الجمعة, 19-أبريل-2024 الساعة: 07:32 م - آخر تحديث: 04:16 م (16: 01) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
أخبار
المؤتمر نت - .
عرض/نبيل شبيب -
ملف اغتيال الحريري
ليس سهلا التعريف بكتاب بعد انتشار الانطباع بأنه أصبح معروفا خلال الأسابيع الأولى عقب صدوره.

وهذا على أي حال ما سعت إليه وسائل الإعلام السورية بحديثها عن الكتاب ومؤلفه الذي ظهر في أكثر من حوار إعلامي، حتى غلب الاعتقاد -على الأقل عند من لم يقرأ الكتاب نفسه- بأن محتواه يبرئ ساحة نظام الحكم في سوريا تماما من جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري.

تحيز في التحقيق
لا تريد هذه الكلمات إنكار قابلية براءة الحكم السوري ولا إنكار حقيقة التحيز السياسي ضده في قالب "تحقيق دولي"، فالحديث هنا يدور حول الكتاب وليس حول القضية بحد ذاتها، لاسيما أن مؤلفه يورجن كين كوليبل قد حدد الهدف منه في المقدمة وكرر ذكره في ثنايا الكتاب وفي خاتمته.

ولم يقل بمحاولة تبرئة طرف ما، بل بالحرص على لفت الأنظار إلى أسباب جوهرية عديدة تستدعي انتقاد حصر التحقيق الدولي في توجيه أصابع الاتهام إلى مسؤولين في سوريا بالذات، مع إهمال البحث في سائر المسارات والاتجاهات الأخرى، رغم وجود دلائل عليها، كافية من الناحية المهنية.

ولهذا يتناقض إهمالها أو تغييبها مع المهنية المعتادة في التحقيق في أي جريمة، فكيف مع جريمة سياسية من العيار الأول، كاغتيال الحريري.

والمؤلف نفسه خريج كلية التحقيق الجنائي في جامعة هومبولدت في برلين، واشتغل في هذا الميدان في ألمانيا الشيوعية قبل توحيد شطري ألمانيا، وبعد فترة دراسة علمية للرياضة رحل عن ألمانيا الموحدة فاشتغل مدربا على "الكاراتيه" في اليابان ومصر.

وعاد إلى بلاده عام 2002 ليعمل منذ ذلك الحين صحفيا تنشر مقالاته في عدد من الصحف والمجلات اليسارية بألمانيا، وليس له مؤلفات من قبل، باستثناء بعض كتيبات الشعر.

الخلفية الشيوعية اليسارية للكاتب توحي بدافعه إلى نشر الكتاب الصادر في أكثر من 300 صفحة من القطع المتوسط، لا تتناول -كما قد يوحي العنوان- تفاصيل نتائج التحقيق المباشر في الجريمة، في لبنان ثم دوليا، ولا نصوص التقارير المرفوعة إلى مجلس الأمن الدولي، وما رافقها من مواقف وتحليلات مؤيدة ومعارضة، إنما تنطوي على كم كبير من المعلومات والنصوص، التاريخية في الدرجة الأولى التي أراد منها الوصول بالقارئ إلى الاقتناع بوجود قوى دولية وإقليمية ومحلية عديدة -غير سوريا- لها دوافعها لارتكاب الجريمة، ولا تتورع عن ذلك وفق سوابقها العديدة.

تعداد هذه الاحتمالات أو الجهات في فقرات قصيرة تحت عدة عناوين يشغل عدة صفحات من الفصل الأول من الكتاب.

وقد انطلق الكاتب من الولايات المتحدة الأميركية، ذات الأهداف المعروفة من حيث الهيمنة، فأشار مثلا إلى رغبتها في إقامة قاعدة عسكرية شمال لبنان، مما لا يتحقق إلا بعد خروج القوات السورية منه.

ثم انتقل إلى أطراف لبنانية يهمها تغيير الوضع القائم في لبنان ولو كان الطريق إليه التخلص من رجل ارتبط اسمه بالاستقرار وبإعادة بناء ما دمرته الحرب الأهلية، ثم إلى عصابات الجريمة المنظمة -المافيا- التي لا يستبعد الكاتب وجود علاقات خفية بينها وبين فروع الإمبراطورية المالية الضخمة للقتيل الضحية.

