أمريكا تواجه تهمةالتستر عن جرائم جنودها يشير تقرير صدر في أواخر شهر أبريل الماضي عن منظمة هيومن رايت واتش الأمريكية لحقوق الانسان، أإلى أن أكثر من 600 مجند في الجيش الأمريكي تورطوا في أعمال تتعلق بخرق حقوق الإنسان في السجون الأمريكية، منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001. وجاء في التقرير أن عمليات تعذيب السجناء تمت على نطاق واسع في سجون العراق - أبو غريب خاصة- وفي سجون أفغانستان وكذلك في معتقل غوانتنامو. وترى المنظمة أن الإدارة الأمريكية لم تتخذ إجراءات حقيقية لمنع خرق حقوق الإنسان في السجون التي تشرف عليها مكتفية بتقديم بعض المتورطين فقط إلى العدالة. وبالرغم من انفجار جزء من فضائع الجيش الأمريكي في ما سمي بفضيحة سجن أبو غريب، فإن هيومن رايت تعتقد بناء على مجموعة من الأبحاث أن هناك العديد من حالات التعسف والتعذيب التي تعرض لها سجناء الولايات المتحدة دون أن تتسرب عنها أي معلومات أو تكون موضوع تحقيق من قبل السلطات الأمريكية، وفي أفضلف الحالات التي تم فيها تقديم المتورطين للمحاكمة عمدت هذه السلطات إلى إنهائها بشكل سريع ودون الخروج بأحكام حقيقية رادعة، حيث تسجل المنظمة أن المسؤولين يلجأون، عبر هذه المحاكمات، إلى إجراءات تأديبية ولا يدفعون باتجاه تجريم هذه الممارسات، التي تمس في العمق أطروحات الولايات المتحدة نفسها عن توجهاتها المتعلقة بنشر الديموقراطية وثقافة حقوق الإنسان عبر العالم. وجاء في تقرير المنظمة أنه لم يتم تقديم سوى 54 شخص وإدانة 40 منهم فقط بعقوبات سجنية ولكنها في الغالب عقوبات لم تصل إلى سنة باستثاء 10 متورطين حُكِم عيهم بسنة أو أكثر قليلا، وبالرغم من تأكيد الإدارة الأمريكية على الطبيعة الشخصية للممارسات التي تمت، فإن التقرير يُذكر بكون القوانين العسكرية الأمريكية تحمل الضباط مسؤولية ما يقترفه الجنود الموجودين تحت قيادتهم، وهو ما لا نعثر عليه في الحالات التي مثلت أمام العدالة، إذ ليس من بينها أى ضابط، كما لم تتم محاكمة أي عميل من عملاء وكالة الاستخبارات المركزية الذين ثبت تورطهم في عمليات تعذيب السجناء. وقال توم مالينوفسكي، أحد مسؤولي هيومن رايت واتش في واشنطن »إن الحكومة تبدو مهتمة أكثر بتداعيات الفضيحة التي خلفتها التعسفات المرتكبة ضد السجناء أكثر من اهتمامها بمعالجة المشاكل التي دأدت إلى هذه الوضعية«، في تلميح، ربما، إلى أن تقديم المتورطين مباشرة في هذه الممارسات يظل غير كاف إذا لم يتم إجراء تحقيقات واسعة حول ما إذا كان هناك ضباط أو مسؤلون من رتب عليا متورطين بإعطاء الأوامر لجنودهم للقيام بما قاموا به. وطالبت المنظمة أعضاء الكونغرس وكتابتي الدولة الأمريكية في الدفاع والعدل باتخاذ مجموعة من الإجراءات التي تر ى أن بإمكانها تكرار أعمال التعذيب في السجون التي تشرف عليها الولايات المتحدة وتعتقل فيها سجناء في إطار حربها على الإرهاب أو في إطار تدخلاتها العسكرية حول العالم. ومن هذه الإجراءات ضرورة تعيين لجنة مستقلة لمراجعة السياسة الأمريكية في مجال الاعتقال والتحقيق مع السجناء وكل العمليات التي تدخل في هذا الإطار عبر العالم، وكذلك تسريع عمليات التحقيق في الخروق التي تمت في مختلف السجون الامريكية في الخارج من أجل تحديد المسؤوليات وتقديم المعنيين إمام محاكم جنائية مهما كانت رتبهم ومهامهم. إن ما كشفته هيومن رايت واتش في تقريرها المذكور يؤكد حقيقة واحدة هي ازدواج الخطاب الذي تسوقه الولايات المتحدة حول احترام حقوق الإنسان والرغبة في إرساء العدالة، كما يؤكد أن البلد الأقوى في العالم يتستر على العديد من الجرائم التي يرتكبها جنوده وعملاء مخابراته حول العالم باسم الدفاع عن القيم العليا للإنسانيةو وعبر المنظمة الحقوقية عن هذا التستر بالقول » إن هناك تفاوتا بين الواقع وما وصلت إليه التحقيقات بعد سنتين مضتا عن فضيحة أبو غريب«. العالم |