بقلم-د.عبدالعزيز المقالح -
عن العيد في صنعاء القديمة

قضاء إجازة العيد في صنعاء القديمة هاجس وحلم يستأثران بمشاعر ساكنيها القدامى الذين نزحوا عنها إلى الأحياء الجديدة، وأنا -للأسف- واحد منهم.
وهذا الهاجس -الحلم يشمل آخرين كثيرين من المواطنين والأجانب الذين يجدون في الأحياء القديمة بصنعاء نكهة خاصة ومشاهد غير مألوفة للعيد وللناس وللحياة الاجتماعية أيضاً.
وصنعاء القديمة، هذه اللوحة التاريخية المحتفظة بأصالتها وتميز معمارها ستكون في المستقبل القريب موضع اهتمام أكبر من قبل القاطنين والوافدين حيث بدأت تستعيد مكانتها وجمهورها بعد الإصلاحات الأولية التي دخلت عليها في إطار مشروع صنعاء عاصمة للثقافة العربية، فالظاهر والمثير للانتباه أن هذه الزاوية القديمة من العاصمة سوف تستأثر بالنصيب الأكبر من الميزانية المخصصة لهذا العام الثقافي وهي جديرة بذلك.
والواضح أن المسؤولين عن هذا المشروع وفي المقدمة وزارة الثقافة قد أعطوا كل عنايتهم لإصلاح وترميم ماتدهور أو انهار -عبر السنوات الطوال- في هذه اللوحة الجميلة التي ظلت محط أنظار زوار العاصمة، وعاد إليها ألقها وعدد من سكانها بعد أن كادت في وقت من الأوقات تبدو شبه خالية بعد أن نزح عنها معظم سكانها، والأثرياء منهم بخاصة، إلى الأحياء الجديدة.
مالفت الانتباه أىضاً، وفي الشهور الأخيرة بخاصة، وفي أيام عطلة العيد على وجه التحديد أن شوارع المدينة القديمة وأسواقها صارت تمتلئ بالآلاف من الزوار ومن أبنائها المبهورين بالترميمات المتواصلة، وصارت المطاعم التقليدية تزدحم بالزوار الذين هجروا أو كادوا المطاعم اللبنانية والأردنية والصينية ...الخ، وصاروا يتوافدون زرافات ووحدانا على هذه المطاعم التقليدية، الأمر الذي قد يستدعي فتح فروع للمطاعم الحديثة في الأحياء القديمة مع ملاحظة أن زوار مطاعم صنعاء القديمة يرغبون في الوجبات الشعبية ذات المذاق الخاص والرخيصة الثمن مقارنة بالمطاعم الحديثة. وبعض المطاعم في صنعاء القديمة تحاول أن تجمع بين القديم والجديد لاستقطاب مزيد من الإقبال.
ولن تستغرب أن تجد مجموعة من الفلاحين القادمين من الأرياف إلى جوار عدد من السواح الفرنسيين والألمان يتقاسمون المقاعد التقليدية والطعام الشعبي في ود وانسجام.
الحي الذي يقع فيه منزلنا القديم في صنعاء القديمة، لاأسواق فيه ولا مطاعم، لكنه لايبعد كثيراً عن مركز التجمع اليومي لهذه الحشود، وقد أمضيت يوم الجمعة التي سبقت العيد متنقلاً -على الأقدام- في الأسواق التاريخية التي لاتذكرني بطفولتي وحسب، وإنما تجعلني أتذكر الحياة البسيطة الواضحة التي لاتلتبس فيها المشاهد مع غيرها كما هو الحال في المدن الحديثة حيث تتشابه الشوارع والعمارات وتختلط الألوان وتتجسد العشوائية (الحديثة) في أبشع صورها، وبالمناسبة فقد أمضى الناقد والأستاذ المعروف/ كمال أبو ديب أياماً طويلة من سنواته الخمس التي أقامها في صنعاء يبحث عن أسباب غياب التناظر في المباني القديمة، ولماذا كان المعماري أو (الفنان القديم) يخشى التجانس ويسعى إلى كسر حدة التماثل في النوافذ والنقوش لغرض جدير بالإعجاب والاحترام.
في كل الأعياد تخلو صنعاء الجديدة من نصف سكانها الذين يسافرون إلى الأرياف والمدن الأخرى لزيارة الأهل والأقارب، بينما تبقى صنعاء القديمة عامرة بكل سكانها، وتبقى أسواقها ومطاعمها مفتوحة.
وفي صباح اليوم الثاني من أيام عيد الأضحى كان دليلي إلى تناول الإفطار في واحد من تلك المطاعم صديق من عشاق كل شيء في المدينة القديمة وكان الفول هو الوجبة الرئيسية في ذلك الإفطار، ولكن أي فول، أخشى أن يتبادر إلى الأذهان الفول على الطريقة المصرية أو حتى الفول على الطريقة اليمنية خارج صنعاء القديمة، وكلها تتنافى مع إعداد الفول الصنعاني ومقارنته بغيره كالحديث عنه من بعيد لاتفضي إلى شيء.
< علي ربيع الشاعر الممعن في الشرود:
منذ قرأت محاولاته النقدية الأولى في الملحق الثقافي -قبل سنوات- قلت هذا الناقد يخفي وراء كلماته شاعراً متميزاً، وعندما صدرت مجموعته الشعرية الأولى (ممعن في الشرود) أدركت أنني كنت على حق وأن الشاعر المبدع علي ربيع يمتلك موهبة شعرية ستجعل منه واحداً من الجيل الذي تعقد عليه الحركة الشعرية الجديدة في الوطن أكبر الآمال، أهدى الشاعر مجموعته إلى زمن عذب نتغيا فيوضاته، أخالني ألمحه الآن يرسم على محياك، إليك أيتها الحبيبة، (الوطن) ،ويتصدر المجموعة تقديم تحليلي موجز للمبدع/ هشام سعيد شمسان.
< تأملات:
يسأل العيد
عن عيده،
والملايين تسأل
عن عيدها.
أيها العيد ماذا أعاقك
أين وضعت الرحال؟!
مر عامٌ، وعامٌ
وأنت بعيدٌ .. بعيدٌ،
.. عسير المنال!
نقلاً عن الثورة

تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 15-مايو-2024 الساعة: 11:58 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/6172.htm