الجمعة, 26-أبريل-2024 الساعة: 01:32 م - آخر تحديث: 02:05 ص (05: 11) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
فنون ومنوعات
المؤتمرنت - العربية -
اضرحة تحل المشاكل الجنسية للمغاربة
يلجأ كثير من المغاربة إلى أضرحة الأولياء والتقرب إليها بهدف حل مشاكلهم الاجتماعية والنفسية والجنسية, ويعتقد البعض أن كل ضريح يسهم في حل نوع معين من المشكلات والصعوبات التي تواجههم.

ومن أبرز هذه الأضرحة التي يبلغ عددها نحو 50, ضريح "سيدي ميمون" بالمنطقة الشرقية من المغرب الذي يشتهر بين عامة الناس بكون المرأة العاقر التي تلجأ إليه تلد بعد وقت قصير وتعود إليها خصوبتها المفقودة, وضريح "سيدي يحيى بن يونس" الذي "يزوج" العوانس.


ويحكي الدكتور عبد المجيد كمي الاختصاصي النفسي أن صديقا له مكانته التعليمية المعتبرة، لم تكن زوجته تلد رغم مرور سنوات عديدة على زواجهما وعرض حالتهما على عشرات الأطباء والمختصين لكن بدون جدوى إلى أن لجأ إلى ذلك الضريح، فلم تمر سوى أسابيع قليلة وحملت زوجته، فسميا مولودهما الأول "ميمون" نسبة وتيمنا بصاحب الضريح.

أضرحة مختصة .. حتى بالحمل !

ويُعرف ضريح "سيدي يحيى بنيونس" شرق البلاد بكونه يزوج العوانس، وضريح سيدي عبد الرحمن "مول المجمر" في نواحي الدار البيضاء وهو مشهور بأنه يعالج "العكس" عند النساء خاصة اللواتي يعانين من مشاكل شخصية أو أسرية، ويبطل مفعول السحر من خلال التبخر عنده ببخار الرصاص المذاب، وضريح "لالة يطو" الذي تفد إليه كل زوجة راغبة في أن تجعل زوجها يحترق شوقا إليها ويعود إليها صاغرا مطيعا.

وهناك ضريح أكثر شهرة هو ضريح "بوشعيب الرداد" بنواحي مدينة آزمور المغربية، المعروف وسط مرتاديه وزواره بكونه ملاذ النساء المشتكيات الباكيات من حظهن العاثر، فتمشي إليه المرأة العاقر للتبرك، حيث تفتح حزامها داخل الضريح وتتركه هناك ليبيت ليلة بغية نيل بركة ولي الله بوشعيب الرداد، التي تجعلها ـ حسب اعتقادها ـ ذات رحم خصبة، ومنهن من تلجأ إلى هذا الضريح للحفاظ على زوج متمرد أو يسعى للزواج بثانية.

ومن الأضرحة المشهورة أيضا بالمغرب ضريح "لالة عيشة البحرية" بضواحي آزمور وهو "مختص" في طرد شبح العنوسة عن الفتيات اللائي فاتهن قطار الزواج، وتقوم العانس داخل الضريح بمزج الحناء بماء الورد وبلوازم أخرى وتخط بيدها اسم زوجها الموعود على جدار الضريح بجانب كثير من الأسماء الأخرى ما يدل على توافد العديد من العوانس على نفس الضريح ومن أجل الغاية ذاتها.

دراما نفسية

ويفسر الدكتور عبد المجيد كمي أن العانس حين تلجأ للضريح تذهب إليه بثقة عمياء، وبانقياد تام وهو ما يسميه المغاربة "التسليم" أو "النية"، ويسميه أهل الاختصاص العلاج بالإيحاء، والثقة هنا لها دور في التخفيف عن الضغط النفسي على هذه العانس أو أي زائر للضريح من أجل غاية أخرى.

والمصابون بالنوبات الهستيرية ـ يردف الخبير النفسي ـ يستجيبون أيضا لخاصية الإيحاء وتفيدهم زيارة الأضرحة حيث يعتبر مكانا مناسبا لتفريغ شحناتهم النفسية الشديدة، فالمرأة التي تتخبط وتسقط بعنف على قبر الولي بالضريح أو في أرجائه والناس يحيطون بها ورواد الضريح يهتمون بها.

