الأربعاء, 15-مايو-2024 الساعة: 05:01 ص - آخر تحديث: 02:02 ص (02: 11) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
صديقي بن مساعد بن حسين سجل تاريخه الوطني بأحرف من نور في اليمن العظيم
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
ضبابية المشهد.. إلى أين؟
إياد فاضل*
شوقي هائل.. الشخصية القيادية الملهمة
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
عربي ودولي
المؤتمر نت - أطفال العراق يتنفسون الموت
نيوزويك -
نيوزويك :أطفال العراق يتنفسون الموت
- أطفال العراق يتنفسون الموت ولا يذهبون للمدرسة

- جيل ما بعد الاحتلال الأمريكي
- بعض أطفال العراق يقاومون دون حوافز وآخرون يزرعون العبوة الناسفة مقابل 20 دولاراً
- إحصائية لوزارة التعليم العراقية تقول إن 70% من أطفال الابتدائية لا يحضرون بانتظام
- الصراع الطائفي يغير العراق بطرق مختلفة كل يوم
- استطلاع للخارجية الأمريكية أظهر أن 90% من الشبان العراقيين يعتبرون الأمريكيين محتلين
- كاتب فرنسي: الكثير من الأولاد الذين نشأوا محاطين بالغضب والخوف يتحولون إلي متمردين
- الجماعات المتطرفة وجدت مجنديها الأكثر استعداداً في مجتمعات تمر بتغيرات جذرية عنيفة

47% من أطفال الموصل يعانون من صدمات نفسية كثيرة
- محافظتان عراقيتان أغلقتا مدارسهما بسبب العنف الطائفي
كلما طال بقاء الأمريكان وجهت الملامة أكثر لهم علي مآسي البلاد

يقول عمار إنه فخور بحمل السلاح. لقد كان والده عميداً في جيش صدام حسين، ورجلاً شهد معارك كثيرة في حروب بلده الكثيرة، وقد رافقه عمار الي ميدان الرماية منذ نعومة أظافره، يقول: اعتدت علي صوت اطلاق النار حينذاك . لذا كان مستعداً الخريف الماضي عندما حض الإمام المقيمين في حيه في بغداد علي محاربة الغزاة، وهم في هذه الحالة أعضاء من ميليشيا شيعية تحاول اقتحام المنطقة ذات الأغلبية السنية. فانضم عمار إلي حراس الحي، وهم مجموعة منوعة من الرجال الذين يتولون الحراسة ليلا عند حواجز مرتجلة يقيمونها علي طرقات الأحياء وفي مراكز مراقبة علي سطوح المباني. في منتصف شهر أكتوبر، خاض عمار معركته الكبيرة الأولي ضد جنود من جيش المهدي، أو جامعي النفايات واللصوص ، كما يشير بازدراء إلي الميليشيا الشيعية. يقول إنه استعمل بندقية الكلاشينكوف بشكل مفيد: أظنني جرحت أو حتي قتلت اثنين منهم. جماعتنا قتلت أكثر من ستة منهم تلك الليلة .عمار يبلغ من العمر 17 عاما، إنه فتي طويل ونحيل بدأت لحيته تنمو، وقد شهد أمورا قبيحة أكثر مما يجدر بأي شخص رؤيته في حياته. مع ارتفاع عدد المقتولين علي أيدي فرق الموت في بغداد الخريف الماضي، كان يساعد في غرفة المسجد المخصصة لغسل الجثامين قبل دفنها. كانت بعض الجثث محروقة بمواد كيميائية. وبعضها الآخر قد بترت أطرافه وسُمِلت عيناه. ذات يوم في بداية شهر نوفمبر، اختفي أحد جيران عمار، وهو طالب جامعي سني أيضا، عند حاجز تفتيش مرتجل أقامه جيش المهدي. وعندما ظهرت جثة الجار أخيرا في المسجد لدفنها، رأي عمار أن رأسه كان مقطوعا. (عرف صديقه من ملابسه). يقول عمار: ركضت إلي الحديقة وتقيأت . ثم تعهد بالثأر.إن الصراع الطائفي يغير العراق بطرق مختلفة ممتلئة بالحقد كل يوم. لكنه يصوغ المستقبل أيضا من خلال تسميم عقول الجيل التالي من العراقيين. وعلي غرار الكثير من الدول المجاورة، فإن العراق بلد الشباب: نحو نصف سكانه دون سن ال 18. وأولئك الأطفال نشأوا في أجواء مضطربة جدا. فأمثال عمار ولدوا في أعقاب حرب موهنة، ضد إيران المجاورة، ثم عانوا حربين أخريين تخللتهما سنوات من العقوبات التي أغرقت البلد في الفقر. وهم شديدو التأثر بالمآسي التي يتخبط فيها العراق الآن. ويقدر حسن علي، عالم الاجتماع في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، أن مليون طفل عراقي علي الأقل تأثرت حياتهم سلبا بسبب الحرب، بعدما فقدوا أهلهم ومنازلهم، وشهدوا تمزق مجتمعاتهم من جراء الغضب الطائفي.



