المؤتمر نت -
علي حويلي - الحياة -
«أنا استعمل الانترنت، إذاً أنا موجود»
في زمن سابق، كان يمكن استعمال عبارة من نوع: «انا اقرأ واكتب، اذن انا موجود» (وهي استعارة من الكوجيتو المعرفي الشهير عند الفيلسوف رينيه ديكارت) كمقياس للثقافة والمعرفة، وكدلالة على الرقي والتمدن والحضارة. ويبدو ان ما تشير اليه العبارة من قراءة وكتابة، لم يعد كافياً في هذا العصر. وبات لزاماً أن تكمّل بعبارة اخرى من نوع: «أنا استعمل الانترنت، اذن انا موجود أيضاً». بمعنى آخر، كلما أمكن التخلص من أمّية الحرف ونظيرتها في الكومبيوتر والانترنت، اكتمل عقد المعرفة واقتصادها، فيصير الدخول إلى رحاب العولمة بكل مقاييسها أمراً ميسوراً. ويزيد في حدّة هذه المُعادلة أن الانقسام بين «من يعرفون» وبين «من لا يعرفون» ( بالمعنى المعرفي الواسع) بات المؤشرالحقيقي الى مدى تقدم الافراد والشعوب وتخلفها.


التنمية في مهب أُمّية الانترنت وانتشارها

ما خصّ العالم العربي، الارجح أنه في مكانة لا يحسد عليها ازاء انتشار هاتين الأميتين في صفوف ابنائه. ويعاني الأمية الألفبائية نحو 80 مليون عربي، كما أنها تعود إلى عهود طويلة سابقة، قياساً الى حداثة امية الكومبيوتر والانترنت التي باتت مشكلة منظورة منذ نحو عقد أو يزيد. ومع ذلك، فإن تدني نسب انتشار الانترنت، مع ما يحمله هذا التدني من تداعيات اجتماعية واقتصادية وعلمية ليست أقل ضرراً على مجمل عمليات التنمية والنهوض الوطنيين.

وعلى رغم حداثة العالم العربي ومواكبته التطورات التكنولوجية وثورة الانترنت ومنظومة المعلومات والاتصالات، الا أن أقطاره ليست على مسافة واحدة منها، إذ يتفاوت حجم تلك المشكلة بين بلد عربي وآخر، تبعاً لمجمل الظروف الموضوعية والذاتية التي تتحكم في كل منها.

والملاحظ، عموماً، أن استعمال الكومبيوتر والانترنت أصبح جزءاً من تفاصيل الحياة اليومية والاقتصادية والتجارية والتربوية والثقافية في العالم العربي. كما يُنظر الى المواطن العربي الذي لا يحسن استخدامهما، باعتباره في عداد الأميين الذين لا يتيسر لهم الانخراط في المنظومة الرقمية المعاصرة.

على هذا الصعيد، أشارت احصاءات منظمة «الأونيسكو» عام 2005 إلى ان مستخدمي الانترنت يشكلون نحو سُدْس سكان العالم، أي أكثر قليلاً من مليار نسمة. وتضم الدول الاوروربية والاميركية نحو 45 في المئة منهم، فيما يقطن الدول النامية بين 20 و30 في المئة منهم. ولا تتجاوز نسبة مستخدمي الشبكة الالكترونية الدولية في العالم العربي الـ 2 في المئة، علماً أن هذه النسبة تختلف بين قطر وآخر. وتأتي دول الخليج العربي في المقدمة حيث تصل نسبة مستخدمي الانترنت الى قرابة 13 في المئة من إجمال السكان. وتبلغ النسبة عينها 8 في المئة في لبنان و5 في المئة في مصر، و3 في المئة في الأردن وبلدان المغرب العربي؛ فيما تتراوح بين 0.5 و2 في المئة في الدول العربية الباقية. وتجدر الاشارة إلى ان اسرائيل سجّلت نسبة 25 في المئة في هذا المجال.

وما يزيد الامور تخلفاً في العالم العربي أن امية الانترنت تتآزر فيه مع الأُمّية الألفبائية، كما تصيب الأمية الالكترونية كثيراً من أفراد الطبقات المتعلمة ممن استعصى عليهم فهم الثورة الرقمية وفك رموزها الالكترونية. ويؤدي الأمر الأخير الى خلق جيل من «الأميين الجُدد». وصار معظم هؤلاء في عزلة عن عالم الانترنت والاجواء المحيطة به. وباتوا عبئاً على التطور التكنولوجي والتقدم الاقتصادي، وعائقاً أمام عمليتي النهوض والتنمية. وتعود بواعث أُمّية الانترنت أساساً إلى تردي الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والتربوية والسياسية وغياب استراتيجية عربية لتأسيس بنى تحتية تكنولوجية معاصرة وعدم توافر ثقافة الكترونية شاملة وانظمة تعليمية توائم بين العلم والحياة من أجل بناء نظام معرفي جديد يوفق بين «من يعرفون» و«من لا يعرفون»، وإلى عدم توافر ما يلزم من موازنات لإنشاء شبكة الكترونية عربية على غرار الشبكات العالمية.


نصائح «شبكية» لمحو الأمية الالكترونية

يُفاجأ متصفح الانترنت بوفرة النصائح التي تُقدّمها مجموعة كبيرة من المواقع الالكترونية، العربية والدولية، لحل مشكلة الأًُمية الالكترونية في العالم العربي. ونستطيع أن نقتطف منها النصائح التالية:

> إقامة دورات تدريبية على مدار السنة للمثقفين والموظفين وغيرهم، بغية تعريفهم الى ألفباء الكومبيوتر والانترنت.

> استحداث فصول لتعليم اللغة الانكليزية كونها إحدى اللغات المهمة على الشبكة الالكترونية الدولية، مع العلم أن 70 في المئة من محتويات الانترنت هي بتلك اللغة.

> توفير الاطار التنظيمي والقانوني الذي يضمن حق المواطن في الحصول على خدمة الانترنت وباسعار متهاودة. وتطالب بعض المنظمات الأهلية راهناً بضم هذا الحق إلى الشرعة العالمية لحقوق الانسان.

> صنع برامج خاصة لتوعية المواطنين، خصوصاً المراهقين والشباب من الجنسين، ازاء ما تشنه بعض الأوساط المحافظة من حملات للحد من استخدام الانترنت وانتشارهما لأغراض تتنافى مع الأخلاق والتقاليد الاجتماعية والدينية.

> تحسين مستوى دخل الفرد، والحد من تفاقم البطالة، وتوفير أجهزة كومبيوتر بأسعار تشجيعية، وتزويد المكتبات العامة والمدارس والجامعات بخطوط تصلها بشبكة الانترنت باسعار متهاودة، ما يساهم في كسر احتكار الوصول الى الانترنت.

> اصدار دوريات سنوية لمعرفة مدى التقدم في تحقيق النتائج المتوخاة. اذ تلجأ بعض الحكومات العربية إلى اخفاء الاحصاءات الحقيقية خشية امتناع بعض الهيئات الدولية عن تزويدها معونات ومساعدات وقروضاً وتقنيات.

> تخصيص يوم عربي لمكافحة أمية الانترنت تقرره جامعة الدول العربية على غرار يوم محو الأمية التقليدية المُقرر منذ عام 1970.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 25-أبريل-2024 الساعة: 04:17 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/42026.htm