المؤتمر نت -
نبيل عبدالرب -
سجلات فساد لكبار المسؤولين
من نافلة القول الإشارة إلى أن القرار السياسي في اليمن بات مشلولاً وتأثير الدولة في إدارة الحياة العامة أمسى شبه معدوم، وبالنتيجة فلا تعويل كبير على أية حكومة قادمة أقلها في الفترة الانتقالية. لكن طالما والبلد مقبل على حكومة شراكة بديلة لحكومة الوفاق فمن المناسب الإدلاء برأي أيٍ كانت قيمته وأيٍ كان مستوى الآمال المعلقة على الحكومة.
مع صدور قرار رئيس الجمهورية بتكليف خالد بحاح بتشكيل حكومة الشراكة تهافتت وسائل الإعلام المحلية على نشر السيرة الذاتية للرجل، وهذا ما دأبت عليه منذ سنوات في إيراد السير الذاتية لأعضاء الحكومة.

ما يجب التأكيد عليه أن السير العلمية والمهنية والسياسية للوزراء أمر مهم يدخل في إطار الشفافية والإيمان بحق الرأي العام في المعرفة والاطمئنان لكفاءة كبار رجال الدولة، وبالموازاة من المهم أكثر أن تُعمم حالات نشر السير الذاتية أيضاً على كل المعينين بقرارات جمهورية في القطاعين العسكري والمدني، بل وبقرارات من رئيس الوزراء للمعينين في وظائف ذات طابع مالي وقضائي، والأزيد أهمية أن ترفق السير الذاتية بما يمكن تسميته سجلات نظافة من الفساد. أما السبب فلأن البلد لا تعاني أزمة كفاءات بقدر معاناتها من أزمات ضمائر، ولأن الفساد مسؤول إلى حد كبير عن مصائب اليمنيين بما فيها الأوضاع الراهنة.

أفرز الفساد طبقة جديدة في المجتمع اليمني شديدة الانتهازية تتمثل في مسؤولين تجار ومتحالفين معهم من خارج الإطار الإداري للدولة. وبطبيعة مصالحهم المتصلة بالنفوذ والثروة عبر استغلال مواقعهم المدنية أو العسكرية لجلب الامتيازات، وقفوا ضد بناء مؤسسي للدولة على أسس العدالة وتكافؤ الفرص للمواطنين، ونظراً لذلك تحولت أجهزة الدولة من أدوات لإدارة الشؤون العامة إلى وسائل محتكرة بيد قلة تفتقر إلى جانب الكفاءة للمصلحة في تمكين الدولة بمؤسساتها الشرعية المفترضة من ممارسة الوظائف المنوطة بها، بما في ذلك المهام الاقتصادية والتنموية.

أسفرت الإدارة غير النزيهة لمؤسسات الدولة الهشة إلى أوضاع اقتصادية وتنموية سيئة تزيد فيها مساحة الفقر والبطالة، وبالمحصلة سعة مساحة التذمر من سلطات بدت شرعيتها صورية ومؤسساتها إقطاعيات للمسؤولين التجار وحلفائهم من المتسلقين على شجرة الفساد الرسمي.
ولو اتسع المقام لأمكن سرد أمثلة لا تحصى عن وقائع الفساد في بعض القوانين وسلوكيات تسخير ثغراتها لمصالح قلة من الانتهازيين، تسببوا في خلق مستويات من المظلومية والتهميش لأطياف واسعة من اليمنيين فقدوا الثقة بالدولة وبكونها وعاءً مفوضاً من قبلهم لإدارة شؤونهم واستيعاب مصالحهم ولو بحدها الأدنى، لكن بطريقة وآليات عادلة.

الأسوأ، أن سعي صغار موظفي الدولة للصعود إلى طبقة المسؤولين التجار عقّد عملية الفساد أكثر، وأدى إلى ضعف الالتزام بالقوانين –على فساد بعضها- ومن ثم بروز ظاهرة انحدار الولاء –داخل وخارج الأجهزة الرسمية- للدولة التي تمثل تعبيراً عن الوطن إلى ولاءات لمنظومات دون الدولة –كنتيجة للشعور بفقدان جدوى الدولة- جهوية أو مناطقية أو قبلية أو سياسية بل حتى مذهبية شرعت بالميلان نحو الطائفية.

بالتأكيد ليس الفساد العامل الوحيد في مشاكل البلد، لكنه عامل أساسي. ومن المبالغة الاعتقاد بسهولة القضاء على الفساد أو التقليل من مستوياته إلى أدنى حد ممكن، بالاعتماد على إجراءات لا تأخذ بالاعتبار جذوره الثقافية والسياسية والاقتصادية، وعوامله القانونية والإدارية.

رغماً من ذلك قد تبدو تعديلات على قوانين ذات علاقة وتفعيلها بإرادة سياسية أداة مساعدة كربط الترقي في السلم الوظيفي المدني والعسكري بسجلات نظافة من الفساد تحتوي فيما تحتوي سجلات إقرارات الذمة المالية وتقارير مهنية من الهيئات المعنية بمكافحة الفساد –بعد هيكلتها وتمكينها- يزيد تشددها صعوداً حتى تصل إلى أعضاء الحكومة والبرلمان ورئاسة الدولة.
.........
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 29-أبريل-2024 الساعة: 05:33 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/119678.htm