علياء الأتاسي -
فيروز. قراءة غربية في«أعذب صوت عربي»
حلّ طيف فيروز وصوتها الشجي ضيفين على ندوة بعنوان «من روائع فيروز» في جامعة فيينا العريقة. وتحدثت في الندوة هيلغا بارتونك التي حدا بها إعجابها بالمطربة اللبنانية إلى إعداد رسالة الدكتوراه عنها للتعمق في دراستها، وسرد مراحل حياتها بدءاً بطفولتها ومروراً بصباها ووقوفاً عند انطلاقتها الفنية.

وقالت بارتونك: «حين أصغي لترنيمات فيروز أشعر وكأن هالة من القدسيّة والروحانية تعتمرني وتدفعني إلى أن أتوجه إلى ربي بالصلاة». ففيروز من وجهة نظر الأكاديمية النمسوية تمثل شخصية متدينة تعيش وسط مجتمع محافظ، يقطن بين الكنيسة والجامع. وأضافت أن أغانيها «أشبه بالتراتيل والأناشيد الدينية التي تناجي موطنها لبنان و «زهرة المدائن» (فلسطين) وحبيبها دائماً وأبداً، أكان هذا الحبيب أرضاً أم قضية أم «ذكراً».

وأوضحت بارتونك إلى أن «سفيرة النجوم» والأخوين عاصي ومنصور الرحباني شكلوا لمدة طويلة رموزاً ثقافية ووطنية وسياسية تمكنت من تجاوز الحدود الإقليمية للبنان». وفسّرت في سياق سرد هذه الحقبة من حياة فيروز منذ بداية التجربة الرحبانية، طبيعة العلاقة التي ربطت الزوج عاصي وأخاه منصور بفيروز، معتبرة أنها أضفت بعداً آخر على ألحانها وكلماتها وأسلوبها في الأداء.

وشرحت بارتونك بإسهاب «الأسلوب المتميّز» للمطربة اللبنانية، «فالصوت الجبلي العذب والأغنية السريعة الإيقاع والمتماشية مع الرقصة الشعبية «الدبكة» اختلفت عن الأنماط التقليدية التي سادت آنذاك، بخاصة إذا ما قورنت بأغاني أم كلثوم التي كانت تطول لساعات و «تشبع» جمهورها بمخاطبة حواس المستمع كل على حدة، أما «جارة القمر» (فيروز) فتعمدت أن يعود محبوها أدراجهم من حفلاتها «متعطشين» للمزيد».

ووفقاً لما قدّمته الباحثة، فإن فيروز «لم تعتمد تأويل أغنياتها بطريقتها الخاصة فحسب، بل منحت الكلمة الواحدة أوجهاً عدة عبرت عنها برومانسية وحماسة وطنيـة لاهبة».

وأحاط بأجواء الندوة من بدايتها الى نهايتها، دفء منبعث من صوت فيروز الذي حضر بقوة، وكان كفيلاً بكسر البرود «الغربي»، إذ استمع الحاضرون إلى مقتطفات من موشحاتها، وشاهدوا أجزاء من مسرحياتها. وبالاضافة الى ذلك قدمت فرقة «ميرزا» العربية المقيمة في فيينا شرحاً للآلات الموسيقية الشرقية وأعطت أمثلة حية على المقاطع الموسيقية.

ولم يكتف الجمهور الذي تعرّف بعضه للمرة الأولى الى فيروز، بالتعبير عن إعجابه والتفاعل مع أغنياتها والتصفيق والتمايل، بل أقبل في اختتام الندوة على شراء أشرطة وأقراص مضغوطة حملت روائعها، ولعله أراد بذلك الإشارة إلى أن الفنون الشرقية هي اللغة الأنسب والأساس التي يود الغرب في وقتنا الراهن أن نخاطبه بها!

*الحياة
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 29-أبريل-2024 الساعة: 01:11 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/42252.htm