دراسة ميدانية تكشف مآسي الزواج المبكر في اليمن

الثلاثاء, 07-مارس-2006

المؤتمر نت - الزواج المبكر احدى المشاكل المعيقة للتنمية في اليمن

المؤتمرنت /جميل الجعدبي -
دراسة ميدانية تكشف مآسي الزواج المبكر في اليمن
أظهرت دراسة ميدانية حول الزواج المبكر في محافظتين يمنيتين أن نسبة انتشار الزواج المبكر في أوساط النساء بلغت 52.1% و 6.7% لدى الرجال، وفقاً لقصص حياة 1495 من الأزواج الذين شملهم البحث.
وكشفت الدراسة التي نشرها مركز دراسات المرأة والتنمية بجامعة صنعاء-وحصل المؤتمرنت على نسخة منها- عن فجوة عُمرية كبيرة بين الزوجين؛ حيث أظهرت الدراسة المقارنة لأعمار المتزوجين على مدى ثلاثة أجيال أن عمر الزواج ارتفع من (10-24) سنة إلى (14-70) سنة.
وأشارت الدراسة التي نفذها فريق بحث علمي مكون من (10) أعضاء إلى اختلافات في عمر الزواج، حسب المنطقة الجغرافية؛ حيث بينت الدراسة أن فتيات الحديدة وحضرموت يتزوجن بعمر الثمان سنوات، بينما في المكلا يبدأ سن الزواج للفتيات عند 10 سنوات، وأظهرت الدراسة أن سن الزواج في المناطق الحضرية يتراوح بين 2.2% للفتيات في الفئة العمرية تحت الـ18 سنة، و0.9% للفتيات في الفئة العمرية فوق الـ18 سنة.
وفيما اعتبرت الدراسة الفقر سبباً أول للزواج المبكر فإن السبب الثاني في الأهمية من أسباب الزواج المبكر للفتيات يتمثل في المعتقدات والاتجاهات التي تؤكد على قيم العفاف والطهر، وتجنب التمرد عليها بسبب تأخر سن الزواج المبكر، وهو ما أشار إليه (381) مبحوثاً من إجمالي (1938) مبحوثاً (21.22%)، يليه أسباب أخرى مثل التخلص من الفتاة وتعظيم فترة الإنجاب الفعلية للمرأة، والخوف من التعنس، ووجود عرض للزواج من قبل شخص غني.
ومن خلال الدراسة الميدانية تبين أن معظم الفتيات اللاتي تزوجن في سن صغيرة في مناطق الدراسة الثلاثة (الحديدة- حضرموت- المكلا) حملن حملهن الأول بعد البلوغ مباشرة، وأن معظمهن لا يزرن الطبيب إلا في حالات وجود تهديد حقيقي لحياة الجنين أو لحياة المرأة الحامل فقط.
وحسب الدراسة -تقول إحدى الطبيبات في محافظة الحديدة إن المواليد الذين تضعهن الزوجات صغيرات السن غالباً ما يكون وزنهم أقل من 2.5 كيلو جرام، مرجحة أسباب ذلك لعدم اكتمال نمو جسم الأم الصغيرة، وعدم خبرتها في نوع التغذية المطلوبة أثناء الحمل.
وقد أشارت مسئولة الرعاية الصحية في المكلا -إن وزن مولود الزوجة الصغيرة يصل إلى كيلو جرام واحد في بعض الأحيان.
وبينت نتائج الدراسة الميدانية أن معظم الفتيات اللاتي تزوجن مبكراً لم يستطعن التكيف عاطفياً مع أزواجهن في السنوات الأولى للزواج؛ حيث تشير بعض الفتيات أن زواجهن كان أشبه بالشراكة الوظيفية، أكثر من كونه شراكة عاطفية، فضلاً عن ذلك فإن زواجهن في سن مبكر حرمهن من تعلم مهارات الحياة بشكلٍ عام، سواء في مجال العناية بالأسرة، والزوج والأطفال، أو بالتعامل مع محيطهن الاجتماعي؛ حيث تقول إحدى الفتيات في الحديدة (تطلقت بعد يومين) وأخرى:(تطلقت بعد أربعين يوماً)، وثالثة: (بعد 6 أشهر).
وأشارت الدراسة -التي رأس فريق باحثيها الدكتور: عادل الشرجبي- إلى ارتفاع متوسط سن الزواج في المناطق البحثية الثلاث من 9 سنوات إلى 15 سنة، خلال ما يقارب 30 عاماً.
وأوضحت نتائج الدراسة أن (1420) امرأة من إجمالي النساء المبحوثات البالغ (1495) (94.98%)، وصفن أنفسهن بأنهن ربات بيوت، وأنهن يمارسن عملاً غير مأجور، سواء في المنزل، أو في قطاعي التجارة والزراعة، ومعظمهن تزوجن قبل بلوغهن الثامنة عشرة.
فيما أشارت 564 مبحوثة (37.7%) أنهن لم يسبق لهن الالتحاق بالتعليم، و(189) مبحوثة (21.5%) يستطعن القراءة والكتابة بصعوبة.
وأرجع 32.91% من المبحوثين (247 امرأة و285 رجلاً من بين 1738 مبحوثاً) أن أسباب الزواج المبكر للأولاد الذكور تعود لتوفر الإمكانات المادية، وعلى العكس من ذلك فإن توفر الإمكانات المادية لدى الأسرة لا يعد شرطاً ضرورياً لتزويج الفتاة في سن مبكر، فمن بين (1738) مبحوثاً ومبحوثة يرى 532 مبحوثاً ومبحوثة (30.6%) أن توفر وتيسر الأوضاع الاقتصادية للأسرة يمثل السبب الأول الذي يدفع الأسر إلى تزويج أبنائها الذكور في سن مبكرة.
وأما في حالة البنات فإن الأسر الفقيرة تسعى لتزويج بناتها بمجرد بلوغهن سن البلوغ، فقد أشار (388) مبحوثاً ومبحوثة من إجمالي المبحوثين (1738) مبحوثاً ومبحوثة (22.32%) إلى أن الفقر يمثل السبب الرئيسي في تزويج الفتيات في سن مبكرة.
وأرجعت الدراسة أسباب ذلك إلى كون الأسرة تعتبر البنت عبئاً على موارد الأسرة، بينما الأولاد الذكور يعتبرون أحد أهم هذه الموارد ولذلك فإنه حتى لو دفعت الأسرة المهر عند زواج الابن فإنها تسترده على المدى الطويل.
واعتبرت الدكتورة إشراق الإرياني –في دراستها حول "الزواج المبكر"- إن للبرامج التلفزيونية، وخاصة المسلسلات دور في تشكيل توجهات الفتيات نحو الزواج المبكر، للتحرر –حسب زعمهن- من سيطرة الأسرة.. فقد أشار المشاركون في المناقشات البؤرية في المناطق الثلاث إن البرامج التلفزيونية شجعت الفتيات على تكوين صورة حول الحب، والرومانسية والزواج، ففي واحدة من المناقشات البؤرية في مديرية "ساه" تقول فتاة تبلغ من العمر (13) سنة إن صديقتها تتطلع إلى الزواج المبكر حتى تتمكن من وضع المكياج واستخدام أدوات التجميل.
وتعتقد معدة الدراسة الميدانية أن متوسط ساعات المشاهدة التلفزيونية للتلفزيون في أوساط الفتيات تتراوح بين (3-5) ساعات يومياً، وإن قنوات الـLBC و MBC2 وقناة الموسيقى أكثر شعبية من قناة التلفزيون المحلية لديهن.