ويضيف أن هذه الظروف التي تحف بمثل هذه الزائرة المريضة تخف من حدة مشكلتها، فضلا عن ما يمكن تسميته "الدراما النفسية"، حيث يجد زائر الضريح لغرض معين عينات بشرية ترنو لنفس الهدف أو أشخاص آخرين لها حوائج أخرى فيتحاكون مما يفضي إلى متنفس للعلاج، غير أن هذا لا يعني أن ارتياد الأضرحة كله إيجابيات بل إن سلبياته وعواقبه أعقد مما يمكن تصوره"..

خيارات غير محسومة

ويعتبر الأخصائي الاجتماعي الدكتور عمر حمداش أن الأضرحة بالمغرب تعتبر مؤسسة اجتماعية قائمة الذات عبرت عن حكمة جماعية في تدبير العلاقات والأوضاع الاجتماعية العادية و في التعامل مع الأحوال الخاصة من أزمات وتوترات، وهو ما ينبغي إيلاؤه التقدير عوض ذلك الموقف الانطباعي العام المستصغر لشأنها.

ويعزو حمداش سبب الإقبال على الأضرحة من المغاربة إلى كون الخيارات العامة للناس غير محسومة بعد، فهي "خيارات تكون متوجهة حينا بقيم العلم والعصر الحديث ومتوجهة حينا آخر بقيم الإرث التراثي والثقافي المحلي أو الديني العام، ويمكن أن تكون بعض حالات الفشل أو تعثر مسارات التعامل مع ماهو جديد وحديث مناسبة لتجريب أو استعادة أو استعادة المنظومة الثقافية التقليدية برمتها بما في ذلك اللجوء إلى الأضرحة وممارسة ما يرتبط بها من طقوس ومسلكيات، ويصير وضع الزيارة والضريح في مثل هذه الحالات المرتبكة محققا لمكاسب رمزية واجتماعية هامة.

التفسير السياسي

وتفشي الأضرحة في قرى المغرب ومدنه، ومكانتها الدينية والاجتماعية والثقافية والنفسية تعود إلى عوامل أخرى كثيرة معقدة، يذكر منها الصحفي الباحث مصطفى حيران أن "مغاربة القاع الاجتماعي والاقتصادي، كانوا دائما في حاجة إلى ذلك التفسير الخارق لبعض الظواهر التي استعصت على أذهانهم، من قبيل وجود شخصيات دينية، عبر الأجيال السالفة أتت أشياء " خارقة " كزهد في الدنيا والناس ( لسبب من الأسباب ) أو " كرامات " من قبيل " علاج " الناس...إلخ، وبطبيعة الحال فإن مستوى الوعي المتدني للناس، فضلا عن وجود مصلحة معينة في استمرار الظاهرة، يُفسِّر استمرارها باعتبارها تنتمي لزمن طفولة الوعي البشري.

ويعطي الباحث المغربي تفسيرات سياسية لظاهرة إقبال المغاربة على الأضرحة طلبا للعلاج وقضاء الحاجات، ويقول إن أي مركز حكم في كل المجتمعات، يسعى إلى استثمار بعض عناصر المحافظة الاجتماعية والدينية والثقافية المتأصلة أو المكتسبة لدى المحكومين، غير أن مكونات المحافظة تختلف من مجتمع لآخر، وبالنسبة للمغرب فإنها تتخذ أشكالا غاية في الخرافة والشعوذة، مثل الأضرحة والمواسم وما يُحيط بها من طقوس وثنية جديرة بمتحف التاريخ، وسعي صلب الحكم – أي المخزن – إلى استثمار هذا التخلف الديني والثقافي، يؤكد أن استمرار شكل حكمه التقليدي رهين – في جزء كبير منه – ببقاء مثل هذه المظاهر المتخلفة.

الآثار الاجتماعية

والإقبال على هذه الأضرحة والإدمان على زيارتها ووضع الثقة النفسية والاجتماعية فيها لحل مشكل ما أو علاج مرض معين تؤشر على وجود مواقف ومشاعر وسلوكات دالة على تلك الحظوة التي مايزال الضريح يحتلها في وجدان ورؤى المغاربة.

