انتعاش حركة السياحة الداخلية يعزز الاستثمار العقاري أصبحت مدينة عدن الساحلية التي تعتبر العاصمة الاقتصادية والتجارية لليمن من أهم المدن اليمنية الكبرى التي تحدث طفرة اقتصادية كبيرة حاليا في البلاد مع ازدهار حقيقي وقوي بحركة بيع الأراضي وتجارة العقارات فالمسؤولين والمستثمرين يرون أنها قبلة ومحركا رئيسيا للنمو الذي يتمثل في التدفقات المستثمرة للاستثمارات المحلية والقادمة من دول الخليج العربية نظرا لدورها المحوري كعصب للاقتصاد في اليمن. ومنذ الثلاثة الأعوام الأخيرة شهدت التعاملات التجارية في عملية بيع الأراضي والعقارات في (عدن) نقله نوعية وارتفاعا شديدا وملحوظا جراء انتعاش الحركة السياحية الداخلية فيها مع تزايد قدوم اليمنيين الوافديين من دول الخليج وخصوصا السعوديين حيث تبدو افضل مكان لقضاء إجازة عيد الفطر والأضحى. وينظر الاقتصاديون وخبراء صناعة السياحة من أن الثلاث السنوات الماضية لعبت دورا أساسيا في جعل مدينة (عدن) مزارا سياحيا هاما بالنسبة لليمنيين وحتى السواح الأجانب وهو أمرا أدى الى خلق أسواق تجارية مختلفة عرفتها المدينة منذ القدم أهمها انتعاش تجارة "العقارات والأراضي". وعدن الذي يزيد عدد سكانها عن مليون ونصف مليون شخص تقريبا تتمتع بعوامل جذب سياحية كثيرة وفريدة متناثرة الأطراف مثل المنتجعات والمتنزهات الواقعة على ضفاف شواطئ ساحرة وجبال إضافة إلى المواقع والقلاع والحصون التاريخية الموجودة بأماكن عديدة مما يجعلها واجهة البلد في تنمية السياحية في المستقبل لليمن. يقول سماسرة أراضى وعقارات محليين "للمؤتمرنت" أن التدفق السياحي على المدينة (عدن) سواء من سكان المحافظات الأخرى أو من المغتربين كان له بالغ الأثر في انتعاش الحركة التجارية وبخاصة العمليات العقارية التي ارتفعت الى نسبة 80 في المائة من عملية بيع الأراضي والمنازل وكذا نسبة بناء الفنادق والشقق المفروشة ضمن أعمال الإيجارات الى مستوى قياسي متنامي لم تشهده المدينة إلا قبل نحو أكثر من 50 عاما مضت. وتشير استطلاعات ميدانية مع مكاتب عقارات بالمدينة أن نسبة نشاط البيع التجاري للأراضي والعقارات وبناء الفنادق والشقق المفروشة قفزت الى أكثر من 300 في المائة خلال الثمانية الأشهر الماضية وبأسعار خيالية خاصة لتلك المواقع الرائجة التي تضاعفت ثمنها الى ثلاث أمثال مقارنة في المدن اليمنية الأخرى التي يصل ثمن القطعة الواحدة في أحسن الأماكن فيها الى مستوى أقل وبمبالغ زهيدة نوعا ما. ويرى محللون ومسؤولون أن الزيارات السياحية لليمنيين والمغتربين في مواسم الأعياد والمناسبات الدينية لليمن مثل (عيدي الفطر والأضحى) يعد سببا رئيسيا في ارتفاع مؤشرات التوسع الحضري والعقاري الاستثماري والتجاري بمدينة عدن. وقال المحلل الاقتصادي أحمد عثمان العزعزي "للمؤتمرنت" أن مدينة عدن باتت أكبر المدن اليمنية رواج سياحي لليمنيين كما أصبحت مصيفا مشهور للسياح الأخريين أن كانوا من الخليجين أو الأجانب. وأضاف "تؤكد الدراسات وتوجهات السلطة إلى أن المدينة (عدن) ستكون بحلول عام 2010م المقبل أحد المدن والمراكز السياحية العالمية التي تسرق الأنظار فالكثير من التطورات المحدثة والتحسينات وحركة الاستثمار أعطت