المؤتمر نت -
الإيجابية في حياة الداعية
ان المبالغة في فهم الطاعة بمفهومها الضيق دون ان تترافق بمفهوم السمع الذي يعني التفهم والادراك والوعي الذي غالبا ما يرد في النصوص الشرعية مع الطاعة قد ادى الى ظهور سلبية كبيرة وهي اعتماد الدعاة في عملهم اعتمادا كليا على الخطط وان تكون جميع اعمالهم مرهونة بما يصدر اليهم من توجيه دون الاعتماد على انفسهم في ايجاد منافذ العمل او اتخاذ زمام المبادرة إلى الحركة والعطاء ان هذه السلبية اصبحت احد اسباب الفتور الواضحة التي لا يمكن تعليلها على رواسب التربية الخاطئة لمفهوم الطاعة المجردة فقط،
بل لعوامل اخرى لعل منها ضعف القابليات الفطرية والمناهج التربوية المدرسية القاصرة التي لا تساعد على تفجير الطاقات الابداعية ذلك مع عدم توفر الدوافع النفسية وجنوح الفرد الى الانزواء والكسل وغير ذلك من العوامل التي تشكل بموجبها اثرا نفسيا بالغا في تكون النفس السلبية، ان الحاجة الى انماط جديدة من النشاط هذه تحتاج الى المزيد من العناصر الحية المبدعة، كما ان تغير ظروف العمل وامتداد الصحوة الاسلامية تقود الى اهمية الاعتناء بالجانب الايماني في نفس الداعية وتنمية روح الابداع الخاص وأخذ زمام المبادرة الى الاعمال المثمرة دون انتظار الاوامر والركون الى الدعة اعتمادا على الخطط وحدها.
ان من اهم الدوافع للإيجابية هي ان يتذكر الداعية ان مناط التكليف فردي وان كل فرد سيحاسب لوحده يوم القيامة، وان كان المرء يحاسب عن عمله في الجماعة وبعض التكاليف لا تتم الا بجماعة او من خلال تجمع جماعي ولكن الحساب بالثواب والعقاب لا يكون الا فردياً، ومن الايمان بهذا المنطلق يجب ان ينحصر تفكير الداعية في ما يجلب له الأجر ويقربه الى الطاعة ولا يرنو ببصره الى غيره، فقد يكون لهم من الاعذار ما يمنعهم عن شيء ما او ليس لهم من الهمة والطاقة ما يمكنهم من اداء عمل ما ويستطيع هو اداؤه فلا تعقد به ثقله الحياة الدنيا فقد يوفقه الله الى عمل يتفرد به.
ان وضع آية تحدد معنى الايجابية قوله تعالى: (فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ) (النساء: من الآية84)، فعلى المسلم ان يفترض انه وحده المكلف بالأداء وان الله قادر على ان ينصره، وينحصر واجبه في تحريض المؤمنين، وعلى المسلم الكسول ان يتذكر انه مغبون ما دام في صحة وعافية لانهما رأس ماله في الحياة وعليه ان ينفقهما في سبيل الله لربح الآخرة.
ان احدى الصور البليغة التي يستشهد بها القرآن الكريم قصة الهدهد مع نبي الله سليمان عليه السلام، اذ كيف سار هدهد بمفرده دون تكليف مسبق او تنفيذ لأمر صادر وجلب خيراً للقيادة وقد ادى تصرفه هذا الى دخول امة كاملة في الاسلام.
ولو جئنا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم لرأيناه طاقة كونية هائلة وعجيبة من عجائب الكون وايجابية دافقة في كل اتجاه، كان قوة فياضة وحدها، اشد الناس حيوية، يمشي كأنما يتقلع من الارض تقلعاً ويمضي في الامر كأنما كل نفسه فيه، يحارب منطلقا كالعاصفة لا يرده شيء يسلم على الناس بجميع يده وفي قوة وحرارة، يرضى من كل قلبه ونفسه فيعرف اصحابه السرور في وجهه ويغضب فيبدو الغضب على وجهه ويدر العرق على جبهته يتزوج ويعطي كقوة ثلاثين رجلاً ويستمتع بطيبات الارض كواحد متفرغ لذلك المتاع ورجل سياسة يشيد امة من الفتات المتناثر فاذا هي بناء ضخم لا يطاوله شيء في التاريخ ويمنح هذا البناء من وقته وفكره وروحه وجهده ومشاعره ما يشغل وحده حياة كاملة، بل حيوات، او اب وزوج ورب اسرة كبيرة كثيرة النفقات، نفقات النفس والفكر والشعور فضلاً عن نفقات المال ومرجل متخصص للأبوة على اغلى نسق شهدته الارض ومتخصص للأسرة لا يشغله عنها شاغل ن الحياة، وصديق وقريب وصاحب للناس تشغله همومهم وتملأ نفسه.
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 15-مايو-2024 الساعة: 05:17 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/10644.htm