الجمعة, 29-مارس-2024 الساعة: 02:31 ص - آخر تحديث: 02:16 ص (16: 11) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
قراءة متآنية لمقال بن حبتور (مشاعر حزينة في وداع السفير خالد اليافعي)
محمد "جمال" الجوهري
السِياسِيُون الحِزبِيُون الألمَان يَخدعون ويَكِذِبُون ويخُونُون شعبهم
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
دين
المؤتمرنت -
علماء:تحديد الوقف الإسلامي يحتاج ثورة
يطرح هذا السؤال كثيرا: هل حان الوقت لإصلاح الأوقاف الإسلامية وتوسيع الوعاء الوقفي مسايرة للمستجدات المعاصرة؟ خصوصا مع تزايد الدعوات الى اسهام المال الخاص في التنمية والتعليم ومحاربة الفقر، والتي هي في صلب العمل الخيري وصولا الى تحقيق الأمن الاجتماعي بتسخير المؤسسات الوقفية لخدمة المجتمع المدني.
هذه الاسئلة تطرح بالنظر الى ما يراه بعض الخبراء والفقهاء ضيقا في مفهوم ومجالات الوقف لدى المسلمين الآن من خلال حصر مفهوم الأوقاف بالنواحي الدينية البحتة ممثلة ببناء المساجد وملحقاتها، على سبيل المثال. بعض الخبراء ينبه الى أن رقي وشمول مفهوم ووظيفة الوقف الاسلامي عبر الحضارة الاسلامية، بدآ منذ العهد النبوي ومرورا بجميع العهود والمماليك الاسلامية وصولا الى القرن التاسع عشر في نهايات الدولة العثمانية، والتي عدت فترة ذهبية للوقف في تطور فقهه ومؤسساته وتوسع ممتلكاته وتنوع كبير في خدماته.

لكن الصورة في هذا الوقت اختلفت، وحسب مراقبين للشرق الاوسط، اقتصرت وظيفة الوقف ـ في اغلب الأحوال ـ على اشتراط الموقفين إيقاف أموالهم، على مجالات متكررة، ومشبعة، مثل ان يوقف المال على «خرسانة» وطوب المساجد، أو تأمين برادات المياه أو طباعة المصاحف والكتب الدينية الوعظية، مع تجاهل كافة الاحتياجات المدنية الأخرى مثل البعثات العلمية في كافة التخصصات.

وحسب رصد «الشرق الاوسط» فقد وجدت مجالات وقفية غريبة، مثل اشتراط بعض الموقفين ايقاف ماله، فقط، لإطعام المارة البطيخ مخصصا صاحبه بذلك وقفا «للبطيخ»، ووقف آخر لـ«هش الحمام» في ساحات الحرم المكي.

> استعادة الوقف لدوره التنموي والإنساني يطالب بعض الباحثين الفقهاء المسلمين بتنشيط وتجديد الوقف الإسلامي وذلك باستعادة دور الوقف التنموي والإنساني من خلال صيغ جديدة تسهم بتلبية احتياجات المجتمع المعاصر وتوسيع ساحات العمل الوقفي كما كان عليه الحال سابقا مثل: إيقاف للفنادق والخانات لإيواء الغرباء والنازلين و(البيمارستانات) ويعني بها المشافي و(التكايا) التي يوزع فيها الطعام مجانا على الفقراء، إضافة الى اوقاف خاصة لإصلاح الطرقات والجسور والقناطر.

وصلت مجالات الوقف في التاريخ الاسلامي إلى مؤسسات التكافل الاجتماعي مثل مؤسسات للقطاء واليتامى والمقعدين والعجزة وللمساجين وتغذيتهم، وأوقاف لتزويج الشباب وتقديم المهور، بل ان هناك مجالات متقدمة في الاوقاق سجلت في التاريخ الاسلامي مثل تخصيص أوقاف لإيواء وعلاج الحيوانات المريضة والقطط السائبة كما هو شأن «المرج الاخضر» في دمشق، والاوقاف التي خصصت لنزهة الفقراء والمساكين كالوقف الذي أقامه السلطان نور الدين الشهيد.

> لماذا تدهور الوقف؟

المستشار الاسبق في وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف الدكتور عبد العزيز تركستاني عزا اسباب تدهور فاعلية الاوقاف الاسلامية في الفترة الحالية وعجزها عن اداء دورها في خدمة المجتمع المدني الى عجز العلماء والفقهاء عن تحويل مفهوم الاوقاف الى معنى عصري يتلاءم مع مستجدات الحياة الحديثة، مضيفا ان كافة القضايا العصرية في الشأن الاسلامي انعدمت في ظل الاحجام عن مواكبة التغيرات.