كما شملت رؤيته جهات محتملة في موضع الشبهة فيما وصفه بالقوى الاجتماعية المتضررة داخل لبنان نتيجة سياسات وممارسات مالية اتبعها الحريري، ووصلت قائمة الشبهات إلى أوساط مالية سعودية منزعجة من الارتباطات المالية الوثيقة بين شركات الحريري والعائلة المالكة.

ثم جاء ذكر الطرف الإسرائيلي المستفيد الأول من خروج القوات السورية وتدويل مسألة سلاح حزب الله وارتباطه بإيران، وعاد الكاتب مجددا إلى الولايات المتحدة الأميركية تحت عنوان جهتين لشبهة استهداف الحريري هما المحافظون الجدد ووكالة المخابرات المركزية.

وختم تعداده هذا بإشارة سريعة إلى الرسالة التي تبين زيفها بعد إيصالها إلى فضائية الجزيرة، بأن وراء الجريمة مجموعة إرهابية باسمٍ لم يكن معروفا من قبل.

بين هذا التعداد وبين الحصيلة كم كبير من المعلومات، يظهر من ورائه الجهد الكبير المبذول في جمعه وتصنيفه ومحاولة توثيقه.

ولكن الكاتب لم يفلح في عرضه عرضا يكفي لتعزيز الاقتناع بهدفه منه، ولا في الربط التحليلي بينه وبين الجريمة ليعطي بديلا أقوى حجةً من أطروحة اتهام مسؤولين سوريين ولبنانيين في التقارير الدولية التي ينتقد تحيزها.

جريمة في سياق تاريخي
بعد وقفة قصيرة عند التصريحات والمواقف السياسية الصادرة فور وقوع الجريمة عن جهات أميركية وإسرائيلية وبعض الأطراف اللبنانية، بتوجيه الاتهام إلى نظام الحكم في سوريا وجهات لبنانية متعاونة معه، يبدأ الكاتب مشواره الطويل في طرح الخلفية التاريخية بالحرب الأهلية اللبنانية.

ثم يخصص فصلين للحديث عن دلائل ذات علاقة بالمحافظين الجدد وبالإسرائيليين، ويتخذ في فصل ثالث من أحداث صبرا وشاتيلا واغتيال إيلي حبيقة لاحقا نموذجا لتأكيد ما يريد نقده بصدد تغييب الاتهام إلى جهات غير سوريا.

ويقترب من هذا الهدف في الفصل التالي بعنوان "مقاتلو الشر"، فيبدأ الحديث بقوله "إلى جانب الاتهام العام الموجه حاليا إلى سوريا، البلد الذي يعتبر في أنظار العالم الغربي والأممية الديمقراطية كبش الفداء لكل انتهاك سياسي وإنساني في المنطقة، سبق أن ارتكبه وما زال يرتكبه في الشرقين الأدنى والأوسط، يوجد ما يكفي من الدلائل، التي تكشف عن دوافع ظاهرة للعيان، لأي محقق نزيه، وتكفي ليجري تحقيقاته في سائر الاتجاهات بموضوعية ودون تحيز".

كلمات هذه المقدمة تشير إلى محتوى الفصل، حيث ترد تفاصيل نقطة رئيسية ركزت عليها وسائل الإعلام السورية عقب صدور الكتاب، وتلخصت في أن الأجهزة الإلكترونية والتقنية الفائقة التقدم التي استخدمها الحريري لحماية نفسه وموكب سياراته كانت من صناعة شركة إسرائيلية.

ونبهت إلى أن تلك الأجهزة لا يمكن إبطال مفعولها أو تجاوزه إلا من جانب الجهة التي قامت على تصنيعها أو من خلال معلومات تعطيها لطرف قادر على استخدامها من الناحية التقنية.

على أن ما يسري على تفاصيل أخرى يسري أيضا على التفاصيل الواردة في هذه النقطة، فالكاتب يطرح احتمالات يلفت النظر إليها، وليس هذا قليلا بالمقارنة مع توجيه التحقيق الدولي في اتجاه واحد.

وهذه الاحتمالات في حاجة إلى التحقيق أيضا، وفيها ما يكفي لإدانة تجنبها تحيزا، ولكن ما أورده المؤلف بصدد هذه الاحتمالات لا يحولها إلى معلومات أو أدلة قاطعة، لاسيما أن الرواية منسوبة إلى مجهول اتصل بالكاتب هاتفيا، فهو لا يعرف اسمه ولا موقعه.