يقول علي: هؤلاء الأطفال سيصبحون مؤمنين بمباديء القوة والعنف. لا شك في أن تأثيرات ذلك ستظهر في المجتمع ككل في المستقبل ، وليس فقط في المجتمع العراقي. وسوف يولّد العنف المزيد من العنف علي نطاق عالمي لسنوات عدة، بدءا من الشرق الأوسط وصولا إلي أوروبا فأمريكا.فيما تتجه موجة جديدة من الجنود الأمريكيين إلي بغداد - في محاولة أخيرة تهدف إلي إرساء الاستقرار وإعادة إعمار العاصمة العراقية من خلال زيادة القوات - لا بد من التساؤل إذا كنا قد خسرنا المعركة الكبري في العراق. يقول جوناثان باورز، وهو كابتن سابق في الجيش الأمريكي خدم في العراق عام 2003 ويدير الآن منظمة غير ربحية تعني بالأطفال هناك، إن العنف المستمر يؤدي إلي جيل دون المستوي التعليمي المطلوب وعاطل عن العمل، يعاني صدمات نفسية، وشديد التأثر بالدعوات إلي الانتقام التي تطلقها الميليشيات والمجموعات المتمردة، ولاسيما في صفوف الصبيان. بعض هؤلاء الأولاد بدأوا بحمل السلاح، ضد أعضاء من الطائفة المقابلة، سواء كانت سنية أو شيعية، وفي معظم الأحيان ضد الجنود الأمريكيين أيضا. يقول باورز: بدلا من تدريبهم علي إعادة بناء بلدهم، يتم تدريبهم علي استعمال السلاح لتدميره . وإذا لم يتغير هذا النمط، فسنحارب هؤلاء الشبان أنفسهم في المستقبل لإرساء السلام في الشرق الأوسط .فضلا عن ذلك، يحذر الباحث الفرنسي جيل كيبيل، مؤلف كتاب (الجهاد: درب الإسلام السياسي) من أن الكثير من أولئك الأولاد، الذين نشأوا محاطين بالغضب والخوف، قد يصبحون متمردين من دون أهداف واضحة. ويسأل: ضد من سيكون جهادهم؟ هل سيكبرون ليتحاربوا في ما بينهم، أم سيوجهون أسلحتهم ضد الغرب؟ . إذا تم إرساء السلام بطريقة ما، فقد يسلمون أسلحتهم، كما فعل معظم أبناء جيل الحرب في لبنان والجزائر والبلقان في الذاكرة الحديثة، حسبما يقول كيبيل.لكن الواضح هو أننا أقرب إلي بداية حلقة العنف هذه من نهايتها. صحيح أن تنظيم القاعدة ليس معروفا بأنه يجتذب أولاد العراق، ومعظم التحذيرات الاستخباراتية بشأن النزاع هناك ركزت علي الجهاديين الراشدين الذين يكتسبون خبرة في ميدان القتال، لكن المجموعات الراديكالية لطالما وجدت مجنديها الأكثر استعدادا في مجتمعات تمر بتغييرات جذرية وعنيفة. ولعل أقرب تشبيه هو حركة طالبان في أفغانستان. لقد ملأت صفوفها بأيتام الحرب - وهم في الغالب أطفال لاجئون - ومنحتهم بنية عائلية مختلفة قوامها الإسلام.إن العراق ممتليء بأمثال هؤلاء الأطفال. ما عليك إلا أن تسأل ثاكا، الفتي البالغ من العمر 14 عاما من بغداد، عن كرة القدم أو ألعاب الكمبيوتر، وستنفرج أسارير الشاب النحيل والوسيم، لبضع لحظات وجيزة تريحه من العبء الذي يرزح تحته. ذات ليلة صيفية دافئة عام ،2005 كان ثاكا ووالده، طالب، يقفلان متجرهما لبيع الألبسة في منطقة الدورة جنوب بغداد. فجأة خرج رجل مجهول من سيارة مركونة في الجوار، ومن دون تحذير، أطلق 12 طلقة من مسدس علي رأس طالب وجسده، إلي أن أفرغه من الرصاص. يقول ثاكا: مازلت أتذكر صوت الرصاص، وكأنه كان حلما . وقد لاذ ثاكا بالفرار إلي الأحياء الداخلية منتحبا. ولم تعثر عليه عائلته إلا بعد ساعات.