الأحد, 19-مايو-2024 الساعة: 01:37 م - آخر تحديث: 02:02 ص (02: 11) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
صديقي بن مساعد بن حسين سجل تاريخه الوطني بأحرف من نور في اليمن العظيم
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
ضبابية المشهد.. إلى أين؟
إياد فاضل*
شوقي هائل.. الشخصية القيادية الملهمة
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
ثقافة
المؤتمر نت - الراوي والرواية

المؤتمرنت -
"قهوة أمريكية" رواية جديدة للكاتب اليمني أحمد زين
صدرت عن المركز الثقافي العربي،بيروت-الدار البيضاء "قهوة أمريكية" العمل الروائي الثاني للكاتب اليمني أحمد زين الذي سبق وأصدر رواية "تصحيح وضع" ومجموعتين قصصيتين" .
في "قهوة أمريكية" يرصد أحمد زين بحسب بلاغ تلقه المؤتمرنت التحولات التي شهدها المجتمع اليمني عقابيل أعلان الوحدة والعمل بالنظام السياسي التعددي . تركز الرواية على تعارض الحلم والواقع .مسلطة الضوء على السلبيات التي بقيت تسحب نفسها على الواقع الجديد ماأدى الى بروز مايشبه الفصام في الشخصية اليمنية .بطل "قهوة امريكية" شاب يتشبث بحلمه حد الهوس. أنه يعاني مايشبه التثبيت السيكولوجي يعيش كما طفل في مهب عالم متخيل يصنعه ويعيش فيه.
انها رواية الهروب مما لا يريد الانسان اليمني أن يبقيه أويعترف به


فصل من الرواية




كم مرة فكرت أن تبصق في جبهة الزعيم.
وقفتَ أمامها، ملصوقة بغراء ورق، للمرة ال...أنت لا تفعل ذلك بانتظام، إنما حين تضيق الدنيا في عينيك، وتحس بالمؤامرة قريبة وتشع كجمرة في العتمة. ومع ذلك لا تدري كم مرة فكرت في ذلك، أن تبصق في جبهة الرجل. لكن راق لك مؤخرا أن تتخيل أنك تفعلها كثيرا، ومن بعيد. تضع مسافة، بينك وبين الصورة المثبتة على جدار بجوار الحمام، وإذا اندفعت صدفة من غير أن تحسب لذلك، ستهاجمك، هكذا ستتوهم، الرائحة الكريهة لبصاقك. لم تعد الصورة واضحة تماما، أمحت تقريبا بعض ملامح الزعيم الملونة، التي في حجم صفحة كاملة، قصصتها من عدد قديم لمجلة النيوزويك الأمريكية، في طبعتها العربية.(يعرف أنه ليس بمقدور أحد منعه من توجيه بصقة فعلية، أي يكور فمه ثم بدفعة واحدة قوية يلطخ الصورة أمامه، ويريح نفسه من هذا العناء، لكنه لم يشعر أبدا أن لذلك ضرورة، وظل يتخيل فقط، أنه يفعلها بين حين وآخر).
إذا كان العالم، الشيوعي منه خصوصا، حمّله مسؤولية انهيار المنظومة الاشتراكية وتفكك الاتحاد السوفيتي، فإنك تتهمه شخصيا، ومن دون مواربة، بتسديد ضربة موجعة لك كشخص سعى دائما إلى أن يكون له تاريخ شخصي، ماض ٍيمتد عبر تجربة في النضال السري، لكن اللعين، هكذا درجت على تسميته، لم يمهلك، سرعان ما عصف بحلمك قبل حتى أن يبدأ.
تأمّل البصقة، صار يفضل التمادي في خيالاته، صفراء بفقاعات لامعة كعيون سمكة صغيرة، تشق لها طريقا ببطء شديد، خلال خطوط الغبار المتعرجة، التي التصقت ببصاقه المتخيل وأبّده في الصورة.

ليس هناك ما يمكن رؤيته بوضوح، باستثناء الحواف، العينان اختفتا تماما، الأنف والفم تداخلا، والملامح طمست بالكامل. فقط يمكن الاهتداء إلى الجبهة، التي تميزها بقعة دم تنتشر فيها مثل خريطة صغيرة جدا، عبر الرجوع إلى الذاكرة، حيث يظل جزء منها يلمع هناك، ولكونها تشكل مع مقدمة الرأس الأصلع، ما يشبه مرآة مغبرة.

