المؤتمر نت - لا يمكن أن يكون التنافس الانتخابي مبررا للأكاذيب أو التضليل كما لا يمكن أن يكون مبررا لإثارة النعرات المختلفة... وفي تصوري
نصرطه مصطفى -
هل حكم الرئيس 28 عاما بالفعل؟!
نحن في موسم انتخابي وتبادل النقد أمر طبيعي خلاله، لكن ما لم أستطع تفهمه أن يتجاوز النقد للأشخاص والأحزاب والمواقف المصداقية والموضوعية ومنطق الأشياء... لا أعرف لماذا يلجأ البعض لتضخيم الأمور وتصويرها بسوداوية فظيعة ويتحدث وكأن البلد على وشك الانهيار مع أن كل المؤشرات تقول عكس ذلك تماما؟! وبالمقابل لست مع الذين يصورون الأوضاع وكأنها الشهد والعسل وكأننا في أحسن حال وأنعم بال... ليست الأمور هكذا ولا كذلك فلماذا لا نتحدث عن الأمور كما هي سواء كنا في السلطة أم في المعارضة؟! لماذا لا نقول للجيد أنه جيد ونقول للسيء أنه سيء ولماذا لا نقول للصح أنه صح ونقول للخطأ أنه خطأ؟!

لا يمكن أن يكون التنافس الانتخابي مبررا للأكاذيب أو التضليل كما لا يمكن أن يكون مبررا لإثارة النعرات المختلفة... وفي تصوري أن المفروض هو العكس بمعنى أن تكون مواسم التنافس الانتخابي فرصة جيدة لممارسة راقية مسئولة للنقد السياسي يضع المتابعين في صورة أقرب للحقيقة تمكن صناع القرار في السلطة والمعارضة على السواء من استجلاء الحقائق كما هي... فتصبح صحف المعارضة مصدرا لتنوير صناع القرار في الحكم بالأخطاء والسلبيات الموجودة بالفعل وليس المصطنعة أو المبالغ فيها، وفي الوقت ذاته تصبح صحف الحكم مصدرا لتنوير صناع القرار في المعارضة بأمور إيجابية كثيرة تحصل في البلد هم أحوج ما يمكن لمعرفتها من أجل ترشيد مواقفهم وإبعادها عن المغالاة.

أريد أن أقف من خلال هذا المقال ومقالات قادمة بإذن الله أمام مجموعة من القضايا في محاولة لاستقرائها واستجلائها بأكبر قدر ممكن من الموضوعية والواقعية فليس هناك أجمل من وضع الأمور في مواضعها الطبيعية... إذ أجد أن هناك استهدافا واضحا للرئيس علي عبدالله صالح وتحميله مسئولية أي إخفاق يحصل في البلد بدون وعي أحيانا وبتجن مقصود أحيانا كثيرة... ومن الأمور التي لفتت نظري في الآونة الأخيرة الحديث المستمر عن أن الرئيس حكم ثمانية وعشرين عاما ولم يفعل شيئا فماذا سيفعل خلال السنوات السبع القادمة؟! ورغم التجني الشديد في هذه المقولة التي ترددت كثيرا في الآونة الأخيرة وما أشعره من عدم جديتها أحيانا إلا أنني أجد أن من الواجب مناقشتها بهدوء... فالرئيس علي عبدالله صالح يحكم بالفعل منذ ثمانية وعشرين عاما لكن هل يمكن أن نقيم هذه السنوات هكذا وكأنها مضت في مسار واحد سواء كان تصاعديا أم تنازليا؟