وحتي الآن، بعد مرور سنة ونصف علي تلك الحادثة، تعتري ثاكا نوبات من القلق أحيانا فيهدئه أفراد عائلته من خلال الإمساك به وإعطائه مسكنات يشترونها من الصيدلية المحلية. للأسف، فإن قصته ليست استثنائية. فقد أظهرت دراسة أجراها أطباء نفسانيون عراقيون عام ،2006 وتمولها منظمة الصحة العالمية بشكل جزئي، أن 30 بالمائة من الأطفال ال1090 الذين شملهم الاستطلاع في الموصل يعانون الاضطرابات النفسية التي تعقب الصدمات القوية. وفي بغداد، أشار 47 بالمائة من الذين شملتهم الدراسة إلي تعرضهم لصدمة نفسية كبيرة ، ويعاني 14 بالمائة منهم أعراض الاضطراب النفسي الذي يعقب الصدمات القوية، وهي تشمل القلق والاكتئاب والكوابيس، وكلها تلحق ضررا بالعقول الشابة. يقول نايل صبحي، الذي يعمل مع مجموعة مساعدة أمريكية تدعي منظمة جيل العراق: بعض الأطفال يستيقظون ليلا ويعجزون عن النوم مجددا، الرايةقلقينالراية من الذهاب إلي المدرسة في الصباح، ومتسائلين هل سيكون هناك من ينتظر في الشارع لقتلهم أو اختطافهم؟ في دراسة نشرتها في شهر فبراير 2006 جمعية علماء النفس العراقيين، أبدي 92 بالمائة من الأطفال الذين شملتهم الدراسة مؤشرات خلل في التعليم.ثاكا شبيه بغيره من ناحية أخري: إنه جزء من الأعداد المتزايدة من العراقيين المهجرين داخل البلاد، الذين وصلت أعدادهم الآن إلي 7,1 مليون، وفقا للأمم المتحدة. عائلة ثاكا شيعية، وقبل مقتل والده، تلقت تهديدات من أشخاص مجهولين تنذرهم بوجوب مغادرة منزلهم في منطقة الدورة ذات الأغلبية السنية. والآن يعيشون في حي شيعي حيث لا يعرفون أحدا. لقد كانت العلاقات وطيدة بين الناس في أحياء بغداد، وكان الجيران يتشاركون المعلومات ويتعاونون بغض النظر عن طائفتهم أو عرقهم. وكان الأهل يرعون أطفال جيرانهم والأطفال يحظون بشبكة دعم كبيرة. غير أن اللاجئين، الذين عانوا الأمرين أمثال ثاكا، محاطون اليوم بغرباء تجمعهم طائفتهم وتدافع عنهم الميليشيات.إن فرص استعادة هذه العائلات المحطمة لعافيتها ضئيلة جدا. بالرغم من عدم توفر إحصاءات موثوقة عن الأطفال اليتامي بسبب الحرب، فإن معظم المدنيين العراقيين الذين قتلوا في المجازر الطائفية هم رجال بين سن ال18 وال40. تقول جمعية الهلال الأحمر العراقية إنها شهدت زيادة حادة في عدد الأسر التي تديرها النساء، وهي مشكلة في المجتمع العراقي التقليدي، حيث نادرا ما تعمل النساء خارج المنزل. في الفلوجة، اضطر جمعة أحمد العيسوي، البالغ من العمر 17 عاما، إلي أن يصبح