![]() (الاختطاف) عار.. وليس بطولة حتى أعراف القبيلة ومبادئها - غير المكتوبة - تحرّم اختطاف الضيف أو التعرض للأجنبي الزائر بالأذى أو الترويع والإجفال. على العقلاء من الوجهاء والأعيان والشخصيات المؤثرة في مجتمعاتهم المحلية المبادرة إلى إدانة الجرائم والتجاوزات المشينة التي تُقترف في هذا الباب. وبعد ذلك عليهم استنقاذ القبيلة وأعرافها وأخلاقها من شرٍّ وعار.. يجرهما عليها نفر من الخارجين على العرف والقانون وميثاق الجماعة وصالح المجتمع. ليست الجريمة نوعاً من البطولة أو السبق الذي يمكن المفاخرة به، بل جناية تستوجب الردع وتستتبع العقوبة.. ومن المقرر في مثل هذه الأحوال والمواقف أن الدولة مسؤولة مسؤولية كاملة عن فرض احترام القانون وبسط الأمن وهي قادرة على ذلك وتسعى فيه إلا أنّ النقاش وهو يتطرق الى ظاهرة مشينة تُقترف في نظر القبيلة وباسم الانتساب إليها يجعل المسؤولية أوَّل ما تقع على كاهل والتزام رؤوس القبيلة ووجهاء المنطقة.. وهي بالضرورة تقع على سائر المواطنين والسكان، لأن ما يحدث هنا يستهدف سمعة الجميع ويجر النتائج والتبعات الباهظة على المجتمع بأسره، بدءاً بالمجتمع المحلي المعني وانتهاءً بالمجتمع الكبير، فضلاً عن أنه يضر بمصالح السكان والبلاد ويؤثر سلباً على سمعتنا الوطنية. ليس صحيحاً أنّ الدولة عاجزة عن فعل ما يجب عليها عمله وتحمُّله في مواجهة حالات التقطع والتعدي على الآمنين واحتجاز أو اختطاف الرعايا اليمنيين أو الأجانب.. ولكن ثمة اعتبارات مهمة وتداخلات لا يجب إغفالها، حينما نتحدث عن أفراد محدودين ومعدودين يقترفون سلوكيات فاحشة ومخالفات مشينة ثم يلوذون بقبائلهم وقراهم في مناطق سكنية مزدحمة، بما يجعل القبيلة - بقدر أو بآخر - طرفاً معنياً عليه أن يتحمل مسؤولياته في رفض تلك السلوكيات ولفظ مقترفيها بعيداً عن حيطة القبيلة والمجتمع المحلي لأنه -والحال كذلك- يصعب اتخاذ قرارات من شأنها أن توتر الأجواء أو يُساء تفسيرها بحيث يقال إن الدولة تواجه القبيلة الفلانية أو البطن الفلاني، وإن كان يجب عدم اعتبار هذه حُجَّة مقنعة دائماً أو سبباً كافياً للتخلي عن ملاحقة الجناة ومحاصرة الظاهرة السيئة ونتائجها المؤسفة على أكثر من صعيد وبأكثر من معنى. التكتل الشعبي والاجتماعي والمحلي في وجه الاعتداءات والمخالفات والتجاوزات المضرة بسمعة ومصلحة الناس والمجتمعات المحلية والتجمعات السكانية المترامية، والمضرة أيضاً بسمعة ومصلحة الوطن وأهله، خيار عملي ومطلب ملح يجب أن لا يُستثنى منه أحد.. وعلى عاتق رؤوس القبائل ووجهاء المناطق المعنية يقع جزء كبير ومهم من الواجب والمسؤولية.. عليهم أن يدفعوه وأن يزكُّوا عن قيمة وضريبة الوجاهة والجاه.. وهذا أقل ما يُقال. وفي السياق.. بعض التناولات الإعلامية والصحفية تجهد نفسها في عملية شاقة.. تنتهي بها الى ما يشبه التبرير والتماس المعاذير لمرتكبي جرائم الاختطاف.. وقد تذهب أبعد من ذلك في تبني منطق الخاطفين وتكريس منطق المجادلة بالتي هي أسوأ لا يمكن للصحافة أن تتجاهل دورها التنويري باتجاه تفكيك السلوكيات المناهضة لمنطق سيادة القانون واحترام النظام.. ومن واجبها أن تساعد الناس للوصول الى السلوك المدني والتخلي عن سلوك الغاب ومنطق المغالبة.. وأن تسمي الأشياء بأسمائها، فلا توهم الخاطفين بأنهم صاروا أبطالاً.. فتقسو عليهم وتخون نفسها. |