الحقيقة أن التعاطي مع سنوات حكم الرئيس بهذه الطريقة يفتقر للكثير من الموضوعية لأن هناك محطات هامة وفاصلة في مسارها تحتم علينا التعاطي معها كثلاث مسارات وليس مسارا واحدا... فالمسار الأول أو المرحلة الأولى الواقعة بين عامي 1978م – 1990م التي حكم خلالها المحافظات الشمالية فقط تشهد له بالجدارة والكفاءة إذ تمكن خلالها من نقل البلاد من الاضطراب إلى الاستقرار، ومن الركود إلى التنمية، ومن تبعية القرار الوطني إلى استقلال هذا القرار، ومن تجميد الدستور والبرلمان إلى إعادة الحياة إليهما، وغير ذلك من الإنجازات الطيبة التي لاينكرها إلا من لا يرضى عن شيء حتى وصل بالبلاد إلى الإنجاز التاريخي باستعادة وحدة شطريها رغم الثمن الكبير الذي تم دفعه من أجله وينساه أو يتناساه الكثيرون، وكان هذا الثمن سببا للمعاناة المعيشية والتدهور الاقتصادي الذي استمر حتى هذه اللحظة، وقد نقف أمامه إما لاحقا أو في الأسابيع القادمة!
المسار الثاني أو المرحلة الثانية تقع بين عامي 1990م – 1997م وهي المرحلة التي يجب فصلها نهائيا عما قبلها باعتبار الفوارق الجوهرية بينهما من حيث طبيعة النظام السياسي وتركيبة الحكم والظروف الإقليمية والدولية التي صاحبتها وانعكست مباشرة على الأوضاع الداخلية... فالنظام السياسي اختلف تماما إذ أصبح تعدديا ديمقراطيا قائما على التوازن المسلح أو توازن الرعب بين شريكي الوحدة، واختلفت تركيبة الحكم فلم يعد علي عبدالله صالح هو صاحب القرار لوحده بل أصبح معه شركاء فيه وهم شركاء حقيقيون على كل حال وليسوا صوريين... ناهيك عن أن سنوات الانتقالية والأزمة والحرب تحديدا دمرت كل ما كان قد تحقق للمحافظات الشمالية خلال السنوات التي حكمها الرئيس صالح منفردا من مكاسب على كل المستويات، والضرر نفسه لحق بالمحافظات الجنوبية والشرقية رغم تواضع ما تحقق فيها خلال سنوات ما بعد الاستقلال... ووجدت البلاد نفسها من أقصاها إلى أقصاها صبيحة انتهاء الحرب وكأنها عادت للوراء خمسين عاما... ورغم الشروع في تطبيق برنامج الإصلاحات في عهد الائتلاف الثنائي بين المؤتمر والإصلاح إلا أن الخلافات والاحتكاكات المستمرة بينهما ظلت تعكس نفسها على الجو العام إلى أن انفرد المؤتمر الشعبي العام بالحكم في عام 1997م وعاد القرار مجددا للرئيس علي عبدالله صالح ومعها بدأ المسار الثالث أو المرحلة الثالثة والتي لم يمض عليها سوى تسع سنوات تحقق خلالها من الإنجازات التنموية ما لم يتحقق منذ قيام الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر.

إن قراءة موضوعية للسنوات الثمان والعشرين الماضية تجعلنا ندرك أن من الإجحاف تحميل الرئيس ما حصل خلالها من إخفاقات، فسنوات ما قبل الوحدة اختلفت تماما من حيث الشكل والمضمون عما بعدها... هذا أمر والأمر الثاني فإن السنوات الأربع التي أعقبت الوحدة حتى انتهاء الحرب نسفت كل ما كان قبلها ونعرف جيدا أنه لولا تحالف المؤتمر والإصلاح خلالها بقيادة الرئيس علي عبدالله صالح لانهار كل شيء وتشرذمت البلاد إلى ما لانهاية، لكن العامين والنصف اللذين عاش خلالهما ائتلاف الحزبين خيب الآمال في تجارب الائتلاف فضاعت بذلك سبع سنوات من عمر البلاد في مناكفات سياسية فكيف نحسب كل ذلك من رصيد الرئيس علي عبدالله صالح الذي أثبتت السنوات ال12 الأولى والسنوات التسع الأخيرة أنه كلما امتلك ناصية القرار تحسنت أوضاع البلاد واستقرت وازدهرت علاقاتها وخرجت من أزماتها وتطورت أوضاعها التنموية؟

اسبوعية الناس
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 08-مايو-2024 الساعة: 09:42 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/33543.htm