|
تلفزيون كندا «يتصيّد» متحرشين بالأطفال تتزايد باضطراد عمليات التحرّش الجنسي بالأطفال عبر الانترنت، ويقع العديد منهم ضحايا لـ «وحوش»، يستغلون براءتهم ويستدرجونهم بشتى وسائل الاغراء والترغيب من دون ان تتمكن السلطات الامنية او القضائية غالباً من الامساك بهم. وباتت تلك التعديات من اخطر مظاهر الانحلال الخلقي والانحرافات الاجتماعية التي تمارس في غرف الدردشة على اكثر من 100 الف موقع الكتروني. في المقلب الآخر لهذه الصورة المتشائمة، قدّم الاعلام المرئي- المسموع في كندا أخيراً، نموذجاً جريئاً عن الاحساس بالمسؤولية، وكذلك القدرة على المساهمة في قلب السحر على الساحر، وتحويل الانترنت إلى شبكة لاصطياد «وحوش التحرش بالاطفال». وعمد فريق في أحدى الأقنية المتلفزة الكندية إلى تعقب مجموعة من المتحرشين بالاطفال عبر النت؛ فاستدرجهم وضبطهم متلبسين بالجرم المشهود. وقوبل عرض تفاصيل العملية في برنامج تلفزيوني بارتياح شعبي ورسمي واعلامي كبير. الشبكة الالكترونية تصطاد «الصيّادين»! في تفاصيل تلك العملية، التي تُعتبر أولى من نوعها، أمسك فريق فني من برنامج «دبليو فايفز» W fives الاخباري الذي تبثّه محطة «سي تي في» C T V الكندية زمام المبادرة بالتعاون مع الشرطة والقضاء. واستأجر منزلاً ليكون مصيدة للمجرمين. واستعان بالأميركي جيمس مكلولين، الخبير في مكافحة الجريمة على الويب، الذي تولى تدريب الفريق على لوجستيات الاستدراج، بما فيها توزيع الكاميرات الخفية في زوايا المنزل وعلى الشرفات والمداخل الموصلة اليه وتحضير آلات التسجيل وأجهزة الكومبيوتر والانترنت وتحديد مواقع المراقبة لرجال الشرطة المدنيين وغيرها. كما اختير الضحايا «المُفترضون» من طلاب يدرسون علم الجريمة في الجامعات الكندية، ودُرّبوا على كيفة التظاهر بأنهم بنات وصبيان تتراوح أعمارهم بين 11 و14 سنة. وتضمن دورهم تلقي الرسائل الالكترونية أو الاحاديث التي يطلقها المتحرشون من غرف الدردشة، وضمنها عبارات عاطفية غير بريئة مع الحاح على اللقاء. وبعد تأكّد «الضحايا» (وفريق العمل) من صحة تلك الرسائل، عُمِد إلى تسجيلها. وكذلك طُلب من الأطفال المُموّهين، الذين عملوا عبر أسماء مستعارة، أن يرشدوا المتحرشين إلى أمكنة مُحدّدة على خرائط تفصيلية تحتوي على اسم المنطقة والشارع ورقم المنزل. واستغرقت التدريبات اكثر من خمسة اسابيع واحيطت بكتمان شديد . وفي لحظة الصفر، كان الفريق التلفزيوني جاهزاً في انتظار وصول «صيّادي الأطفال» من المتحرشين. ووقع في الشبكة 7 أشخاص تراوحت أعمارهم بين 23 و35 سنة. وعُيّن موعد محدد لاستقبال كل منهم على انفراد. وعند وصول أحد المتحرشين، كانت الكاميرات الخفية تواكبه منذ اللحظة التي يغادر فيها سيارته إلى حين وصوله إلى المنزل. وبعد ان يقرع الجرس تستقبله، مثلاً، فتاة من الأطفال «المفترضين» بابتسامة مزيفة وهي ترتدي ثوب الحمام وتضع على رأسها منشفة وتشير اليه بالجلوس ريثما تخلع ثيابها في غرفة جانبية. في هذه اللحظة يظهر أحد رجال الامن ويضبطه بالجرم المشهود، وفي يده ملف كامل يتضمن كل الوثائق التي تدين تصرفاته الشاذة وتؤكد على تحرشاته الجنسية مع الفتاة «المُغرّر» بها. وهكذا، وثّق شريط الفيديو المصور الذي بثته محطة «سي تي في» اعتراف وحوش الجنس بأفعالهم الشنيعة. وقدّم بعضهم اعتذاره وأبدى أسفه عن أفعاله. واللافت ان هؤلاء المجرمين، على رغم تلبسهم، لم يجر توقيف اي منهم ولا احالته إلى القضاء. إذ اكتفت الشرطة بالتشهير بهم في وسائل الاعلام المرئي والمكتوب والمسموع والاحتفاظ بملفاتهم كتدبير رادع معنوياً. اما فريق «دبليو فايفز» فاعتبر ان الحدث ليس مجرد سبق اعلامي، بل رسالة موجهة إلى الحكومات التي ما زالت تمانع من اصدار تشريعات صارمة للحد من العبث بالانترنت، وخصوصاً تجريم التحرشات الجنسية بالاطفال. الحياة |