أما متابعة الموضوع فتتعثر في نصوص الأسئلة والأجوبة المتبادلة بين المؤلف وبعض الجهات ذات العلاقة، كالمسؤولين عن الشركة الإسرائيلية، أو الشركة الإيطالية الوحيدة التي تنافسها دوليا في التجارة بتلك الأجهزة، وكذلك مع الجهات التي أجرت التحقيقات الدولية كالنائب العام الألماني ميليس، وهي نصوص لا تنطوي على معلومة قاطعة، بل تتأرجح بين رفض الإجابة ابتداء، أو الإنكار الذي لا يقنع الكاتب.

يسري ذلك نسبيا على نصوص أخرى منشورة بصورة مشابهة، لحوارات وتصريحات ورسائل لعدد من المعارضين اللبنانيين العاملين خارج لبنان، وفي مقدمة الأسماء الواردة دون انقطاع في الكتاب زياد عبد النور وناجي نجار.

ويركز الكاتب على المستوطنين من المعارضين في الولايات المتحدة الأميركية، ومعظمهم ممن هاجروا أثناء الحرب الأهلية أو كانوا من عناصر القوات المتعاونة مع الاحتلال الإسرائيلي جنوبي لبنان، وخرجوا إلى المنفى مع إخراج القوات الإسرائيلية من الجنوب.

في الأسئلة الواردة في بعض هذه النصوص ما يشير إلى اتهامات ما تستهدف الربط بين نشاطات هؤلاء لتدويل القضية اللبنانية والعمل ضد سوريا حتى تعرضت إلى الحملة الفرنسية-الأميركية من جهة، وبين اغتيال الحريري من جهة أخرى.

ولكن هذه النصوص أيضا لا توصل إلى أجوبة تسمح للقارئ باستخلاص نتيجة قاطعة وواضحة.

المعلومات والنصوص الواردة قد تفيد المتخصصين في التحقيقات الدولية، ولكن يصعب أن تفيد القارئ غير المتخصص، الذي يفترض أن الكتاب يستهدفه في الدرجة الأولى، وهنا بالذات يفتقد المتابع للقضية محاولة الكاتب أن يستخدم خبرته الذاتية في التحقيق ليربط بين ما أورد من معلومات ونصوص، وتحليلها، والوصول إلى نتيجة يعرضها على القارئ.

ولا يعذره في الامتناع عن صنع ذلك قوله في المقدمة إنه يريد أن يترك الاستنتاجات للقارئ، فطريقة العرض بأساليب متبعة في التحقيقات الجنائية لا تغني القارئ عن مساعدة صاحب الخبرة لبيان مواقع التناقض والتوافق، وللمقارنة بين ما يصلح الأخذ به وما ينبغي إهماله، من حيث السؤال عن مرتكب الجريمة وليس من حيث السؤال العام المطروح عبر الكتاب عن وجود جهات أخرى غير سوريا، تؤكد ممارساتها التاريخية السابقة قابلية أن تكون المسؤولة عن هذه الجريمة أيضا.

"
هناك تحيز في التحقيقات الدولية ضد نظام الحكم في سوريا وإهمال للاحتمالات الأخرى إهمالا يتناقض مع مهنية التحقيق وتبعات نتائجه وفق مستوى الحدث والظروف المحيطة به
"
الحصيلة.. دلائل مهملة
يتطلب استيعاب ما ورد في هذا الكتاب من معلومات -ناهيك عن تقويمها- قراءته أكثر من مرة، ورغم ذلك يمكن إيجاز حصيلته في نقطتين اثنتين.

الأولى هي الهدف المعلن من الكتاب أي إبراز التحيز في التحقيقات الدولية ضد نظام الحكم في سوريا وإهمال الاحتمالات الأخرى إهمالا يتناقض مع مهنية التحقيق وتبعات نتائجه وفق مستوى الحدث والظروف المحيطة به.

وهذا أمر لا يغيب أصلا عن أنظار المتابعين للقضية دون الحاجة إلى هذا الكتاب، بينما لا يبدو الأسلوب المتبع في طرح محتوياته مناسبا لإثارة الاهتمام لدى من لا يتابع القضية في الأصل إلا لماما، وبالتالي دفعه إلى رؤية ذلك التحيز ومخاطره.