المعيل الأساسي لعائلته بعد اختباء والده، المطلوب من قبل الأمريكيين. لا يزال يرتاد المدرسة الثانوية صباحا، ثم يقود سيارة أجرة لجني المال. يقول المراهق الرياضي الطويل متنهدا: أنا مرهق. في سني، من الصعب تحمل كل هذا الشقاء وهذه الهموم . والآن يعيل أحد الأنسباء، البالغ من العمر 20 عاما، عائلة ثاكا الموسعة المؤلفة من 11 شخصا، التي كانت من الطبقة الوسطي وتعيش برفاهية. ويخشي ثاكا أن يضطر هو أيضا إلي التخلي عن الدراسة والحصول علي عمل.منذ شهر سبتمبر، اضطر ملايين الأطفال إلي التوقف عن الدراسة لأسباب أخري. فالوصول إلي المدرسة أصبح يشكل خطرا غير مقبول بالنسبة إلي الكثيرين يمكن للتلاميذ في بغداد التوقف عند ستة حواجز تفتيش أو أكثر - من بين نحو 1000 حاجز في المدينة - كل صباح. يقول المحامي أبو محمد عبد طويس، وهو أب لثلاثة أولاد: أوصل ابنتي إلي المدرسة كل يوم. لقد شهدت حدوث عمليات اختطاف أمام عيني وأنا أوصلها . في بداية هذه السنة الدراسية، أجبرت المدارس في محافظتين علي إقفال أبوابها بسبب العنف الطائفي. لقد قتل مئات المدرسين، في حين أن مباني المدارس تعرضت للقصف بقذائف الهاون أو مزقها تبادل النيران. وفي شهر مارس الماضي، كانت فاطمة عبد الملك، البالغة من العمر 11 عاما، تصعد إلي الحافلة التي تقلها إلي المدرسة في بغداد عندما توقفت أمامها سيارة بنية ممتلئة بالرجال الملثمين. ومن ثم دوي صوت إطلاق النيران. فهرع الأطفال، وهم يصرخون، إلي خارج الحافلة ليجدوا جثة سائق الحافلة المحبوب أبو علي مضرجة بالدماء. بعد ذلك، توقفت فاطمة عن الذهاب إلي المدرسة لبعض الوقت. تقول: حتي اليوم، مازلت أرتعد خوفا عندما أسمع طلقات نارية .وتقدر وزارة التربية أن 30 بالمائة فقط من أطفال العراق في سن الدراسة الابتدائية البالغ عددهم 5,3 مليون يرتادون المدرسة الآن، مقارنة ب 75 بالمائة السنة الماضية. وفي ظل تلك الظروف، فإن الوضع الحالي خطر لتحصيل العلم في السنة الدراسية 2006 - 2007 ، كما يقول حسام صبري، وهو مسؤول بارز في منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) في العراق. وفي حين أن معظم المدارس لاتزال مفتوحة، ومع أن الحكومة وضعت برنامجا خاصا للعائلات التي تريد نقل أطفالها إلي مناطق أكثر أمانا، فإن ملايين الأطفال يتلقون تعليما متقطعا في أفضل الأحوال. ويخشي صبري أن تضطر صفوف بكاملها إلي إعادة العام الدراسي، ما قد يشل النظام المدرسي المثقل الكاهل أصلا. تقول أم فراس، وهي مشرفة في مدرسة ببغداد، إن المدرسين يجدون صعوبة في التعليم في ظل هذه الظروف، في حين أن الأطفال أقل رغبة في التعلم. وتضيف: أؤكد لكم أنه حتي التلاميذ الذين نجحوا في صفوفهم لم يتلقوا 50 بالمائة من التعليم الذي يجدر بهم تلقيه .