الجمعة, 26-أبريل-2024 الساعة: 10:50 م - آخر تحديث: 10:31 م (31: 07) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
دين
المؤتمر نت -
المؤتمرنت -
شيخ مؤذني الحرم النبوي: الأذان صنعة شرطها «نداوة» الصوت
بصوته العميق الخاشع كما يعرفه كل المسلمين من خلال شاشات التلفزيون أو من خلال مآذن الحرم، ومن ذاكرة لا تزال فتية رغم انقضاء السنين، احتفظت بالتكبيرات الأولى التي شقت مسامعه عند ولادته، من حنجرة اعتادت رفع الأذان من على منبر المسجد النبوي لمدة 50 عاماً، هي حنجرة والده المؤذن عبد الإله خاشقجي، يستعيد شيخ مؤذني الحرم النبوي الشريف عبد الرحمن خاشقجي، مع قراء «الشرق الأوسط» ذكريات 40 عاماً قضاها في جنبات الحرم.
خاشقجي الذي اعتلى دكة مؤذني الحرم النبوي الشريف أو «مكبرية الحرم» شيخاً لهم بعد 44 عاماً قضاها في جنباته، معتلياً منبر الصحابي الجليل بلال بن رباح كتقليد عائلي، لم يلبث أن تحول مع مرور السنوات وتراكم الخبرات، إلى حالة وجد وخشوع ملكت عليه نفسه وجعلته يختار الأذان على دراسته الجامعية ويتمنى أن يسلك أبناؤه الطريق ذاته.

كلمات الأذان التي سمعها خاشقجي عند ولادته ظلت تتردد كثيراً في منزله، لتحرض عقله الصغير على حفظها وترديدها، وليسحره جمال الصوت وروحانيته ليتحرك شوقه ويلتصق بوالده ويرافقه إلى الحرم ويتعلم الإنصات هناك لأصوات المؤذنين المتداخلة تصنع خلفية المشهد الروحاني لآلاف الصفوف المتراصة لأداء الصلاة في الروضة الشريفة، وليقرر عند بلوغه 14 عاما من العمر أن يصبح ملازماً للحرم وهو المسمى الذي كان يطلق وقتها على المتدربين، وهو ما جعله يتشرب العمل بشكل أكبر كما يقول.

تحت مسمى «الملازم»" تعلم خاشقجي كيف يحول العشق والشوق للأذان إلى صنعة يتقنها، ولم يعد معلمه هو والده أو جده فقط، لكنه تعرف على أصوات أخرى وعلى أنماط ومقامات مختلفة، ويتذكر بشكل خاص الريس عبد الستار بخاري الذي علمه رفع الإقامة والتكبير وسجود السهو والأخطاء التي تحصل في الصلاة، ولا يزال خاشقجي يذكر معلميه الكبار بكثير من الرهبة وهي السمة التي طبعت علاقة الملازمين «صغار السن»، بمؤذني الحرم الكبار آنذاك.

وعلى الرغم من أن الأذان عادة متصلة في عائلة خاشقجي، كما يقول، إلا أنه يؤكد بأن المحرض الأساسي الذي دفعه لخوض هذا المجال هو التعلق بالله ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم والاشتياق له، وهو ما جعله يقبل على تعلم كل ما يتصل بالأذان منذ نعومة أظافره من آبائه ومعلميه، بدءاً بمخارج الحروف الصحيحة، والصيغة الراجحة للآذان، وعدم التطويل وعدم التلحين وغيرها من القواعد التي تحكم أداء هذه الشعيرة؛ إلى جانب ذهابه إلى المدرسة، واختلافه إلى حلقات المشايخ في الحرم النبوي الشريف، ليتم تعيينه رسمياً كمؤذن للحرم بعد إتمامه الـ19.

نقطة التحول في حياة خاشقجي كانت حين أنهى دراسته الثانوية ويمم وجهه صوب الرياض ليلتحق بمقاعد الدراسة الجامعية طالباً في كلية التجارة، إلا أنه لم يلبث أن اضطر إلى قطع دراسته بعد مرور عام واحد والعودة مرة أخرى إلى المدينة ليكون بجوار والده المريض، وليروي ظمأ اشتياقه لرفع آذان المسجد الحرام عالياً كما يقول، وليقرر أن يكرس حياته للعمل كمؤذن على منابر الحرم، وعلى الرغم من أن الكثيرين من زملائه وأصدقائه أكملوا دراستهم ليعودوا بعدها لشغل مناصب مرموقة وليحققوا الكثير، إلا أنه يؤكد بأنه لم يندم أبداً لقراره بترك دراسته الجامعية والتركيز على عمله كمؤذن للمسجد النبوي الشريف، وذلك لأنه كسب رضا والديه وهو ما بوأه أكثر المناصب شرفاً ورفعة منصب «مؤذن الحرم». الأذان «صنعة» كما يقول خاشقجي، من أهم شروطها نداوة الصوت وحسنه ووضوحه، ويستدرك، «كان من أهم شروط المؤذن في الماضي أن يكون جهير الصوت ليسمع أكبر مدى ممكن وهو ما يستعان فيه بمكبرات الصوت التي تؤدي هذه المهمة الآن».

