الخميس, 25-أبريل-2024 الساعة: 05:13 م - آخر تحديث: 04:06 م (06: 01) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
قضايا وآراء
المؤتمر نت - أ.د. وهيبة فارع
أ.د. وهيبة فارع -
تريم بين السّيل والخوف من النسيان
لا يتصور أحدا حجم الكارثة التي ألمت بمناطق الساحل الشرقي من أقصاه إلى أقصاها ما لم يرها رأي العين ، ولا يستطع العقل استيعاب ما جرى من غضب الطبيعة من إعصار وطوفان في تلك المنطقة الآمنة والوادعة، ما لم يلامس الم الناس بعد الصدمة ويتفحص بأم عينيه ما اختطفته الطبيعة من كل ما كان الناس يملكونه وفي ساعات معدودات.

ولابد أن يتبادر إلى الذهن تساؤل ودهشة عن كيفية تحرك الكتل البشرية مع البيوت التي غطتها المياه لتطفو فوق بحيرات وسيول جارفة يتراوح عمقها بين عشرة وعشرين مترا، وعن كيفية اختلاط ألوان المنازل البيضاء وحوائط البيوت من الطين الملون بالأزرق والابيض لتذوب كلها دفعة واحدة كالمعجنات، وتحرك أمواج من المياه الهادرة دافعة أمامها شواهد تدل على عز المكان واستقرار أهله واطمئنانهم قبل الطوفان من أخشاب وأحجار وأثاث.

لم استطيع إخفاء الدهشة وحبس الالم وانأ انظر إلى ما تبقى من جسر ظل واقفا على الرغم من قوة المياه التي غمرته ومن عمق اختراقها لاعمدته الخرسانية التي لازالت تتشكل على جوانبه بحيرات للأسبوعين الثاني والثالث والرابع على التوالي لأحسب كم من مكعبات الأطنان من المياه التي جرفت المنطقة حتى استقرت أمامه، فعلى طول الوادي الذي كان يوما مليئا بالنخيل الباسق ترى بقايا ما جرفته السيول من جذوع أشجار وأحجار وأثاث وممتلكات حتى ليقال أن بعضا من هذه المأساة لم يصل إليها احد في ساه ودوعن ونواحي تريم لوعورة الطريق وهول الكارثة ، فاقرب منطقة تصلها السيارات كانت الي منتصف الوادي اوعلى كل امتداده جنوبا أما شمالا فقد اختفت الطرق تحت بحيرة واحدة ممتدة من سيئون لتلتقي بالبحر ملقية إليه ما خف حمله وغلاء ثمنه مما اختطفته السيول من أشياء وبينها أرواح من فقدوا في المياه ، وحاجات أُناس باتوا في العرا حتى وصول الإغاثة التي لم يتأخر عنها رجال الأمن والقوات المسلحة والخاصة الذين أثبتوا قدرتهم على التعامل مع الكوارث رغم شحه الإمكانات ومفاجأة الحدث فمازالت المستشفيات الميدانية وفرق الاغاثة تقف في مكان الحدث.
فما الذي حدث في تريم وشبام ؟؟!!
ليس من سمع كمن رأى ،! فقد أرغمت الفاجعة كثيرين مثلي على التحرك إلى سيئون في الاسبوع الثاني ومنها إلى بطن الوادي وتكرار الزيارة الى تريم بعد الحدث مع بعض المهتمين حيث رأت العين ما لم يخطر على بال، فالحادثة كانت بكل المقاييس كانت كارثة لم يحتملها بشر، وفاجعة على الإنسان والطير والحيوان الذي هرب إلى أعلى الجبال المحيطة بالوادي وبعضه بعد فوات الأوان ، فلم يخطر على بال احد أن يتجاوز ارتفاع السيل ارتفاع القنوات المائية القائمة لتوزيع المياه ليعلو البيوت والمزارع والحقول ويجتث الزرع والنبت حتى طاول أعالي النخيل وتجاوزتها ليتركها أثرا بعد عين وليجرد المزارعين من كل أسباب الحياة.

يدرك المرء هنا أن الناس بإيمانهم هم الثروة التي أنقذت، فمعهم كنت ترى نفسك مجبرا لا مختارا لتقاسم الآلام تعاطفا وتعاونا لتمسح دمعة من عين وترسم ابتسامة على وجه طفل وتتحرك بصمت تجرك الأحداث جرا خوفا وهلعا على الأهل والأصدقاء والمعارف ، فيدهشك إيمان أهلها عندما اشتداد الخطوب شكرا وحمدا لله على هذا الامتحان الذي جعلهم أكثر صبرا وأكثر احتمالا وايمانا، فالمصائب وان أضرت بالقوم إلا إنها قد زادتهم احتسابا والتحاما، ووحدت معهم بقية المناطق اليمنية التي تنادت إليهم شيبا وشبانا نساء ورجالا من أقصى اليمن إلى أقصاها فكانت حضرموت الألم الذي تداعى له سائر الجسد اليمني بالسهر والحمى .