والأسوأ أن الأحقاد الطائفية التي تمزق المجتمع في الخارج شقت طريقها إلي الصفوف المدرسية. إحدي المعلمات في مدرسة ابتدائية ببغداد، طلبت عدم ذكر اسمها خوفا علي سلامتها، تقول إن الكثير من الأهل سحبوا أطفالهم من مدرستها عندما علموا أن جيش المهدي يحرسها: كان لدينا أكثر من 600 طفل لكن عددهم الآن لا يتجاوز 400 . وتضيف أن عدد الأطفال السنة بالأخص يتضاءل، ويحل مكانهم أطفال من الشيعة. وتقول أيضا: إن التعليم يعتمد علي طائفة المعلمين . وقد أفاد تلامذة في مدارس أخري بأن بعض المعلمين ضايقوهم بسبب أسمائهم التي تعكس انتماءهم إلي الطائفة السنية أو الشيعية بوضوح.كل ذلك يدفع الأولاد العراقيين إلي أحضان العصابات الطائفية التي تحكم الشوارع الآن، كما يقول باورز وآخرون. والجنود الأمريكيون المتمركزون في الدورة، مسرح بعض أسوأ أعمال العنف، غالبا ما يجدون أنفسهم يعملون علي إخفاء آثار الشعارات المطلية علي جدران المدارس المحلية من قبل الميليشيات المتنافسة. يقول السيرجنت أول روجر هانسكر، البالغ من العمر 31 عاما: إن الميليشيات تستغل الرايةالمدارسالراية لترويج إيديولوجيتها للأطفال . وتفيد تقارير استخباراتية عسكرية بأن جيش المهدي يوزع ألعابا بشكل أسلحة لأطفال المنطقة، الذين يستخدمون بنادق الكلاشينكوف الأصغر بقليل من الأسلحة ذات الحجم الطبيعي للعب لعبة الميليشيا عند الحواجز نفسها التي سيتمركز فيها آباؤهم وأعمامهم في وقت لاحق من المساء. يقول الاختصاصي ريفن جنكس، البالغ من العمر 22 عاما: يهدف ذلك إلي تدريب الأطفال علي استعمال أسلحة حقيقية، وأيضا إلي استفزازنا لقتل المدنيين .إن الانخراط في صفوف الميليشيات مغر، ولاسيما بالنسبة إلي أمثال عمار الذين رأوا إخوتهم مشوهين علي أيدي فرق الموت. ومن الواضح أن أعضاء الميليشيات هم الرجال الأقوي في عالمهم المخيف. علي صدخان، وهو شيعي يبلغ 14 عاما من مدينة كربلاء المقدسة، ساعد أيضا علي غسل الجثث في مسجده المحلي. يقول: كلهم أطلقت النار علي رؤوسهم . ويقدر أنه ساعد علي دفن 300 جثة، الكثير منها يعود لأطفال. علي، النحيل والأسمر الذي لا يتمتع ببنية جسدية ضخمة، متدين جدا. يقول متمالكا نفسه عن البكاء: لا أريد أن أكون ضعيفا مثلهم ، في إشارة إلي الأموات. والآن يرتدي علي الملابس السوداء، وهي لباس جيش المهدي الذي يقوده مقتدي الصدر، ويقول إنه تلقي تدريبا لمدة أربعة أشهر علي استعمال الأسلحة الخفيفة، وإن الولايات المتحدة تسعي لإقامة شرق أوسط جديد تسيطر عليه إسرائيل، وهو مستعد لمواجهة شر أمريكا .