واوضح تركستاني ان إشكالية ونمطية الاوقاف الشرعية توجد في كافة اقطار الدول الاسلامية بعد ان فشل العلماء في توسيع مفهوم (الصدقة الجارية) منوها ايضا الى ان كتاب التاريخ الاسلامي لم يتوسعوا في تطبيقات الاوقاف على المجتمع المدني بحيث اقتصرت على بناء المساجد وتوفير المياه وطباعة المصاحف مع غياب دور ايواء الايتام والمطلقات وذوي الاحتياجات الخاصة رغم اكتظاظ التاريخ الاسلامي بشواهد حقيقية للاوقاف الشرعية التي لعبت دورا مهما وبارزا في مجال الخدمات المدنية والاجتماعية كإيقاف المشافي ودور العلم وتقديم لمنح الدراسية كما قال التركستاني.

ودعا المستشار الاسبق لشؤون الاوقاف وزارة الشؤون الاسلامية الى ضرورة انشاء ورش عمل تفصيلية مع مؤسسات المجتمع المدني وتوسيع دائرة العلاقة مع الفقهاء لتطوير مفهوم الاوقاف لتحقيق التلاؤم والانسجام مع مؤسسات المجتمع المدني، بالاضافة الى التأكيد على دور الجامعات والمراكز البحثية ذات العلاقة في زيادة البحث العلمي المنهجي التطبيقي لدور الاوقاف في خدمة المجتمع المعاصر.

وطالب التركستاني مؤسسات المجتمع المدني باعادة التواصل مع المؤسسات الوقفية للحصول على الدعم وانهاء القطيعة ما بين الجانبين، جهلا من الاولى بالدور المناط على الاوقاف لخدمتها.

> تقصير رجال الدعوة والفقه من جهته يؤكد الدكتور أحمد مغربي مؤسس موقع «وقفنا» الالكتروني والذي يعد اول موقع يختص بشأن الاوقاف الاسلامية والشرعية ان الوقفية وعلى مر التاريخ الاسلامي لم تقتصر على الناحية الدينية البحتة ممثلة ببناء المساجد وغيرها بل تعدت الى الوقف على الكتاتيب لتعليم الاطفال، فضلا عن اوقاف المقابر والاضرحة، مشيرا الى ان الاوقاف كانت المصدر الوحيد غالبا لتمويل العملية التعليمية بكافة عناصرها.

وحمل المغربي التقصير وإضعاف الاوقاف الشرعية على الدعاة والخطباء قائلا «لقد طال الصمت والسكوت عن تناول قضية الاوقاف، فلم نسمع باي خطب تتحدث عن أهمية رعاية الاوقاف وتنميتها وتطويرها» مضيفا ان قضية الاوقاف «لم تلفت نظر الدعاة رغم حث الشريعة الاسلامية عليها».

وطالب وزارة الشؤون الاسلامية توجيه الخطباء والائمة لاحياء «السنة العظيمة» والتي تعد المجتمعات الاسلامية بامس الحاجة اليها لنواح اقتصادية واجتماعية عدة «إذ لا بد من التسويق لمفهوم الوقف الشرعي ودوره في خدمة المجتمع المدني».

> وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف، أم القضاة؟

استعادة دور الوقف الشرعي لمهامه التي لعبها كمؤسسة خدماتية مقننة في البعدين الانساني والاجتماعي، بعد توجه الواقفين واستقرار الذهنية على الجانب الديني، لا تعد المسؤولة عنه في الدرجة الاولى ـ بحسب المهندس صالح الاحيدب المستشار في وزارة الشؤون الإسلامية السعودية ـ وزارته، ويعزو الأحيدب التقصير إلى القضاة والمحاكم الشرعية في تثقيف وترشيد الواقفين للبرامج الوقفية بحسب حاجات المجتمع وفقا لمراكز النقص والإشباع كالنواحي التعليمية والصحية والثقافية بدون حصرها في الجوانب الدينية قبيل تدوين وتسجيل الصكوك، مشيرا إلى أن الكثير من الاوقاف لا تقوم عليها الوزارة فيما عدا ما يوصي اصحابها ـ بالنص ـ على إشراف الوزارة على اوقافه، والتي اعتبرها حالات قليلة.

