الأربعاء, 24-أبريل-2024 الساعة: 02:52 ص - آخر تحديث: 02:23 ص (23: 11) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
فنون ومنوعات
المؤتمر نت -

الشرق الاوسط -
غراسا ماشيل .. قرينة الرئيسين
«الرجل الاستثنائي» هكذا تصف غراسا ماشيل زوجها الثاني نيلسون مانديلا، واذا كان هناك اجماع عالمي على أن الرئيس الجنوب الافريقي السابق «رمز الحرية والتسامح» استثنائي بكل المقاييس فان مسار غراسا ماشيل لا يقل «اسثنائية». كانت في عمر الزهور عندما التحقت في بداية السبعينات بجبهة تحرير بلدها (موزمبيق) التي كان يقودها الراحل سامورا ماشيل، الذي أصبح زوجها فيما بعد ورئيسا لموزمبيق المستقلة.. وكانت أول وزيرة للتربية والثقافة بعد استقلال موزمبيق.. وهي تعتبر الآن المرأة أو السيدة الأولى الوحيدة في العالم التي تزوجت رئيسي دولتين مختلفتين.
مسار غراسا ماشيل التي احتفظت بكل وفاء باسم زوجها الأول ماشيل، حافل بالأحداث والذكريات الحلوة والمرة، غير انها أكدت في حوار مع صحيفة «الصانداي تايمز» البريطانية أنها عندما تنظر الى حياتها السابقة فإن باستطاعتها تفسير كل شيء فيها.. باستثناء شيء واحد لا تجد له تفسيرا هو «ماديبا». و«ماديبا» هو الاسم «العشائري» لنيلسون مانديلا، الذي لا يتردد في القول بشأنها بأن غراسا «هي الرئيس THE BOSS وعندما أكون لوحدي ـ أي بدونها ـ أكون ضعيفا».

لا تجد غراسا ماشيل تفسيرا لما حدث مع «ماديبا» لأنها وجدت نفسها زوجة لنيلسون مانديلا في يوليو (تموز) 1998 في عيد ميلاده الثمانين، وهي التي «أقسمت أن لا تتزوج مرة ثانية». كان الأمر يتطلب أن «يقنعها شخص استثنائي ـ مثل مانديلا ـ لتغير رأيها وتعود عن قسمها» كما تؤكد. ولدت غراسا ماشيل (المولودة غراسا سيمبين) في 17 أكتوبر (تشرين الأول) 1945 في منطقة انكادين في محافظة غازا بموزمبيق وسط عائلة ريفية فقيرة، حيث تلقت تعليمها الأول في مدرسة تشرف عليها إرسالية دينية مسيحية قبل أن تحصل على منحة للدراسة في جامعة لشبونة بالبرتغال، حيث درست اللغات، وهي تتقن الآن خمس لغات (البرتغالية، الانجليزية، الفرنسية، الايطالية والاسبانية). وفي جامعة لشبونة وعاصمة المستعمر البرتغالي تفتح وعي غراسا على قضايا التحرر من الاستعمار لتلحق عام 1973 بجبهة تحرير موزمبيق، وتلتقي بزعيم الجبهة ساموارا ماشيل الذي أصبح زوجها فيما بعد. في 1975 وبعد استقلال البلاد عُينت غراسا وزيرة للتربية والثقافة، وكانت المرأة الوحيدة في الحكومة، وقد استطاعت أن تخفض نسبة الأمية من 93 بالمائة الى 70 بالمائة خلال سنتين. وقد عُرف حينها عن غراسا حرصها على الاشراف على كل ما يخص عملها بدون تدخل من أي أحد من زملائها في الحكومة وحتى من زوجها الرئيس سامورا ماشيل نفسه. ويروى انها «وبخت» زوجها علنا في مؤتمر للنساء الموزمبيقيات اشرفت على تنظيميه عام 1984 لما رأت انه يحاول التدخل في سير المؤتمر.

