السبت, 20-أبريل-2024 الساعة: 03:52 ص - آخر تحديث: 04:17 ص (17: 01) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
ثقافة
المؤتمر نت - مروان الغفوري - شاعر وناقد يمني
المؤتمرنت - بقلم : مروان الغفوري -
ضد الملكيّة المشاعة للأداء الشعري
... منذ طرفة بن العبد ، و أبعَد ، و الشعراء يخشون الوقوع في حقل غيرهم الشعري ، سواءً حدث هذا الانزلاق عند مستوى البناء البكر للنص الشعري " اللفظة – الشرائح اللغوية " أو عند مستويات أعلى " البناء و التراكيب ، يدخل في هذا المستوى : الأسلوب و الأداء الشعري إجمالاً " .. وصولاً إلى الحقل المحيط بالنص الشعري ، و نعني به " المشار إليه ، أو الدلالة " . فالفكرة هي رأس مال الشاعر ، و لأجلها يسعى و يكد و يأرق و ليس أعنف ، آنئذٍ ، من أن يرثها عنه غيرُه .

و كذا العرب فقد جعلت من سرقة المشار إليه " المعنى " جريرة لا تغتفر ، كما لم يتسامح كبار النقّاد و الشعراء – قديماً - في المحاكاة و الدخول في جلباب الآخر ، فهذا ابن الحاجب يفضح البحتري – متّهماً إياه بسرقة حبيب بن أوس الطائي " أبي تمام" قائلاً :
كل بيتٍ له يجودُ معناهُ ... فمعناهُ لابن أوسٍ حبيب
الأمر الذي دفع جل الشعراء ، كباراً و صغاراً ، إلى محاولة التبرّؤ من هذه المثلبة و نفيها عنهم متى تسنّ لهم الأمر . و من هنا ، أيضاً ، يتوفّر لدينا فهمٌ ناجز عن قول طرفة بن العبد عن نفسه :
و لا أغيرُ على الأشعار أسرِقها .. عنها غنيتُ و شرّ الناس من سرقا ..

فكأنّ المخافة الأدبية التي نشرها الإمام عليّ بن أبي طالب في قوله " لولا أنّ الكلام يعاد لنفد " و تلك التي جسّدها " رهينُ المحبسين " في قوله " ما نرانا نقولُ إلا معاداً " كانت محاولة لفك شفرة التأزّم الشعري ، و تشابك الأداء الفنّي فيه ، و توطئة لمفهوم مصالحة مع واقع يحتمل الإغارات و الاستنساخ . و جعل بعضهم يقولُ عن البحتري : يغيرُ البحتري على أبي تمّام إغارةً و يأخذ منه صريحاً و إشارة .

