BBC

المؤتمر نت -
الفلوجة مدينة الحزن والتحدي
كانت كارولين هولي واحدة من أول الصحفيين الغربيين الذين زاروا مدينة الفلوجة العراقية التي تشهد قتالا ضاريا بين القوات الأمريكية ومقاتلين عراقيين. ووسط الدمار والمأساة الانسانية التي تشهدها الفلوجة شعرت هاولي بالراحة بسبب وقف إطلاق النار بين الجانبين فكتبت تقول:
لا تزال رائحة الموت موجودة في أجزاء عديدة من الفلوجة، حيث يُعتقد أن مئات المدنيين لقوا حتفهم أثناء القتال بين القوات الأمريكية ومسلحيين عراقيين.
ففي منطقة الجولان التي شهدت أكثر المعارك ضراوة رأيت القنابل الأمريكية وقد ساوت منازل بأكملها بالأرض.
وكان هناك غضب عارم في المدينة فقد تحدثت إلى رجل قال إن قنبلة قصفت منزله بمجرد أن خرج منه هو وعائلته، فساوت منزله بالأرض وأصابته في قدمه.
كما قال لي إن القنابل تسقط في كل مكان بشكل عشوائي، مؤكدا أنه لا علاقة له بالمقاومة فليس لديه سلاح أساسا.
وقال لي شاهد آخر إنه رأى قناصا أمريكيا يطلق النار على سائق تاكسي في رأسه أثناء محاولته نقل جريح إلى المستشفى.
وفي منزل آخر، قال لي أشخاص إن 36 شخاصا من أفراد عائلة واحدة قتلوا عندما أطلقت القوات الأمريكية صاروخين على منزلهم.
وأخبروني بان خمسة أطفال لا يزالون تحت الانقاض، ومن ثم فمن الواضح أن الفلوجة لم توارِ بعد جميع موتاها التراب.
وقد تم دفن معظم ضحايا الفلوجة في ملعب سابق لكرة القدم كان الناس يذهبون إليه في الماضي للعب الكرة والآن يذهبون إليه لدفن ذوويهم.
ويوجد الآن به العديد من شواهد القبور التي تشير إلى الضحايا سواء من المدنيين أو المقاتلين، حيث لا يوجد مدفن خاص لكل شخص وإنما يشير شاهد القبر إلى أن طفلتين على سبيل المثال تم دفنهما في هذا المكان.
ولم أتجول في جميع أجزاء الفلوجة، غير أنني ذهبت عبر طريق خلفي إلى مكان رأيت فيه الحوائط وقد سببت طلقات النيران ثقوبا فيها وشاهدت رسوما على الحوائط مكتوب عليها "يحيا المجاهدون."
ولم أشاهد بنفسي أي مقاتل ولكنني شاهدت في مكان معين شخصا يرتدي ملابس مدنية ويحمل مسدسا، وشخص آخر منحني على جانب الطريق يحمل قذيفة صاروخية.
ولكن بعيدا عن ذلك، لا توجد أي إشارت إلى المقاومين، حيث يبدو أنهم تبخروا جميعا في الهواء.
وما رأيناه بالفعل هو أفراد من قوات الأمن العراقيين يتمركزون على الجسر الذي قتل فيه الجنود الأمريكيون الذين تم التمثيل بحثثهم.
دخول القوات العراقية للفلوجة اعتبره البعض هزيمة للقوات الامريكية
كما رأينا أيضا أعضاء من الجيش العراقي السابق قالوا إنهم هناك في محاولة لحماية الشعب العراقي.
وكان هناك نوع من التمرد حيث أشاروا بعلامات النصر مبتسمين ولوحوا بأسلحتهم في الهواء أثناء ركوبهم السيارات متجهين إلى الجولان.
وقال لي أشخاص إنه لا يوجد ماء ولا كهرباء في الجولان ورأينا خطوطا للطاقة مدمرة.
كما كان هناك بعض المحال فاتحة أبوابها وبدا أن الناس يذهبون إلى أعمالهم. ورأيت مزيدا من الإشارات على عودة الحياة إلى طبيعتها عندما شاهدت عائلات تعود إلى منازلها ومعها أمتعتها.
وقال الجنرال الجديد الذي تم تعيينه في الفلوجة إنه واثق من أن وقف إطلاق النار سيستمر.
وهناك ارتياح بان الأمريكيين خارج المدينة وأن العراقيين عادوا للسيطرة على زمام الأمور هناك.
وقد تمثل المطلب الرئيسي للولايات المتحدة في أن تسلم الفلوجة المسؤولين عن قتل أربعة من الأمريكيين غير أننا لا ندري الآن ما إذا كانت الولايات المتحدة تصر على هذا المطلب أم لا.
خسائر كبيرة للقوات الامريكية في الفلوجة
ويبدو حتى هذه اللحظة أن الأمريكيين يقنعون أنفسهم بأن القتال قد انتهى لأنه كان قتالا مكلفا لقواتهم على الرغم من أن سكان المدينة كانوا أكثر تضررا لمواجهتهم أكبر قوة عسكرية في العالم.
أما الأمر الذي يدعو إلى السخرية فهو لجوء الأمريكيين إلى جنود جيش صدام السابق للحفاظ على الأمن في الفلوجة بعد عام من احتفال القوات الأمريكية بالانتصار عليهم.
وقد أصبحت الفلوجة رمزا لمقاومة الاحتلال الأمريكي ومركزا للغضب والفخر.
ووسط حالة الحزن التي تسود المدينة تبقى روح التحدي موجودة بين سكانها.
المصدر -bbc
تمت طباعة الخبر في: الثلاثاء, 14-مايو-2024 الساعة: 11:40 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/15086.htm