المؤتمر نت -
هيرالد تريبيون - ترجمة -
الشيطان يكمن في التفاصيل بالنسبة للفلسطينيين
لقي اتفاق مكة الذي تم التوصل اليه بين فتح وحماس حول كيفية تشكيل حكومة وحدة وطنية، ترحيباً وارتياحاً من قبل الكثيرين من الفلسطينيين باعتباره افضل المأمول به لانهاء الاقتتال الداخلي الذي ذهب ضحيته 100 قتيل فلسطيني منذ شهر ديسمبر الماضي.

لكن تفاصيل تشكيل الحكومة لم تستكمل بعد وبرنامجها غامض وبينما اتسم موقف الولايات المتحدة واسرائيل ومعظم الدول الأوروبية بالحذر الا انه كان واضحا ان هذه الحكومة الجديدة اذا ما تشكلت لن تلبي الشروط الثلاثة لتطبيع العلاقة معها.

بهذا الفهم كان اللقاء الحمساوي - الفتحاوي ناجحاً وخصوصاً لحماس الذي أعلن الناطق باسمها باعتزار عدم استعداد حماس لتلبية جميع الشروط الثلاثة: الاعتراف بحق اسرائيل بالوجود ونبذ العنف وقبول الاتفاقيات الوقعة بين اسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية.

وسيشكل الاتفاق معضلة محيرة للولايات المتحدة التي ستضطر للعمل بجلد للحفاظ على وحدة اللجنة الرباعية الدولية - الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي والأمم المتحدة وروسيا - حول ضرورة اعتراف الحكومة الفلسطينية الجديدة بجميع الشروط لكي تكون مؤهلة للدعم المباشر لموازنتها.


كما ستتردد الولايات المتحدة في رفض ما انجزه السعوديون في ظل مصلحة واشنطن بايجاد تحالف أوسع من المعتدلين العرب يضم مصر والاردن وبلدان مجلس التعاون الخليجي لمواجهة طموحات ايران النووية ونفوذها الاقليمي.

وسعت حماس لاجراء مفاوضات مع الاوروبيين ولذلك فان الحكومات الغربية لا تستطيع تجاهل هذا الاتفاق وفرض شروطها الخاصة، هذا ما قاله غازي حمد الناطق بلسان حكومة حماس واضاف يقول: يبقى على الاتحاد الاوروبي فتح حوار مع هذه الحكومة الجديدة وهذه هي الطريقة الوحيدة لتحقيق الاستقرار في المنطقة.

واذا ما تأكدت التقارير حول تعهد السعودية منح الحكومة الجديدة مليار دولار كمساعدة فعندئذ سوف يزول معظم ضغط الغرب على حماس. فبموازنة شهرية قدرها 185 مليون دولار من بينها 120 مليون دولار رواتب ستتمكن الحكومة الجديدة بقيادة حماس التي تحصل كذلك على عائدات ضريبية ومساعدات مالية خارجية من ايران وغيرها من الصمود لمدة عام.

اما الرئيس محمود عباس الذي يتعرض لضغوط من واشنطن فقد اراد من الحكومة الجديدة قبول الاتفاقيات السابقة التي على اساسها وحدت السلطة الفلسطينية في حد ذاتها. ولكن حماس التي سوف تهيمن على الحكمة الجديدة، وافقت فقط «احترام» الاتفاقيات وليس قبولها.

والحكومة الجديدة لا تتعهد بوقف الهجمات على اسرائيل والاسرائيليين باسم «مقاومة الاحتلال» رغم ان احدى الوثائق في الاتفاق تحث الفلسطينيين على «تركيز» الهجمات على المناطق التي تحتلها اسرائيل خارج حدود عام 1967.

وبالنسبة للاعتراف باسرائيل. كان الناطق بلسان حماس نزار ريّان صريحاً عندما قال «لن نعترف بإسرائيل فليس هناك شيء اسمه إسرائيل لا في الحقيقة ولا في الخيال».

اما اسماعيل رضوان، ناطق آخر باسم حماس فقال «ان موقف حماس معروف جيداً وهو عدم الاعتراف بالكيان الصهيوني واضاف يقول: ليس مطوباً من الحكومة ان تعترف بالاحتلال».

ان أهم هدف لاجتماع مكة كان وقف سفك الدماء التي كانت مهينة للفلسطينيين والعرب والحكومات الاخرى التي تؤيدهم.