و لأن الشعر ظل إلى ما قبل تحولات أدوات الإنتاج المدنيّة في مجتمع الدولة العربية المتّسع و المتنامي ، و منها أدوات الإنتاج الثقافية ، ديوان العرب – حسب توصيف ابن خلدون – فإن قضية السرقة الأدبية ( نقّلت اللفظة في درجات : الاختلاس ، التلفيق ، الاهتدام ، الاستلحاق ، الإدعاء ، الاصطراف ، الإغارة ، ... الغصب .) أخذت حقّها و أكثر من حقّها ، بل أصبح علم " السرقة الأدبية " فنّاً من الفنون له رجاله و ناسه ، كأبي عمرو بن العلاء ، و ابن الحاجب ،و الجرجاني ، و غيرهم ..و لم يكُن من اليسير أن يمر معنى شعري مستنسخ لشاعر على يد شاعر آخر دون أن يقبض عليه بطاركة النقد و الشعر . و في ثنايا هذا الهوجة ، لم تفلح معالجات شعراء و نقّاد حاولوا التهوين من القضيّة ، ربما عملاً بوصية سلفهم علي بن أبي طالب ، كالمتنبي القائل : الشعرُ جادّة ، و ربما وقع الحافرُ على الحافر . غير أن شاعراً كالمتنبي ما كان له أن يعتقد بمثل هذه العقيدة ما لم يكن في معرض رد على سائل يسأله عن تطابق " أسلوب " شاعرٍِ و شاعر آخر لم يسمعا من بعضيهما و لم يرَ أحدُهما صاحبه أو يجايله . كما أنّ المتنبي نفسه لم يُعلم عنه أن أحداً انتحل شعره و نسبه إليه . و أيضاً ، و إن حدث أن سرِق المتنبي ، فإن الذاكرة الجماعية حفظت أصوله الفنيّة و نبذت كل دخيل يقاويه ، أو يحاكيه ، أو يتماحك معه . و من هنا نفهم سر مهادنته في هذا الشأن . كما كان الحال مع شعراء آخرين كبشار بن برد الذي خرج في الناس صارخاً و لاعناً و هو يقول : ابن الزانية دعبل الخزاعي ذهب ببيتي . ذلك أن بشاراً قال :
من راقب الناس لم يظفر بحاجته .. و فاز بالطيّبات القاتلُ اللهجُ ..
فقال دعبل ، من بعده :
من راقب الناس مات غمّاً .. و فاز باللذة الجسور ُ .

و قد كانت العربُ ، و هم لا يفتأون بكونُ الشعرُ " علمهم الذي لا علم عندهم أعلمَ منه ( عن عمر بن الخطّاب ) ، يقولون : يسير شاعرٌ على خطى شاعرٍ فيكون أشبه به من التمرة بالتمرة ، و أقرب إليه من الماء إلى الماء ، و ليس بينهما إلا كما بين الليلة و الليلة . فإذا ما اختلف الشاعران أداءً و أسلوباً يقولون : بينهما كما بين نون و باقي النجوم .( راجع السرقات الأدبية .. د .بدوي طبانة )

و يبدو ، و الحال كذلك ، أنّ الشعر ليس بإمكانه أن يغدو ملكاً مشاعاً ضمن " الكلأ و المرعى و النار " كما عند ماركس ، و لا ضمن " النساء و البنين و الأرض " كما عند المزدكيّة . فأبو تمام ، الذي ضاق ذرعاً بسارقيه ، وقف أخيراً أمام الناس يفضح " محمد بن يزيد الأموي " و هو يقول :
يا عذارى الأشعار صرتن من بعدي ... سبايا تبعن في الأعرابِ ..

و هو ما يعد انقلاباً مبكّراً على نظرية " موت المؤلف " و " الكاتب الحقيقي للنص " . فعلاقة النص بصاحبه علاقة ولادة و بنوّة ، و تلازم أبدي ، سواءً وجد القارئ أم لم يوجد . هو أعلى من الانتماء ، و أقدس من العبوديّة . و هنا يمكننا أن نتفهّّم تماماً ما يذكره مؤرّخٌ و ناقد كابن رشيق في " العمدة" : كانت القبائل تهنّئ بعضها إذا نبغ فيهم شاعرٌ ، أو أنجبت لهم فرس ، أو ولد لهم مولود . فهي علاقة " ميلاد " و أبوّة على المستوى الجماعي و على المستوى الشخصي ، و ميراث كبير بين الشعر و صاحبه و بين الشاعر و الكون و بين الشاعر و النبوّة . هو ذلك الميراث الذي جعل الأثينين يكتبون قصيدة " الأوليمبيّة السابعة " لشاعرهم العظيم " بندار " بماء الذهب على جدران معبدهم المقدّس . كذلك فعلت الأعاريب من بعدهم في " المعلّقات" ، حين رفعها الأعيان و السادة إلى جدران الكعبة ، و حفظها الملوك و الذوات في " خزائنهم " .. لأن الشاعر يخلد في نصّه ، و لا ينبغي أن ينهب . و قديماً قال سذّج العرب : يغار الشعراء على بنات الأفكار كما يغارون على البنات الأبكار .