أما النقطة الثانية فهي رغبة واضحة في إثارة الشكوك حول أطراف أخرى لها مصلحة في اغتيال الحريري، مع الإيحاء باتهامها، واقتصار الكاتب نفسه غالبا على الاتهام في صيغة تساؤل متكرر، محوره ومحور التفاصيل التي أوردها هو أن الشبكة التي قامت بتنفيذ عملية الاغتيال الضخمة تخطيطا وتنفيذا وتمويها، قد أوجدها طرف أو أكثر من بين الأطراف التالية:

1- جهات سياسية أو استخبارية مرتبطة بالمحافظين الجدد مع الإشارة مرارا إلى أن اسم رفيق الحريري وصورته كانا منشورين في موقع شبكة مرتبط بتلك الجهات، بين عدد كبير من الأشخاص من أنحاء العالم، اعتبروا مطلوبين دوليا على غرار الأسلوب "الإجرامي الصبياني" في نشر صور مسؤولين عراقيين على شكل "لعبة الورق" أثناء حرب احتلال العراق، ولم يُحذف اسم الحريري في ذلك الموقع إلا بعد جريمة الاغتيال بأسبوعين تقريبا.

2- جهات إسرائيلية لا يقتصر الاشتباه بها على مسألة الأجهزة الإلكترونية التي ركز الإعلام السوري عليها، بل يرتبط أيضا بممارسات سابقة عديدة، وبالأهداف المرحلية الإسرائيلية الراهنة لكسر الجبهة السياسية السورية إقليميا، وكسر ارتباطاتها بإيران وحزب الله، وبالتالي استهداف الوجود العسكري السوري سابقا في لبنان عبر اغتيال الحريري وعمليات أخرى.

3- جهات لبنانية معارضة للوجود السوري ومتعاونة مع الأميركيين والإسرائيليين، من خارج لبنان وداخل حدوده، وهو ما استند إلى استشهاد الكاتب بعدد كبير من المواقف الموثقة لتلك الجهات، ولكن مع إغفال ربط مضامينها ربطا تحليليا أو مهنيا بملابسات اغتيال الحريري مباشرة.

بالإضافة إلى الدور الذي لعبته تلك الجهات علنا في انطلاق الحملة الفرنسية-الأميركية ضد سوريا من عقالها ووصولها إلى ذروة مبدئية عبر مجلس الأمن الدولي عام 2004.

4- جهات ذات مصالح نفطية تجمع -وفق الكاتب- بين شركات أميركية ولبنانية وإسرائيلية وروسية، لا يتردد صانعو القرار فيها عن تجاوز سائر الاعتبارات لتحقيق المكاسب المادية.

وهنا أيضا يخصص الكاتب للحديث عن هذه الجهات وممارساتها في الأسواق المالية والنفطية أحد فصول الكتاب ولكن دون أن يربط بنفسه بين تلك المصالح والممارسات وبين حيثيات جريمة الاغتيال.

يبقى الانطباع العام أن الكاتب تجاوز في هذا الكتاب الأول المنشور بقلمه هدفَه المذكور في المقدمة بصدد بيان وجود دلائل قوية عديدة عن المسؤولية عن الجريمة، إلى محاولة صادرة عن اتجاهه الشيوعي اليساري، تكاد تتمثل في توظيف قضية ساخنة سياسيا وإعلاميا، لدفع القارئ إلى اقتناء كتابه والاطلاع على ما حشده من معلومات تفصيلية واسعة النطاق عن ممارسات قوى الهيمنة الدولية "الرأسمالية الإمبريالية"، على مستوى عالمي شامل وعبر صناعة الأحداث الإقليمية في البلدان الأصغر دوليا، اعتمادا على إمكانات مادية ومالية وعسكرية وعلاقات متشابكة، بعضها بمشاركة لبنانيين أو ذوي أصل لبناني في المهجر الأميركي.

ومن ممارسات تلك القوى ما لا يقل حجما ومضمونا عن جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق وحصر التحقيق الدولي في توجيه الاتهام إلى نظام الحكم السوري الحالي.


المصدر: الجزيرة









أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "أخبار"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024