السبت, 18-مايو-2024 الساعة: 08:22 ص - آخر تحديث: 02:02 ص (02: 11) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
صديقي بن مساعد بن حسين سجل تاريخه الوطني بأحرف من نور في اليمن العظيم
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
ضبابية المشهد.. إلى أين؟
إياد فاضل*
شوقي هائل.. الشخصية القيادية الملهمة
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
قضايا وآراء
المؤتمر نت - *
أ.د. محمد بن حمود الطريقي -
الطريقي يشخص واقع( الإعاقة العربية )
في واقع الإعاقة العربية:أنظمة مهزومة ومعوقون خاسرون


بعدما أغلقت خط الهاتف مع أحد الدارسين الباحثين من أبنائنا الطلبة، الذي أصر كثيرا على أن يدون مرئياتي حول واقع الإعاقة والتأهيل في الوطن العربي ورغم محاولاتي العديدة معه ليستفتي غيري في هذه القضية، إلا أنه أصر إصرارا غريبا على تدوين مرئياتي أنا بالذات، وعندما لم أجد بدا من الأمر، قررت أن أزوده بمرئياتي حول واقع الإعاقة والتأهيل في الوطن العربي، ولكن عندما هممت بالكتابة فوجئت أني عاجز عن تشخيص هذا الواقع المزدحم بمظاهر النهضة الحضارية من عقود ومواثيق واتفاقات، وفي نفس الوقت، المأزوم بتفعيل هذه النهضة الإنسانية، بعدما أصبحت كل قضايانا الإنسانية وفي مقدمتها قضايا ذوي الاحتياجات الخاصة، قضايا أشبه ما تكون بالريشة في مهب الريح، تتجاذبها الإرادات السياسية البليدة، وتتحكم في مستقبلها الإرادات الاقتصادية الهشة، خاصة في المنطقة العربية التي تمر بمرحلة غاية في الحرج على المستوى الدولي.. فالأنظمة العربية المعنية بهذه القضية – وعلى المستوى الحكومي بالتحديد - لم تنأى بنفسها جانباً عن معطيات ومراحل نمو هذه القضايا، ولم تحقق لها شيئاً في نفس الوقت..فقد وقّعت حكوماتنا العربية على أغلب الاتفاقات الدولية المعنية بقضاياهم وحقوقهم، ولم تفعّل بنداً واحداً بمعنى التفعيل الحقيقي على أرض الواقع، ودعمت حكوماتنا ورعت كل اللقاءات والمؤتمرات المعنية بقضاياهم، ولم تنفذ توصية واحدة من ثمار هذه اللقاءات والمؤتمرات، ودعت حكوماتنا العربية إلى تفعيل دور منظمات المجتمع المدني في قضايا الرعاية الإنسانية بشكل عام وقضية الإعاقة بشكل خاص، وتركت هذه المنظمات في مهب الريح بلا دعم ولا تمويل ولا توجيه، بل وقيّدتها بقوانينها الوضعية التي ترتبط أصلاً بمصالح المشرّع السلطوية، والأنكى من ذلك أنها قامت بتأمين الرعاية لخلق خبراء ومبدعين في هذا المجال، وعندما وصلوا إلى نقطة الانطلاق، قيّدت هذه الانطلاقة، وكبلت أيديهم، وجمدت برامجهم، بل ووصل الحد في بعض مناطقنا العربية إلى معاقبتهم على إنجازاتهم هذه!!.. وبمعنى آخر هيأت حكوماتنا العربية الفرس لدخول مضمار السباق، وبعدما تمت جاهزيته وهمّ بالانطلاق، شدّت اللجام خوفاً من أن تسقط قبعة الفارس!