ويقول علي أيضا إنه ممتن لجيش المهدي لأنه جعل مني رجلا . لا يمكن الاستخفاف بهذه الرغبة الملحة، في أرض تفتقر إلي الآباء. فعبد الله البالغ من العمر 13 عاما لم يخط شارباه بعد، لكنه يستطيع استعمال بندقية الكلاشينكوف بشكل محترف، عند حاجز تفتيش في حي السيدية الذي شهد معارك ضارية في بغداد. يقول: نحاول حماية الشيعة هنا من الوحوش ، في إشارة إلي المهاجمين السنة الذين يعتقد أنهم يشنون حربا دينية علي الشيعة بدعم من الجيش الأمريكي، وهي فكرة سائدة بين الأطفال الشيعة. عبد الله الذي أمسي يتيما قبل فترة طويلة من بدء الحرب الحالية، فقد والديه في حادث سيارة عندما كان في الخامسة من عمره. ولاحقا ترك العائلة التي ترعاه ومدرسته، وعاش علي الطرقات. لكن علي غرار علي، شعر بحس انتماء حقيقي إلي جيش المهدي، الذي يتعمد التقرب من المضطهدين في المجتمع العراقي.يمضي عبد الله ما بين 10 و12 ساعة من الحراسة عند حاجز مرتجل، مرتديا سترة جلدية بالية ومخبئا وجهه أحيانا وراء وشاح مقلم بالأحمر والأبيض، وهذا الحاجز عبارة عن جذوع أشجار نخيل مرمية في الشارع داخل حيه ذي المباني الأسمنتية والممتليء بالنفايات. عندما تقترب دوريات أمريكية، يخبيء هو ورفاقه أسلحتهم ويختفون. وعندما تنتهي مناوبته، يصعد إلي السطوح المجاورة، متنبها لأي إشارات خطر. الرجال الأكبر سنا يعاملونه باحترام، وزملاؤه ينفذون أوامره من دون تردد. وعبد الله واقعي جدا. لقد تخلي منذ زمن بعيد عن حلمه بالعودة إلي المدرسة والدراسة لكي يصبح محاميا، ويصف حياته الحالية بأنها كابوس . لكن علي أحدهم حماية شعبه، وهو فخور بتأدية هذا الواجب. وبفضل راتبه، يمكنه إعالة شقيقتيه الأصغر سنا.من الواضح أن المال هو عنصر آخر يجذب الشبان إلي الميليشيات. فالجنود العراقيون والأمريكيون في العاصمة يروون أخبارا عن أطفال يعملون كمراقبين وسعاة ومقاتلين. ويشير باورز إلي أنه عندما خدم في العراق، كان الأجر المتعارف عليه لزرع متفجرة يبلغ 1000 دولار، تضاف إليها 1000 أخري عند قتل أمريكي. ويقول إن الأطفال الآن يزرعون القنابل لقاء 20 دولارا فحسب. أحمد علي، البالغ من العمر 10 أعوام، كان في طريقه إلي المدرسة في بغداد ذات صباح عندما ناداه رجل يبتسم وطلب مساعدته. عرض عليه الرجل مبلغا لا بأس به، وهو 35 دولارا مقابل حمل كيس من القماش إلي موقع مجاور. ما إن أتم أحمد المهمة الموكلة إليه حتي سقط أرضا بفعل انفجار قوي. يتذكر قائلا: سقطت علي وجهي، صارخا. لم أستطع أن أكف عن الصراخ . وقد جرحت امرأة وطفلها من جراء ذلك الانفجار.غير أن الكثير من أطفال العراق لا يحتاجون إلي حوافز إضافية للانضمام إلي القتال. جمعة، طالب المدرسة الثانوية في الفلوجة، اعتقله الأمريكيون في سبتمبر ،2005 عندما كان في ال 16 من عمره. فقد دهمت القوات الأمريكية منزله بحثا عن والده، وهو عضو في حزب البعث ومتعاطف مع المتمردين. وفي غيابه، أخذوا جمعة بدلا منه. يقول إن الأمريكيين كبلوا يديه، وعصبوا عينيه، واحتجزوه في قاعدة أمريكية مجاورة. وبحسب أقواله، تركه الأمريكيون من دون طعام وماء طوال 24 ساعة. وانتهي به الأمر بالبقاء هناك شهرين، إلي أن تم تسليمه إلي قوات الأمن العراقية، التي عذبته طوال ثلاثة أشهر قبل إطلاق سراحه، كما يقول. والآن يتوق لقتل الأمريكيين. يقول: سوف أحمل السلاح. وسأقاتلهم للدفاع عن أرضي وبلدي وديني .