الخميس, 28-مارس-2024 الساعة: 06:53 م - آخر تحديث: 03:24 م (24: 12) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
السِياسِيُون الحِزبِيُون الألمَان يَخدعون ويَكِذِبُون ويخُونُون شعبهم
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
علوم وتقنية
المؤتمر نت -
المؤتمرنت - الشرق الاوسط -
دراسات لفهم عدم قدرة التعبير عن المشاعر
ضمن عدد يناير من مجلة العلاج النفسي والنفسية البدنية journal Psychotherapy and Psychosomatics، طرح باحثون من فنلندا تحليلهم للعلاقة فيما بين حالة أليكسيثايميا Alexithymia وبين اضطرابات النوم، وتحديداً مدى تأثير السمنة أو الاكتئاب (إن كانا موجودين لدى من يعانون من حالة أليكسيثايما)، على ظهور اضطرابات في النوم. كما طرح باحثون دنماركيون، في نفس العدد، تأثير اتصاف البعض بحالة أليكسيثايميا على نوعية علاقاتهم ومشاعرهم نحو أطبائهم المعالجين لهم. وتأتي جهود الباحثين الدنماركيين هذه مكملة لما عرضوه، في نفس المجلة العلمية، خلال شهر نوفمبر المنصرم حول حقيقة دور الوراثة في اتصاف البعض بصعوبات في الإدراك والتعبير عن المشاعر التي تجيش في نفوسهم.
وبلغة مبسطة، تعني حالة أليكسيثايما بالجملة، عدم القدرة على الكلام حول المشاعر التي تجيش داخل النفس نتيجة لتدني الوعي بوجودها. ولذا فإن الشخص المتصف بها غير قادر على التعرف وفهم ووصف مشاعره. وتأثيرات الاتصاف بها وتبعات ذلك من الناحيتين الصحية والاجتماعية على الشخص، مبنية على هذا القصور في التعامل الذاتي مع المشاعر.

وبالرغم من إشارة مصادر الطب النفسي إلى أن الإحصائيات الطبية الحديثة تتحدث عن شيوع الاتصاف بحالة أليكسيثايميا بين صفوف الأصحاء البالغين من الناس العاديين، إلا أن ما يُثير الاستغراب هو قلة وندرة حديث الوسط الطبي عن هذه الحالات، سواءً في ما يدور بين أفراده أو في ما يتوجهون به للناس ضمن جهودهم في التثقيف الطبي. كما أن من المستغرب عدم اهتمام الأطباء عموماً برصد مدى وجود هذه الحالة لدى مرضاهم، خاصة أن حوالي 10% من الناس الأصحاء هم كذلك، أي حوالي ضعف مرضى شرايين القلب، ناهيك عما هو متوقع أن تكون النسبة أعلى فيما بين منْ يشكون من أعراض بدنية لا تُوجد لها أسباب عضوية واضحة. وحتى مع عدم اعتبار مصادر الطب النفسي، حتى اليوم، أن حالات أليكسيثايميا أحد الاضطرابات النفسية، إلا أنها تُجمع على حقيقة وجودها واتصاف نسبة ليست بقليلة من الناس بها، وأن ثمة أهمية لرصد الإصابة بها نظراً لتسببها بإعاقات شتى، وبأشكال متنوعة، للتواصل فيما بين الناس المتصفين بها وبين الآخرين من الناس أو أطبائهم.

* اضطراب أم سمة

* هل هذه الحالة اضطراب نفسي أم سمة شخصية؟ ثمة ما يُعرف بكتيب تشخيص وإحصائيات الاضطرابات العقلية (DSM)، وهو من إصدار رابطة الطب النفسي الأميركية. ويتم الاعتماد على محتواه في جانب الأمراض النفسية من قبل الأطباء عموماً والباحثين والقانونيين والصيادلة وشركات التأمين وغيرهم. وصدر أول مرة عام 1952، وتم تحديثه خمس مرات بعد ذلك. والمهم أن في الإصدار الأخير لم يتم اعتبار أليكسيثايميا أحد الاضطرابات أو الأمراض النفسية. وعليه، تعتبر أليكسيثايميا احدى السمات الشخصية personality trait، التي تختلف شدتها فيما بين منْ يتصفون بها، أو بعبارة مجازية فيما بين «المُصابين» بها. ومتى ما اتصف إنسان بها، فإن الاحتمالات ترتفع لإصابته ببعض الاضطرابات النفسية والبدنية، كما تنخفض لديه الاستجابة للمعالجات الطبية المعتادة، وتقل فاعليتها. ويتم قياس مدى الاتصاف بها بعدة مقاييس نفسية طبية، أهمها وأكثرها استخداماً هو مقياس تورنتو لأليكسيثايميا Toronto Alexithymia Scale، المكون من 20 عنصراً تقييمياً على هيئة أسئلة ذات إجابات متنوعة. وبناءً على نتائج الإجابات يتم تحديد الاتصاف بأليكسيثايميا من عدم ذلك.