في 1986 انقلبت حياة غراسا رأسا على عقب بعد مقتل زوجها سامورا ماشيل بطريقة مثيرة للشك في حادث سقوط طائرة، وذلك اثناء عودته لبلاده من اجتماع في زامبيا. وقد تم اتهام نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا آنذاك بالوقوف وراء الحادث لكن لم يظهر أي دليل يثبت ذلك. وجدت غراسا نفسها أرملة وهي في التاسعة والثلاثين وسبعة أطفال تحت مسؤوليتها، جوزينا (10 سنوات)، ومالنغا (7 سنوات) بالإضافة الى 5 اطفال من الزواج السابق لزوجها الراحل. تأثرت غراسا كثيرا لفقدان زوجها الى درجة أنها لزمت الفراش ولم تتوقف لفترة طويلة عن البكاء ولم تعد تقوى على الجلوس حول طاولة الطعام مع الأطفال لكي لا ترى الكرسي الذي كان يجلس عليه زوجها الراحل. غراسا، التي كانت تشعر بأنها لم تعد تقوى على الحياة، واستقالت من منصبها كوزيرة للتربية والثقافة، تحكي كيف أن ابنها عاد يوما من المدرسة وكيف اخبرها أن «البيت اصبح باردا وحزينا جدا وانه يجب عليها ان تتوقف عن البكاء». لقد كان ذلك بمثابة دعوة للتعقل والواقعية موجهة لغراسا التي سرعان ما استعادت توازنها، لتستفيق مبكرا في اليوم الموالي وتعيد ترتيب الطاولة لتجلس هي في كرسي زوجها الراحل وتترك كرسيها لابنتها.

لم تعِدْ غراسا ترتيب طاولتها فقط بل اعادت ترتيب كامل حياتها، حيث عادت للعمل، لتشتغل في مجال العمل الخيري في موزمبيق بالتركيز خصوصا على رعاية الأطفال والنساء وهو العمل الذي تابعته بعد استقرارها في جنوب افريقيا في فترة لاحقة. وقد لفت عملها في هذا المجال الانتباه الدولي لتكلف عام 1990 من قبل الأمم المتحدة برئاسة تقرير المنظمة الدولية لرعاية الطفولة (اليونيسيف) عن الأطفال الجنود. وتقديرا لعملها الخيري حصلت غراسا ماشيل على عدة جوائز وألقاب عالمية، آخرها لقب دام ((Dame البريطاني، لتصبح أول سيدة افريقية تحصل على هذا اللقب، وذلك بتوصية من رئيس الوزراء البريطاني توني بلير وذلك بالتزامن مع تدشين التمثال الذي نصب لزوجها نيلسون مانديلا في لندن في آب (أغسطس) الماضي.

غراسا قالت في تصريحات صحافية في بريطانيا إن ذلك التمثال كان من الأشياء المستحيلة التي يمكن توقعها ولا تزال لا تصدق رؤية «تمثال لرجل أسود في ساحة البرلمان بقلب لندن الى جانب تمثالي الرئيس الأميركي ابراهام لينكولن ورئيس الوزراء البريطاني اثناء الحرب العالمية الثانية ونستون تشرشل».

وكان نيلسون مانديلا قد روى في كلمته عند الكشف عن تمثاله كيف انه وقف في زيارة الى لندن قبل 45 سنة رفقة رفيقه في النضال أوليفر طامبو في الساحة نفسها وقال لصديقه مازحا انه يأمل يوما أن يتم رفع تمثال لرجل أسود الى جانب الرئيس الجنوب الافريقي الأبيض جان سموتس». أوليفر طامبو، رفيق درب نيلسون مانديلا، كان حلقة الوصل بين الأخير وغراسا ماشيل، فبعد وفاة سامورا ماشيل أصبح اوليفر طامبو الأب الروحي لأبناء صديقه الراحل. وعندما تدهورت حالته الصحية في بداية تسعينات القرن الماضي طلب طامبو من مانديلا أن يحل مكانه وأن يكون الأب الروحي لأبناء ماشيل. وقد انتقلت غراسا ماشيل بعد ذلك للعيش في جنوب افريقيا، حيث تطورت علاقتها بمانديلا الى أن وصلت الى الزواج.