منذ كشف الولايات المتحدة عام 2004 عن احتجازها 107 متمردين مشتبه بهم دون سن ال 16 في مخيمات اعتقال في العراق، رفضت التصريح عن عدد الأطفال العراقيين المحتجزين. لكن القوات الأمريكية واجهت بشكل متكرر مقاتلين قاصرين علي أرض المعركة، كما يقول بيتر سينغر من معهد بروكنغز. ويقول عمال الإغاثة إن إعادة إدماج هؤلاء الجنود الأطفال في المجتمع غالبا ما تكون في غاية الصعوبة. وكونهم مهجرين وغير متعلمين، من السهل إغراء الفتيان الذين تخلوا عن أسلحتهم لمعاودة القتال. دان تول، مدير برامج الطواريء لدي اليونيسيف، شهد نزاعات كثيرة بدءا من رواندا وصولا إلي أفغانستان. ويقول إن الأجانب غالبا ما يستخفون بالفترة التي يستغرقها المجتمع للنهوض بعد الصراعات العرقية، وإن التغييرات الجارية في العراق الآن ستغير طريقة عيش الناس طوال أجيال .ما العمل إذن؟ إن مجموعة باورز، وار كيدز ريليف ، تنشيء مجموعة من مراكز الشباب في أنحاء البلاد ستوفر للأطفال أعمالا مثل جمع النفايات وطلاء المباني وغيرها خلال جزء من الشهر، وسيتلقون تدريبا مهنيا في الفترة المتبقية. وتفيد وزارة التعليم العالي بأن نحو 10000 تلميذ و400 مدرّس استفادوا من برنامجها لنقل الأطفال إلي مدارس أكثر أمانا. تقول أماندا ملفيل، التي تعني بحماية الأطفال في اليونيسيف: إن الأطفال يتمتعون بمرونة كبيرة . فمعظمهم يتخطون تجارب قاسية إذا توفرت لهم آليات الدعم مثل إمكانية التكلم مع شخص يمكنهم الوثوق به، والمشاركة في نشاطات اجتماعية، والإحساس بأن المجتمع يدعمهم، وفرصة ممارسة نشاطات رياضية أو إيجاد دور نافع وغير عنيف في المجتمع .والمشكلة هي أن هذه هي بالتحديد الفرص التي تقضي عليها الحرب. لقد أدي نزوح العراقيين من الطبقة الوسطي - يعيش نحو مليوني لاجيء الآن خارج العراق - إلي زوال الشريحة الأقل طائفية من المجتمع. حتي لو كان هناك مباريات في كرة القدم يمكن المشاركة فيها، فإن الكثير من الأهل لن يدعوا أطفالهم يلعبون في الخارج لشدة خوفهم عليهم. فالأقارب والجيران يتناقلون يوميا أخبارا عن أعمال القتل الوحشية والشخصية المهمة الأكثر ثباتا في الكثير من المجتمعات هي الإمام. كلما طال بقاء الجنود الأمريكيين في العراق، وزاد عددهم، فسوف يلامون أكثر فأكثر علي مآسي البلد. لقد أظهر استطلاع للرأي أجرته وزارة الخارجية الأمريكية الصيف الماضي أن 90 بالمائة من الشبان السنة والشيعة يعتبرون الأمريكيين قوة محتلة.










أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "عربي ودولي"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024