فائقة السيد إنتصار وسط الهزائم ما أكثرها المصاعب وأخبار الأحزان المتتالية في هذا البلد ، لكن في الحقيقة هناك وسط كل هذا البؤس والرُّكام بقع ضوء وآمال متجددة تأتي لتمنحنا الكثير من التفاؤل والفرح والمعنويات ، ولعل آخر هذه الأخبار،خبر تكريم المناضلة الوطنية والقومية الجسورة الأستاذة/ فائقة السيد باعلوي ، الأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام،التي تم تكريمها مؤخرا في دبي بلقب سيدة العالم العربي للعام2014في مؤتمر الهوية الاقتصادية في العالم العربي برعاية الشيخة / فاطمة بنت زايد آل نهيان قرينة الشيخ حميد بن راشد النعيمي حاكم عجمان . الأستاذة فائقة السيد ، تميزت خلال مسيرتها النضالية المشرقة بالصدق للمبادىء التي تؤمن بها والإلتزام النبيل تجاه ذلك ، متسلحة بثقافة سياسية ونضالية ووطنية وقومية متقدمة ،متوجة بقيم علياء وأخلاقيات رفيعة ووعي بمختلف القضايا التي تؤمن بها محليا وعربيا وإنسانياً. أتذكر وأنا طالب في المرحلة الاعدادية والثانوية وصولا للجامعة الصورة الرائعة لهذه المرأة المميزة التي تضع على كتفها شال وشعار المقاومة العربية في فلسطين الذي تحرص على ارتدائه دائما في جميع المناسبات التي تشارك فيها ، وذلك ليس من باب المزايدة ، كما يفعل البعض، وإنما نتيجة لتشبّع ثوري وقومي أصيل. وهذه المرأة التي تمتلك ، طبعا، شخصية قيادية / نموذج، ظلّت بعد أحداث 16يناير 1986على صلة وثيقة بكثير من الناشطين والناشطات والأُسر الفقيرة في عدن ، لدرجة إنها كانت تقوم بإرسال الأموال - على قِلّتها - للأسر الفقيرة وللمرضى ، ولكل من علِمتْ إنه يعاني من ضائقة .. كانت ولازالت قريبة منهم ومن همومهم وأحلامهم. أزعم إنني أعرف هذه القلعة الوطنية والشخصية الكبيرة عن قُرب ، أعرفها صلبة وصادقة وحادّة الذكاء ، لا تغيب عنها الأشياء والإشارات المهمة ، تدرك بفطرتها ما يطرح في أي لقاء بالناس ولا تغفل ، أو تهمل أي ملاحظة أو فكرة قيمة .. حيثُ تلتقط ، بهم المناضلة والقيادية الناجحة، الكلام والأفكار الجديدة والمفيدة وكذلك التظلُّمات التي يعلنها البعض حول أي قضية كانت . لست مبالغاً إذا ما قلت إن هذه المرأة الرائدة سياسية استثنائية ، ووطنية استثنائية ، ومؤتمرية استثنائية، وقومية استثنائية ، تتنفس العمل الجماهيري وتتمتّع بقدرة عالية على فتح بوابات الأمل والتفاؤل للناس ، قريبة من شجون الآخرين ومشاكلهم ، تمتلك سمعة عريضة ورصيداً كبيراً على المستوى العربي والدولي ، من خلال تاريخها النضالي الناصع في مختلف المجالات . وبالتالي ليست هذه الجائزة الأولى ولن تكون الأخيرة ، كما إنها ليست وليدة للمصادفة وإنما وليدة لعمل ودأب ومكابدة ونضال حقيقي بالكلمة والموقف والنشاط والحضور المواكب للتحولات ،والسير في قلب الصعاب لرفع شأن المرأة والرجل معا ، والدفاع عن حقوق المرأة الرجل معا من خلال دفاعها عن القضايا الوطنية بهمة ورؤية ملفتة. المناضلة السيد ، تجدها وسط الجماهير رافعة صوتها وشاهرة مبادئها وقيمها الأصيلة بكل عنفوان وتواضع وإخلاص وشجاعة. يحق للمؤتمر الشعبي العام اليوم أن يفاخر بهذه المرأة/ العَلمْ ، ويحق له أن يرفع رأسه بوجود هذه الشخصية الكبيرة في قيادته العليا التي تشغل فيه منصب أمين عام مساعد لقطاع المجتمع المدني ، ويحق لزعيم المؤتمر وكل قيادات وكوادر وأعضاء وأنصار المؤتمر أن يفتخروا بهذه المرأة وهذا التكريم ،ويحق للمرأة اليمنية - أيضا - أن تسعد وتزهو بوجود هذه المرأة على رأس قائمة نساء العالم العربي ، المناضلات الصادقات اللواتي يحملن قيم العطاء والوحدة والحرية والثورة والنهوض .. يحق لنا جميعا أن نفتخر بهذه الفرحة والإنتصار الوحيد الذي جلبته لنا وسط كل هذه الهزائم والانكسارات . أتذكّر إنني كتبت عن سيدة العالم العربي الأولى ( فائقة السيد ) قبل حوالي عام ونصف وقلت إنها امرأة مختلفة وشخصية مختلفة تتمتع بملكات وفكر ناضج وإرادة قوية وطموح غير عادي وقبول نادر بين مختلف الناس والشرائح الاجتماعية واثنى ، حينها ،على ما كتبته الكثير ممن قرأوا مقالي ، واليوم هأنذا أجد قلمي منساقا للكتابة عنها مرة ثانية والاحتفاء بها مرة ثانية في انجاز جديد وتفوق جديد .. على أية حال أقول : سعادتي على المستوى الشخصي غامرة بهذا التكريم والدّرع الذي حظيت به الأستاذة فائقة ، كما اقرّ إن انصافها لا يأتي من خلال كتابة عابرة كهذه ، بل يتأتّى انصافها عن طريق التأمل الواعي في مسيرتها النضالية وقرأتها قراءة فاحصة و إعادة تقديمها بقراءات عديدة تُسهم بشكل كبير وبسيط، في ذات الوقت ، في تبصير هذا الجيل والأجيال اللاحقة بهذه المدرسة التي تمثلها السيد وبأهميته أن ينهل منها ويستقي مفاهيمه وقيمه وأخلاقياته ومبادئه الوحدوية والوطنية والإنسانية منها. .. ألف مبروك أستاذة فائقة ، وألف مبروك للمؤتمر الشعبي العام وألف مبروك للمرأة اليمنية هذا الحضور والتكريم ومزيدا من النجاحات والأمجاد .. |