صابرالرباعي: الغناء الجميل مشروعاً قومياً أثبت بتجربته الغنائية، ان الباب قد لا يفتح للمبدع من أول مرة، لكن بالمثابرة لا بد وان تفتح له الأبواب التي أغلقت دونه، خاصة في عصر ما عاد يلتفت الي أعراف المهنة المتوارثة ويظهر علي السطح كثير من الأدعياء بفعل آلة الإعلام التي تضخ أعمالها ليل نهار علي أعين ومسامع المشاهدين دون اي مصفاة تسمح بالجيد منها، وما أقله، وتمنع الرديء وما أكثره، لكن صبر صابر الذي أتي للقاهرة قبل أعوام ولم يجد له طريقا، عاد ليجد أمامه طريقا قد فتح، ويجد شركة إنتاج شهيرة توقع علي الانتاج معه. سألته: ألا تري ان اللهجة التونسية ما تزال غريبة عن الاذن العربية، رغم غناء كثير من المطربين بها، وانت أحدهم؟ بالفعل، لكن المطربين التونسيين هم سفراء هذه اللهجة، فكلمة برشا لم يكن أحد من عموم الجماهير قد سمعها، حتي غنيتها، لكن رغم اختلاف اللهجات، فإن الشعوب العربية تتجاوب مع اللحن الجميل، وتستطيع ان تتفهم فكرة الاغنية، وتدرك معاني أكثر كلماتها، فإن اللهجات العامية جميعها في البلاد العربية مستقاة من النبع الاول والدائم لها وهي الفصحي. لماذا انضممت لقائمة مطربي علي اللي جري رغم ان عشرات المطربين قد غنوها في ألبوماتهم؟ هي أغنية جميلة، وكنت واحدا ممن زادوا في انتشارها بالاضافة للمطربة عليا مطربتها الاصلية والمطربة أصالة والتي غنيت معها هذه الاغنية ايضا في تسجيل ما زال يذاع ويحظي بالانتشار، فالموسيقار الكبير حلمي بكر ملحنها هو أحد العلامات الموسيقية في تاريخ الموسيقي العربية، وما تزال أعماله تتردد عبر أصوات وردة ونجاة ومحمد رشدي وعليا وفايزة وغيرهم. وظاهرة هذه الاغنية تؤكد ان البقاء للاصلح، فرغم انها اغنية طربية الا انها أصبحت شعبية تتردد علي كل لسان وتقال في كل فرح شعبي، ونادرا في تاريخ الغناء ان تتحول اغنية طربية بها الكثير من إظهار إمكانات الصوت الي أغنية شعبية، فتقال وسط الاغنيات الخفيفة كأنها واحدة منها. ما هو الجديد لديك خلال هذه الفترة؟ اجهز لألبومي القادم، كما اني انتهيت من تصوير اغنية ضاقت بيك من ألبوم الغربة الذي صدر الصيف الماضي، وتشاركني الممثلة نور تصوير الكليب الذي تم تصويره ما بين منطقة دير القمر الشوفية في جبل لبنان والمكسيك من اخراج سعيد الماروق. لماذا لا تساهم في نشر القصيدة مثل كاظم الساهر؟ انا اغنيها كذلك، فالقصيدة هي إحدي ألوان الغناء وعلي المطرب أن يجيدها جميعا. كيف نقيل الغناء من عثراته الدائمة؟ هو يحتاج الي دفاع عربي مشترك، بشرط ان يكون فاعلا، ويكون الغناء الجميل مشروعا قوميا تدرك به الامة العربية أنه أحد أشكال وأسباب نهضتها، فلم يوجد عصر قوي به موسيقي ضعيفة أو العكس، وحين يتوافر هذا المعتقد فإن خطوات إيجابية ستسير ناحية إصلاحه ولا بد ان تكون هناك نتيجة مرضية. ألا تري ان إعادة غناء أعمال التراث كثيرا، يعد بمثابة إعلان فشل للغناء الجديد؟ الغناء الفاشل لا يحتاج الي إعلان، فهو يكشف عن فشله بنفسه مباشرة، وان نعيد غناء التراث كثيرا خير من ان نغني أغاني جديدة رديئة، كما ان طبيعة الغناء الجيد ان يعاد قوله باستمرار، ولا بد ان تكون له أكثر من حياة. من تحب ان تغني له من الرواد؟ أحب كل رموز الغناء الذين نعرفهم، فلكل منهم دولته وعالمه الخاص وسحره الذي لا يتشابه مع سحر أحد، وهذا سر عظمة هذا الجيل، فلم يقلد أحد فيهم أحدا، رغم نجاحهم جميعا، وحين نغني لهم جميعا فإنما نحصل علي فائدة اكبر، ولا يمكن للغناء ان يحيا الا بماضيه. أليس من الصعب اليوم ان تنجح أغنية في ظل هذا الكم الهائل من المطربين والاغنيات؟ الجميل ليس بكثرته وانما بجودته، فمن الطبيعي ان تموت آلاف الاغنيات ما دامت ركيكة، وان تحيا اغنيات معدودة ما دامت جميلة. القدس العربي |
| إقرأ في المؤتمر نت |
|
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||
2003-2024 