الإثنين, 29-أبريل-2024 الساعة: 07:18 ص - آخر تحديث: 01:15 ص (15: 10) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
قضايا وآراء
عزت القمحاوي -
الكرة في البلد المشفر

بخلاف العديد من المزايا التي يراها الناس في كأس العالم، وفرت لي هذه المناسبة ميزة كبري، ميزة الإحساس بالتفوق والاختلاف التي أفتقدها طوال العام، فأنا الوحيد بين معارفي الذي لم يسع إلي طريقة لمشاهدة المباريات، سواء بالانصياع لاشتراطات الشركة المحتكرة أو بالاشتراك المخفض عبر جماعات فك الشيفرة أوبفرض نفسي ضيفاً إجبارياً علي أحد حائزي هذه النعمة أو الخروج إلي المقاهي والكافتيريات لمشاهدة المباريات!

باختصار، اتخذت لنفسي مكاناً متميزاً قصياً بعيداً عن جموع القلقين علي مصير العالم الذي يتحدد يوماً بعد يوم بين أقدام اللاعبين!
وتشفير المباريات في مصر قضية لم تبدأ مع كأس العالم، بل تطال مباريات كأس مصر، التي تلعبها فرق مصرية لجمهور مصري ويُشفرها سعودي!

ولم أكن أضرب الرمل أو أقرأ الكف فأعرف المستقبل الذي ينتظر عشاق الساحرة المستديرة من المصريين عندما قررت مبكراً الامتناع عن التعلق بها، بل لأنني رأيت في تشجيع الكرة نوعاً من الهوس الذي لا يناسب زاهداً أو شهوانياً، وأنا دائماً ما أختار مكاني في أحد هذين الموقعين المتناقضين ظاهرياً علي الأقل.

بالنسبة لزاهد لا يمكن لمبارات الكرة أن تجلب متعة، بل سكينة بوصفها تمثيلاً رمزياً لعبث التعلق بعرض الدنيا، فبعد جري الوحوش تأتي ركلة التسديد، وهي ليست في المحصلة العامة سوي قبض ريح.

وبالنسبة لدنيوي عتيد لا يعني تشجيع استعراضات قوة تنتهي باختراق الشباك سوي التحول من فاعل إلي مراقب، أي استبدال ممارسة الحياة في سرير بالقعود لمشاهدة البديل التليفزيوني!

ولا أري في تنامي ظاهرة تشجيع الجنس اللطيف للكرة إلا نوعاً من الذم لمن حولهن من رجال توقفوا عن التهديف دون فضيلة الصراحة التي يتمتع بها لاعبو الكرة عندما يجللون مسيرتهم بمباراة يعلنون فيها اعتزالهم الملاعب.


كل هذه أسباب منطقية تجعلني أميّل إلي كراهية الكرة مني إلي الحب، سعيداً بكوني من القلة في مصر المستريحة من هوس فك شيفرة البث من ألمانيا، فمن الخير في بلد مشفر بالكامل أن يستريح الإنسان من فك شيفرة ولو واحدة.

شيفرة أراها ـ علي عكس الجميع ـ قليلة المساس بالكرامة الإنسانية والمصالح الوطنية قياساً بغيرها من الشفرات، فإذا كان هناك شقيق سعودي قد احترف تشفير المباريات، فإن شقيقاً سعودياً آخر شفّر مشروع توشكي الزراعي الذي ظل موضوعاً للأغنيات الوطنية والوعد بمستقبل مختلف، لنكتشف في النهاية أن النظام كان يغلي أحجاراً للجياع والعاطلين، وبعد أن سخر كل أجهزة الدولة في العمل وبعد إنفاق المليارات علي البنية الأساسية وضع المشروع بعد ذلك هدية في حجر أمير سعودي دفع سعراً رمزياً بقرض من بنك مصري.

الأمير الذي انتهت إليه كل فوائد حفر النيل الموازي في الجنوب هو نفسه الأمير الذي شرعوا في ردم النيل بالقاهرة لتوسعة الطريق أمام فندقه، وهذا الكرم مع الشقيق شيفرة بحاجة إلي الحل. وليست شيفرة الأمير وحدها ما يستعجل الحل في مصر، لأنه لم يعد في الواقع شيئاً ليس محلاً للتشفير!

الوظائف مشفرة ولا يستطيع الوصول إليها إلا بعد حل الشيفرة نقوداً كان الحل أو توصية، العلاج بالكامل صار مشفراً ولا يمكن الوصول، فليس كل من يمرض يمكن أن يحصل علي العلاج، هكذا اعتباطاً دون فك الشيفرة.

والتعليم!

آه من شيفرة التعليم التي جعلته سباقاً محموماً بين من يملكون تكاليف الدروس الخصوصية، التي لم يعد هناك من سبيل غيرها لمواجهة تنكيل يتعرض له الطلاب آخر العام بوحشية، ليست منقطعة النظير، بل يراها العالم علي شاشات التليفزيون عند فض المظاهرات السلمية!

أما شيفرة الصعود الغامض لطبقة رجال الأعمال الجدد، فهي من أصعب الشفرات بمصر، وقد حاول النائب طلعت السادات فك أحدها بالحذاء تحت قبة البرلمان، لكنها كانت صعبة، وكاد النائب يفقد مستقبله السياسي فيها، لكن التحقيق انتهي بالحفظ، لأن أحداً لم يستطع أن يثبت إن كان قد فك أو مجرد شرع في فك رباط حذائه!

لا أحد تحدث عن فك الشيفرة وكأنه لاشيفرة علي الإطلاق، بينما كان النائب يريد من زميله أحمد عز الذي يتولي أمانة لا أدري ماذا في الحزن الوطني الديمقراطي أن يفك شيفرة ملياراته التي كونها في سنوات معدودة، وما تردد عن أرباح بلغت مليارا ومئتي مليون في يوم واحد من أيام اللعب بالبورصة!

وبالأمانة لا أعرف أية أمانة يتولاها النائب الشاب لأن دهشة كلمة أمانة تذهلني عن بقية الاسم، علي أن هذا ليس مربط الفرس، فالمشكلة أن شيفرة بحجم أحمد عز لا يمكن لنائب واحد أن يحلها، علي أن ما تنطوي عليه من تفريط يجعلها غير منقطعة الصلة عن شيفرة مذهلة أخري تتعلق بقتل الصهاينة للجنود المصريين علي الحدود مرة بعد مرة دونما غضب رسمي.

وليس هناك من يستطيع حل هذه الشيفرة إلا اثنين: الله بقدر نافذ، أو الملياردير السعودي بهدية منه لأركان النظام كي يشاهدوا المباريات مجاناً ليعرفوا معني الغضب، ومعني الحزن والخجل من الإخفاق، الذي يصل باللاعب إلي حد البكاء وحجب وجهه عن الكاميرات بيديه أو بردائه كما لو كان خسران الهدف هو نهاية العالم بالنسبة له!

ولا يأخذ اللاعب دفاتر حساباته السرية أو العلنية بالبنوك إلي الملعب، ولا يمكن أن يتذكرها لتحمل عنه حزن الإخفاق، فكرامة الانتصار متعة لاتحققها الملايين ولا المليارات.

وإذا استطاعت مباريات كأس العالم أن تعلم السياسيين هذا الدرس يكون المونديال قد نجح نجاحاً عظيماً.









أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "قضايا وآراء"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024