وأضاف الاحيدب أن الثقافة التي ترسخت في أذهان «العامة» هي السبب في إضعاف دور الأوقاف الشرعية بعد أن أوكلت توفير الخدمات الصحية والتعليمية والإنسانية إلى الحكومات متجاهلة دور الأفراد في تحقيق التوازن الاجتماعي المدلل على حركة المجتمع، ونقد الاحيدب اعتبار ذلك «مسؤولية الدولة فقط».

>.. والمحاكم الشرعية؟

من جهته انتقد القاضي أحمد العميرة رئيس محكمة رجال المع اشتراط بعض الواقفين ضمن حالات تأتي للمحكمة، إيقاف الأراضي التي يصر أصحابها على إيقافها لذوي القربى بحيث أصبح، كما يقول القاضي العميرة، من الندرة أن تكون وقفا لجمعية أو أي عمل خيري رغم إرشادات القضاة على أهمية توجيه الأوقاف للخدمات الاجتماعية والإنسانية والصحية في سبيل تعزيز المجتمع المدني.

وأوضح أن مفهوم العامة السائد والمتعلق بالأوقاف الشرعية إنما أصبح مقتصرا على الذرية والأهل، قائلا «كثيرا ما نوجه الأفراد إلى إيقاف أراضيهم بما يخدم الصالح العام إلا أن النهاية تكون الخروج دون عودة».

وأفاد أنه وبالرغم من الأجر الكبير في بناء المساجد الا ان الحاجة تبقى كبيرة في تخصيص اوقاف في مجالات البحوث العلمية الانسانية والتقنية، كما هو حاصل في المجتمعات الغربية بإيقاف المراكز البحثية والعلمية وتخصيص منح دراسية وقفية.

وحول تراجع مفهوم الاوقاف في خدمة المجتمع المدني، عزا القاضي العميرة ذلك الى اختلاف تفكير المجتمعات في مختلف الازمنة، فبعد ان كانت الاوقاف في الجزيرة على اضحية وافطار صائم ونفقة حجة... تحولت الى منافذ اخرى تختلف بحسب المناطق فرغم كثرة بناء ووقف المساجد في المنطقة الوسطى وغيرها أفاد القاضي العميرة بتميز المنطقة الجنوبية في ايقاف اراض لدفن الموتى بعد ان كانت المقابر شحيحة لوعورة المنطقة في السنوات الماضية ليبلغ الامر اقصاه بان توجد ثلاثون مقبرة في قرية صغيرة. > من تاريخ الوقف لا يقتصر ظهور باب الاوقاف كمصدر ثابت للتمويل الاقتصادي والدعم الاجتماعي في بداية نشوء الدولة الاسلامية وانما بدأ قبل ذلك حيث كان البيت الحرام والمسجد الاقصى قائمين وكذلك المعابد والكنائس والبيع والاديرة ولم تكن مملوكة لأحد الا ان الوقف الاسلامي لم يقتصر على الجانب الديني وما يتعلق بالعبادات وحسب بل تجاوز ذلك الى كافة المؤسسات المدنية.

فمن اوائل الوقفيات في صدر الاسلام وقف ابي طلحة ارضا له في «بيرحاء» ووقف الصحابي عمر بن الخطاب لأرضه في خيبر، وازدهر الوقف في العصر الاموي بعد ان اتسعت وكثرت وبالاخص في مصر والشام وفي العصر العباسي الاول اوقفت الوقوف من الاراضي للحرمين الشريفين وللمجاهدين ولليتامى ولفك الرقاب الى بناء المساجد والحصون والمنافع العامة كإصلاح الطرقات.

وازدادت الاوقاف بصورة ملحوظة زمن الزنكيين والايوبيين بالاخص في النشاط العلمي المتمثل بانشاء المدارس والمستشفيات معتمدا الوقف على «الارصاد» واصبح للوقف ثلاثة دواوين: ديوان لاحباس المساجد وديوان لاحباس الحرمين الشريفين وجهات البر المختلفة وديوان للاوقاف الاهلية، ونشأت على مدار التاريخ الاسلامي مؤسسات خيرية لمساعدة اليتامى واللقطاء والمقعدين والعاجزين بكل ما يحتاجون، كما حظيت الاوقاف أثناء حكم الدولة العثمانية بالمقام اللائق.

قال ابن خلدون: «ما من فقير يذهب الى بلدة من البلاد هو غريب فيها وهي غريبة عنه، الا وتنادي بيوتاتها التي اوقفت لهذا الامر ان اقبل الي فمرحبا بك».
الشرق الاوسط








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "دين"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024