ويرى خاشقجي بأنه على الرغم من أن الأذان صنعة تحكمها الدراسة ومعرفة الكثير من الشروط والواجبات الفقهية والدينية، فإن هناك نكهة مميزة، وبصمة لكل مؤذن كما هي الحال بالنسبة لمقرئي القرآن الكريم، ويروي خاشقجي كيف أن محاكاة مؤذني الحرم الكبار وسماعهم، إضافة إلى التطوع للأذان في المساجد البعيدة، وقراءة كتب الفقه والتعمق فيها كلها مراحل مهمة لإعداد المؤذن الجيد. لكنه يعول كثيراً على مسألة الميل والرغبة والاشتياق، فبدونها لا يمكن أن يستمر المؤذن، وفيها تكمن الخلطة العجائبية التي تجعل كلمات النداء لا تخرج فقط من قلب المؤذن بل تصل إلى قلب وروح سامعيها. ويتمنى خاشقجي الذي تطوع أبناؤه الثلاثة للآذان في مساجد بعيدة للتمرن على رفع الأذان، أن يتم استحداث معهد خاص للمؤذنين كمعهد الأئمة الذي يعد أئمة المسجد الحرام، ليتلقى فيه أصحاب الميل لصنعة الأذان أصولها ويتدربون عليها.

ذاكرة الأذان في الحرم النبوي الشريف تغيرت بسبب التقنيات الحديثة وإن كان جلال الأذان ورهبته في قلوب كافة المسلمين هي ذاتها لم تتغير، يقول خاشقجي «عند بداية التحاقنا بخدمة الحرم في صغرنا، كان الأذان يرفع من المنارات، وكان هناك أكثر من 5 أو 4 مؤذنين يرفعون الآذان في الوقت نفسه من منارات مختلفة ليسمعه أكبر عدد من الناس لعدم وجود مكبرات الصوت حينها، وهو ما يستدعي صعود ما يقارب الـ200 درجة كنا نتسابق في الصعود إليها أنا وزملائي في مرحلة الصبا، أما اليوم فلم تعد هناك حاجة للأذان من فوق المنارات وتوجد مكبرات صوت ذات أداء عالٍ قادرة على نقل الأذان على مدى كيلومترات طويلة هذا عدا عن التغطية التلفزيونية المتواصلة».

ويضيف للشرق الاوسط «كان المؤذنون يتحرون ساعة الإفطار من خلال مزولة الحرم، ويشيرون بعلم أبيض من مكانهم في باب السلام إلى المناوبين على مدفع رمضان المتمركز فوق جبل سلع ليعلن المدفع ساعة الإفطار، في الوقت نفسه الذي يرفع فيه الأذان، أما اليوم فالناس تتحلق حول شاشات التلفاز لترى وتسمع الأذان».

واليوم يجلس على دكة المؤذنين داخل الحرم النبوي 12 مؤذناً معظمهم يتحدر من أسر مدنية عريقة اشتهرت بتخريج المؤذنين، وبعضهم يحمل درجات علمية عليا، ويرأسهم عبد الرحمن خاشقجي (شيخ مكبرية الحرم)، ويوجد 3 مؤذنين كل يوم بنظم الورديات لرفع أذان الفروض الخمسة بحسب جدول زمني دقيق يضعه شيخ المؤذنين ويتابعه بدقة، ويرفع بنفسه أذان الجمع والأعياد وصلاتي الخسوف والكسوف، وهو يتابع العمل بسرور كبير.

خاشقجي الذي بلغ الـ60، لم يزل قلبه شاباً ومعلقاً بخدمة المسجد الحرام وسماع صوت الأذان يتردد في جنباته، ويأمل أن يرى من بين أحفاده عبد الرحمن وفهد، وأبنائه الشغوفين بالأذان والذين ورثوا عنه نداوة صوته وجماله، من يرفع الآذان من المسجد الحرام ليكمل التاريخ دورة أخرى.

ويبتسم حين يسألونه عن صنعة الأذان ويجيبهم، ويخبره قلبه في كل مرة أن سر الصنعة في «الاشتياق والمحبة».








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "دين"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024