اما مساعد عباس المدعو سفيان ابو زايدة وزير فتحاوي سابق لشؤون الاسرى فقال: ان الهدف الرئيسي لهذه الحكومة هو انقاذ الدم الفلسطيني واذا ما نجحت في ذلك فان الاجتماع يعتبر ناجحاً ولكن على المدى البعيد اذا لم تتمكن من وضع نهاية للحصار الاقتصادي والسياسي فليس هناك اية ضمانة لان تبقى الحكومة طويلاً.

لكن عباس بدا ضعيفاً ايضاً وقد وضعه السعوديون على قدم المساواة مع خالد مشعل زعيم حركة حماس الذي يعيش في المنفى وبدا كذلك غير قادر على ابرام اتفاق حول المطالب الدولية كما ان تشكيل حكومة جديدة سوف يعني ان تهديد عباس بالدعوة إلى انتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة سيكون أجوفاً.

كما اصر عباس على ان فتح لن تتولى مناصب في اية حكومة جديدة، ولكن في الحقيقة ستتولى ستة مناصب معظمها صغيرة نسبياً باستثناء منصب نائب رئيس الوزراء والذي من المحتمل ان يشغله محمد دحلان وسوف تواصل حماس ايضاً سيطرتها على وزارة الداخلية عبر ما يسمى بشخصية مستقلة ترشحها حماس.

سيري ايسين الناطقة بلسان رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت قالت ان الحكومة الاسرائيلية تصر على تلبية الحكومة الفلسطينية الجديدة لجميع الشروط الدولية الثلاثة ولكن الرد الرسمي لن يظهر إلا بعد ان تتشاور اسرائيل مع حلفائها وعقب اجتماع الحكومة يوم الاحد كالعادة.

ترحيب الفرنسيين باتفاق مكة اثار استياء واشنطن ولكن ناطقة باسم الاتحاد الأوروبي ايما أودوين كانت حذرة بقولها ان «جميع الاطراف اتفقت على أخذ وقت لدراسة الأمر لمعرفة ما هي طبيعة الاتفاق وكيف سيتم تطبيقه» قبل ان تقرر ما اذا كانت سترفع حظر تقديم مساعدات مباشرة.مسؤول اسرائيلي آخر، طلب عدم الكشف عن هويته قال: لقد ظلت العديد من القضايا الصعبة دون حل بما في ذلك مطالبات حماس لاصلاح منظمة التحرير الفلسطينية ومن هم الأشخاص الذين سيشغلون بعض المناصب الوزارية المعينة. واضاف المسؤول الاسرائيلي بقوله: اذا وجدت واشنطن ان عباس تنازل من اجل التوصل إلى الاشنفاق اي - اذا اصبح عباس اقرب إلى موقف حماس بدلا من ان تصبح حماس اقرب إلى موقفه- فسيكون لذلك الوضع تداعياته وعواقبه على اجتماعه المخطط له يوم 19 فبراير مع اولمرت بقيادة وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس.

لكن لا احد يتوقع مفاوضات سلام جدية في ظل حالة الضعف السياسي التي يعاني منها كل من عباس واولمرت، وكانت الولايات المتحدة قد حذرت عباس من مخاطر تشكيل حكومة وحدة وطنية بقيادة حماس واذا ما قدم السعوديون فعلا اموالا ضخمة لحماس، قال المسؤول الاسرائيلي فسوف يعني ذلك ان قطع العرب ا المعتدلين لمساعداتهم لها قد انتهى.

رئيس لجنة الدفاع في الكنيست الاسرائيلي تزاتشي هانيفبي قال: لقد فشل عباس بالكامل واهدى حماس انتصارا كبيرا ونتيجة لذلك اضاف هانيفبي: في مقابلة مع الاذاعة الاسرائيلية، تراجعت فرص التقدم بمبادرة فعالة وتحقيق اتفاقية بين اسرائيل والفلسطينيين.

اما المملكة العربية السعودية، فقد خرجت فائزة باستضافتها للاجتماع وتوليها المسؤولية تجاه القضية الفلسطينية وتقليص نفوذ ايران الشيعية على حماس.

وخرجت حماس فائزة لتمسكها برفضها الانحناء للمطالب الغربية والاعتراف باسرائيل ونبذ المقاومة او قبول الاتفاقيات السابقة مثل اتفاقية اوسلو لعام 1993 ومن خلال ضمها لفتح في حكومة وحدة وطنية ارادت حماس قطع الطريق على اية تهديدات باجراء انتخابات مبكرة.

سوف يشعر الفلسطينيون العاديون بانهم فائزون اذا ما توقف الاقتتال واصبحت مرتباتهم تدفع لهم بانتظام.
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 29-مارس-2024 الساعة: 12:20 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/40619.htm