فماذا أكتب لك أيها الباحث العزيز وبين الفينة والأخرى، يخرج إعلامنا العربي بأي وسيلة ممكنة _ والرسمي منه أو الموجه على وجه التحديد _ بإعلان نسب الإعاقة في منطقة عربية ما.. وتذهلك هذه النسب التي تحاول بشكل أو بآخر، رسم هالة من الإنجازات التي حطت من هذه النسب، وهي هالة أشبه ما تكون بالغمامة المظلمة، أو الغشاوة المقصودة على عين الحقيقة.. نسب مدروسة مقرونة بمسوحات واستقصاءات، و مصحوبة بالمدح والتصفيق لكل من ساهم باكتشافها ورعى شؤون أصحابها ، وهي نسب لا يعيبها إلا شيء واحد : أنها لا علاقة لها بالحقيقة!! .. لا من قريب ولا من بعيد.

إن أصعب ما في موضوع هذا الطرح أنه يتطلب منّا أن نكشف ونشخص أهم عوامل بناء القضية الإنسانية لذوي الاحتياجات الخاصة، و هي للحقيقة عوامل شبه معطلة في واقع الإعاقة والتأهيل في المنطقة العربية، ومرد ذلك خسارة الحكومات العربية لرهان الأولويات... فالمرافق الصحية العربية مؤهلة لاستقبال كافة الاحتياجات الصحية للمعوقين، ولكن بلا حق مُفعّل لهم ليعودوها ويحصلوا على الرعاية الصحية بالمجان ، ومؤسساتنا الرسمية ومؤسسات القطاع الخاص مؤهلة لاستيعاب عمال من ذوي الاحتياجات الخاصة، ولكن بلا حق مُفعّل يضمن لهم الحصول على فرص وظيفية تناسب قدراتهم وإمكاناتهم ، وجامعاتنا العربية ومؤسساتنا الأكاديمية مؤهلة ببنائها وتجهيزاتها العلمية لاستقبال طلبة العلم منهم، ولكن بلا حق مُفعّل يضمن حصولهم على مقعد دراسي في هذه الجامعات مع مراعاة لظروفهم المعيشية..

وبالمختصر نحن نملك كل الامكانات لتفاعلهم واندماجهم في مجتمعاتهم، لكننا لا نملك الإرادة لتحقيق هذا التفاعل والاندماج..

لقد أصر باحثنا الكريم على أن تحوي مرئياتني ثمار تجربتي الإنسانية ... الأمر الذي زادني هما وقلقا، لأن تجربتنا في المركز المشترك كجهة بحثية تطبيقية في مجال الإعاقة والتأهيل وفي دار الاستشارات الطبية والتأهيلية كجهة صحية تأهيلية وفي مجلس العالم الإسلامي للإعاقة والتأهيل كجهة رعوية شاملة و في مركز أبحاث الشرق الأوسط للتنمية الإنسانية وحقوق الإنسان كمنظمة مجتمع مدني حقوقية، وفي العَالِم للصحافة كجهة إعلامية إنسانية وخاصة إصدارها مجلة (عالم الإعاقة).. هي تجربة انطلقت من واقع عربي نحو العالمية، فاصطدمت بتلك الفجوة الشاسعة في واقع الإعاقة والتأهيل بشكل عام، وأصبحت تعيش صراع إثبات الوجود، كما تعيش كل الجهات المعنية بهذه القضية في المنطقة، وعندما أردنا سد شيء من هذه الفجوة اصطدمنا بما لم يكن بالحسبان.. فلا لقضيتنا أولوية عند صنّاع القرار، ولا برامجنا لها مكان في الأجندة السياسية، ولا مأسسة حقيقية لهذه القضية، فالتشريع قرار فردي، وتنفيذه قرار أكثر فردية!!

إن واقع الإعاقة والتأهيل في المنطقة العربية هو الواقع الذي يقول بأن العاملين في مجال رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، والقائمين على شؤونهم وفي مقدمتها الحقوقية، هو كواقع الصياد الذي ذهب إلى البحر كي يصطاد ولكن بدون شبكة صيد! والأدهى والأكثر نكاية من ذلك أن الشبكة لا تعقد إلا بأمر من مسؤولين في مواقع مختلفة يعتقدون أن الإعاقة قضية يخدمها قانون الطوارئ .. وأن التأهيل ينتهي بكرسي متحرك يجلس عليه المعاق، ولا يدركون المفهوم الأعمق للنظريات التأهيلية الشاملة، وقيمة حضورها في أولويات سياساتنا المختلفة.

