المؤتمر نت -
افتتاحية الثورة -
عُقْدةُ الخواجة
يسارع البعض إلى الاحتفال بكل تقرير خارجي يقدم صورة سيئة عن الأوضاع في اليمن ولا يعنيهم في شيء إجراء قراءة فاحصة لمضمونه أو الوقوف على خلفيات مصادره وأهداف نشاطها.. بينما يكون التغاضي عن أي تقرير إيجابي.
ويسرع هذا البعض في نفس الوقت إلى الانقضاض على كل تقرير وبرنامج محلي قادم من المصدر الرسمي دون أدنى التفاته إلى ما فيه من إيجابيات والامتناع عن إفساح أي مجال للتقدير لما اتسم به من شفافية كانت جزءاً من مطالباتهم التي يضجون بترديدها.
ونرى كيف أن هؤلاء يطلقون سهامهم المسمومة على الحكومة في ما يتصل بمشكلة ارتفاع الأسعار ولا يلقون بالا لاسبابها العالمية وهم الذين يعلمون علم اليقين حقيقة اعتمادنا على الاستيراد وأن التحكم في المسألة وإمكانية إيجاد معالجاتها السريعة بعيدة عن تناول الإمكانية الذاتية.
وكان الأحرى، وعلى أقل التقديرات، ومن باب الموضوعية والصدق مع النفس والوطن، أن يتوجه من نعنيهم ولو بالنقد الخجول لقوى الاحتكار العالمي ودعوتهم لمراعاة احتياجات وأحوال المجتمعات الفقيرة لا استثمارها.
ولا يعدو السكوت تجاه ذلك والظهور بحالة التشيع الأعمى لكل ما هو خارجي أن يكون نوعا من الإصابة بأعراض عقدة الخواجه التي سبق وأن استوطنت نفسيات قسم من أبناء الأمة العربية والإسلامية في الماضي القريب ويعمل بعضنا اليوم على إحيائها واستمرارها.
وفارق مهم بين عقدة الأمس واليوم يضعنا أمام صورة لمفارقة مدهشة أو مثيرة للاستغراب بين محاولة التشبه المظهري سابقا وتعمد التبعية الموقفية حاليا.
ومن موقف الاستبشار وانتظار الفرج لا تجد حالات الحاضر حرجا من المباركة الاحتفائية بما يحدث في أوطان أخرى من اضطرابات عرقية تهدد بتمزيقها وبالطريقة السياسية هذه المرة بعد أن تكفل الخيار الدموي في ما مضى بتمهيد الطريق أمامها .
والأمر كذلك فإننا أمام توجه لإضعاف الهوية القطرية وإشاعة حالة العدمية الوطنية كحلقة في سلسلة النيل من الأمة واستتباعها.
ومن شأن هذا الذي يجري للشأن الوطني أن يصعب بل يوهن إلى درجة التلاشي فرص الحديث عن أي مشروع للتضامن القومي والتكامل الإقليمي ويجعل الحديث عنهما أضعف التطلعات.
وتحدث الهرولة نحو الارتماء في أحضان الخارج في الوقت الذي تبذل فيه قيادتنا السياسية بزعامة الأخ علي عبدالله صالح - رئيس الجمهورية - جل الجهد والمسعى من أجل الانتقال إلى واقع الشراكة الاقتصادية وإعادة بناء العلاقات الدولية على أسسها العادلة والموصلة إلى تعزيز أوضاع التفاهم والتعايش والتكامل الحضاري.
وتأكيدنا الصادق أننا لسنا على عداء مطلق مع الخارج ولا ننطلق من المفهوم الانعزالي في رؤيتنا إليه والحق أننا جزء من هذا العالم ويستحيل أن نعيش بمعزل عنه في إطار قناعة كاملة بأن فكرة الاكتفاء الذاتي لم يعد لها مكان في عصر الثورة الاستهلاكية وتجاوز مسألة توفير المتطلبات الأساسية للحياة الإنسانية نطاق المورد المحلي.
ونصدر في تحفظاتنا على ما يجرى من اختراقات لأوضاع الاستقرار وتماسك الجبهات الداخلية للبلدان النامية من قناعتنا الواثقة والمستمدة من التقدير الواقعي بما له من انعكاسات وتأثيرات سلبية قاتلة تتوافر على أقوى التوقعات بأن يكون لمخاطرها امتداداتها التي قد تصل إلى المدى الدولي وتصيب السلام العالمي في مقتل.
وذلك ما تنبئ به بؤر التوتر القائمة وتؤكد أن لا مصلحة تتحقق لأحد من أوضاع الصراع والشتات.
تمت طباعة الخبر في: السبت, 11-مايو-2024 الساعة: 12:15 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/54439.htm