... أين يقع الانتحال الأدبي ، أو دعنا نكُن أصدقاءًا أكثر :
أين يكون الاحتذاء الأدبي ؟

- يكون عند المستويات الإبداعية المتدرّجة للنص الشعري .
1- اللغة ، كأدوات أولية ، و مشغل مليء بالخرز و الإبر و الخيوط المتباينة و أقمشة جاهزة أو مجهّزة .
2- مستوى التركيب .. و يدخل فيه " الأسلوب ، بتكنيكاته المختلفة ، خانة الاستدلال ، حقول التعاطي الفنّي ، تقنيّة تشكيل الصورة ، العبارة و الجملة نفسها، الشكل الشعري فيما يخص الابتكار الفردي فيه ، تقنيّة الارتقاء بالنص إلى مستوى الوحدة العضويّة ، الأداء السردي في النص ، العلاقات الداخلية في النص و طريقة توزيعها و استخلاص أشكالها و أنماطها ، المساحات الشعرية الجديدة التي يخلقها النص فتصبح فتحاً خاصّاً لصاحب النص نفسه ، .... ) إلخ

3- الحقل الدلالي ، أو المشار إليه .. و هنا قد يصعب الاتّفاق ، وإن كان التسليم بوقوع الانتحال الأدبي عند المستوى الدلالي " المعنى " منطقيّاً و جائزاً جدّاً . و إذا كانت العرب تعتقد أن المعاني موجودة على السكك وفي الطرقات ، و هي – بالتالي - ثمرة مشاعة فإن الحال تغيّر حديثاً حيث أصبحت الدلالة المفتوحة و اللانهائية ملكاً للقارئ نفسه ، و أصبح من حقّه أن يعتبر الانتحال عند هذا المستوى جريمة لا تقل عن جرائم سرقة الأداء الفني . و لأن الفهوم الشعرية ، بما فيها التصور النموذجي للشعر ، قد تغيّرت كثيراً حين رُشّح الشعر ليكون وعياً جديداً بالكون ، و فلسفة منوطًا بها أن تزيد سعة الأرض " على حد تعبير أدونيس " ، لذا تغدو السرقة عند مستوى الصورة المؤدّية / المفضية إلى مشار إليه قريب أو سامٍ عملاً تخريبيّاً في فنون الأداء الشعري ....

4- المساحة الراهنة التي يتحرّك فيها النص و يفتتحها بحدوسه العالية ، و بكل سماتها التخليقية المتوقّدة. يدخل في هذا الأمرِ الفضاء الشعري الذي " يشتغل " فيه الناصّ ، و ما به من مساحات و إجراءات شعرية غير تقليدية . مما يوقع أي شاعر يحاكي الناص في مأزق الدخول في " منطقة تحظر فيها الكتابة وفق تعليمات صاحب السور " قد لا تكون محسوسة لدى الشاعر المحاكي نظراً لانشغاله في الأداء الجزئي " صور و تراكيب و إضاءات ، .." و هو أداءٌ لا ينجو به من جنحة اختراق منطقة شعرية محرّمة ، أو التسارر معها ، على الأقل. و لأن الأداء الشعري في جوهره هو خلق ل" حقل " فنّي قبلاً ، و استشعار حدسي بعد ذلك ، فإن شاعراً كالفرزدق كان يعي كيمياء هذا النوع من النشاط الذهني و الوجداني ، معاً ، لمّا أن هتف بأصحابه " كأنه شعري ، أو : هذا يشبه شعري " بينما كان في جلسة يستمع فيها إلى شاعر يلقي على الناس شعراً .. كانت الناس تحفظ شعر الفرزدق ، أو جلّ شعره على الأقل ، و لم يجدوا في ما يلقيه الرجلُ من شعر الفرزدق شيئاً يدفعهم إلى الاعتقاد بمثل ما يعتقد الفرزدق نفسه ، لكنه – و هو صاحب الحدس الشعري المتوقّد – أدرك أن الفضاءات the atmospherics التي يتحرّك فيها الشاعر المشار إليه لم تكن من تخليقه أو مهارات تنوع الأداء و التجربة لديه " بمعنى : ليس لهذا الرجل علامات أسلوبية بالإمكان أن نعزو إليها عمله الشعري قيد التداول ". بل بدا ، و الأمر كذلك ، تجاوزاً و دخولاً في منطقة الأداء الشعري الخاص بالفرزدق .

