بقلم / سلامة احمد سلامة -
الحرمان الشعبي‏!!‏
هل يوجد فرق بين قرار قيادة المحاكم الشرعية في الصومال بمنع اذاعة مباريات المونديال‏,‏ واللاقرار المصري الذي أدي الي نفس النتيجة؟

فلأول مرة يفرض علي قطاعات عريضة من الشعب المصري تمثل أغلبيته الساحقة‏,‏ نوع من الحرمان المتعمد الذي تمارسه قوة احتكارية غاشمة لرأس المال‏,‏ تمنع اذاعة مباريات كأس العالم لكرة القدم‏,‏ وتفرض أمرا واقعا علي بعض حكومات عربية‏,‏ بل وتجبرها علي التعاون معها في إذلال شعبها‏.‏ ويثبت النظام الاعلامي هنا عجزه عن فهم وظيفته حتي وإن اقتصرت علي خدمة النظام‏.‏

وقد بلغ من جبروت هذه الرأسمالية المتوحشة‏,‏ التي استطاع صاحبها أن يشتري حقوق بث مباريات المونديال في الشرق الأوسط حصريا في ظروف تفتقر الي الشفافية‏,‏ أنه سارع الي مقاضاة كل من حاول اذاعة المباريات عن طريق غير الاشتراك في قناته‏,‏ وارتكب بذلك اثما لايقل وطأة عن اثم المتاجرين بأقوات الشعوب‏.‏

ونحن نقول إن احتكار اذاعة مباريات المونديال أشبه باحتكار أقوات الناس والتلاعب بأسعارها‏,‏ بعد أن غدت الكرة غذاء شعبيا علي اتساع العالم‏,‏ لاينبغي أن يحرم منها غني أو فقير‏.‏ والدليل علي ذلك أن الدول الفقيرة فقط هي التي تعرضت لهذا النوع من الحرمان أو الهوان القسري غير المبرر‏.‏

فاذا كان أباطرة الفيفا قد فرضوا هذا النظام الاحتكاري‏,‏ الذي أخضع لعبة شعبية للعرض والطلب مثل أي سلعة تجارية‏,‏ فقد كان من واجب الدولة التي تتحمل مسئولية الملكية المطلقة لوسائل الاعلام أن تجد حلا لتوفير هذا الغذاء الرياضي للشعب بأي ثمن‏,‏ كما تفعل مع دعم الخبز والبنزين‏.‏

وهناك تساؤلات حول أسباب بيع حقوق البث التليفزيوني في صفقة سرية الي شركة عربية بعينها‏,‏ ولماذا أختفت وعود بلاتر رئيس الفيفا باذاعة مباريات الافتتاح والختام مجانا‏,‏ أو الوعد الذي قطعه لافريقيا بالحصول مجانا علي اذاعة مباريات المونديال؟‏!‏

إن تقاعس أجهزة الدولة عن ايجاد حل لهذه المشكلة لايعفيها من المسئولية‏.‏ فلم أسمع عن أن أي دولة أخري مثلنا وفي مستوانا واجهت هذه المشكلة وحرم شعبها من حق متابعة مباريات المونديال هذا العام بالشروط التعجيزية التي يفرضها محتكر بث هذه المباريات‏,‏ ورغم أنني شخصيا لست من هواة كرة القدم‏,‏ وقد تتاح لي فرصة متابعتها علي قنوات اجنبية‏,‏ إلا أن مايشعر به المواطن العادي الذي هوسناه بالفوز بكأس افريقيا‏,‏ من احساس بالانكسار والتعاسة والعزلة بسبب عجزه عن متابعة مباريات كأس العالم‏,‏ يثير شكوكا حول مدي احساس أصحاب الثروة والنفوذ في هذا البلد بمشاعر الشخص العادي وهمومه‏!‏ بل يثير شكوكا حول درجة الذكاء السياسي للقائمين علي الاعلام‏.‏
*عن صحيفةالاهرام
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 16-مايو-2024 الساعة: 04:55 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/31833.htm