المؤتمر نت - غالباً ما تتوفر الآثار اليمنية في مناطق نائية وبعيدة عن مراكز السلطة المحلية ومعسكرات الجيش والأمن حيث يقوم لصوص الآثار هؤلاء بحفر انفاق عميقة فى عدد من المواقع الاثرية  وخاصة في محافظتي (مأرب والجوف) مستخدمين مجسات ومناشير لتقطيع بعض القطع الثقيلة تسهيلا لحملها واخفائها وباستعمال وسائل  ...
المؤتمر نت/ جميل الجعدبي -
مافيا الآثار تستنزف تراث مملكتى سبأ وحمير
بلغ عدد قضايا تهريب الآثار -المنظورة أمام القضاء اليمني- 18 قضية منذ العام الماضي، باستثناء قضيتين رُحِّلتا من العام 2003م.
وقال مصدر قضائي لـ"المؤتمرنت": إن قضايا الآثار قسمت إلى 13 قضية اتجار، و3 قضايا تهريب؛ فيما جمعت قضيتان بين التهريب والاتجار معاً.
وقدر المصدر عدد المتهمين -بقضايا الاتجار وتهريب الآثار اليمنية- بنحو 26 متهماً منهم (19) متهماً يمنياً. فيما توزعت جنسيات بقية المتهمين على الدول العربية، بمنطقة بلاد الشام، والسعودية، العراق، الأردن، فلسطين، سوريا.
وبَتَّ القضاء اليمني في (7) قضايا آثار من إجمالي 18 قضية كان أشد الأحكام القضائية الصادرة بشأنها السجن سنة كاملة، لمهرب الآثار الذي ثبتت إدانته، فيما جاء أخف تلك الأحكام قاضياً بالاكتفاء بقبول توبة المهرب، ومصادرة القطع التي ضُبِطت بحوزته.

أحكام مخففة في 7 قضايا فقط:
الحكم بالسجن سنة كاملة كان آخر الأحكام القضائية الصادرة في قضايا الآثار، وصدر الأربعاء الماضي 15 يونيو الجاري بمحكمة شرق أمانة العاصمة ضد مُهرِب آثار يمني يدعى/ عبده الحيمي في قضية اتجار بمومياء ومجموعة قطع أثرية.
فيما كان أخف الأحكام القضائية من نصيب المدعو/ محمد صالح مقلد في القضية رقم 5 لسنة 2004م تهريب آثار للخارج؛ حيث استعيدت 5 قطع أثرية من سلطنة عمان، منها قطعتان لموائد قرابين كبيرة من حجر الرخام، وثلاث قطع أخرى عبارة عن شاهد حجري منحوت، وقطعة لإفريز من الرخام نُحِت عليها 5 رؤوس وعول متجانبة، ولوحة حجرية عليها مشهد رجل يمارس الزراعة.
وقضى الحكم الصادر في هذه القضية والمرقم بـ(307) لسنة 1425هـ، بتأريخ 9/10/2004م بقبول توبة المُهرِب ومصادرة القطع.
وانحصرت بقية الأحكام القضائية الصادرة بحق مهربي الآثار ما بين الحكم بغرامة مالية تعادل ثمن القطعة الأثرية غالباً ما تقدر بـ20-30 ألف ريال، والسجن من شهرين لـ6 أشهر، أو الاكتفاء بمدة الحبس السابقة، لصدور الحكم، مع مصادرة القطع الأثرية في جميع الأحكام.
وينص قانون الآثار اليمني في مادته الـ(37) من القانون رقم (31) لسنة 1993م، وتعديلاته بالقانون رقم (8) لسنة 1990 بحبس كل من هرب، أو حاول تهريب أثر إلى خارج البلاد، أو حاز أثراً غير مُسجل مدة لا تقل عن خمسة أعوام.
وفطنت الحكومة اليمنية لخطورة تهريب الممتلكات الأثرية، فأنشأت لها -مؤخراً- إدارة للجريمة المنظمة، وربطتها بالإدارة العامة لمكافحة الإرهاب والتي يشرف عليها وزير الداخلية.
ضبط أكثر من 1400 قطعة استلمت هيئة الآثار نحو 700 قطعة منها..
وحسب إحصائية رسمية -حصل "المؤتمرنت" على صورة منها- فإن عدد القطع الأثرية المضبوطة في تلك القضايا، سواءً التي حُكِم فيها، أم التي لا زالت منظورة أمام القضاء، تجاوزت الـ1050 قطعة أثرية، منها (304) قطع مقلدة (غير أصلية)، ومن أبرز تلك القطع 12 تمثالاً و6 سيوف، ومومياء، زائداً رمحاً أثرياً.
وأما فيما يتعلق بالمخطوطات والمصاحف القديمة، تشير الإحصائية إلى أن ما ضبط في تلك القضايا من مخطوطات يصل الى نحو (75) مخطوطة، منها 13 مخطوطة مزورة.
يشار هنا إلى أن مصحفا واحداً في إحدى قضايا المخطوطات حاول أحد المتهمين بيعه لرجل أعمال عربي بملايين الدولارات؛ حيث يعتقد أنه مكتوب بخط الصحابي الجليل زيد بن ثابت، إلاَّ أن مختصين في الآثار يحتملون أن يكون المصحف مزوراً.
* 12 تمثالاً و6 سيوف وموميا:
856 جراماً من الذهب زائداً سلس ذهبي مكون من 75 سلسلة، إضافة إلى 3 عملات ذهبية هي إجمالي القطع الذهبية المضبوطة في قضايا الآثار السابقة، فيما بلغ عدد قطع العملات النقدية القديمة المضبوطة نحو 253 قطعة، منها 118 قطعة مزورة.
ومن المهم الإشارة هنا إلى أن ما استلمته هيئة الآثار اليمنية في صنعاء من إجمالي تلك القطع الأثرية والمخطوطات والقطع الذهبية، والعملات لا يتجاوز الـ700 قطعة، فيما البقية لا زالت لدى الجهات الأمنية التي ضبطتها.
مهتمون بالتراث اليمني يقولون إن تراث اليمن وتاريخه العريق مستهدف من قِبل عصابات منظمة داخلية، وخارجية، منذ فترة طويلة، بعد ان وجدت هذه العصابات في أرض اليمن، مبتغاها لنهب كنوزه، حتى أصبح المجد التاريخي لعصر سبأ وحمير، بضاعة تستثمرها مافيا الآثار في أسواق الشرق والغرب.