وهناك كثير من التشويش في ذهن الناس حول أليكسيثايميا، وغالبه يتعلق بربط هذه الحالة بحالات أخرى متعددة، تشتمل على الاتصاف بتدني المشاعر أو الصعوبة في التعبير عنها. ولذا من المهم عدم الخلط بين أليكسيثايميا بين تدني الاهتمام بالغير Sociopathy، وبين المقاومة المقصودة لتدفق المشاعر، وبين تدني تفاعل أو تحفيز المشاعر Apathy، وبين تحفيز اللاوعي لإنكار المشاعر أو ما يُسمى بالكبت العاطفي Emotional repression. والأهم أن لا يتم الخلط فيما بين أليكسيثايميا وبين الصفة المثالية الشائعة بين الرجال في عدم القدرة على التعبير عن المشاعر. والسبب أن الرجال، مقارنة بالنساء، ربما يجدون صعوبة في وصف مشاعرهم، لكنهم يتشابهون مع النساء في عدم وجود صعوبة إدراك ما يشعرون به.

وأليكسيثايميا، تحديداً تشمل في تعريفها الصعوبة في التعرف على المشاعر والتفريق فيما بين المشاعر وبين الأحاسيس البدنية الناشئة عنها. كما تشمل الصعوبة في وصف المشاعر التي تعتري الغير. وضيق الأفق في التصور والتخيل وقلة عيش الآمال والأحلام fantasies.

* تصورات علمية

* وبين علم النفس والطب النفسي، يُوجد تصوران أكاديميان متقاربان لأليكسيثايميا في كل من مصادر الطب النفسي psychiatry ومصادر علم النفس psychology. وفي علم النفس، تتخذ أليكسيثايميا بعداً غير طبي، مرتبطاً بصفات المميزات الشخصية.

أما في الطب النفسي، فلقد ظهر تصور حالة أليكسيثايميا في سياق الاهتمام بجوانب الطب النفسي البدني psychosomatic medicine. والواقع أن وصف أليكسيثايميا ظهر أول مرة عام 1973 من قبل الدكتور بيتر سيفنيوز من جامعة هارفارد الأميركية. وسبب القصة أن الأطباء في هارفارد لاحظوا في الخمسينات والستينات الماضية أن نسبة كبيرة من المرضى الذين يُعانون من أعراض بدنية ذات أسباب نفسية، يجدون بالفعل صعوبات في التحدث عن مشاعرهم. وبعد دراسات متابعة لسنوات لهذه الحالات في محاولة لفهمها بشكل أوسع، أصدر الدكتور سيفنيوز في عام 1973 تعريفه وتسميته لوصف جوانب هذه الحالة ضمن مجلة العلاج النفسي والنفسي البدني. وبهذا الاعتبار ترتبط أليكسيثايميا بمجموعة من الخصائص الملاحظ وجودها على نوعية مرضى حالات النفسية البدنية. ولذا يُطلق وصف أليكسيثايميا على من تبدو عليهم علامات من أعراض تدني إدراك المشاعر، وفق مقاييس وبروتوكولات طبية محددة في الوصف. وعليه لا يُستخدم وصف أليكسيثايميا للدلالة على وجود اضطراب مرض إكلينيكي محدد، بهذا الاسم، لدى المريض، بل يُستخدم، كتعبير إكلينيكي clinical descriptor، ضمن وصف لمجموعة من المظاهر السلوكية التي قد تُوجد لدى المريض، مثل عدم الحركة akinesia أو تدني الرغبة في الترحيب aboulia أو صعوبات التنفس apnoea. أي أن أليكسيثايميا هي مثل أي «حالات مُصاحبة» قد يتصف بمجموعة منها، أو بعضها، الذين يشكون من أعراض أمرض بدنية ذات علاقة بنوعية حالتهم النفسية.

* لماذا الاهتمام الطبي بحالات أليكسيثايميا؟

* لو كان شأن أليكسيثايميا، كسمة شخصية، أسوة بالبخل أو الشجاعة أو غيرها من السمات الشخصية، لما تكلف الباحثون في الطب النفسي عناء البحث في هذه الحالات ورسم معالم صورتها. وطبيعي أننا لا نجد المتصفين بهذه الحالة، في عدم القدرة عن التعبير عن المشاعر، بين منْ يحضرون إلى الملاعب من مشجعي كرة القدم لمساندة فريق دون آخر، ولا منْ يحضرون إلى المسارح لمشاهدة التمثيليات الكوميدية أو الدرامية.

والإشكاليات المتعلقة بالاتصاف بحالة أليكسيثايميا، هي ارتباطها بمجموعة من الاضطرابات النفسية والعضوية، التي تُؤثر على الشخص نفسه وعلى منْ يحيطون به في الأسرة أو العمل أو غيره. ومنشأ اكتشاف هذه الحالة هو بين مجموعات الذين يشكون من أعراض مرضية نتيجة لاضطرابات نفسية وليس لاضطرابات عضوية.