عندما التقت غراسا مانديلا كان الأخير ما زال يعاني من ارتدادات طلاقه مع زوجته الثانية ويني وكانت رفقة غراسا بمثابة المعين في تجاوزها.. «كنا نحن الاثنين وحيدين جدا وكنا نريد احدا لنتبادل اطراف الحديث معه.. أحدا يفهمنا» كما تذكر غراسا ماشيل، وتروي كيف وجدت نفسها وهي تقبل طلب مانديلا الزواج منها. «كنت قريبة جدا من ابنائي ولهذا لم استطع اخفاءها (علاقتها مع مانديلا).. كنت اشعر براحة عندما ارى ماديبا لكن موضوع الزواج لم يكن مطروحا. غير أن الأمر وصل الى مرحلة انه لم يعد ينقصنا الا الزواج. عندما اخبرت ابنائي بالأمر لم يستطيعوا تصديقه. لقد اقسمت ألا اتزوج لكن الأمر تطلب اقناع شخص استثنائي لي لتغيير رأيي».

غراسا ماشيل كانت هي الزوجة الثالثة لنيلسون مانديلا حيث سبق ان تزوج ايفلين نتوكو ماسي، التي انجب منها ولدين وبنتين، قبل ان يطلقها عام 1957 بعد 13 سنة من الزواج، وقد تردد أن سبب طلاقهما يعود الى النضال السياسي لمانديلا آنذاك الذي كان يتطلب منه غيابا عن البيت لفترات طويلة، الى جانب أن ماسي كانت من اتباع مذهب «جيهوفا وتنيسسز» أو «شهود يهوا» الذي يتطلب حيادا دينيا.

زوجة مانديلا الثانية كانت ويني التي تتحدر من نفس منطقة مانديلا (تراسنكي)، وهي المنطقة التي تتحدر زوجته الأولى منها كذلك. لم يطل العيش المشترك بين ويني ونيلسون مانديلا الا حوالي عشر سنوات حيث حكم نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا بالسجن مدى الحياة على مانديلا ليقضي 27 سنة من عمره خلف القضبان بسجن جزيرة روبن. وكانت ثمرة زواج مانديلا بويني بنتين (زيناني وزيندزي). وقد تزوجت الأولى فيما بعد، وهي في السابعة عشرة من العمر، الامير دلاميني شقيق مساواتي الثالت ملك ساوزيلاند. وبعد مرور سنتين فقط من اطلاق سراحه من السجن افترق مانديلا عام 1992 عن ويني قبل ان يطلقها رسميا عام 1996 بعد تورطها في فضائح سياسية واستغلال نفوذ لم يعد مانديلا قادرا على تحملها.

الزواج الثالت للرئيس الجنوب الافريقي السابق بأرملة الرئيس الموزمبيقي السابق جاء بعد اشهر من المفاوضات الدولية لتحديد مهر العروس الذي يسمى «لوبولاك» الذي يمنح لعشيرتها طبقا للتقاليد الافريقية. وقد قاد المحادثات نيابة عن مانديلا زعيم عشيرته كينغ بوليخايا زيليبانزي دايليينبو. وبعد تنقلات عديدة بين وفد من أقارب مانديلا بقيادة زعيم عشيرته تم الاتفاق على تحديد المهر بستين رأسا من الماشية. وقد صرح زعيم العشيرة آنذاك حول عدد الماشية بالقول «عدد الأبقار في (لوبولاك) لا دخل لأحد فيه.. حتى وإن دفع روليهلاهلا (الاسم الآخر لمانديلا) مليون بقرة من أجل غراسا فهي تستحقها». ونفى زعيم العشيرة حينها ان طليقة مانديلا ويني لم تكن سعيدة بزواجه. وقد ذُكر في هذا السياق أن ويني التقت غراسا في عيد ميلاد مانديلا السادس والثمانين وبدا الود المتبادل بينهما. تزوجت غراسا مانديلا في 18 يوليو 1998 في عيد ميلاده الثمانين وقبل سنة فقط من تقاعده من رئاسة جنوب افريقيا. الزواج المدني الذي تم في حفل خاص بمنزل مانديلا أعلنه رسميا نائب الرئيس آنذاك (ورئيس جنوب إفريقيا حاليا) ثابو مبيكي، ذاكرا أن قاضي محكمة جوهانسبيرغ هو الذي اشرف عليه.