القضية برمتها في واقع الإعاقة والتأهيل في المنطقة العربية قضية تغييب للإرادة، فما أسرعنا لاستيراد الأنظمة السياسية والاقتصادية وتوطينها في مناطقنا العربية، وما أسرعنا للتأثر بالثقافة الغربية التي فرضتها علينا مقتضيات العولمة الموجهة، وتوجهات الإدارة بالوكالة .. ولكن في ذات الوقت نعاني من بطء وقصور في الإفادة من الإنجازات العالمية في هذا المجال على كافة المستويات وفي مقدمتها مستوى التصنيف، الذي ينكر في واقعنا العربي أن الجهل والفقر والقهر والإقصاء والتهميش والتمييز القبلي والمناطقي أخطر الإعاقات التي نواجهها، والأكثر حاجة لتأهيل أنظمتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحضارية بشكل عام – إن كانت حضارية – في هذا الإطار.

إن توحيد الرؤى، والاتفاق على النهج، والانسجام في الآليات، والارتباط في الهدف، هي السبيل الوحيد لوحدة إنسانية في مجال رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، وحدة تتجاوز الأنظمة السياسية والفروق الاقتصادية، والاختلافات الاجتماعية، والمصادمات الثقافية، والحدود الجغرافية، وتتخد شكلا آخر من أشكال الانسجام، فتلتقي التجربة الناجحة في مجال رعايتهم الصحية، مع غيرها في مجال آخر، وتلتقي التجربتان مع ثالثة ناجحة في مجال التأهيل أو التوظيف.. وهكذا في ظل رؤية واضحة لحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة كاملة غير منقوصة.

إننا بتوحيد الرؤى في مجال توعية صنّاع القرار بالجانب الحقوقي التشريعي لذوي الاحتياجات الخاصة، وضرورة الخروج من عنق البيروقراطيات الكاملة، وإدراك أهمية الواقع التطبيقي الملموس لهذا الجانب، نكون قد وضعنا أقدامنا بثبات على أول درجات التفاعل والاندماج في قضايا الإعاقة والتأهيل في المنطقة العربية.

كما أننا بالاتفاق على نهج تفنيد أسباب ودوافع تعطيل هذه التشريعات والحقوق والأنظمة والعقود والاتفاقيات على المستوى المحلي والعربي والدولي، والإفادة من المساهمات الحقيقية الجادة والناجحة الرابضة في عقول خبراء التأهيل العرب والمجمّدة لأسباب تتعلق بتحييد الإرادة السياسية، ودعم منظمات المجتمع المدني العاملة في هذا المجال بمعنى الدعم الحقيقي على اختلاف مسمياتها، وتقييم الأداء الحكومي وتطويره فيما يتعلق بالجهات المعنية بقضايا الإعاقة والتأهيل.. نكون بذلك قد صعدنا - بمعنى الصعود الحقيقي إلى القمة وليس إلى الهاوية – درجة أخرى في الخروج من أزمة واقع الإعاقة والتأهيل في المنطقة العربية.


وبانسجام آلياتنا المشتركة، وخاصة الناجح منها على المستوى الواقعي لا الإعلامي، وذلك عبر تبني نتائج وتوصيات لقاءاتنا ومؤتمراتنا الهادفة إلى الوصول إلى أرقى مستويات الأداء التنموي لذوي الاحتياجات الخاصة في جوانبه المختلفة، مع ضمانات أكيدة في مجال التطبيق ومراقبة التفعيل، نكون قد حققنا خطوة بل قفزة نوعية أخرى في مجال الإعاقة والتأهيل في المنطقة العربية.
وأما نقلة الصعود إلى القمة وتحقيق المستقبل المأمول، فلن تكون ولن تتحقق إلا بالارتباط بالهدف التنموي للمجتمعات العربية، التي يشكل ذوو الاحتياجات الخاصة نسبة ليست بالقليلة من منظومتها العامة.

فيا أيها الباحث العزيز هل وجدت مبتغاك بين سطور هذه الكلمات؟

* خبير تأهيل دولي








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "قضايا وآراء"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024