و لعلّ هذا الأمر سيدعونا إلى إعادة التفكير – بسخرية ليست مقصودة لذاتها - في مفهوم الرئي الشعري ، أو الجنّي الموحي للشاعر . حيثُ سيبدو لنا أن الجنّي هنا هو إنسيٌّ مكتمل البشرية ، و أن الشاعر نسخة تحاول أن تفر من حالة التلبّس هذه ربما بكسل ، أو بانعدام حيلة . و الفروق – في الحال هذه - قد لا تكون بيّنة لكنها ستنصرف في جوهرها إلى حقيقة " الأداء الشعري " من حيثُ هو أرض لم توطّأ ، ثم لا شيء أهم بعد ذلك . فالحركة داخل إطار جاهز ليست مآل الأداء الشعري ، و إن امتلأت بالعمل الجزئي اللامع . هذا الوعي سيجعلنا نرفض ما ردده بعض النقاد القدامى عن " الحلية الماهرة " و الجديدة التي يكسبها شاعرٌ لمعان شاعر آخر، و أحقيته – بل أسبقيته – بالمعنى الشعري حينذاك . إن الجاهزيّة الفنيّة و الذهنية تقف دائماً وراء أي أداء غير نمطي . و لأن كيمياء النص الشعري و معادلاته الداخلية قد لا تنجح في التخفّي كما يجب ، أو يُوجَب ، فنحنُ سنعلمُ يقيناً أن كل شاعر قد يصبح في مرمى الاستنساخ ما لم يفر من ذلك بالاحتماء بالذاكرة الجمعية و سرعة تأسيس ذائقة سريعة لأدائه المنفرد ( بمعنى : تسجيل بصمته الصوتيّة كرقم إيداع ينشّط الذاكرة البيولوجية لدى المتلقي الجمعي باستمرار و يزيد من حساسيتها لأي أداء مقارب ) ثم يترك أمر حراسة ممتلكات نشاطه الفنّي للمجموع ، قارئاً و ناقداً .
و لعلّي سأختم مقالتي بتصوير فاجعة السطو الشعري ، بما قاله السّريّ الرفاءُ في شاعرين أغارا على أشعاره بالإشارة و الادعاء الصريح :
شنّا على الآداب أقبح غارةٍ ..جرحت قلوب محاسن الآدابِ
لا يسلبان أخا الثراء ، و إنما .. يتناهبان نتائج الألباب ..

فجاء " الحريري " من بعده - كما في السرقات الأدبية لطبانة - ليصوّر عِظَم هذه الجنحة نفسياً و أدبيّاً : و استراق الشعر عند الشعراء أفظع من استراق البيضاء و الصفراء . و ليتهم الحريري ذاته " عاش في القرن السادس الهجري " بمحاكاة ، بل وسرقة ، مقامات الهمذاني ، لدرجة تكرار عناوين المقامات ذاتها ..و ليتأصل ، رغماً عن الجميع ، المفهوم الجارح و الموجع على حدّ سواء " الشاعر سنبلة تعرّت للجياع " كما أطلقها الشاعر الاسكندري الجميل " محمود أمين " .. لكن ، أي جياع أولئك الذين يأكلون قلوب الناس و عيونهم !








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "ثقافة"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024