وكان الزوجان قد نفيا بقبل ذلك وجود أي نية عندهما للزواج، حتى بعد أن قام القس الجنوب الافريقي ديزموند توتو، رفيق مانديلا في النضال ضد نظام الفصل العنصري، بانتقاد ـ وان كان بطريق الدعابة ـ علاقة مانديلا وغراسا «غير الرسمية»، قائلا انهما يقدمان نموذجا سيئا للشباب بعد ما تردد عن وجود علاقة بينهما.

ولم يحضر زواج مانديلا اي من ابنائه من زيجتيه السابقتين غير ان اخته الصغرى وأخوة غراسا ماشيل الثلاثة كانوا من بين الحضور، وقد كان نائب الرئيس الجنوب الافريقي ثابو مبيكي وزوجته هما الشاهدين في الزواج. وما ان تسرب خبر زواج مانديلا حتى توافد الآلاف من المواطنين على مقر اقامة بجوهانسبيرغ حاملين الورود ومرددين الأغاني والأهازيج. وكان كثيرون منهم قد عبروا عن خيبة املهم من عدم تنظيم حفل زواج رسمي وشعبي للاحتفاء بالرئيس مانديلا وجعل زواجه يوم عيد وطنيا. وكانت علاقة مانديلا بغراسا قد أسالت حبرا كبيرا وظلت لفترة محل متابعة واهتمام إعلامي كبير بجنوب افريقيا. وتروي غراسا ماشيل كيف أن الحب بينها وبين (ماديبا) «لم يكن من أول نظرة» انما تطور مع مرور الوقت خاصة بعد ان دعا مانديلا ابنة غراسا جوزينا للعيش في بيته اثناء دراستها الجامعية في جنوب افريقيا. وتشير غراسا الى ان نقاطا مشتركة عديدة تجمع مانديلا وزوجها الراحل سامورا ماشيل «عندما استمع أحيانا الى مانديلا يتحدث وكأنه سامورا». غراسا ماشيل تقول عن السنوات التي قضتها مع مانيلا حتى الآن «إنها كانت عامرة بشكل استثنائي»، وأن تجاربهما المؤلمة قربتهما من بعضهما البعض كثيرا، وانهما كانا محظوظين أن يجدا الألفة والرفقة المناسبة لبعضهما. والى جانب الأعمال والمناسبات الخيرية التي ترعاها غراسا مع مانديلا بالإضافة الى عملها الخيري التربوي الخاص، فإنها كانت من المساهمين المؤسسين لجمعية «الكبار» التي أعلن مانديلا عن تأسيسها في 18يوليو (تموز) الماضي في عيد ميلاده التاسع والثمانين، وتضم الجمعية الدولية مجموعة كبيرة من الحائزين على جائزة نوبل والرؤساء السابقين من بينهم الرئيسان الأميركيان السابقان جيمي كارتر وبيل كلينتون. ويرأس الجمعية التي تعمل على التصدي للمشاكل التي تواجه العالم القس ديزموند توتو. غراسا ماشيل سعت لأن يكون موضوع حقوق المرأة أول القضايا التي تسعى الجمعية الدولية للتركيز عليها من منطلق حرصها على إعطاء فرص لملايين النساء في العالم لأن يحصلوا على فرص مثل التي حصلت عليها هي في حق التعليم مثلا، والذي خول لتلك القروية الفقيرة من احدى المناطق الريفية القصية في موزمبيق لأن تشق طريقا خاصا لنفسها وتمضي في مسار مميز هو بالتأكيد نموذج مُلهِم يُحتذى به








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "فنون ومنوعات"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024