للمدينة بريقاً للجذب السياحي العالمي وليس فقط الداخلي". وكان عدد الزائرين اليمنيين والمغتربين الذين زاروا عدن خلال عيدي الفطر والأضحى الماضيين بلغوا في المستوط مابين 600 الى800 ومليون زائر. وقال عبدالحميد حمود وهو صاحب مكتب عقارات وتأجير للشقق المفروشة أنه خلال الخمس السنوات الماضية تبدأ مع حلول العيد بأسابيع الاتصالات بالمكتب من مختلف المحافظات وذلك لاستئجار الشقق المفروشة بمناطق عدة من المدينة. وأضاف "لكن في موسم العامين السابقين تغير الأمر لان يصبح الطلب على شراء الأراضي والمنازل أكثر أهمية... اعتقد أن إقامة سكن دائم للزائرين لعدن افضل من الاستئجار فمعظمهم يعيد تشكيل السكن والبناء من جديد وتجهيزه خاصة إذا كان قريب من الساحل والبحر". وأشار الى أن منطقة خور مكسر مثلت أعلى نسبة في هذا الأمر فهي حلقة الوصل التي تربط جميع المناطق ببعضها البعض أي مثلت يصلها بمدينة الشيخ عثمان وبقية المناطق من عدة نواحي. ومنطقة خور مكسر التي يقع بها المطار وتطل على بحر ساحل أبين وبها أكبر كورنيشات تعد من أرقى المناطق في عدن حيث أنها مكانا لسكن الدبلوماسيين والمسؤولين. أما منطقة الشيخ عثمان برغم من أنها ضاحية شعبية وهي شاسعة المساحة إلا أنها أصبحت المكان الأفضل لتدفق استثمارات تجارية مثل الفنادق السياحية والمطاعم الكبيرة بخدمة عالية المستوى وأيضا بسبب كثرة أسواقها المركزية المختلفة. ومع ذلك فقد قال حمود أن تكلفة الإيجارات للشقق المفروشة لم تهبط بالمرة بل زادت بمعدل 50% من قيمة أسعار العام الماضي من حوالي 50- 70 ألف ريال لمدة عشرة أيام إلى حوالي 100- 150 ألف ريال (700دولار) في احسن الاحوال. ويتفق مع وجهة نظر حمود رجل آخر يعمل في بيع العقارات يدعى جلال احمد صالح المشهور (بكيري) أن هناك من اليمنيين من مناطق ومحافظات مختلفة وآخرون مغتربين قد اشتروا خلال العامين الماضين عن طريقه أكثر من 500 موقعاً ما بين بيوت وفلل وأراضي كلفت ملايين الريالات. وتوضح بيانات إحصائية من محافظة عدن انه تم منح العديد من المغتربين واليمنيين تراخيص لإقامة مشاريع تجارية وسياحية في المدينة في العام الماضي على بعض المتنزهات والكورنيشات قدرت قيمتها بنحو اكثر من خمسة مليارات ريال (25مليون دولار). ولا تزال (عدن) المدينة الحضارية العريقة التي ظل بها المستمر البريطاني نحو 129عاما تحتفظ بمظاهر تقليدية قديمة متنوعة وعادات مسلية أثناء الاحتفال بالمناسبات تسرق بها أنظار زوارها. كما توجد بها أهم المواقع الأثرية اليمنية القديمة مثل صهاريج عدن الطويلة الواقعة بمنطقة كريتر وقلعة صيرة اللتين شيدتا قبل مئات السنين والكثير من الأماكن تفوح منها رائحة التاريخ القديم لليمن عموما. ومع استمرار تدفق قوي للحركة السياحية على المدينة فإنه يمكن إن يزداد زخم القيمة السوقية والمؤشرات الاقتصادية لسوق العقارات حيث بلغت قيمة الاستثمارات العقارية اكثر من 20 مليار ريال في العام الماضي 2005 (100مليون دولار). ويتوقع محللون أن يستمر نمو هذا القطاع في العام الحالي 2006 أيضا مع تشغيل ميناء المنطقة الحرة التي ستديره شركة موانئ دبي العالمية والذي يؤمل عليه الكثير من النمو الاقتصادي عموما لليمن. |