غونتر غراس يمنح الصامتين صوتاً بمدينة برشلونة يواصل غونتر غراس، بسنواته الست والسبعين كونه أحد حاملي راية الوعي النقدي الغربي الذي احتفت به مدينة برشلونة، مؤخراً عندما قدمت جمعية منتدى القراء هناك الجزء الأول من عمله البحثي الكامل «مقالات وآراء «1977 ـ 1955»، ويضاف إلى هذا الاصدار افتتاح معرض استرجاعي لعمله الغرافيكي «رسومات ولوحات مائية وأعمال محفورة على الحجر». ويتصف عمل غونتر غراس والبحثي على السواء باعطاء الصوت للصامتين والذين يكابدون التاريخ ولا يصنعونه إذ يقول غراس، الذي قدم اجابات على هذه المعضلة في مقالاته النقدية منذ 40 عاماً والمجموعة في هذا الكتاب، أنه «لم نزل نعيش اليوم نقيض الفصام حيث لا يقبل الشعر بأي نوع من الالتزام، مع ان الواقع السياسي يتطلب ذلك». وأوضح انه «ككاتب أرى نفسي معاصراً لفترتنا. جزء كبير من هذه المقالات مرتبط بالموضوعات الراهنة التي تندرج في اطار عملية الحرب الباردة» ومع ذلك فإن الكثير منها لم يفقد حيويته لأنه يحلل بعض المشاكل المفصلية التي جاء الزمن لاحقاً ليثبت صحتها أو أنها تستبق مشكلات مستقبلية، مثل الهجرة. وهذه الظاهرة تتماثل مع عمل غراس الابداعي أيضاً. فروايته هي قصة طويلة تراجع التاريخ الألماني خلال الفترة التي تغطي عمليتي اعادة التوحيد الأولى كانت على يد بسمارك عام 1878 والثانية في عام 1991. ويتذكر الكاتب: «لقد ولد موقفي النقدي فيما يتعلق بابقاء إعادة التوحيد وتبعاته اشكالية كبيرة واتهموني بالطير الذي ينسج عشاً خاص به. لكن الوضع الحالي قد تجاوز التوقعات. ورغم ان الأدب قادر على التوقع إلا أنه من الصعب ان يتمكن من التأثير في الذي سوف يحدث. إلى ذلك، يترجم التماسك السياسي لفكره، المنعكس في الجزء الأول من عمله البحثي، في عقد الثمانينيات وذلك عن طريق اقتراب غراس المواطن من الاشتراكية الديمقراطية. ولقد أسس حينذاك منظمة «الناخبون الاشتراكيون الديمقراطيون» التي دعمت بشكل نشط ترشيح فيلي برانت للحكومة الألمانية، ويتذكر غراس في هذا الخصوص ان: «برانت طالب بالمساواة في الحقوق، ولو انه تم الاصغاء في الوقت المناسب لهذه المطالبة الاجتماعية بالمساواة بالنسبة للعالم الثالث، لكانت انتزعت القاعدة الاجتماعية للإرهاب». والملاحظة المتفائلة الوحيدة التي يقدمها المؤلف في خطابه النقدي موجودة في الواقع الاسباني: «اقدر رد فعل الشعب الاسباني، العفوي، والمحسوب جيداً في مواجهة الإرهاب». //البيان// |