كانت عيناك تدمع وأنت ترى القوافل متواصلة من كل حدب وصوب من شتى أنحاء اليمن قبل الخارج لدرء تداعيات الكارثة بما يملكون من امكانات محدودة جنبا إلى جنب ويدا بيد وقلبا لقلب حتى لتحسب الناس في قرية واحدة يجمعهم الحزن وتقربهم الفاجعة فتصير القرية بيتا واحدا يؤمه الجميع دعما ومساندة ، فلا تفرق بين القادم إليها والساكن فيها لهجة ولا نحنحة ولا اختلاف ملمح او سمة ، فقد أصبحوا نفس الوجوه التي سادها الوجوم والهلع وبما حملته ملامحهم من أسى ورغبة في مواساة بعضهم وتحمل بعض أعباء الكارثة باليد أو بالمال أو بالدعم المعنوي فلم تلهيهم المناكفات التي انطلقت سمومها من الخارج بين الغمز واللمز عن القيام بواجبهم.

ولم يكن هناك اعتراض على قدرة الله لكن لا زال هناك ما يحز في النفس بعد هذا البلاء الذي أدى إلى تدمير البيوت وضياع الأنفس أن تطوي السيول مساحة من الذاكرة الإنسانية من التاريخ الذي علم البشرية فن بناء وناطحات السحاب في شبام التي أثقلتها السنون وداعبتها السيول بعنف لتجعلها محطة خطر على ساكنيها، تلك المنازل الشامخة التي يأتيها السائح وعاشق التاريخ من كل حدب وصوب ليتغني بجمال بنائها الممتزج اليوم بالطين والماء فلم يفرق عبث المياه بين مبنى حديث او سور قديم او بين واد وتلال صغيرة تسلقها وأسقطها.
ربما ما يجعلنا نشعر بالخوف من النسيان بعد ذاك الطوفان تلك المكتبات العامرة بالكتب النفيسة التي تحويها دور العلم وأربطتها في تريم والتي تطاولها الرطوبة ، وتشقق مساحات ابنيتها وسقوفها التي قد تؤدي الى انهيارها ، فهذا السيل لم يمر به معمر فوق المائة عام والذي جعل الناس تركن إلى توقع الجفاف أو مداعبات رشات الأمطار الخفيفة في بدايات الشتاء لتروى عطش الأرض وتملا السدود والأحواض والمصدات المائية وهو نشاط جوي كان يتم السيطرة عليه والتحكم فيه بالاستعداد وحفر القنوات وتهيئة الارض ، دون أن تتسبب في مثل هذا البلاء بفضل المعارف التي أتقنها الساكنون وورثها المزارعون وتعلموها عن ظهر قلب وجيلا بعد جيل.

نعم.. في الماضي كانت المساجد والأربطة تختار لها أمكنة ومستقرا على ضفاف الوديان ومنحدرات الجبال وبعد أن يراجع المؤسسون والبنأون والمساحون أوجه السلامة في المكان ويتحسبون أخطارها وقربها وبعدهاعن مجرى السيول ، اما اليوم فالأبنية التي اشتهرت بها مساكن حضرموت ومناطق الساحلين الشرقي والغربي من المهرة حتى نهاية تهامة يجعلها الاهمال عرضة للانهيار بسبب تخريب البشر لمساحات واسعة من الأراضي الزراعية ، التي لم تراع مجرى لسيل أو طريق لمياه أو لقناة زراعية مائية، فنزع هذا التهور صمام الأمان عن المدن التاريخية المعروفة في أنحاء اليمن بمبانيها بالطابوق والطين مثل تريم وزبيد وشبام وصعدة لتصب المياه في أساساتها وتنخر بنيانها كما حدث في جامع زبيد وقصر سيؤن
شيء لا يصدق ولم يوصف !!! لقد هزتني مناظر الأطلال لمنازل قد تداعت وانهار معظمها أو أجزاء منها، ومعاناة سكانها وأصوات أطفالها يسألون الواقفين متى نعود إلى المدرسة التي أصبحت في خبر كان لأنه لم يحسن اختيار مكان بنائها، فمع الدعاء لتخفيف آلام المنكوبين يرتفع صوت المؤذن من فوق القباب الباقية مرددا اللهم لك الحمد على ما أعطيت ولك الحمد على ما أخذت، فتخشع القلوب خشية ورهبة ورحمة ، كارثة لا نتمناها أن تتكرر في يمننا العزيز ولا في مكان آخر فيخفف ألآذان عنا ذلك الإحساس بالضيق وبالعجز البشري أمام قدرة إلهية كأنما أراد الله بها تنبيهنا إلى ضرورة تخطيط وتحصين تجمعاتنا السكانية ضد تقلبات الطبيعية ..

نعم قدر الله ولطف ، لكن من الواجب ونحن لم ننسى شكر كل من واسى وفزع لإخوانه ولو بالدعاء فليس لحضرموت غير أهلها في كل بقعة في اليمن يتنادون اليها صغاراً كباراً وبما تجود به الأنفس ، ان نذكر الجميع بان حضرموت مازالت تنادي الجميع لإعادة بناء ما خربته السيول من بيوت وأربطة علم ومكتبات وتدعو القائمين على التخطيط للكف عن عبثية التخطيط العشوائي للمدن والتجمعات السكانية لان جغرافية هذا البلد تحتاج إلى اعادة دراسة الأصول التي اتبعها الأجداد فلم تكن عبثا والا لما قامت فيها اول ناطحات سحاب في العالم.. نحتاج ان نرى قوافل جديدة للبناء وقوافل علمية لترميم المخطوطات وقوافل للزراعة لاعادة غرس النخيل وقوافل لاعادة بناء المدارس وترميمها ...نحتاج أن لا ننسى حتى لايمر الحدث فنكتشف بعد سنوات اننا فقدنا ثروة من الصعب استعادتها.











أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "قضايا وآراء"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024