ما كاد يتصالح مكرها مع تلك الضربة الموجعة، التي وجهها له ميخائيل غورباتشوف شخصيا، حتى عاجله قيام الوحدة اليمنية في الثاني والعشرين من مايو 1990. طالما فكر أنها سرقت، بتحققها على أرض الواقع، سرية النضال، وخطفت اللذة من حواس المناضلين والمثقفين العضويين، إذ كانت تسري كالمخدر في خلاياهم، كلما تأججت الأفكار والمهام السرية في ظلام تلك السنوات، ما قبل الوحدة.
لم يجد ما يدفعه إلى إعلان موقفه من الوحدة اليمنية، كعدو شخصي ساهم بشكل كبير في تدمير طموحه، لكن تلك كانت قناعته على كل حال.كان يرغب العيش في وعورة الجبال، أو يتنقل بصعوبة وحذر شديدين، عبر الممرات المعتمة في المدن الصغيرة، وفي دهاليز السرية، ومن خلال مراوغة بالألقاب والأسماء الحركية، لا الحياة الواضحة و الصريحة.

فكرة أن يكون لك تاريخي شخصي"خطير"، بدت لك جذابة. ليست فكرة جذابة فقط، إنما تجنبك، في ما لو تحققت، غدر المستقبل، الذي تخشاه كثيرا.
مشى قليلا في الحجرة، التفت إلى اليسار كانت النافذة مفتوحة، و رأى خلالها سماء سوداء بلا غيوم، وطائراً أسود يبتعد ويتضاءل حتى أصبح كنقطة، وسمع ضجيج الشارع، هديراً و أبواق سيارات وصراخ أناس يتكلمون بصوت عال. وشعر ببرد قاسٍ، كحين يعود إلى شقته ليلا، بعد ساعات من التسكع من دون هدف، ويكتشف أنه وحيد وأنه يشعر ببرودة الأرضية تلسع باطن قدميه، حتى وهو يرتدي شرابا ثخينا، وينتعل جزمة تكاد لا ترى من كثافة الغبار الذي يغطيها بالكامل. وهاجمه إحساس عميق في هذه اللحظة، حيث العزلة تحتد الآن وتتكاثف أكثر من أي وقت مضى، بأنه سيموت قتلا برصاصة طائشة، أو أثناء انفجار قنبلة، صدفة، مدسوسة في ملابس قبيلي. فالموت فجأة وبلا مقدمات هو ما يعتبره أيضا مؤامرة، تستهدف إفشال ما يرغب، في استماتة، أن يصنعه، بالرغم مما حصل من أحداث تاريخية، فقط لو تتهيأ الظروف مرة أخرى.
كانت الفكرة أقدم من رؤيته لذلك الكهل، في مقهى 26 سبتمبر، لكن منظره راح في تعزيزها، وهو يحتسي وحيدا من قدح أمامه، وينفخ دخان سيجارة، تعلق بين إصبعين من أصابعه، فوق رأسه، وكان يسرح بعيدا قبل كل مرة، يأخذ فيها نفسا طويلا من سيجارته. لم يكن حزينا ولا مغموما، كان كمن وصل إلى تسوية مع نفسه، مع السنوات الكثيرة التي هربت منه من دون أمل أن ترجع. مع ذلك كان ثمة شيء غريب، أخذ يجذبه باتجاهه، وفكر أنه التاريخ أو ماضي هذا الرجل الشخصي. خيل له أنهما يجلسان متواجهين، يتحدثان مع بعض، ويتغلبان على المستقبل. يبدو أحدهما فخورا بالآخر. لحظتها فقط رغب بقوة أن يكون له شيء مشابه، لكن على طريقته. تاريخ يجالسه عندما يكون وحيدا، وحين يسأم من الحياة، يأخذه في نزهة صغيرة مشيا على الأقدام، في شوارع وأزقة المدينة القديمة لما يصير شيخا.

ولم يثنيه أو يزعزع جموح رغبته، عندما يخطر له أكثر من مرة، أن كثير ممن كانوا صنعوا ماضيا أو تاريخا، صاروا يعيشون الآن في المستقبل، أي أصبحوا بلا ماضٍ. فالوحدويون السابقون، مثلا، وبعد تحقق الوحدة اليمنية،( بصرف النظر عما ينشر من مقالات أو يتردد من أقوال، مثل ضم أو إلحاق بلد إلى بلد آخر)لم يعد لهم ما يناضلون من أجله، أي صاروا عاطلين عن النضال، عن الحياة على الأرجح، وكذلك الحال بالنسبة للمناضلين السريين من أجل الحرية، إذ فضحت الوحدة سريتهم، فصار العجائز والمجانين والمراهقون وحتى الشواذ، يتكلمون بحرية(يقول الرئيس اليمني: لا يجمع الله بين عسرين، الجوع وتكميم الأفواه!. لذلك احتفظت حاشيته بالغذاء وتركوا الكلام للشعب) في الشوارع وفي الباصات، وخلف الطاولات في المقاهي، ينتقدون ويشتمون، ليس فقط أعضاء الحكومة بل وحتى الرئيس شخصيا.
ومع ذلك وتحت كل الظروف، وكحيوان مفترس هده الجوع، صار "التاريخ" فريسته التي يتحين الفرصة للانقضاض عليها.








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "ثقافة"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024