المؤتمر نت -
-
التعديلات والزيف المفضوح
بعض الذين ينتقدون التعديلات الدستورية المعروضة على مجلس النواب، لم نسمع منهم رأياً واحداً يصلح أن يكون مدخلا لنقاش جاد وبناء وإيجابي، كما أننا لم نسمع في كل التصريحات التي يطلقونها مبرراً مقنعاً واحدا، يبرر انتقاداتهم لتلك التعديلات ولماذا يرفضونها ويتحاملون عليها، مع أن ما تهدف إليه هذه التعديلات يصب في مجمله لصالح التطور وليس الجمود، والرقي الديمقراطي وليس التقوقع والسكون والانحسار.

فهذه التعديلات كما هو واضح تفتح الطريق أمام تطوير السلطة التشريعية باعتماد نظام المجلسين وإنشاء غرفة ثانية وفي ذلك فائدة كبرى للمواطن الذي ستتسع لديه خيارات المشاركة في صنع القرار السياسي، والتنموي والاقتصادي عبر ممثليه في المجلسين.

كما أن تخصيص «44» مقعدا للمرأة في مجلس النواب فيه إنصاف حقيقي للمرأة وتعزيز دورها في المجتمع خاصة وأنها أصبحت تمثل معادلة جوهرية في الواقع السياسي والاجتماعي.

وفي ذات الوقت لا نجد سببا واحدا للتحامل على هذه التعديلات الدستورية، خاصة وأنها وضعت بكل جرأة وشجاعة المفردات الخاصة بالانتقال إلى نظام الحكم المحلي واسع الصلاحيات، وعلى النحو الذي يوفر الفرصة أمام المجتمعات المحلية لإدارة شئونها وتبني برامجها في الميادين الإنمائية والخدمية، وتوفير احتياجات المواطنين ومعالجة همومهم وقضاياهم وفقا للصلاحيات التي تمنحها إياها هذه التعديلات الدستورية.

وفي الإطار نفسه لا نجد ما يوجب ذلك الزعيق والنعيق والتحريف والتضليل الذي لازم هذا البعض وهم يتحدثون عن تعديل المادة «112» من الدستور، المتعلقة بمنصب رئيس الجمهورية حيث والمؤسف أن هناك من جنح إلى تفسير التعديل الخاص بهذه المادة حسب أهوائه وما يضمره في نفسه وما توسوس به أوهامه. ولا ندري كيف يقبل سياسي أو حزبي يحترم نفسه أن يظهر في بعض القنوات الفضائية بمثل ذلك الخطاب الزائف والادعاء الكاذب والطرح العاري من الصحة الذي يؤكد فيه أن التعديل للمادة «112» يلغي مبدأ التداول السلمي لهذا المنصب مع أن الحقيقة أن هذا الطرح ليس أكثر من افتراء فاضح روجت له بعض الفضائيات بعلم أو بدون علم، وقد تكون ضحية لبعض مراسليها الذين جانبهم الصواب، حينما لم يلتزموا بضميرهم المهني، سيما وأنهم يدركون تماما أن التعديل قد انطوى على نص صريح بتخفيض مدة رئيس الجمهورية من سبع سنوات إلى خمس سنوات، إلى جانب أنه أكد على حق كل موطن في المنافسة على هذا المنصب، عن طريق الانتخاب الحر والمباشر والتنافس النزيه في صناديق الاقتراع.

وهذه الآلية في نظر علماء السياسة والقانون والتشريعات الدستورية تحقق فرصا أوسع للتداول السلمي لمنصب رئيس الجمهورية، وليس تحديد الدورات الرئاسية.

ونسأل هؤلاء الأفاكين والمفترين: أين يكمن الإشكال الباعث على تحاملكم المحموم على التعديل الوارد في هذه المادة..؟.. وأين النص الذي يلغي مبدأ التداول لهذا المنصب أو يجعله حكرا على شخص بعينه كما زعمتم باطلا في بعض القنوات الفضائية..؟

وفي أي نص أو إشارة في التعديل يوجد مثل هذا الاحتكار..؟

وفي كل حال فإننا لا نلوم هؤلاء المأزومين الذين احترفوا الافتئات على الحقائق وانتقاد كل شيء لمجرد النقد، ورفض كل شيء لمجرد الرفض.

وإذا كان هناك من لوم فإنه يقع على تلك القنوات الفضائية التي تسرعت في نقل تلك الافتراءات قبل التأكد من مصداقيتها وصحتها وقبل معرفة نوايا أصحابها وما يضمرونه في نفوسهم ليسيئوا إلى تلك الوسائل الإعلامية من دون أن تدري.

وربما يكون ما جرى باعثا على تذكير الجميع بمواقف هؤلاء من قضية الحوار والاستحقاق الديمقراطي القادم.

فبعد أن أعاقوا التئام الحوار خلال عامين كاملين عمدوا إلى محاولات تعطيل إجراء الانتخابات النيابية القادمة في موعدها، بهدف إيصال البلاد إلى فراغ دستوري بما ينطوي عليه ذلك من مخاطر جمة وكارثية على الوطن وأمنه واستقراره.

ولأنه لم يتحقق لهم ذلك لجأوا بكل مكر إلى رهن الانتخابات التي تعد استحقاقاً ديمقراطياً ودستورياً وحقاً من حقوق الشعب واجب الإيفاء بنتائج الحوار، على الرغم من أنه لا يوجد ثمة ارتباط بين الحوار والانتخابات.

فالحوار وسيلة للتفاهم بشأن قضية أو أكثر من قضية هي محط خلاف في وجهات النظر.

وحوار كهذا لا يمكن أن يكون محكوماً بزمن محدد أو فترة معينة، بينما الانتخابات تظل محكومة بمواعيد دستورية وأزمنة محددة لا يمكن تجاوزها.

ونصيحة لوجه الله نقولها لمثل هؤلاء: إنكم إذا ما أردتم أن تحققوا لأنفسكم مجداً، فإن المجد لا يبنى بالبهتان والأراجيف وتداول شعارات العنف الثوري، أو بالعناد والمكابرة والهرطقات الفارغة، ونشر ثقافة الكراهية والبغضاء والعنف، بل أن المجد يبنى بالتفاني والإخلاص والانتصار لقضايا الوطن وجعل اليمن أولاً وثانياً وأبداً.

وصدق من قال: خاصمني من سكت عنه فظن أن ليس لي لسانْ، فقلت ما أنت لي بخصم، وإنما خصمي ذلك البهتانْ.

افتتاحية/صحيفة الثورة اليمنية
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 28-أبريل-2024 الساعة: 03:56 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/87409.htm