الموحد انتهاء، وهذا ما أدركه اليمنيون لاحقا عندما تمكن الرئيس الجديد المنتخب من ترك الألغام المحدقة بالوطن واحداً تلو الآخر بهدوء وبصيرة وحكمة.








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "أخبار"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024