ولا أدل على ذلك، يشرح الدكتور عمر حمداش، من اقتران بعض الأيام الأسبوعية والمناسبات الاجتماعية أو بعض الاحتياجات العائلية والشخصية بمثل هذه الزيارات المتواترة عند عدد لا يستهان به من المغاربة وخاصة النساء منهم بأجيالهم المختلفة، ويمكن أن تكون فترات مثل الصيف مناسبة لإنعاش ملموس وواضح لمثل هذه الحالات.

ويضيف الخبير الاجتماعي أن الإدمان على زيارة الأضرحة قد يكون مكلفا في ما يتعلق بالانعكاسات الاجتماعية السالبة المحتملة لعلاقات الزوج بزوجته أو علاقات الجيران ببعضهم، أو ما يمكن أن يصادف المرء أثناء الزيارة من متاعب صحية أو بدنية قد لا تجد الصدى والتفهم المطلوب على صعيد الأسرة بالأساس في ظل اتخاذ موقف رافض أحيانا من الرجال لزيارات تعتبر مشبوهة تقوم بها النساء، مما يجعل التوتر يجد أرضا خصبة له عبر الزيارة والتبرك بالضريح بعد أن كان الضريح مناسبة فيما سبق لتخفيض التوترات ومعالجة الأزمات وتسوية الخلافات والبحث عن حلول.


ضرب وتنكيل

من جانبه، يطرح الأخصائي النفسي عبد المجيد كمي مشكلة خطيرة تحدث في بعض الأضرحة بالمغرب من قبيل ما يحدث مثلا في ضريح "بويا عمر" بنواحي مراكش، حيث يقوم بعض القيمين على الضريح المذكور باستغلال البسطاء بل وضرب المرضى النفسيين والمصابين ببعض الأمراض العصبية الذين يزورون الضريح باعتباره مكانا مشهورا في المغرب بمداواة هذه العينة من المصابين.

ويردف كمي أنهم أحيانا يتعرضون للتجويع والتخويف والتنكيل بدعوى أن ذلك سيفيدهم في العلاج، وتزداد حالتهم سوءا من قلة الأكل بل من التخدير أحيانا، ويجمع المرضى 10 إلى 15 فردا في حجرة واحدة في ظروف لا إنسانية، وهذا يحمل معه خطورة حيث لا يأتينا مثل هؤلاء المرضى إلا بعد استشراء المرض النفسي فيهم مما يؤخر العلاج الحقيقي والفعال"..

رضا رسمي

أما الموقف الرسمي من الأضرحة وما يجري فيها فهو موقف مشجع، حيث يقول عبد العزيز سميح مسؤول وقيم عن ضريح معروف تؤمه النساء العاقرات طلبا للعلاج وللخصوبة: إن الضريح بالمغرب يؤدي دوره الاجتماعي والروحاني، والدولة تشجع الأضرحة التي يبلغ عددها زهاء 50 ضريحا بالمغرب، ولا تضع أية عراقيل على الذهاب إليها والتبرك بها لأن الضريح قد يلعب دور المستشفى ودور الطبيب المعالج، وإلا إذا لم تكن هناك أضرحة لطالب مرتادوها وزوارها ببناء مستشفيات ومستوصفات وتطوير البنية الصحية في المغرب.

وقد يتعذر هذا على الدولة أحيانا، لهذا تجد أن هناك رضا رسميا حول دور الضريح واستيعابه لكثير من المشاكل الفردية والأسرية، عدا احتوائه لبعض المطالب الاجتماعية المتنامية.

جدير بالذكر أن الأضرحة بالمغرب تعتبر مثل المساجد والزوايا والمدارس العتيقة فضاءات ومؤسسات تابعة للدولة، تخضع لوصاية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وللتنظيم الداخلي لهيكلها ومصالحها، حيث تسهر مثلا مصلحة تسيير الأملاك الوقفية بالوزارة بمراقبة جميع الأضرحة الموجودة بالمغرب، وتهتم مصلحة الأعمال الاجتماعية بشؤونها وبالمواسيم والتظاهرات الدينية التي تقام في فضاءات هذه الأضرحة








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "فنون ومنوعات"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024