وتشير مصادر الطب النفسي إلى أن حالة أليكسيثايميا تُصاحب اضطرابات نفسية وعضوية عدة، منها طيف اضطرابات التوحد autism spectrum disorders، واضطرابات التوتر ما بعد التعرض للحوادث posttraumatic stress disorder، والهزال العصبي anorexia nervosa، وشراهة الأكل والقيء bulimia، وحالات الاكتئاب الرئيسية major depressive disorder، وحالات الذعر أو الرهاب panic disorder، وحالات الإدمان.

كما تشير تلك المصادر إلى أن وجود حالة أليكسيثايميا يرفع من احتمالات الإصابة بأمراض عضوية مثل ارتفاع ضغط الدم وعسر الهضم الوظيفي والتهابات الأمعاء، إضافة إلى اضطرابات نفسية تطال الأداء الجنسي والقلق والإدمان. هذا بالإضافة إلى ارتفاع الشكوى من أعراض بدنية ذات أسباب نفسية، أي ليس نتيجة وجود مرض في تلك الأعضاء، مثل نوبات الشكوى من ألم أسفل الظهر وضيق التنفس والربو والصداع والقولون العصبي والحساسية وألم العضلات. وسبب هذا هو عدم القدرة على ضبط التفاعل مع المشاعر، ما يُؤدي إلى تصريف المشاعر تلك على هيئة اضطرابات سلوكية، وصحية في الغالب. مثل الشراهة في الأكل، أو الإدمان على الكحول أو المخدرات، وانحرافات الممارسة الجنسية، وتجويع النفس.

وهناك حديث طبي عن دور الاتصاف بهذه الحالة في تدهور واضطراب العلاقات مع الغير، في المنزل أو خارجه. وهذا جانب يطول شرحه وتتفرع جوانب الحديث عنه.

* الوراثة والبيئة تتساويان في نشوء أليكسيثايميا

* ثلاث دراسات حديثة تم نشرها في مجلة العلاج النفسي والنفسية البدنية أخيراً حول أليكسيثايميا، الأولى قام فيها أطباء من فنلندا بالبحث ضمن شريحة فنلندية واسعة شملت حوالي 5400 شخص من البالغين، 55% منهم من النساء، حاول الباحثون تحليل الرابط في ما بين صفات أليكسيثايميا بأعراض اضطرابات النوم لديهم. وكان اهتمامهم الرئيسي هو ما إذا كان الرابط فيما بين هذين الأمرين لا يعتمد على مدى وجود أعراض للاكتئاب أو حالات من السمنة، أي أن وجود اضطرابات في النوم لدى من يتصفون بحالة أليكسيثايميا هو شأن مستقل بغض النظر عن مدى وجود سمنة أو اكتئاب. واعتمد الباحثون في تقييم مدى الاتصاف بحالة أليكسيثايميا، على مقياس تورنتو لأليكسيثايميا، والشامل لمقاييس ثلاثة عوامل. الأول الصعوبة في تحديد المشاعر DIF، والصعوبة في وصف المشاعر DDF، والصعوبة في التفكير بما هو ذو وجهة خارجية EOT.

كما تم الاعتماد في تقييم اضطرابات النوم على مجموعة من الأسئلة المتعلقة بوتيرة ومدة النوم خلال شهر مضى. وتم تقييم أعراض الاكتئاب وفق قائمة «بيك» للاكتئاب، ومدى وجود السمنة على محيط الخصر. وتم رصد العمر والجنس ومستوى التعليم والدخل المادي للمشاركين.

ووجد الباحثون في نتائجهم أن ثمة علاقة مستقلة بين أليكسيثايميا وبين اضطرابات النوم لدى الجنسين. وذلك من النوع غير المعتمد على وجود سمنة أو اكتئاب أو تدني في المستوى التعليمي.

من جهة أخرى قال الباحثون الدنماركيون، في الدراسة الثانية، ان من المعلوم سابقاً أن الذين يتصفون بحالة أليكسيثايميا تبدو عليهم مشاعر سلبية نحو معالجيهم من نوع الملل والغفلة. إلا أنه لا توجد دراسات بحثت فيما لو كانت لديهم مشاعر أشد قسوة، من نوع الاحتقار والازدراء تجاه أطبائهم.

وبمتابعة حوالي 300 شخص يُتابعون في العيادات النفسية لدى 35 طبيبا، تبين أن الاتصاف بحالة أليكسيثايميا لا يثير تلك النوعية السلبية جداً في العلاقة مع المعالجين، بل يثير الشعور بالقلق والاكتئاب الإحساس بالضعف. وكان الباحثون الدنماركيون قد عرضوا في نوفمبر الماضي، في الدراسة الثالثة، نتائج محاولتهم للتأكد من ارتباط الاتصاف بحالة أليكسيثايميا بالوراثة. ومن خلال دراسة شريحة واسعة شملت حوالي 50 ألف شخص، تضمنت حوالي 9 آلاف توأم، تبين للباحثين أن تأثير العوامل البيئية يتساوى مع العوامل الوراثية في نشوء الإصابات بهذه الحالة.








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "علوم وتقنية"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024