رايس تؤكد عدم سعي واشنطن إلى إقامة قواعد عسكرية في أفريقيا تباحث الزعيم الليبي معمر القذافي مساء الجمعة في طرابلس مع وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس، في لقاء تاريخي بين مسؤولة اميركية بهذا المستوى والعدو اللدود سابقا لواشنطن، الذي تريد اليوم ان تجعل منه مثالا يحتذى به. وتأمل رايس من خلال هذه الزيارة الاولى من نوعها لوزير خارجية اميركي لليبيا منذ 55 عاما، ان تجسد في شكل لافت نجاحا ديبلوماسيا نادرا لادارة الرئيس الاميركي جورج بوش وان تظهر لكوريا الشمالية وايران المكاسب التي يمكن ان تجنيهما في حال تخلتا عن اسلحة الدمار الشامل. وبدأ اللقاء بتأخير ساعة عن الموعد المقرر في مقر القذافي في باب العزيزية في طرابلس، وهو المجمع الذي قتلت فيه ابنته بالتبني في غارات اميركية العام 1986 في عهد الرئيس الاميركي السابق رونالد ريغان. وصافح الزعيم الليبي، الذي كان يرتدي لباسا ابيض ويضع الوشاح الافريقي، افراد الوفد الاميركي في حين حيا رايس بوضع يده على صدره. واعربت رايس له عن شكرها على ضيافته وجلست على يمينه. وتبادل القذافي ورايس تحت عدسات المصورين وبحضور عشرات الصحافيين بعض العبارات في مستهل اللقاء قبل مباحثات ومأدبة افطار رمضانية. وحضر الوفد الاميركي الدقائق الـ 20 الاولى من اللقاء، ثم انسحب المسؤولون الاميركيون، تاركين وزيرة الخارجية في لقاء منفرد مع الزعيم الليبي على مأدبة افطار. وذكرت «وكالة الجماهيرية الليبية للانباء»، ان رايس والقذافي، تبادلا الهدايا. واضافت ان العقيد قدم للوزيرة، عودا، اما رايس فأهدته درعا يحمل شعار وزارة الخارجية الاميركية. واعلن القذافي العام الماضي تأييده «ليزا» في مقابلة مع قناة «الجزيرة». وقال «تعجبني وانا فخور بطريقة انحنائها الى الوراء واصدارها الاوامر الى المسؤولين العرب». وكانت رايس التي وصلت عصر الجمعة الى طرابلس، تباحثت في وقت سابق مع نظيرها الليبي عبد الرحمن شلقم. وبحثا ملفات ايران والارهاب والنفط. وأعلنت وزيرة الخارجية في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرها الليبي، ليل الجمعة - السبت، أنها أبلغت القذافي، أن واشنطن لا تسعى الى اقامة قواعد عسكرية أو الى وجود عسكري في افريقيا. وأضافت قبيل مغادرتها طرابلس متوجهة الى تونس، «ان هذه الليلة (الجمعة) علامة مهمة في العلاقة الثنائية التي تشهد تطورا منذ سنوات عدة، وليس مفاجئا لأي طرف أنه رغم عدم وجود اتفاق في وجهات النظر حيال كل القضايا بين ليبيا وأميركا، الا أن البلدين قاما بتأسيس اطار عمل جيد». وأوضحت أن البلدين انتهيا من اغلاق ملف قضايا الماضي، لأنهما أدركا أن هناك الكثير من التحديات المشتركة التي تتطلب التعاون بينهما، وأن لا بد من التعلم من دروس الماضي. وقالت انه «أمر جيد أن الولايات المتحدة وليبيا تؤسسان لعلاقة متينة»، مؤكدة أهمية دور ليبيا على الصعيد الاقليمي والقاري والدولي، ومشيرة الى ان ليبيا قامت بخيارات استراتيجية. واعلن شلقم ان زيارة رايس لطرابلس تثبت ان ساعة المواجهة بين الولايات المتحدة وليبيا، «ولت». وقال في مؤتمر صحافي مشترك في ختام زيارة الوزير الاميركية ان «العالم تغير. ووجود رايس في طرابلس والمحادثات التي اجريناها ومضمون هذه المحادثات دليل على ان ليبيا تغيرت وان الولايات المتحدة تغيرت». واوضح، «يمكن ان يكون ثمة خلافات في وجهات النظر لكن ذلك لا يؤثر على العلاقات بين البلدين». وقالت رايس، من ناحية ثانية، انها اثارت خلال زيارتها مسألة مصير المعارض فتحي الجهمي (66 عاما) الذي يعيش شقيقه في بوسطن. واوضح شلقم ان «ليبيا لا تحتاج الى درس من احد». ويحتجز الجهمي منذ 2004 بعدما انتقد نظام القذافي، ودعا الى الديموقراطية والتقى مندوبا رسميا في الخارج. وردا على اسئلة الصحافة، اجاب الوزير الليبي ان الجهمي حوكم ودين بعدما تسلم القضاء شكوى. واضاف انه يعالج في الوقت الراهن في مستشفى خاص جراء المرض. وتابع ان «مبادىء حقوق الانسان تختلف بين ليبيا والولايات المتحدة». واعتبرت رايس ان «من المهم اجراء حوار بما في ذلك حول حقوق الانسان». واضافت: «اثرت حالات هنا وبقدر التقدم الذي تحرزه علاقتنا وتتعمق، سيكون من المهم بالنسبة الينا الاستفادة من الشفافية والتحدث في هذه المسائل بطريقة محترمة». وفي ختام زيارتها التاريخية لليبيا، توجهت رايس الى تونس المحطة الثانية من جولتها في المغرب العربي، حيث تعقد محادثات مع نظيرها التونسي عبد الوهاب عبدالله، كما تلتقي الرئيس زين العابدين بن علي قبل ان تزور المقبرة الاميركية للجنود الذين سقطوا في معارك في الحرب العالمية الثانية. وتزور كذلك سفارة الولايات المتحدة، وهي مقر المكتب الاقليمي لمبادرة الشراكة بين الولايات المتحدة والشرق الاوسط، وهو برنامج دعم للاصلاحات السياسية والاقتصادية، قبل ان تغادر تونس بعد الظهر الى الجزائر، وبعدها تزور المغرب. |