* مافيا الآثار يجوبون الشوارع لبيع بضاعتهم
غالباً ما تتوفر الآثار اليمنية في مناطق نائية وبعيدة عن مراكز السلطة المحلية ومعسكرات الجيش والأمن حيث يقوم لصوص الآثار هؤلاء بحفر انفاق عميقة فى عدد من المواقع الاثرية وخاصة في محافظتي (مأرب والجوف) مستخدمين مجسات ومناشير لتقطيع بعض القطع الثقيلة تسهيلا لحملها واخفائها وباستعمال وسائل اضاءة ليلية خاصة لاتكشف عن وجودهم ليلا فى هذه الاماكن ومستفيدين كذلك من عدم توفر حماية كافية لهذه المواقع النائية.
* محاولات لطمس معالم الحضارة اليمنية وضمانات تجارية للإفراج عن المتهمين
أشهر وأكثر قضايا تهريب الآثار غموضاً ضبطت منذ مطلع العام الجاري، هما القضية رقم (1) لسنة 2005م جرائم جسيمة، المقيدة برقم (206) لعام 2005م في نيابة استئناف شمال الأمانة، والمتهم فيها/ سمير حماد شريف جاد الله (أردني الجنسية) والمدعوين: أمين سعد البعداني، ومحمد أحمد شمله (يمنيا الجنسية)، والمتهم الأردني حبس احتياطياً لفترة قصيرة، ثم تم الإفراج عنه بالضمان؛ حيث يحاكم حالياً مفرجاً عنه.
وكانت الأجهزة الأمنية ضبطت بمنزله نحو 856 جراماً من الذهب عبارة عن أساور وأخراص وسلوس، وخواتم، ومجموعة من العقيق والأحجار الكريمة، ونحو 15 قطعة حجرية أثرية، بل أن نيابة الآثار أضافت دعوى جديدة ضد المتهم سمير غير اتجاره وتهريبه للآثار، تتمثل في محاولته طمس معالم الحضارة اليمنية، باستخدام الذهب اليمني، وتطويعه لصناعة رموز وأشكال زخرفية، لا تمت للحضارة اليمنية بصلة.
القضية الثانية يتهم فيها المدعو/ إياد شاكر "عراقي الجنسية" بالاتجار بنحو 872 قطعة أثرية يمنية، منها 99 قطعة موروث ثقافي، و118 قطعة عملات مزورة، و99 مخطوطة. وقيدت برقم 7 لسنة 2005 جرائم غير جسيمة، كما يحاكم المتهم فيها أيضاً مفرجاً عنه من أول جلسة.
ويذكر شهود عيان في صنعاء أنهم كثيراً ما شاهدوا كثيراً بعضاً من أبناء (الجوف ومأرب) وهم يجوبون شوارع العاصمة، ويعرضون ما وجدوه من قطع أثرية لتجار الآثار.
ويؤكد مراقبون أن العقوبات التي صدرت وتصدر في حق المتهمين بقضايا آثار، يمكن القول أنها عقوبات مخففة لا يمكن الاعتماد عليها للحد من عمليات التهريب المستمرة للآثار.
وسواء أكانت العقوبات المخففة الصادرة بحق مهربي الآثار بمثابة رأفة بمستنزفي تاريخ اليمن، أم جهل بخطورة جرائم الآثار التي تصل عقوباتها في بعض الدول إلى الإعدام، تبقى المأساة الحقيقية في أن هذه العقوبات قد تشجع المهربين على معاودة تهريب الآثار مرات عدة دون خوف أو رادع!!.. ما لم تحدث معجزة ما لانقاذ كنوز اليمن..!!


تمت طباعة الخبر في: السبت, 20-أبريل-2024 الساعة: 08:30 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/22512.htm